بالعزم ينال المرء ما يريد
وهكذا لو ندبر الناس احداث حياتهم بعقول اكثر تفتحا , لتبينوا فى كثير من الاحوال انهم لم يكونوا صادقى الرغبات فيما فشلوا فى نيله ...فما ابعد الفارق بين الرغبات التى نبديها وتلك التى تكون صادقة ملتهبة تتقد فى كل كياننا و تكشف نفسها بالأعمال لا بالأقوال ....وما لم
يكن المطلب مستحيلا او ممجوجا تماما كان نيله ميسورا فى اكثر الاحيان اذا ما استخدمنا العزم : فراغب المجد كفيل بأن يناله , وراغبة الاصحاب خليقة بان تنالهم , والساعية الى غزو القلوب لابد غازيتها ..بالعزم !و لقد تمنى نابليون فى شبابه السلطان وكانت العقبات التى تبدو انها تعترض طريقه اليه صعبة المنال و لكنه اجتازها وتغلب عليها !
ومن المسلم به ان هناك حالات كثيرة تبدو ان النجاح فيها مستحيلا بحكم الظروف , فليس من السهل ان تنال ما تشتهى او تزحزح الكون من مكانه ..ولكن كثيرا ما تكن الصعوبة فى خلق الانسان نفسه , اذ يظن انه راغب فى تحقيق نتيجة محدودة ولكن قوة كامنة فى اعماقه تدفعه لاتجاه معاكس !
الطمع يقود للتعاسة
وهذا حق ...فمن الناس مثلا من يقرر الزواج من امرأة معينة لما يرجوه من وراء ذلك من نفع اجتماعى او عملى او مالى وان كان يدرك انها زوجة ((من الدرجة الثانية))..وما ان ينقضى شهر او اثنين حتى يبدأفى الشكوى من حظه ونصيبه ...فى حين انه اختار نصيبه بنفسه
ولايحتاج المرء الى خبرة كبيرة كى يتبين ان السعى الجشع وراء المال او النجاح يؤدى بالناس فى الغالب الى الشقاء
وقد يضطرنا الطمع او الطموح الى الاصطدام بغيرنا من البشر ...ولكن الاسواء من هذا ان نكون فى صراع مع انفسنا ...لاننا لن نبلغ السعادة الا اذا استعرضنا اعمال يومنا , وقسناها بأعمالنا طوال حياتنا , ثم قال الواحد منا لنفسه (لعلنى تصرفت فى غير حكمة , وقد
اكون اخطأت ...ولكنى بذلت ما فى وسعى ولم انحرف عن مبادئى و انى لاستطيع ثانيا ان اردد ما جهرت به او اصرح بلا استحياء - اذا كانت ارائى تغيرت - بأن لأخطائى اسباب قوية , فقد بنيت على الاصغاء لمعلومات غير صحيحة , او على خطأفى تفكيرى ))
وهذا لايتأتى الا اذا كان المرء على وئام مع نفسه , بحيث يشعر بالتحرر من القلق والانزعاج ..ومن ثم عليه ان يحدد لنفسه هدفا , وان يعرف ما يبغى معرفة دقيقة .فاذا اراد الحب وجب ان يحدد نوعه : أهو حب الله , ام حب امرأة
ام حب اطفال , ام حب الوطن , ام حب العمل ؟...الخ
وفى الحب نوع من الخلاص , لانه يضطرنا الى ان نفكر فى سوانا لا فى انفسنا ...فهو يخلق فى حياتنا (( وحدة الغاية )) التى تجعلنا نوقف هذه الحياة - حين نحب - على اسعاد من احببنا
وهكذا نرى مصدقا القول ان السعادة وليدة الارادة ...فهو قرار نصدره بمحض رغبتنا لنضع نهاية للندم غير المجدى و للامانى الضائعة , فنعيش لشئ اكبر من مجرد انفسنا !
اعرف نفسك ان شئت ان ترضى عنها
على ان اتفاق المرء مع نفسه على هذا النسق نادر فى الحقيقة ...ففى جوف كل مننا كائنان : احدهما عضو فى المجتمع , والاخر مخلوق ادمى مشبوب بالمشاعر !..او بعبارة اخرى : احدهما عاقل و الاخر حيوان ! ومما لايسر حقا اننا كثيرا ما انكون فرائس للتساهل مع النفس ومسايرتها
والواقع انه من الصعب على المرء ان يصل الى توافق منسجم مع نفسه , لان كثيرا من العواطف التى تخالجنا تختلف كثيرا عن التى نود ان تخالجنا ...وكما نزعم لانفسنا احيانا اننا نتكلم بتعقل , بينما نكون جادين فى اثارة حقد قديم عن طريق عتاب لحوح
أو قد نعادى جماعة بأسرها من الناس لان احد اعضائها اصابنا بضرر جسيم ...ونحن غالبا ن؟أبى ان نقر بنواحى الضعف هذه - وان راح ضميرنا ينبئنا عن وجودها - ومن ثم لا نلبث ان نفقد الرضى عن انفسنا , و ان نقسو ونعنف ونوغل فى الباطل ...وقد
نهين اصدقاءنا لاننا ندرك اننا لسنا كما كان ينبغى ان نكون ...وهنا تتجلى قيمة حكمة سقراط اذ قال ( اعرف نفسك )) !...فعلى الرجل الذكى اذا شاء ان يكون رصينا هادئا , ان يتبين اولا كل العواطف و الذكريات التى تشوه تفكيره , فيستأصلها او يبعدها عن افق حياته