قال الله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. سورة النور. وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". متفق عليه. معنى هذا الحديث أنه من كان يؤمن الإيمان الكامل المنجي من عذاب الله والموصل إلى رضوان الله فليقل خيراً أو ليصمت لأن من آمن بالله حقاً خاف وعيده ورجا ثوابه واجتهد في فعلِ ما أمره به وتركِ ما نهاه عنه، ومن ذلك ضبط جوارحه التي هي رعاياه وهو مسئول عنها كما قال الله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}. سورة الإسراء. يقال ان الصمت لغة الاذكياء والصمت من ابلغ لغات العالم اذ..قالوا قديماً: الصمت لغة من لا لغة له، وقالوا أيضاً في المقابل الصمت من ذهب استرجعت كل المواقف التي أتمسك فيها بالصمت لأرى وأحصى وفوائده قبل مضاره وإليكم المواقف التي يكون فيها الصمت بالنسبة لي سيد الموقف : أصمت ..عند الاستماع للقرآن الكريم أو لمحاضرة مميزة. أصمت ..عندما أتحمل تقريع شخص ما اتقاء لشره إن تحدثت. أصمت ..عندما أجد أن النقاش مع الطرف الآخر لا طائل منه. أصمت ..عندما أصدم بردة فعل من شخص كنت أتوقع منه غيرها. أصمت ..عندما أرى أن الحديث لا يمل، اضطر عندها للصمت فالكلام ابلغ بكثير من أن يقطع عليه. أصمت ..عندما أبتلع كلمة كان يجب أن تقال حرصاً على مشاعر من حولي. أصمت ..عندما أجد في الحياة أشخاص هم أقل بكثير من أن تدخل في حوار سفسطائي ولا نهائي معهم. أصمت ..عندما أعجز عن التعبير عن إعجابي بشيء ما أو بتصرف ما، وهنا ألجأ للقلم. أصمت ..عندما أرى المبادىء الأخلاقية تكال بمكاييل الأوقات والأوضاع والشخصيات.. أصمت ..عندما أرى أشخاصاً بارزين يقدمون المحاضرات المختلفة في التربية، بل ويتفننون في عرض أفضل الأساليب الخاصة بأساليب التعامل مع الأبناء ولكن أتفاجأ بأنهم أبعد الناس عن أبنائهم بسبب أشغالهم ومشاريعهم. أصمت حين يتحدث البحر أصمت حين يتبسم طفل أصمت حين يغرد شادي على غصن شجر أصمت حين تعجز الكلمات عن وصف شعوري. وهذا اللسان الذي هو من نِعم الله علينا، ينبغي أن يستعمل في ذكر الله وطاعته وفي الحث على الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي كل ما يعود على الناس بالنفع والخير. وأما من يطلق العنان للسانه ويسترسل في المعاصي وإيذاء الآخرين به من غيبة وشتم وسب ولعن بغير حق فإنما يوقع نفسه في المهالك. إن للصمت لغة تطحن عظام الأقوياء ولكن سأكون أنا ضد الصمت في مواقف معينة فلن أصمت أبدا عندما يكون هناك خطأ بحق ديني يكون أخ أو صديق بحاجة لرأي أو نصيحتي يكون هناك واجب علي يجب أن أؤديه تجاه ديني أو قومي أو رسالتي في الحياة يكون هناك لحظة إضطرار وكل الأبواب مغلقة بوجهي .. عندها سأقول .. يارب لكن هناك نوع اخر من الصمت وهو : نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي صمت المشاعر يخجل الكثيرون من الإفصاح عن مشاعرهم تجاه الآخرين كمشاعر الحب والاحترام والتقدير والإعجاب، وتنقصهم الجرأة لإظهار هذه العواطف في حياتهم اليومية، وقد يعمدون إلى إخفائها وعدم البوح بها، ويكون الخجل أحيانا السبب الرئيسي، ويخجل الابن من تقبيل رأس أبيه بحرارة بعد عودته من رحلة سفر طويلة ليخبره بأنه اشتاق إليه، وتمتنع الفتاة عن ضم ّ والدتها وإخبارها بأنها أروع أم على وجه الأرض، ويخجل الأصحاب من الإفصاح عن مشاعر التقدير والاحترام لبعضهم البعض، كثيرون يعانون من هذه المشكلة، ولكن المواقف قد تفضح هذه المشاعر بطريقة غير مباشرة فتنم عنها ردود أفعال غير متوقعة. الخبراء يقولون إن كبت المشاعر وعدم المصارحة بها قد يؤدي إلى الاصابة بالقلق والاكئاب اضافة الى جمود في العلاقات الاجتماعية، وبناء جدار سميك يؤدي بالنهاية إلى تحجّر هذه العواطف مع مرور الزمن لتتكون فيما بعد فجوة بين الإنسان ومجتمعه. الصمت من زاوية دينية: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب". رواه البخاري ومسلم. ينبغي على كل عاقل أن يستعمل نعمة اللسان التي أنعم الله بها عليه في قول الحق وذكر الله وتلاوة القرآن وفي الطاعات والخيرات حتى يُنور قلبُه وتنجلي عنه الظلمات التي تأتي من كلام الشر وقول الباطل. وقد قال ابن حِبَّان: "يا ابن آدم انصف لسانك من أذنيك واعلم إنما جعل لك لسان وأذنان لتسمع أكثر مما تقول". اللهم إنا نسألك أن تبعدنا عن الكفر والفسوق والفجور والكلام الفاسد ونسألك أن تعيننا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.