كـان قـيـس بـن سـعـد بـن عـبـادة رضي الله عـنـهـمـا مـن الأجـواد الـمـعـروفـيـن
سـار عـلـى درب الـجـود والـكـرم عـلـى خـطـى أبـيـه ، حـتـى أنـه مـرض مـرة
فـاسـتـبـطـأ إخـوانـه مـن الـمـسـلـمـيـن فـي عـيـادتـه فـي مـرضـه ، فـسـأل عـنـهم
فـقـالـوا : إنـهـم يـسـتـحـيـون مـمـا لـك عـلـيـهـم مـن الـدَّيْـن ! !
فـقـال : أخـزى الله مـالاً يـمـنـع الإخـوان مـن الـزيـارة ، ثـم أمـر مـنـاديـاً
يُـنـادي : مـن كـان لـقـيـس عـلـيـه مـال فـهـو مـنـه فـي حِـلٍّ
فـمـا أمـسـى حـتـى كُـسِـرَت عـتـبـة بـابـه لـكـثـرة مـن أتـى يَـعُـوده فـي مـرضـه
.
.
وقـالـوا لـه يـومـا : هـل رأيـت أسـخـى مـنـك ؟
قـال : نـعـم ، نـزلـنـا بـالـبـاديـة عـلـى امـرأة ، فـحـضـر زوجـهـا
فـقـالـت : إنـه نـزل بـك ضـيـفـان ، فـجـاء بـنـاقـة فـنـحـرهـا ، وقـال : شـأنـكـم
فـلـمـا كـان مـن الـغـد ، جـاء بـأخـرى فـنـحـرهـا
فـقـلـنـا لـه : مـا أكـلـنـا مـن الـتـي نـحـرت الـبـارحـة إلا الـيـسـيـر
فـقـال : إنـي لا أطـعـم أضـيـافـي الـبـائـت
فـبـقـيـنـا عـنـده يـومـيـن أو ثـلاثـة والـسـمـاء تـمـطـر ، وهـو يـفـعـل ذلـك
فـلـمـا أردنـا الـرحـيـل وضـعـنـا مـائـة ديـنـار فـي بـيـتـه
وقـلـنـا لإمـرأتـه : اعـتـذري لـنـا إلـيـه ، ومـضـيـنـا ، فـلـمـا طـلـع الـنـهـار
إذا نـحـن بـرجـل يـصـيـح خـلـفـنـا ، قـفـوا أيـهـا الـركـب الـلـئـام ! !
أعـطـيـتـمـونـي ثـمـن قِـراي ، ثـم إنـه لـحـقـنـا
وقـال : لـتـأخُـذنَّـه أو لأطـاعـنـكـم بـرمـحـي ، فـأخـذنـاه ، وانـصـرف
.
.
تـأمَّـلـوا رعـاكـم الله ، سِـرّ الـتـقـديـر ، حـيـث قـدَّر الـحـكـيـم الـخـبـيـر سـبـحـانـه
اسـتـئـثـار الـنـاس عـلـى الأنـصـار رضـوان الله عـلـيـهـم بـالـدنـيـا وهـم أهـل الإيـثـار
لـيـجـازيـهـم عـلـى إيـثـارهـم إخـوانـهـم فـي الـدنـيـاعـلـى نـفـوسـهـم بـالـمـنـازل
الـعـالـيـة فـي جـنـات عـدن عـلـى الـنـاسفـتـظـهـر حـيـنـئـذ فـضـيـلـة إيـثـارهـم
ودرجـتـه ويـغـبـطـهـم مـن اسـتـأثـرعـلـيـهـم بـالـدنـيـا أعـظـم غِـبـطـة
وذلك فـضـل الله يُـؤتـيـه مـن يـشـاء
والله ذو الـفـضـل الـعـظـيـم