عرض مشاركة واحدة
قديم 08-24-2009, 09:29 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مصطفى
إحصائية العضو








مصطفى غير متواجد حالياً

 

افتراضي شجــرة تحتضـــر فــى صمـــت

السلام عليكم ..
تحية عطرة تليق بكم إخوانى وأخواتى ... وبعد ،،

بعض من حروف حائرة .. أرجو أن تنال استحسانكم
مع خالص شكرى وامتنانى لسمو أرواحكم .


شجرة تحتضر فى صمت
اتعبه المسير فى دروب الحياة المهلكة .. قرر أن يستريح قليلاً

هو يعرف طريقه جيدا ...

أتجه مباشرة الى ظل الشجرة التى اعتاد دوما ان يستظل بها

وجد الشجرة بالفعل فى مكانها

لم يتغير المكان

ها هى الشجرة

وها هو ظلها المغري من بعيد يبدو باردا فى ذلك النهار الصيفي الحار ، والذي تتوسط سمائه شمسٌ مُحرقة

وتبدو جرة الماء المعلقة على جزع الشجرة

كما ملكة جمال متوجة

تتلألأ


وتقطُر منها بعض القطيرات العذبة

التى تشق طريقها

مرة فى سقوط حُر من مكان تعلقها بالشجرة الى الارض مباشرة

ومرة تنساب على جذع الشجرة الغليظ

تنساب القطرة فى رشاقة منقطعة النظير

مكملة المسير

سابحة الى الاسفل

حتى تصل الى الارض

وهى بذلك تتحول الى سِقاء لنبتة صغيرة تحاول ان تلتمس النور والهواء

تحت ظل الشجرة العملاقة

وكأن النبتة الصغيرة تلتمس من الشمس الحماية ، إتجه مباشرة الى جرة الماء

امسكها بقوة وباشتياق ...... وبعشق

نهل منها ما استطاع ان ينهل

فهو منذ زمن بعيد لم يشرب من ماء الجرة

بعد ان ارتوى .. او هكذا خيل اليه

التجأ الى جذع الشجرة

يحكى له عن شقائة وتعبه
عن سقطاته وكبواته

عن دروبه المقفرة ، وطرقه الوعرة

كما اعتاد دوما ان يحكى للشجرة وتسمع له

الا ان الشجرة كانت هذه المرة صماء !!!


عجيب ..!!!!!!!!

ألا يُفترض ان تكون الشجرة صماء ؟؟؟؟

نعم : قانون الطبيعة كذلك تكون الشجرة صماء

لكن ...الا هذه الشجرة

الا هذه الشجرة وما شابهها من اشجار

انها اشجار تسمع

اشجار تعقل

تُحِس

تشعر

تُشارك

اشجار تواسي


تلك الشجرة كانت تربت على كتفه وقت محنته

كانت تواسيه وتقول له


لا عليك يا ولدى ... فانت ما زلت ابنى ..

اندهش الرجل المتعب اشد الاندهاش

ومن كثرة اندهاشه

اخذ يلف حول الشجرة

يستطلعها

يتفقدها

ويسألها ...

أيا أمى ..... ما بك ؟؟؟؟

اجيبيني !!! اجيبى ولدك .. ماذا حل بك ؟؟؟

لم تجب الشجرة

فكما اصيبت بالصمم ولم تسمع صوته

فقد اصيبت بالبكم فلم تجبه

ولم ترد عليه كعادتها

اخذ الرجل يبكي .. ويبكي ... ويبكي ...

اعتاد البكاء فى حجر شجرته هذه

واعتاد ان تواسيه

لكنها هذه المرة لم تفعل

ياألله

اصيبت الشجرة بالصمم

والبكم

وفقدت ايضا الاحساس

اخذ الرجل يتفقد ويتفقد

يبحث ... ويبحث فى جلد وبدون كلل

حتى وجد السبب

ويال فظاعة ما اكتشف


ياااااااااااااااه

كل هذا السوس ؟؟؟؟؟

كل هذا العفن ؟؟؟؟؟

كل هذا الخراب ؟؟؟

الشجرة تأن ولا احد يستمع لأنينها

تأن منذ سنين

لا منذ عشرات السنين

لا بل من قرون طويلة

لا لا

بل قُل ....

الشجرة تأن منذ الاف السنين

منذ تلك العهود الغابرة السحيقة المليئة بالكفر

عصور الملوك الذين حولوا الفلاح الذى طبيعة عمله اعمار الارض

لتنبت لنا حبا وعنبا وقضبا

وزيتونا ونخلا

وحدائق غلبا

وفاكهة وابا


الى اعمار الصحارى والفلاة

وبناء المقابر

وتزيينها .... تزيين القبور وملئها بالذهب والفضة

والقوت

يال الحماقة !!!!!

حتى نجد انجازهم الاعظم الذى دام على مدار الاف السنين وتوارثته الاجيال

وملئت صوره الدنيا شرقا وغربا

وصار احدى العجائب او اندرها واخلدها

عبارة عن مقبرة كبيرة تسمى الهرم الاكبر

هههههههههههههههههههههههه

ياألله

مقبرة ؟؟؟ اعظم انجازاتهم .... مقبرة ؟؟؟؟؟؟؟؟

الهذا الحد وصل الامر بهؤلاء الطغاة من كره الحياة

وطمسها

وتحويل الفلاح من اعمار الحقول الى اعمار القبور ؟؟

ومن تشييدِ الجسور الى بناء القبور

ومن التطلع الى النور الى حفر القبور

ومن الارتقاء الى العلو والسمو

الى الابداع فى تشيد (قبــــر) وقبو

عرف الرجل السبب

لم تفقد الشجرة سمعها

لم تفقد الشجرة حسها

لم تفقد الشجرة بصرها

ما زال قلب الشجرة ينبض

لكنه نبض ضعيف

مجروح

مكبل

مقهور

مغتصب


عُذراً

فقد اغتصب السوس والعفن الشجرة




ضحك الرجل المهموم ....

اهذا وقت الضحك ؟؟؟

نعم انه هو وقت المهزلة

اتدرى انه منذ زمن طويل طوييييييل لم يضحك ؟؟

فلماذا لا يضحك على مأساته

فقد تعود العالم منه انه هو وبنى جلدته هم اقدر الناس على الضحك على مآسيهم

وتحويلها من مأساة

الى ملهاة .. وضحك ومرح

اهى الحماقة ام هى البساطة

اهو الغباء ام هو الصبر ؟؟

ام هى الرغبة المتوارثة فى الخنوع


طرقت الاسئلة رأئ الرجل المتعب

وصرخ

صرخ صرخة عمرها الاف السنين

فليجيبني احد

فليرد على احد

اما من آخر لهذا العبث ؟؟؟

تطلع فى الافق

لم يرى احد

ولم يسمع اجابة من احد

الكل مشغول

فقط سمع صدى صوته المتردد فى الافق

وصوت عجوز تبدو عليه علامات الحكمة والخبرة والحنكة

وهو يرد عليه :

صه ايها الغبى والا فسوف تذهب الى ما وراء الشمس !!

اصمت والا ....

قال المتُعَب: اوااااااااااااه ... لقد اشتقت الى ما خلف الشمس

فهل من احد يرسلنى الى هناك .... الى خلف الشمس ...





ارتشف جرعة ماء اخرى من الجرة

وجلس

مسندا ظهره الى الشجرة

متطلعا فى الافق

وعلى وجهه ابتسامة حزينة

وسرح


يجول بخاطره إلى هناكـ ...

إلى ما خلف الشمس

هل من مجيب ؟؟







آخر مواضيعي 0 هـى حقيقي بقت تكرهنا .. تجربة أولى
0 جـُرح الليلة المظلمة ـ. وإنتظار الصُبح
0 شجــرة تحتضـــر فــى صمـــت
0 كلمات على جدران الحياة
0 العرب وخيار السلام - رأى بالعربي
رد مع اقتباس