عرض مشاركة واحدة
قديم 08-16-2011, 06:36 PM رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: يوميات صائم ( متجدد )

يوميات صائم.. الشيطان


(.. ولله عتقاء من النار.. وذلك كل ليلة)

قال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 27]

ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان قعد لابن آدم في طريق الإيمان فقال له: أتؤمن وتذر دينك ودين آبائك فخالفه فآمن، ثم قعد له على طريق الهجرة فقال له: أتهاجر وتترك مالك وأهلك فخالفه فهاجر، ثم قعد له على طريق الجهاد فقال له: أتجاهد فتقتل نفسك فتنكح نساؤك ويقسم مالك فخالفه فجاهد فقتل، فحق على الله أن يدخله الجنة" [البخاري]

مارس الشيطان كيده وفتنته فبدأ بالأبوين الكريمين. ولقد كان بلاءً عظيماً، دافعه الغيظ والحسد: {أَرَءيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ} [الإسراء:62]، دافعه الكبر والخيلاء: {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ} [البقرة:34]، ووسيلته الأيْمان الكاذبة: {وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} [الأعراف:21]. والمقاييس الفاسدة: {أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف:12].

فتنة عظمى، وبلية كبرى حين يعظم سلطان إبليس فيستفز القلوب والعقول والمشاعر في معركة صاخبة. تزمجر فيها الأصوات، وفيها إجلاب الخيل والرجال للمبارزات: {وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى ٱلاْمْوٰلِ وَٱلأولَـٰدِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُورًا} [الإسراء:64].

أيها المسلمون: إن تبين صور هذا الكيد الإبليسي، والتأمل في هذا المكر الشيطاني، أمرٌ من الأهمية بمكان؛ من أجل النظر في سبيل الخلاص، وطريق النجاة. فالله قد هدى النجدين، وأوضح الطريقين.

وتترقى خطوات الشيطان التي يستدرج فيها ابن آدم حتى يتَّخذه معبوداً له من دون الله عياذاً بالله: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِى ءادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَـٰنَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يس:60]. {يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَـٰنَ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً} [مريم:44].

ويقع العبد في ذلك حين يسلم قياده لعدوه، ويفلت الزمام لشهواته، فيتبع كل شيطان مريد {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} [الحج:4]. وفي الحديث: "إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك، وآباء أبيك؟...".

ويأتي من بعد الكفر مسالك أخرى في خطوات البدع والأهواء والشبهات. فكم روَّج الزغل على بعض العارفين، وكم سحر ببهرجه بعض المتعبدين، حتى ألقاهم في تشعبات الآراء، ومسالك الضلال. منتقلاً بهم إلى حالة يقولون فيها على الله ما لا يعلمون: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ،إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِٱلسُّوء وَٱلْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة:168-169].

نعم عباد الله: القول على الله بلا علم خطوة من خطوات الشيطان، وهو الأصل في فساد العقائد، وتحريف الشرائع، ويخشى من ذلك على أقوام يخوضون في علوم لا يحسنونها، ويتجرءون على فتاوى لا يحيطون بها، وقد يجرهم في خطواتهم إلى الإفك والإثم، والتزوير والكذب، وحينئذٍ تتنزل عليهم الشياطين تنزلاً {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين، تنزل على كل أفاك أثيم} [الشعراء:221-222].

وحينئذٍ لا يدعون إلى هدىً، ولا يأمرون بتقوى، ولا يدلون على حق، ويريد الشيطان في ذلك الطيش والعجلة، وتأتي خطوات من بعد ذلك في أهواء النفوس وطبائعها، فالبخل وخوف الفقر سلاح شيطاني.

يقول فيه سفيان الثوري: ليس للشيطان سلاح للإنسان مثل خوف الفقر. فإذا وقع في قلب الإنسان مُنع الحق، وتكلم بالهوى، وظن بربه ظن السوء. وأصدق من ذلك وأبلغ قول ربنا عزّ وتبارك: {ٱلشَّيْطَـٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَاء وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مّنْهُ وَفَضْلاً وَٱللَّهُ وٰسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:268].

والغضب -عباد الله- تمرد شيطاني على عقل العاقل، وحالةٌ من الخروج عن جادة ذوي الرجاحة والأسوياء. رُوي عن بعض الأنبياء أنه قال لإبليس: بم غلبت ابن آدم؟ قال: عند الغضب وعند الهوى. وأغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول، فأطرق عمر برهةً، ثم قال: أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان، فأنال منك اليوم ما تنال مني غداً!!

أمَّا الأماني وحصائد الغرور... فذلكم هو السلاح الشيطاني المضَّاء {يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُوراً} [النساء:120]. {وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ} [إبراهيم:22]. {فَلَمَّا تَرَاءتِ ٱلْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنّي بَرِىء مّنْكُمْ} [الأنفال:48]. يعدهم هذا الغرَّار بحسب طبائعهم، يجرهم إلى حبائله بحسب ميولهم ومشتهياتهم. يخوِّف الأغنياء بالفقر، إذا هم تصدقوا وأحسنوا. كما يزين لهم الغنى وألوان الثراء بالأسباب المحرمة والوسائل القذرة.

يزين لأصحاب المِلل والنحل التعصب وتحقير المخالفين، ويصور لهم ذلك طريقاً إلى الحرص على العلم وحبِّ أهله. وينقضي عمْرُ ابن آدم وهو في بحر الأماني يسبح، وفي سبيل الغواية يخوض. يعده الباطل، ويمنيه المحال، والنفس الضعيفة المهينة تغتذي بوعده، وتلتذ بأباطيله، وتفرح كما يفرح الصبيان والمعتوهون.

والخروج عن الوسط ومجاوزة حد الاعتدال خطو إبليسي، ومسلك شيطاني. يقول بعض السلف: ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط أو تقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي إبليس بأيهما ظفر.

وإن حبائل الشيطان بين هذين الواديين تحبك وتحاك. غلا قومٌ في الأنبياء وأتباعهم حتى عبدوهم، وقصَّر آخرون حتى قتلوهم، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس، وطوائف غلوا في الشيوخ وأهل الصلاح، وآخرون جفوهم وأعرضوا عنهم.

وإذا نظرت في فروع الأحكام. فإنك سترى أناساً قصَّروا بواجبات الطهارة، وتجاوز آخرون إلى الوسواس، وفئامٌ من أناس جعلوا تحصيل العلم غايتهم، وأهملوا العمل. وآخرون تركوا فروض الأعيان المتعيِّنة فلم يتعلموها. وأما أعمال القلوب من الخشية والانكسار والإخبات وأمثالها فقد أهملها بعض من استحوذ عليهم الشيطان، ولم يلتفتوا إليها، وظنوها من فضول العمل، واستحوذ على آخرين في الجانب الآخر حتى أهملوا أعمال الجوارح، وقالوا بسقوط التكاليف عن بعض العارفين {ٱلشَّيْطَـٰنُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ} [محمد:25]. {وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَـٰنُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً} [النساء:38]. {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف:37]. إن أسوأ ما يصنعه القرين من الشيطان أن يصد قرينه عن سبيل الحق. ثم لا يدعه يفيق ولا يستبين، بل يوهمه أنه سائر على الطريق المستقيم... حتى يُفجأ بالمصير الأليم: {إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَـٰطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الأعراف:30].

أيها المسلمون، لقد أخذ هذا اللعين الميثاق على نفسه ليقعد لابن آدم كل طريق: {لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرٰطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ،ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ} [الأعراف:16، 17]. لإن كان هدد بذلك وتوعد؛ فإن كيده ضعيف، ومكره يبور. إذا تسلح العبد بسلاح الإيمان، والعقيدة النقية، وحسن لله تعبده، وصح على ربه توكله {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل:99]. ليس له سلطان على أهل التوحيد والإخلاص، ولكنه ذو تسلط عظيم على من تولاه وكفر بالله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَـٰطِينَ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} [مريم:83]. ولإن انطلق عدو الله ينفذ وعيده، ويستذل عبيده، فليس له طريق إلى عباد الله وحزب الرحمن: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ} [الإسراء:65].

أيها المسلمون: وعلى الرغم من وضوح ذلك وجلائه، فقد يزل المؤمن أو يخطئ، وقد يصيبه نزغ من الشيطان، أو يمسه طائف منه، وقد يران على قلبه من وسواسه، لكنه سرعان ما يلوذ بربه ويلجأ إلى ذكره، ويتوب إليه من قريب، فيخنس شيطانه {إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف:201]. صلتهم بالله الوثيقة تعصمهم من أن ينساقوا مع عدو الله وعدوهم، يتخلص المؤمن بذكر الله – لجوءاً إلى ربه، واستعاذة به – من نزوات الشيطان ونزغاته، {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ} [فصلت:36]. ((أعوذ بوجه الله الكريم، وكلماته التامات اللاتي لا يجاوزهن بَر ولا فاجر، ومن شر ما ينزل من السماء، وشر ما يعرج فيها. وشر ما ذرأ في الأرض، وشر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن))

أيها المسلمون: حق على من أراد الخير لنفسه، والسلامة لدينه، ودحر شيطانه، أن ينظر بعين البصيرة لا يهوى الطبع والطمع، وليسلك مسالك التقوى والعلم المكين.

ولقد قال الحسن رحمه الله: إنما هما همَّان يجولان في القلب. هَمٌّ من الله تعالى، وهَمٌّ من العدو، فرحم الله عبداً وقف عند همِّه فما كان من الله تعالى أمضاه، وما كان من عدوه جاهده وتوقاه.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ ،إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ} [فاطر:5، 6].






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس