المنظومة التكاملية لعلوم القرآن الكريم
الجزء الثالث
مصطلحات ومعاني في علوم القرآن الكريم
1. النص: هو في اللغة الظهور والارتفاع, وفي الاصطلاح هو ما دل على معنى واحد لا يحتمل غيره (أنظر القاموس 2/319, والتعريفات للجرجاني 126, وشرح التنقيح للقرافي ص36, وانظر أمالي الدلالات للشيخ عبد الله بن بيه ص83). ومثاله قوله تعالى { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }, (الاخلاص:1), وقوله تعالى {.... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ .... }(البقرة: من الآية196) –أنظر الرسالة للإمام الشافعي فقرة 56,98-.
2. الظاهر: الواضح البارز, وفي الاصطلاح هو المعنى الذي يسبق إلى فهم السامع من المعاني التي يحتملها اللفظ (أنظر لسان العرب لابن منظور 4/523, والتعريفات للجرجاني 143, وسلاسل الذهب للزركشي بتحقيق الدكتور محمد المختار بن محمد الأمين ص196). وكمثال (الأسد) لأنه متردد بين الرجل الشجاع والحيوان المفترس, ولا أنه في الأخير أرجح وأقرب. ولاشتراك النص والظاهر في الظهور والانكشاف لغة, وقع الخلاف بينهما اصطلاحاً, والفرق بينهما أن النص يدل على غاية الظهور, بينما الظاهر يدل على مطلق الظهور.
يقول عبد الله بن بيه في كتابه (أمالي الدلالات ص90) ما نصه: ( إن الإظهار المتعدي أقوى من الظهور اللازم, والنص من الأول والظاهر من الثاني, فالأول أعم من الثاني ويدل على أقصى غاية الظهور ومنتهاه, والظاهر يدل على مطلق الظهور).
3- المؤول: من آل يؤول, تقول آل الأمر إلى كذا إذا رجع إليه, ومنه قوله تعالى : { ....َأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } (آل عمران: من الآية7), أي طلب ما يرجع إليه معناه. وفي الاصطلاح هو إخراج اللفظ عن ظاهره إلى وجه مرجوح يحتمله لدليل و قرينة أو قياس (أنظر التعريفات للجرجاني ص28, وتقريب الأصول إلى علم الأصول ص162). وهذا التأويل إن كان قوياً فهو الصحيح, وإن كان ضعيفاً فهو الفاسد, وهذا يعني أن ليس كل تأويل مقبول. وكمثل على التأويل الصحيح حمل قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ..} (المائدة:من الآية6) على أنها تعني العزم على القيام إليها كما في نظيرها وهو قوله تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } (النحل:98). وكذلك حمل الجار الوارد في حديث (الجار أحق بصقبه) على الجار المشارك لحديث (إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفاعة).
4- المنطوق: لغة اسم مفعول وهو الملفوظ, واصطلاحاً ما دل عليه اللفظ في محل النطق (أنظر نشر البنود على مراقي السعود 1/89). ومثاله الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري – 3/298- ومسلم –4/213- : (الولاء لمن أعتق), فمنطوقه إثبات الولاء للمعتق, ولا خلاف بين أهل العلم في الاحتجاج بالمنطوق (أنظر شرح الكوكب المنير 3/473, إرشاد الفحول للشوكاني ص178).
5- المفهوم: لغة اسم مفعول من الفهم, واصطلاحاً ما دل على اللفظ في غير محل النطق, ويقسم إلى:
مفهوم موافقة: وهو إثبات حكم المنطوق به للمسكوت عنه, وينقسم إلى نوعين أولهما ما يعرف بـ (الأولى من المنطوق) مثل قوله تعالى {... فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا... } (الإسراء: من الآية23), فالنهي عن الضرب المفهوم أولى من النهي عن التأفيف المنطوق. أما الآخر فهو المساوي مثل مساواة إتلاف مال اليتيم بأكله أو حرقه المنهي عنه في قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } (النساء:10) , وهو حجة وإن وقع الخلاف في تسميته (أنظر شرح الكوكب المنير 3/483, إرشاد الفحول للشوكاني ص179-183).
مفهوم المخالفة: ويطلق عليه المفهوم غالباً, وهو إثبات نقيض حكم المنطوق به للمسكوت عنه (مذكرة الشيخ محمد أمين الشقنقيطي ص237, وإرشاد الفحول ص179, تقريب الأصول ص169), وهو حجة عند جمهور العلماء على خلاف في ترتيبه, وهو عشرة أنواع:
- مفهوم العلة نحو (ما أسكر فهو حرام), أنظر البخاري 3/223.
- مفهوم الصفة نحو (في سائمة الغنم الزكاة) أنظر البخاري 1/253.
- مفهوم الشرط نحو قوله تعالى: {... وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ... } (الطلاق: من الآية6).
- مفهوم الاستثناء نحو قوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } (العنكبوت:14) .
- مفهوم الغاية نحو قوله تعالى: {.... ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل..} (البقرة: من الآية187).
- مفهوم الحصر ومثاله الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم: (إنما الولاء لمن أعتق), وهو أقواها.
- مفهوم الزمان نحو قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً } (المزمل:2) .
- مفهوم المكان نحو قوله تعالى: {.... وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ... } (البقرة: من الآية187).
- مفهوم العدد نحو قوله تعالى: {... فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ....} (النور: من الآية4).
- مفهوم اللقب نحو (في الغنم زكاة), وهو أضعفها, وهو تعليق الحكم على أسماء الذوات.
على أن ترتيب وتفصيل هذه الأنواع قد يختلف في مصادر أخرى وله شروط وقرائن .
6- العام: هو الشامل, وفي الاصطلاح, هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له دفعة بلا حصر (القاموس 4/194, سلاسل الذهب للزركشي, ص150). وأدوات العموم هي: ( كل, جميع, أجمع والمعرف بالألف التي هي للجنس, وكذلك اسم الجمع مثل القوم, الرهط). والنكرة في سياق النفي كقوله تعالى: { ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ } , (البقرة:2). وفي سياق النهي كقوله تعالى: { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } (الإنسان:24) . أو في سياق الشرط مثل قوله تعالى: { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ } (التوبة:6). أو في سياق الامتنان مثل قوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً }, (الفرقان:48) . (راجع تقريب الأصول, ص 138-139, والمذكرة ص204-207). الأسماء الموصولة مثل (الذي, التي, وثنيهما وجمعهما, من, ما, أي, متى في الزمان, أين وحيث في المكان, مهما).. (أنظر إرشاد الفحول للشوكاني ص115, والمذكرة ص205).
7- الخاص: لغة ضد العام, واصطلاحاً هو قصر العام على بعض أفراده لدليل, والتخصيص هو جعل الشيء خاصاً, وعرف اصطلاحاً بأنه: إخراج بعض ما يتناوله للفظ من الحكم بما يدل على ذلك قبل العمل به (راجع البرهان 1/400).. والمخصص هو الدليل الذي يتم به ذلك (شرح الكوكب المنير 3/277, بيان المختصر شرح مختصر بن الحاجب 2/236)..
ومخصصات العموم نوعان:
أ- متصلة وهي:
أولاً:الاستثناء, ومثاله قوله تعالى:{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }, (النور:4-5).
ثانياً: الشرط, مثاله قوله تعالى:{ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ }(النساء:من الآية11).
ثالثاً: الصفة, ومثاله قوله تعالى: {....مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ.... } , (النساء: من الآية25) .
رابعاً: الغاية, مثل قوله تعالى: {.. وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ.. } (البقرة: من الآية222) .
ب- منفصلة وهي:
أولاً: العقل: { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }, (الزمر:62).
ثانياً: الحس, وهو الدليل المأخوذ من الحواس.
ثالثاً: منطوق الكتاب, كقوله تعالى: { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ...}, (البقرة: من الآية228). حيث خص بعمومه بقوله تعالى: {.. وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُن..} , (الطلاق: من الآية4).
رابعاً: مفهوم الكتاب, كمفهوم قوله تعالى:{... فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ...}, (الإسراء: من الآية23). وهو منع حبس الوالد في الدين, فيكون مخصصاً لقوله صلى الله عليه وسلم : (لي الوالد ظلم يحل عرضه وعقوبته).
خامساً: منطوق السنة, مثل قوله صلى الله عليه وسلم (ليس فيما دون خمس أوسق صدقة), فإنه مخصص لقوله صلى الله عليه وسلم (فيما سقت السماء العشر).
سادساً: فعل النبي صلى الله عليه وسلم: مثل ما ثبت من أنه كان يأمر بعض نسائه أن تشد إزارها ثم يباشرها وهي حائض, فعلم أن هذا مخصص لقوله تعالى: {.. وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْن.. }, (البقرة:من الآية222).
سابعاً: إقراره صلى الله عليه وسلم: مثل استبشاره بقول مجزز المدلجي (هذه الأقدام بعضها من بعض).
ثامناً: الإجماع على تحريم المملوكة إذا كانت أختاً من الرضاع, فيكون مخصصاً لقوله تعالى: {... أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.. }, (النساء: من الآية3).
تاسعاً: القياس, مثل قياس العبد على الأمة في حد الزنا الوارد في قوله تعالى: {... فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَاب.. }, (النساء: من الآية25). فيكون هذا مخصص لقوله تعالى: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ... }, (النور: من الآية2)..
وهناك مخصصات وقع الخلاف فيها..( عن كتاب روضة الناظر ص127, والمذكرة ص218).
8- المطلق: مأخوذ من الإطلاق وهو الإرسال, وفي الاصطلاح: اللفظ المتناول لواحد لا بعينه باعتبار الحقيقة الشاملة لجنسه.
9- المقيد: المقيد لغة ضد المطلق, واصطلاحاً هو اللفظ الدال على الماهية الموصوفة بأمر زائد عليها). مثالهما قوله تعالى: {.... وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَان ِ ..}(البقرة: من الآية282). فقوله تعالى (شهيدين) مطلق, قيده قوله تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ..}(الطلاق: من الآية2).
10- المجمل: المجمل لغة المجموع من قولهم: أجمل الحساب إذا جمعه, (اللسان 11/127), بيان المختصر 2/359), وفي الاصطلاح هو : (ما لا يفهم المراد من لفظه, ويفتقر في بيانه إلى غيره), (أنظر تقريب الوصول ص162, وبيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب 2/359). مثاله القرء الوارد في قوله تعالى: { المُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ }(البقرة: من الآية228), لأنه متردد بين الحيض والطهر (أنظر شرح المختصر 2/362).
11-المبين: لغة الموضح, وفي الاصطلاح : (إخراج الشيء من الإشكال إلى الوضوح والتجلي, (أنظر القاموس 4/204, الرسالة للإمام الشافعي ص21 فقرة 53 فما بعد, تقريب الأصول ص163). مثاله قوله تعالى: {.... أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ }, (الحجر: من الآية66), بعد قوله تعالى في بداية الآية {... } حيث أن هذا الأمر كان مجملاً ثم بين بما بعده. وأكثر البيان وقوعاً البيان بالقول, ومنه البيان بالفعل, وبالكتابة, وبالإشارة, وبالعقل, وبالحس, (أنظر أمالي الدلالات ص 158).
12- الإفراد والاشتراك: مثل لفظ النكاح فإن جعل معناه مفرداً وهو الوطأ أرجح من جعله مشتركاً بينه وبين العقد, (أنظر نشر البنود على مراقي السعود 1/134).
13-التأصيل على الزيادة: التأصيل هو جعل الشيء ذا أصل, ومثال تقديم التأصيل على الزيادة قوله تعالى:{ لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ }, (البلد:1). قيل إن لا هنا زائدة, فيكون أصل الكلام (أقسم بهذا البلد, وقيل أنها غير زائدة, فيكون التقرير:{لاأقسم بهذا البلد } نت لست فيه بل لا يعظم ويصلح للقسم إلا إذا كنت فيه, وهذا أولى, (أنظر الجامع لأحكام القرآن20/60). ثم إن القول بوجود زيادة في القرآن ولو بحرف مردود لعدة أسباب بينها العلماء الأفاضل ومنهم الدكتور أحمد الكبيسي، فيكون معنى (لا) هنا زيادة في التوكيد, والله أعلم.
14- الترتيب على التقديم والتأخير: مثل قوله تعالى: { والَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ..} (المجادلة: من الآية3). فظاهره أنه لا تجب الكفارة إلا بالوصفين المذكورين قبلهما وهما (الظهار) و(العود), وقيل فيهما تقديم وتأخير وتقديره
( والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة ثم يعودون لما كانوا من قبل الظهار, سالمين من الإثم بسبب الكفارة, وعليه فلا يكون العود شرطاً في كفارة الظهار. (أنظر تقريب الوصول ص 176), فيقدم الترتيب على احتمال معنى التقديم والتأخير.
15- التأسيس والتأكيد: مثاله قوله تعالى : { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } , (الرحمن:13). فقد كررت هذه الآية تأكيداً ومبالغة, وهذا على مقتضى ظاهر اللفظ, ويلزم من ذلك أن تكون تكررت أكثر من ثلاث مرات, والتأكيد لا يزيد على ثلاث مرات, (أنظر التسهيل 4/83, 84), فيحمل الآلاء في كل موطن على ما تقدم قبل لفظ التكذيب, ويكون التكذيب ذكر باعتبار ما قبل ذلك اللفظ خاصة, وعلى ذلك فلا تأكيد في السورة وإنما يعتبر كل لفظ تأسيس, وكذا الحال فيما شابه ذلك في القرآن.(أنظر تقريب الوصول بتحقيق الدكتور محمد المختار ص176 هامش 3, والجامع لأحكام القرآن 17/159-160).
16- البقاء على النسخ: مثال قوله تعالى: { قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ .... }(الأنعام: من الآية145). فالحصر في الآية يقتضي إباحة ما عدا المذكور, ومنه كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير, وقد ثبت النهي عن ذلك, فقيل إن هذا النهي ناسخ لإباحة ما زاد عن المذكور, وهو المفهوم من الحصر. وقيل أن الآية ليس فيها نسخ, وإنما زيدت عليها محرمات أخرى كالمنخنقة والموقوذة والمتردية وغيرها كما في قوله تعالى: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (المائدة:3), وعلى هذا أكثر أهل العلم. ونظيرتها نكاح المرأة على عمتها وخالتها, وهو زيادة على ما في قوله تعالى { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } (النساء: من الآية24), ونحو ذلك. (أنظر الجامع لأحكام القرآن بتصرف 7/115-116). فالقول ببقاء الإباحة المفهوم من الحصر أولى من القول بنسخه, وهكذا.
17- الحقيقة وترتيب الحقائق: الحقيقة في اللغة هي ما قرأ في الاستعمال على أصل وضعه, والمجاز ضد ذلك, (اللسان 1/52). والحقيقة في الاصطلاح فهي اللفظ المستعمل في وضعه الأول في الاصطلاح الذي به التخاطب, (التعريفات ص 89), وأما المجاز فهو لغةً الجواز, واصطلاحاً هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له أولاً, لمناسبة بينهما مع قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي. (أنظر اللسان 5/326, أساس البلاغة ص69, التعريفات ص202- 203, تقريب الوصول ص133).
18- تقديم الحقيقة على المجاز: الحقيقة مقدمة على المجاز, مثاله قول القائل رأيت أسداً), فإنه متردد بين الحيوان المفترس والرجل الشجاع, فحمله على الحيوان المفترس مقدم على الرجل الشجاع ما لم توجد قرينة صارفة. والحقيقة ثلاثة أنواع هي (شرعية, عرفية, لغوية), والشرعية مقدمة على العرفية, وهذه مقدمة على اللغوية. يقول الشيخ سيدي عبد الله في المراقي:
إن لــم يـــكــن فمـطلــق العــرفي * واللفــظ مـحــمول عــلى الشـرعي
بحث عن المجاز في الذي انتخب * فـاللغـوي على الجلي ولم يجــب
19-المتشابه: هو الذي يشبه بعضه بعضاً, إما من وجهة اللفظ أو من وجهة المعنى (أنظر المفردات في غريب القرآن ص 254). وعرف بأنه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله تعالى بعلمه دون خلقه, وذلك مثل وقت قيام الساعة وخروج يأجوج ومأجوج والدجال ونزول سيدنا عيسى عليه السلام, ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور. (القرطبي 4/9-10, التعريفات للجرجاني ص 200).
20-الاسرائيليات: وهي القصص والأخبار المنسوبة لبني إسرائيل, وهي على ثلاثة أقسام:
1- ما علمنا صحته مما بأيدينا بما يشهد له بالصدق فذلك صحيح.
2- ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
3- ما هو مسكوت عنه, ولا نعلم صدقه من كذبه فلا نؤمن به ولا نكذبه. (أنظر محاسن التأويل 1/40, الاسرائيليات والموضوعات للشيخ أبي شهبة ص12, ابن كثير 1/8).
21- الظن: هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض. (أنظر التعريفات للجرجاني ص 144).
22- اليقين: هو العلم الذي لا شك معه, وفي الاصطلاح: اعتقاد الشيء بأنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلا كذا مطابقاً للواقع غير ممكن الزوال, أو هو العلم الحاصل بعد الشك (أنظر التعريفات للجرجاني ص 259).
23- الصحابة: جمع صحابي وهو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام. (أنظر الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ¼, مقدمة ابن الصلاح ص 146, الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/235).
24- التابعون: جمع تابعي وهو من صحب الصحابي وحفظ عنهم الدين والسنن. (أنظر كتاب الثقات لابن حيان 4/3, مقدمة ابن صلاح ص151, الجامع لأحكام القرآن 8/238-239).
المصادر
النص بالكامل مقتبس عن كتاب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (تأريخه وضوابطه), عبد الله بن عبد العزيز المصلح, ط/1, هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة, 1417هـ
نكمل ان شاء الله