الاسرة الشهيدة
شرف ما نالته أسرة غيرها كان عددها ثلاثة أفراد "أب. وأم. وابن":
الأب هو ياسر. والأم هي سمية بنت خياط. والابن هو عمار بن ياسر.
كانوا غرباء استوطنوا مكة. عملوا في خدمة قبيلة بني مخزوم.
وما ان أشرق نور الإسلام حتي أضاء قلوبهم جميعاً فأسلموا مبكرين.
وقد جُن جنون سادتهم بني مخزوم فصبوا عليهم العذاب ألواناً صباحاً ومساءً دون هوادة. لم يرحموا الأب العجوز. ولا الأم المريضة. ولا الابن الصغير.
وكان الرسول الكريم يشاهدهم وهم يعذبون فيرق قلبه. ولكن لا يملك لهم نفعاً فيقول لهم "صبرا آل ياسر. فإن موعدكم الجنة".
وتحت وطأة العذاب الشديد نالت سمية بنت خياط شهادة ربانية بأنها أول شهيدة في الإسلام ثم تلاها ياسر. وبقي الابن وحيداً فريداً يصب عليه العذاب حتي فقد قوته. وانهارت عزيمته وأصبح من هول التعذيب في غيبوبة لا يدري معها ما يحدث وما يقال منه. حتي أنه أخذ يردد دون ان يدري أقوال جلاديه فمدح الأوثان.
ولما أفاق أحس ان قلبه يتقطع إربا إرباً. فجر ساقيه إلي بيت الأرقم حيث النبي الكريم الذي شاهده والدموع تنهمر من عينيه انهماراً فأدرك ما حدث له وما قاله عفوا وأخذ يهديء روعه ويطمئن نفسه حتي إذا استقر قال له النبي الكريم.
قد علمت يا عمار ما كان منك. فأين قلبك مما قلت وقال: يا رسول الله قلبي مطمئن بالإيمان. قال له النبي: عد. فإن عادوا فعد. واستمع مني ما نزل من القرآن يا عمار "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" "النحل: 106".
وتمضي الأيام. وتمر السنون. وينتقل الإسلام إلي المدينة لينير الكون كله. وعمار مصاحب رسول الله في كل خطواته وروحاته. وصارت له منزلة عالية عند النبي حتي سماه "الطيب المطيب".
ويلحق المصطفي بالرفيق الأعلي. وتأتي خلافة أبوبكرالصديق وتحدث فيها حروب الردة القاسية. فيكون لعمار النصيب الأوفر من الشجاعة والإقدام والبلاء في سبيل الله ثم تأتي خلافة عمر. ثم عثمان. ثم علي بن أبي طالب. وعمار جندي صامد. ومؤمن كامل لم يهتز كيانه يوماً رغم أنه جاوز السبعين.
وفي عهد الإمام علي تحدث الفرقة بين المسلمين فيتنازعون الخلافة. وتقع الحرب بينهم وتدور رحاها في موقعة الجمل وموقعة صفين. ويتذكر عمار قول النبي الكريم له "يا عمار. تقتلك الفئة الباغية" فينطلق كالسهم مع جيش علي ابن عم رسول الله وزوج الزهراء. ويثير حماسة الجيش ويناديهم بصوته الجمهوري حتي يتحقق النص ثم يلقي الشهادة ويلحق بأمه وأبيه في جنات النعيم.