«إن الذين هم في قمة الجبل لم يسقطوا هناك فجأة»,
مقولة جميلة أعجبتني, و تشير إلى معنى يستحق التوقف عنده. لا شك عزيزي القارئ أنك إما صعدت قمة جبل يوماً ما, أو رأيت – على الأقل- أناساً صعدوا قمة جبل. بكل بساطة أنت لم تسقط هكذا فجأة على الجبل, بل صعدته خطوة خطوة و عبر ممرات و طرق ضيقة و أحياناً تكون وعرة و غير ممهدة, و لكن في آخر الأمر وصلت إلى قمته. بعض الناس قد لا يفكر في الصعود أبداً لأنه لا يريد أن يشعر بالتعب أو الإرهاق, والبعض الآخر قد يصعد معك ثم يتوقف في منتصف الطريق و لا يكمل، الفكرة أنه لابد من صعود الجبل حتى تصل قمته.
ولد ناجحاً و متميزاً و مشهوراًَ. صدقني لابد أنه صعد جبله خطوة خطوة. صحيح أننا نحتاج مساعدة الآخرين و لكن في نهاية الأمر, علينا أن نمشي الخطوات كلها.
أذكر أحد الأصدقاء يحدثني و هو متضايق: لماذا هذا المحاضر يحبه الناس و يحضرون محاضراته.. ليس عنده شيء يستحق ذلك؟! فأقول له: إن الذين هم في قمة الجبل لم يسقطوا هناك فجأة! صدقني لا بد أن هذا الشخص تعب و سهر و عمل و بالتالي نجح. مرة أخرى لا يهم في أي مجال نجح, فهذا ليس حديثي اليوم, و لكني أتحدث أن لكل واحد مناً جبلاً.. هي حياته, و على كل شخص منا أن يصعد جبله, و أن يبدأ حياته, و أن يمشى خطواته التي كتبها الله له, كما قال الشاعر:
مشيناها خطا كتبت علينا*** ومن كتبت عليه خطا مشاها
يحزنني كثيراً عندما أرى شباباً لديهم عدة الصعود وأدوات التقدم ومعدات التميز, و لكنهم ما زالوا عند سفح الجبل, لم يصعدوا – بعد- جبالهم! لا يعرفون ما يريدون و لا يدركون ما عندهم فيضيع العمر هباءً على أشياء لا تسمن من جوع, ثم بعد أن يمضي قطار العمر, ويرون جبال الآخرين, يأتون بكل جرأة و يقولون: هذا الشخص لا يستحق النجاح, كيف فعل ذلك؟ أربأ بقرائي الأعزاء أن يكونوا من هؤلاء. فما دمنا نتنفس, نستطيع تغيير حياتنا بإذن الله للأفضل, ولا تنظر للماضي أبدأً إلا لأخذ العبر والدروس. كل شيء يمكن تغييره ما دام في العمر بقية, فماذا تنتظر أخي .. هيا اصعد جبلك!
بقلم الدكتور خالد القحص ...