أخوك...: مرءاةٌ أم مراءاة؟
قد قالها الحبيب المصطفى قبلُ "المؤمن مرءاة أخيه"
وذلك لأن من شأن المرءاة أن تعكس الصورة الحقيقية لمن ينظر فيها
فيرى فيها حقيقته فيعمد إلى إزالة كل ما يَشِينه ويَشُوبه
أما من أراد لهذه المرءاة أن تعكس فقط ما يريد هو أن يراه فيها مما هو مدح له
فإنه عندئذ يريد المراءاة لا المرءاة
يريد مرءاة تظهر له محاسنه دون عيوبه
وأين يجد مرءاة بهذه الصفة؟
لا والله لن يجد هذه المرءاة ما عاش الدهر أبدًا
يفني عمره في طلبها ولكن عبثًا يحاول
ولن يخلص في النهاية إلا إلى عصبة من المرائين
همهم أن يظهروا له ما يعجبه تقربًا منه
فينخدع بهم ويعيش الدهر في وهمه
محاولاً أن يقنع نفسه بأن أخاه الذي أمامه مرءاة له
ولكن هيهات هيهات فما أبعد المرءاة من المراءاة!!!
وإن استفاق المرائي يومًا من سكرته
وأراد أن يعكس صورة حقيقية لإخوته
كان أول من يكسر تلك المرءاة هم إخوته
فإنا لله وإنا إليه راجعون ...
مرءاة تُحطَّم ومراءٍ يُعظَّم
ثم تقول لي يا أخي أريدك مرءاةً لي
اسدُل علي ستار الخنوع أو ألبسني ثوب المراءاة
وارسم على جدار عجبك وفخرك صورة مثالية لك
وعندها... مهما تغيرت بك الأحوال وتفاقمت بثرات عيوبك في وجهك
انظر إلى تلك الصورة التي رسمتها على الجدار وأقنع نفسك
بأنها انعكاس لصورتك الواقعية
إلى أن تسوء بك الأحوال أكثر فأكثر
وتستحكم فيك بثرات عيوبك إلى أن تهلكك
وتدفن في قبر وهمك الذي عشت فيه طوال حياتك
حتى إذا مر أخوك على قبرك قال:
يا أخي... كسرت المرءاة وأفنيت عمرك في طلب المراءة فارتقب ما هو ءات...
يروى عن حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أنه قال:
أخِلاّءُ الرخاءِ هُمُ كثيرٌ ولكن في البلاءِ هُم قليلُ
فلا تغررك خِلَّةُ من تُواخي فما لكَ عندَ نائبةٍ خليلُ
وكلُ أخٍ يقولُ أنا وفـيٌّ ولكن ليسَ يفعلُ ما يقولُ
سوى خِلٍّ له حَسَبٌ ودينٌ فذاكَ لما يقولُ هو الفَعول