السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من روائع ابن القيم رحمه الله في وصف الجنة
لابن القيم كلام دقيق وعلمي ورصين
وهو موسوعة بحد ذاته ككثير من العلماء المسلمين
وله كلام رائع في وصف الجنة
فلنستمع إليه:
يا سلعة الرحمن لست رخيصة *** بل أنت غالــية عــــلى الكســـلان
يا سلعــة الرحمن لـــــولا انـها *** حـجبت بكـــــل مكاره الإنســـان
مـــــا كــان قـــط مـــن متـخلف *** وتعطــــلت دار الجزاء الثانـــــي
لكـنها حـجـبت بكـــــل كريهــــة *** ليصد عـنهـــا المبطل المتوانـــي
وتنالــــها الهمم التي تسـمـــوا *** إلى رب العـلى بمشـيئة الرحمن
( تالله ما هزلت فيستامها المفلسون ، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون ..
لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد ، فلم يرضى لها ثمن دون بذل النفوس ، فتأخر البطالون ، وقام المحبون ينظرون ؛ أيهم يصلح أن يكون ثمناً ؟
فدارت السلعة بينهم ، ووقعت في يد (( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )) .
ولما كثر المدعون المستشرفون . طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرقة الشجي ،
فتنوع المدعون في الشهود ، فقيل: لا تقبل هذه الدعوى إلا ببينة : (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ))
فتأخر الخلق كلهم ، وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه .. فطولبوا بعدالة البينة بتزكية ؛ (( يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم )) فتأخر أكثر المحبين وقام المجاهدون ..
فقيل لهم : إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم ، فهلموا إلى بيعة : (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ))
فلما عرفوا عظمة المشترى ، وفضل الثمن ، وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع عرفوا قدر السلعة ، وأن لها شأناً ،
فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها بثمن بخس ، فعقدوا معه بيعة رضوان بالتراضي ، من غير ثبوت خيار ،
وقالوا : ( لا نقيلك ولا نستقيلك ) فلما تم العقد وسلموا المبيع ،
قيل لهم : مذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا ؟رددناها عليكم أوفر ما كانت ، وأضعافها معها، .. (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون *فرحين بما آتاهم الله من فضله )) ..
فحمد القوم عند الوصول سراهم .. وشكروا مولاهم على ما أعطاهم ..
فعند الصباح يحمد القوم السرى ..) أهـ .