الرئيس محمد مرسى
سيادة الرئيس المنتخب، وبعد أن وضَح السبب، فى ثورةٍ بيضاء استلهمت منها عوالم الإنس والجن العجب، فإن أحداً لم يصف سيادتك بالأذُن، فليس لك من الأذُنِ شىء، لا أُذُنٌ من طين ولا أُذُنٌ من عجين، فدعنى أكتب لك رسالتى هذه لعلك تستبين، سيادة الرئيس المنتخب، كنتُ من ضِمن هؤلاء الذين وقفوا فى طوابير ليُبدّلوا كرسى الأستاذيّة لك فى الجامعة إلى كرسى رئاسة، وذلك بعد أن استمعنا إلى وُعودٍ وردية فأخذتنا معكَ الحماسة، وكانت النتيجة إذ كافحت فقَتلتَ وقُتِلْت، وحاربت فهَزمتَ وهُزمت، وبقينا نحن شباب الثورة العاطل، وفتيات البيوت العوانس، مع شيوخ المعاشات على الكنب، ومع ربات البيوت فى المنازل، تعصف بنا الوساوس والهلاوس.
لقد قامت يا سيادة الرئيس ثورة الخامس والعشرين من يناير احتجاجاً على أوضاعٍ شتّى، كان أقرب الحلول حينها على لسان الناس "عيش"، "حرية"، و"عدالة اجتماعية"، فأخذ الجناح السياسى لجماعتك جماعة الإخوان المسلمين الهتاف على محمل الجد، واقتصوا على هواهم "الحرية والعدالة"، ووضعوها عنواناً لهم، وتناسوا أولية الهتاف وأولية الأسباب لقيام الثورة البيضاء وهى "العيش"، وكانت توابع فعلتهم تلك، أن صَعُبَ عليهم وعلى الشعب تطبيق ونيل الحرية أو العدالة ؛ لأن لقمة العيش التى هى أساس حياة الناس لم توجد ولم يُخطط لها ولم يُعَد لها وأنتم أبناء مدرسة (وأعدّوا).
سيادة الرئيس المنتخب، وبعد أن تولّيتم أمر الناس بإذن الله ثم باختيار الناس، فالله سبحانه سيسألكم عن حقه بعد أن مكّن لكم: لماذا لم تُقيموا شريعتى فى دستور صنعتموه بأيديكم؟ وسيحاسبكم لماذا ملأتم الميادين مطالبين بالشرعية، وحين نزل الناس يوم الجمعة فى مليونية تطبيق الشريعة تخلّفتم ورضيتم بالقعود فى التأسيسية لتصيغوا مواد من صنعكم أنتم، واهمين الناس أنها من شرع وصُنع الله تعالى؟.
ونحن كذلك نسألكم: أين حقنا بالعدل فى توزيع المناصب وتوفير فرص العمل؟ فما حصلنا على أعلى الشهادات لنوفّر نحن لأنفسنا العمل، والعجيب- وأقسم بالله العظيم- أن أصدقاء لى من جماعة الإخوان بعد أن كانوا يسألوننى أنا على فرصة عمل أوفرها لهم، أجدهم اليوم فى أحسن وأعلى المناصب!، وللأسف لا يجدون حَرَجاً فى تصوير أنفسهم خلف مكاتبهم الفخمة!، سبحان الله، أى عدلٍ هذا يا سيادة الرئيس؟
ألم تسمع عن ابنة عمر بن عبد العزيز حين بكت وطالبت أباها بثوب عيد جديد، فصبّرها أبوها لأن خازن بيت المال رفض أن يعطيه راتب شهر قادم، إلا إذا ضمن عمرُ أن يعيش لهذا الشهر!، ألم يسمع عمر بن محمد مرسى ابن سيادتك الخرّيج حديثاً من الجامعة أن ملايين الشباب والفتيات العاطلين والعاطلات هم أحق وأقدم وأجدر منه بالوظيفة فى الشركة القابضة للمطارات، أم أن سيادتك ترى أنه أحق بها لأنه ابنك؟
سيادة الريس المنتخب، سامحنا الله إن خُضنا مع من خاض فى التهكّم من مشروع نهضتكم الذى لم نر له أساساً ولم نلمح له عِمدانا، لكن بمقتضى أنك لم تطلب منا حقاً عليك وفرضت على نفسك حقوقا والتزامات، فلا سامحك الله إن كنت تعلم- وأنت تعلم- أن من شعبك محتاج ولم تسعَ فى تلبية حاجته، ولا سامحك الله إن كنت تعلم أن من شعبك شباب عاطل يطلب العِفّة لنفسه ولفتاة يخطبها ولم توفر له عملا، ولا سامحك الله إن كان كرسى الحكم غاية لك ولجماعتك وليس وسيلة لتحقيق وعودٍ وردية منيّت بها شعبك ولم تفِ بتحقيقها.