المرأة والإيمان
لقد خاطب الله الناس جميعاً ذكوراً وإناثاً، فقال سبحانه وتعالي بعد أن ذكر الصالحين الأبرار وذكر الفسقة الأشرار: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض)(آل عمران: الآية195).
ويقول سبحانه وتعالي: )إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ )(الأحزاب: الآية35)، فالله عز وجل ذكر المرأة الصالحة القانتة الحافظة للغيب بما حفظ الله سبحانه وتعالي.
وأتي رسولنا صلي الله عليه وسلم فتحدث عن المرأة المسلمة ودورها في الحياة، وأوصي بها خيراً لأنه يعلم أنها شقيقة الرجل وأنها هي التي تقوم على النشء وتربي الأطفال وتخرج العلماء والشهداء.
يقول صلي الله عليه وسلم في الحج الأكبر: ((الله الله في النساء فإتهن عوان عندكم))، ويقول صلي الله عليه وسلم : (( استوصوا بالنساء خيراً))النبي صلي الله عليه وسلم وصح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال : (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)).
وفي صحيح البخاري( أن أسماء بنت عميس أتت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: (( غلبنا عليك الرجال، يحجون معك ويجاهدون معك ويصلون معك، فاجعل لنا يوماً من نفسك) . وهنا بوب البخاري على ذلك بقوله: ( باب أن يجعل العالم يوماً للنساء من نفسه)، فأعطاهن صلي الله عليه وسلم يوم الاثنين.
وقد رزق صلي الله عليه وسلم أربعاً من البنات كالنجوم، حافظات للغيب بما حفظ الله، ( فاطمة وأم كلثوم وزينب ورقية).
وكان صلي الله عليه وسلم إذا أراد سفراً ودعهن، وإذا أتي من سفر بدأ بهن.
يأتي إلى فاطمة في الليل الدامس ويزورها ويقول لها ولعلي: (( ألا تصليان، ألا أدلكما على خير لكما من خادم، تسبحان الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدان الله ثلاثة وثلاثين، وتكبران الله أربعاً وثلاثين)).
فهو يربي ابنته فاطمة على تقوي الله وعلى التسبيح والعبادة والتحميد وعلى الاتصال بالحي القيوم.
يقول محمد إقبال في فاطمة بنت الرسول صلي الله عليه وسلم :
هي بنت من؟ هي أم من ؟ هي زوج من؟ من ذا يساوي في الأنام علاها
أما أبوها فهو اشرف مرســــــل جبريل بالتوحيد قد ربـــاها
وعلى زوج لا تســـــــــوي سيفاً غدا بيمينه تيــــــاها
عاشت في بيت النبوة فرضعت الإيمان والقرآن، فإن كثيراً من النساء يتحلون بالذهب والفضة، ولكنهن فقدن الفضيلة والعفاف وغض البصر والإيمان.
فقدن رضا الله، وفقدن محبته ، وفقدن ستره، وفقدن الحياة الرغيدة . لأنه لا أمن ولا استقرار للمسلم ولا للمسلمة إلا بهذا الدين، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) )قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) (125)
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طـه:124ـ 126).
وعليك أن تتأملي قصص الصالحات ..وتقرئي أخبارهن لعلك أن تحاكيهن في طريق الخير.
وإليك بعضاً من تلكم القصص والأخبار:
1- امرأة فرعون: آسية رضي الله عنها وأرضاها. لا إله إلا الله وآمنت وملأت قلبها بالإيمان . أطاعت الرحمن، وزجها دجال فاجر كافر القي على وجهه في النار.
تقول لله في رجاء ودعاء عجيب : ( رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(التحريم: الآية11) .
قال ابن القيم عليه رحمة الله : طلبت الجار قبل الدار . فقد طلبت جوار الواحد الأحد وسكني جنة عرضها السماوات والأرض لأنها قد ملت من قصور فرعون.. لأنها قصور ملعونة ودار ملعونة وأرادت جوار الله عز وجل، فسجل الله اسمها في الخالدين وذكرها في العارفين ، وأبقي اسمها في العالمين يدوي في كتاب رب العالمين سبحانه وتعالي.
2- أم أنس: عندما أتي صلي الله عليه وسلم إلى المدينة بحثت رضي الله عنها عن هديه تهديها لرسول الله صلي الله عليه وسلم ، فما وجدت إلا ابنها وحبيبها وفلذة كبدها أنس ..فغسلته وألبسته وطيبته، وذهبت به وعمره عشر سنوات وقالت: يا رسول الله ( أنس) ابني وأحب الناس إلى، أهديه لك يخدمك طيلة الحياة ، فادع الله له، فقال صلي الله عليه وسلم : (( اللهم أطل عمره وكثر ماله وولده واغفر ذنبه)).
وذهبت المرأة المؤمنة مهرها في الإسلام أعظم مهر.
فمهرها الإسلام. فقد تقدم لها أبو طلحة وهو مشرك يريد الزواج منها فقالت: أنت مشرك وأنا مسلمة والله لا أتزوج بك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول
الله.
قال: اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وسجد لله فتزوجته فكان مهرها الإسلام.
فقالوا : ما سمعنا بمهر في الجاهلية ولا في الإسلام أعظم من مهر أم سليم رضي الله عنها وأرضاها.
3- الخنساء: ربت أبناءها الأربعة على طاعة الله وحفظتهم القرآن وعلمتهم السنة وقادتهم إلى المسجد.
فلما أتت معركة القادسية ذهبت إلى أبناءها الأربعة وقالت لهم: البسوا أكفانكم ! فاغتسلوا ولبسوا أكفانهم، فأوصتهم وقالت: يا أبنائي والله ما خدعت أباكم ولا غررت خالكم، إذا حضرتم المعركة فتيمموا أبطالها واقتلوا في سبيل الله لعل الله أن يقر عيني بشهادتكم في سبيله.
وهكذا المرأة المسلمة الصالحة التي تربي أبناءها على الإسلام والقرآن وعلى عبادة الواحد الأحد، وتربي بناتها على الحجاب ومخافة الله وعلى مراقبة الله وعلى سيرة رسول الله صلي الله عليه وسلم .
فحضر أبناء الخنساء المعركة وقتلوا في سبيل الله.. وبشروها فتبسمت وقالت: الحمد الذي أقر عيني بشهادتهم في سبياه!
فيا أختي المسلمة نحن أحوج ما نحتاج أن تدخل الإيمان بيوتنا.
والإيمان يكمن في الصلوات الخمس للأبناء والبنات، وأن نرعاهم بالتربية ، وأن نرضعهم مع اللبن لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فالأم جامعة كبري، يوم تصلح يصلح الله بها الدين ويربي بها الأخيار والأبرار.
ويوم تفشل يفشل بها المجتمع ويأتي هذا الاعوجاج الخطير الذي نعيشه في مجتمعنا هذه الأيام.
فيا أمة الله، أسألك بالله أن تتقي الله في دين رب العالمين وفي رسالة محمد سيد المرسلين.
يا أمة الله الحجاب! الحجاب!
يا أمة الله، اتقي الله في الأبناء والبنات.
يا أمة الله، اتقي الله في الزوج.