وحـد هـمـك أو أودية الهـلاك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،محمد واله وصحبه ومن والاه وبعد.
أيها المسافر إلى الله
معاشر المشائين إليه
إنها المعادلة الحتمية التي لا محيد عنها ولا مفر
إنها السُّنَّة الإلهية الكونية ، أرادها من الأزل ومازالت
أراها تتكرر والمسها تتحقق على مدار الأيام وتعاقب الدهور
لم يحابِ فيها الله أحدا ، ولا أحب الخلق إليه.
تسير ثابتة الخطى ، رابطة الجأش
لا تحابي ، لا تجامل ، لا تنافق، يقينية نتائجها ، حتمية مآلاتها
حتى لكأنك ترى النتيجة قبل ظهورها ، وتترقبها قبل وجودها
فما تخلفت قط .
اسمحوا لي أن اقترب أكثر
منذ أن استنار قلبك بنور الأيمان ، وأذن الله لك بالقرب منه والأنس به ، وكشف عنك غطائك فهداك من ضلالة وآواك من تيه بمحض فضله ومنته .
أبصرت الطريق فرأيت على ارض الصراط معالم أقدام من سبقوك الى الله و آثار من الى ربك تقدموك
ورمقت ببصرك هنااااااااااك امامك فلم تر في تلك الظلمة الحالكة الا مشاعل نور تحملها أكف الأدلاء على الله وهداة الطريق اليه.فأعظمهم شعلة في المقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما أن تحاول أن تضع قدمك على آثارهم وتستنير بنور مشاعلهم إلا استعصت عليك الخطى. الطريق أمامك والآثار تحدوك والمشاعر تتلألأ نورا، ولكن........لاحراك ، خطوة ثقيلة يعقبها وقوف طويييل .يتقطع قلبك كلما رأيت هذا الموكب المهيب يتحرك بعيدا عنك حثيثا إلى الله ولكن أركانك عاجزة.
فما أشبهك وحالك هكذا برجل مشلول على شاطئ بحر يرى رجلا يغرق يكاد ينخلع قلبه لينقذه ولكن أركانه اعجز من أن تلبي تلك الرغبات .
إنها النتيجة الحتمية للمعادلة .
وتلك المعادلة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بوحي من ربه ، وهاكم المعادلة :
عن عبد الله بن مسعود قال
سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول (من جعل الهموم هما واحدا هم آخرته كفاه الله هم دنياه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك) * ( حسن )
حسنه الشيخ الالباني في صحيح سنن ابن ماجه برقم207
وفي رواية اخرى:
قال عبد الله(يعني ابن مسعود) سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول (من جعل الهموم هما واحداهم المعاد كفاه الله هم دنياه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيالم يبال الله في أي أوديته هلك)
حسن حسنه الشيخ الألباني في ،صحيح ابن ماجة برقم 3314*
توحيد الهم (هم المعاد) أو الهلاك في أودية الدنيا
هذا الداء الذي ماوقوفك مكانك لا تبرحه إلا عرض من أعراضه
هذا هو الثغر الذي منه اخترق حصنك وحوصر قلبك
انهما اختياران لا ثالث لهما
هم واحد لا يمكن استبداله أبدا
بل لا يقبل حتى اقترانه بهم آخر.قال ص (الدنيا والآخرة ضرتان)
صححه الاباني في صحيح الجامع
أعلمت من أُتيت ؟ أفطنت موطن عجزك؟
لــــــقـــــــد تــــــشــــــعــــــبـــ ـــت بك الهـــــمــــــوم.
فتفرق منك الشمل وتفتت منك الجهود.
اعذروني فكثيرا ما اضرب الأمثلة
أتذكرون تجربة كنا نأخذها قديما في حصة العلوم؟
كانت التجربة عبارة أن أشعة الشمس المجردة لا تحرق الورقة ولكن إذا أتيت بعدسة تركز أشعة الشمس في بقعة صغيرة من الورقة احترقت.
التركيز (توحيد الهم) يأتي بالنتائج ولابد.
إذا علمت هذا ووقع من قلبك موقع اليقين بكلام من لا ينطق عن الهوى، علمت تلقائيا أن الشيطان يعمل جاهدا ويبذل ما استطاع من مكائد وشبهات ليشتت همك ويعدد اراداتك مبعثرا إياك في أودية الدنيا التي يعلم جيدا ثناياها وشعابها،كيف لا ؟وكم له فيها من صريع ، وضحاياه هناك تزكم الأنوف على مدار التاريخ.
ومرة أخرى يكشف الشفوق الأمين عن تلك المكيدة بوحي من ربه فاضحا أسلوب اللعين الرجيم حيث قال:
عن سبرة بن الفاكه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرُقِه فقعد له بطريق الإسلام فقال تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة ومن قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة)قال الشيخ الألباني : صحيح، سنن النسائي رقم 3134
انه قابع بكل طريق تسلكه (لا حظ كلمة أطرقه جمع طريق)انه يحاول تشتيت همك، انك تلج الطريق بقوة وتركيز ورغبة فيأتيك :
تسلم؟!!!! هل تعقل ما معنى انك تسلم؟!!انتظر قليلا الأمور لا تؤخذ بالعاطفة حكم عقلك، تسلم يعني تترك ما كان عليه أبوك وجدك، تسلم يعني انك تقر أن أباك وجدك كانوا كفارا لأنهم لم يؤمنوا بمثل ما ءامنت به، ابووووووووك كافر؟ذلك الرجل الطيب الذي تعب ورباك وكم كان يحبك ....الخ جدك أتذكره ؟ ذلك الكهل الطيب ،كم لاعبك وكان ظهره مطيتك.....الخ
فعصاه الإنسان فأسلم
فجاءت الهجرة:
اااااااااااااه، إسلام قد يكون مقبولا ومنطقيا، أما هجرة....لالالالالالالالا، مستحيل
ماذا عن بيتك الذي أنفقت كل ما تملك لبنائه، محلك الذي أصبح الناس تأتيه من كل مكان، بلدك، أرضك، سماءك،قلي بالله أين ستهاجر؟ ارض لا تعرفها وأناس غرباء لتبدأ من الصفر في سنك هذه......الخ فعصاه فهاجر
لالالالالالالالا جهاااااااااااااااد، تهاجر تهاجر ولكنك حي ، أما قتال ؟تموت؟ومالك اللي ادخرته يقسم ويستمتع بيه غيرك، زوجتك تتزوج غيرك .....الخ
ألا تلاحظ معي الرقي والتقدم للإنسان كلما عصا إبليس
إسلام ------هجرة---------جهاد
أتساءل : ماذا لو أن الإنسان تشتت همه مع أول شبهه ما ذا كانت النتيجة؟ لظل إلى الآن لم يسلم وبالتالي لم يهاجر ولم يجاهد.
اسقط هذا عليك: تتوب؟ هتقدر؟ طب وصحابك؟فكر ، ياما غيرك جرب ومقدرش، شوف فلان وفلان كانوا قمم وشوف دلوقتي،
هتتحجبي؟ خلي بالك اللي بتتحجب وترجع تقلع الحجاب عقوبتها كبيرة ، والفساتين دي كلها هتروح فين؟
تتوووووووووب ؟ وعاداتك وتقاليدك ، المجتمع ، طب الكلية.
مش هتلاقي شغل.....الخ
انه التشتيت للهموم المفضي للهلاك في اودية الدنيا.
اختم بعبرة وموعظة تتضح فيها هذه المعادلة وااااضحة جلية لكل ذي عينين ،كيف ان هذه القاعدة سيف قاطع لم يحاب الله فيها احدا البتة.
غـــــــــــزوة أحد
كلكم تعرفون ظروفها ومجملها ولكن العبرة، الدرس
جيش كان تعداده ألف فانسحب المنافقون بثلث الجيش بقي سبعمائة،
جيش يقوده رسول الله ص ، وتحت لوائه ابوبكر وعمر،وأهل البدر
كبار الصحابة لك أن تتخيل،
نصر مبين في البداية تنتهي بهزيمة وأذى يطول حتى رسول الله ص حتى كان هذا اشق يوم مر عليه ولم يكن اشق منه إلا يوم الطائف، تكسر رباعيته بابي هو وأمي،ويشج رأسه ويشاع على الناس نبا موته، كرب شديد ومحنة عظيمة
ولكن الله يعلم أتباع نبيه ص تلك القاعدة وهذه المعادلة
هلم نقرا قوله تعالى في سورة آل عمران ءاية 152:
( ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ماتحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثو صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين)
الله لا يخلف وعده ولا اصدق منه قيلا ، بل مكنكم منهم فأعملتم في المشركين قتلا واسرا بإذنه(اذ تحسونهم باذنه)واستمر امداد الله لكم وتوفيقه اياكم حتى حدث منكم ما لامحاباة فيه،فشلتم وتنازعتم وعصيتم وكل ذلك منكم رغم ان الله اراكم في البداية ماتحبون. ولكن لامحاباة في السنن الكونية .
تلك الثمرات الثلاث المرة الفشل ،التنازع ، المعصية ماهي الا ثمار لبذرة خبيثة وظاهر لباطن ، فاراد الله اجتثاثه من تلك القلوب الطاهرة وان كان الاجتثاث اليما والبتر صعبا ولكن هكذا يربي الله اولياءه،تلك البذرة وذلك الباطن هو :
(منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة)
انه تشتت الهم وارادة غير هم المعاد(الاخرة)،حتى صور ذلك عبدالله بن مسعود(ولاحظ انه نفس راوي الحديث عنوان هذا الموضوع) قال: لوكنت اقسمت بالله قبل نزول هذه الاية ماكنت حانثا انه ما من احد من اصحاب رسول الله يريد الدنيا.
تفرق الإرادة بين الدنيا والآخرة ،تفتت الهم بين هنا وهناك .
أيها المريد للسير، أيها العاجز
ها قد تشخص لك داؤك ، وعرفت سبب عجزك
ارتحل بقلبك هناك وانظر إلى الدنيا
أنا لا ادعوك للتقطع في الصحاري و لبس الخشن والتبتل ونبذ التعلم أبدا، فهذا ما ابتدعه النصارى في دينهم وتابعهم عليه أهل الجهل من ديننا بدعوى الزهد والانقطاع.
بل عش دنياك، تعلم وعلم واعمل ولكن قلبك هنااااااااااااااااااااااا اااك.
تعامل مع الناس وقلبك هناااااااااااااااك
صلي وقلبك هنااااااااااااااااااك
تعبد وقلبك مرتحل بين الاجداث.
عامل أباك وأمك، جيرانك ، أصحابك ،نفسك،ربك ....الخ
وقلبك مستحضر هناك
قلبك واقف بين يدي الله ليس بينه وبينه ترجمان
قلبك هناااااااااااك حيث تطاير الصحف ونصب الموازين
قلبك هنااااااااااك حيث الأبصار شواخص والقلوب لدى الحناجر
ان تعارضت مصلحتك،عملك،راتبك،زواجك،س فرك...مع المكان الذي فيه قلبك تذكرت ان الله قد كفاك هم دنياك بتوحيد همك على يوم لقاءه ولكنه يبتليك لينظر كيف تعمل.
إن أردت أن تدرب نفسك على ذلك، اعمل تلك السنة المهجورة
واذهب إلى المقابر قال ص (ألا إني قد نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها فأنها تذكركم الاخرة)
اذهب إلى هناك وانظر إلى الدنيا من هنااااك
هل تسمع صخبها الأتي من بعيد؟
هل ترى نورها المتلألأ في الظلام؟
هل ترى تلك النوافذ في تلك البيوت والتي تحجب وراءها آلاف القصص .
أصغ إلى هدير السيارات والدراجات النارية يعلو من بعيد ثم يخفت
ثم انظر إلى القبر الماثل أمامك ماذا ناله من هذا كله
قابع تحت الثرى ينتظر النداااااااااااااء
اللهم وحد فيك همومنا
اللهم اجعل خير أيامنا يوم نلقاااااك وأنت رااااااااض عنا
م0ن
07-30-2009, 08:29 AM
وحـد هـمـك أو أودية الهـلاك
