بين العبد وبين الله والجنة قنطرة تقطع بخطوتين خطوة عن نفسه وخطوةعن الخلق ، فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين
الناس ، ويسقط الناس ويلغيهم فيما بينه وبين الله فلا يلتفت إلا إلى من دله على الله وعلى الطريق الموصلة إليه.
صاح بالصحابة واعظُ ( اقترب للناس حسابهم )- الأنبياء17- فجزعت للخوف قلوبهم فجرت من الحذر العيون (فسالت
أوديةٌ بقدرها)-الرعد17- تزينت الدنيا لعلي ،فقال : أنت طالقٌ ثلاثاً لارجعة لي فيك ، وكانت تكفيه واحدة للسنة، لكنه جمع
الثلاث لئلا يتصور الهوى جواز المراجعة ، ودينه الصحيح وطبعه السليم يأنفان من المحلل ،كيف وهو أحد رواة حديث
" لعن الله المحلل ". مافي هذه الدار موضع خلوة فاتخذه في نفسك ، لابد أن تجذبك الجواذب فاعرفها وكن منها على
حذر، لا تضرك الشواغل إذا خلوت منها وأنت فيها ، نور الحق أضوء من الشمس فيحق لخفافيش البصائر أن تعشوعنه
الطريق إلى الله خال من أهل الشك ومن الذين يتبعون الشهوات ، وهو معمور بأهل اليقين والصب ، وهم على الطريق
كالأعلام ( وجعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) – السجدة 24 -.
ابن القيم