العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > رمضان شهر الخير

رمضان شهر الخير منتدى يطرح كل ما يخص شهر مضان الكريم من صوتيات ومحاضرات و لقاءات رمضانية .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 08-10-2011, 11:34 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: انتصارات رمضانية

الجسر والبويب.. من الانكسار إلى الانتصار


ترتبط البدايات الأولى لتلك الفتوحات بعد انتهاء حروب الردة، فقد وجد المسلمون أن عليهم أن ينشروا الإسلام في تلك البلاد، وبدأ ذلك عندما طارد المثنى بن حارثة بعض المرتدين حتى دخل جنوب العراق، فاستأذن أبا بكر t.

كان مع الفرس عشرة أفيال منها الفيل الأبيض، وهو أشهر وأعظم أفيال فارس في الحرب، وتقدمت الجيوش الفارسية يتقدمها الفيلة إلى الجيش الإسلامي، وتراجعت القوات الإسلامية تدريجيًّا أمام الأفيال، ولكن خلفهم نهرين فاضطروا للوقوف انتظارًا لهجوم الأفيال وقتالها، وكانت شجاعة المسلمين وقوتهم فائقة ودخلوا في القتال، ولكن الخيول بمجرد أن رأت الأفيال فزعت وهربت، لكن أبا عبيد استقتل وقال: لأقاتلَنَّ حتى النهاية. وأمر أبو عبيد أن يتخلى المسلمون عن الخيول، ويحاربوا الفرس جميعًا وهم مشاة، وفقد المسلمون بذلك سلاح الخيول، وأصبحوا جميعًا مشاة أمام قوات فارسية مجهزة بالخيول والأفيال.

ولم يتوانَ المسلمون عن القتال وتقدم أبو عبيد بن مسعود الثقفي t وقال: دلوني على مقتل الفيل. كما قال من قبل المثنى بن حارثة t، فقيل له: يقتل من خرطومه. فتقدم t ناحية الفيل الأبيض بمفرده، فقالوا له: يا أبا عبيد، إنما تلقي بنفسك إلى التهلكة وأنت الأمير. فقال والله لا أتركه، إما يقتلني وإما أقتله. وتوجه ناحية الفيل وقطع أحزمته التي يُحمل فوقها قائدُ الفيل، ووقع قائد الفيل وقتله أبو عبيد بن مسعود، ولكن الفيل لا يزال حيًّا وهو مُدرَّب تدريبًا جيدًا على القتال، وأخذ أبو عبيد يقاتل هذا الفيل العظيم، ويقف الفيل على قدميه الخلفيتين ويرفع قدميه الأماميتين في وجه أبي عبيد، ولكنَّ أبا عبيد لا يتوانى عن محاربته ومحاولة قتله، وعندما يشعر بصعوبة الأمر يوصي من حوله: إن أنا مِتُّ، فإمرة الجيش ثم لفلان ثم لفلان ثم لفلان؛ ويعدِّد أسماء من يخلفونه في قيادة الجيش.

وهذا أيضًا من أخطاء أبي عبيد؛ لأن أمير الجيش يجب أن يحافظ على نفسه ليس حبًّا في الحياة ولكن حرصًا على جيشه وجنده في تلك الظروف، وليس الأمر شجاعة فحسب؛ ولأنه بمقتل الأمير تنهار معنويات الجيش وتختل الكثير من موازينه. ومن الأخطاء أيضًا أن أبا عبيد أوصى بإمارة الجيش بعده لسبع من ثقيف منهم ابنه وأخوه والثامن المثنى بن حارثة، وكان الأولى أن يكون الأمير بعده مباشرة المثنى أو سليط بن قيس، كما أوصاه عمر بن الخطاب t.

استشهاد أبي عبيد وتولي المثنى

ويواصل أبو عبيد قتاله مع الفيل ويحاول قطع خرطومه لكن الفيل يعاجله بضربة فيقع على الأرض، ويهجم عليه الفيل ويدوسه بأقدامه الأماميتين فيمزِّقه أشلاء t، وتقبله في الشهداء.. ويتولى إمرة الجيش بعده مباشرة أول السبعة ويحمل على الفرس ويستقتل ويُقتل، وكذا الثاني والثالث وهكذا، وتأتي الإمرة للمثنى بن حارثة، والأمر كما نرى في غاية الصعوبة، والفرس في شدة هجومهم على المسلمين.. وبدأ المسلمون في الانسحاب.. ويخطئ أحد المسلمين خطأ جسيمًا آخر، فيذهب عبد الله بن مرثد الثقفي ويقطع الجسر بسيفه ويقول: والله لا يفر المسلمون من المعركة؛ فقاتلوا حتى تموتوا على ما مات عليه أميركم. ويستأنف الفرس القتال مع المسلمين، ويزداد الموقف صعوبة، ويُؤتى بالرجل الذي قطع الجسر إلى قائد الجيش المثنى بن حارثة، فيضربه المثنى ويقول له: ماذا فعلت بالمسلمين؟ فقال: إني أردت ألا يفرَّ أحد من المعركة. فقال: إن هذا ليس بفرار.

انسحاب منظم

بدأ المثنى t وفي هدوء يُحسب له يقود حركة الجيش المسلم المتبقي بعد الهجمات الفارسية القاسية والشديدة، ويقول لجيشه محمِّسًا لهم: يا عباد الله، إما النصر وإما الجنة. ثم نادى على المسلمين في الناحية الأخرى أن يصلحوا الجسر ما استطاعوا، فبدءوا يصلحون الجسر من جديد، وبدأ المثنى t يقود عملية الانسحاب من المكان الضيق أمام القوات الفارسية العنيفة، وأرسل إلى أشجع المسلمين واستنفرهم ولم يستكرههم، وقال: يقف أشجع المسلمين على الجسر لحمايته. فتقدَّم لحماية الجسر عاصم بن عمرو التميمي وزيد الخيل وقيس بن سليط صحابي رسول اللهوسيدنا المثنى بن حارثة على رأسهم، ووقف كل هؤلاء ليقوموا بحماية الجيش أثناء العبور، ويحموا الجسر؛ لئلا يقطعه أحد من الفرس.

ويقول المثنى بن حارثة للجيش في هدوء غريب: "اعبروا على هيِّنَتكم ولا تفزعوا؛ فإنا نقف من دونكم، والله لا نترك هذا المكان حتى يعبر آخركم". ويبدأ المسلمون في الانسحاب واحدًا تلوا الآخر، ويقاتلون حتى آخر لحظة.. ويكون آخر شهداء المسلمين على الجسر هو سويد بن قيس أحد صحابة النبي، وآخر من عبر الجسر هو المثنى بن حارثة t. وبمجرد عبوره الجسر قطعه على الفرس، ولم يستطع الفرس العبور إلى المسلمين، وعاد المسلمون ووصلوا إلى الشاطئ الغربي من نهر الفرات قبل غروب الشمس بقليل، وكما نعرف فالفرس لم يكونوا يقاتلون بالليل؛ لذا تركوا المسلمين، وكانت فرصة للجيش الإسلامي لكي ينجو منسحبًا إلى عمق الصحراء.

كانت موقعة الجسر في 23 من شعبان 13هـ، وكان أبو عبيد قد وصل إلى العراق في 3 من شعبان، وكانت أولى حروبه النمارق في 8 من شعبان، ثم السقاطية في 12 من شعبان، ثم باقسياثا في 17 من شعبان، ثم هذه الموقعة في 23 من شعبان.. وخلال عشرين يومًا من وصول أبي عبيد بجيشه انتصر المسلمون في ثلاث معارك وهزموا في معركة واحدة قضت على نصف الجيش، ولم يبق مع المثنى t غير ألفين من المقاتلين، وأرسل المثنى بالخبر مع عبد الله بن زيد لعمر بن الخطاب، ويبكي عمر t على المنبر، ويُعلِم المسلمين حتى يستنفرهم للخروج مرة أخرى؛ لمساعدة الجيش الموجود في العراق.

عودة الروح

بعد أن انسحب المثنى بقواته من الجسر، فعل شيئًا غريبًا، فقد وصل إلى منطقة الحفير، وتابعتهم بعض قوات الفرس في اليوم الثاني للمعركة 24 من شعبان.. يأخذ المثنى مجموعة من الجيش ويقرر الهجوم على الجيش الفارسي لسحب فرحة النصر منهم، وتقدم t صوب أُلَيِّس, ووجد حامية صغيرة من الفرس تسير على نهر الفرات، فيحاصرها ويقتل من فيها.. ورغم صغر حجم هذه الموقعة إلا أنها أحدثت هزّة عنيفة في الفرس, فلم يكن الفرس يتوقعون على الإطلاق أنه ما زالت لدى المسلمين قوة تمكنهم من الدخول في أي قتال أو معارك بعد الجسر، كما أحدثت هذه الموقعة الصغيرة رفعًا لمعنويات الجيش الإسلامي.

معركة البويب رمضان 13هـ

توجه الجيش الفارسي من المدائن في طريقه إلى الحيرة، وذلك لمقابلة المثنى بن حارثة الذي يعسكر بجوار الحيرة، وعلمت المخابرات الإسلامية بهذا الأمر واستفاد المثنى t من الأخطاء السابقة ومن خبراته مع خالد بن الوليد t، فقرر أن يختار هو مكان المعركة، وتوجه بجيشه إلى منطقة تُسمَّى البُوَيْب، وأرسل رسائل إلى أمراء القوات الإسلامية القادمة من المدينة بأن يتوجهوا إلى هناك، وكان المكان الذي اختاره في غرب نهر الفرات.. فهذا النهر يفصل بين الجيش الإسلامي والجيش الفارسي القادم من المدائن، وجاء المدد الإسلامي وانضم إلى جيش المثنى t، وأصبح قوام الجيش ثمانية آلاف، والجيش الفارسي ما بين الستين والسبعين ألفًا على الضفة الأخرى لنهر الفرات.

وأرسل الجيش الفارسي -كالعادة- رسالة إلى المثنى t، فيها: إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم. فأجاب المثنى t الفرس بأن يعبروا هم إلى المسلمين.. كان المثنى t قد نظم جيشه جيدًا، فجعل على الميمنة بشير بن الخصاصية t، وعلى الميسرة بُسر بن أبي رُهم، وكان المثنى t في مقدمة الجيش، وجعل فرقة في الجيش باسم فرقة الاحتياط كانت في المؤخرة لا تشترك في القتال، وعلى رأس هذه الفرقة مذعور بن عدي، وفرقة للخيول على رأسها أخوه مسعود بن حارثة، وعلى فرقة المشاه المُعَنَّى بن حارثة، وبدأ يحفِّز الجيش للقتال، ويمر على كل قبيلة بمفردها قائلاً لأهلها: والله لا نحب أن نُؤتى من قبلكم اليوم، ولا أكره شيئًا لي إلا أكرهه لكم. وأصبح الجيش المسلم مهيأ للقتال جيدًا، وبدأ الجيش الفارسي يعبر الجسر الضيق إلى أرض حاصرها المسلمون في كل مكان، ويتكرر المشهد.

فعندما يعبر الفرس يكونون شرق نهر الفرات، وفي غربهم البحيرة، وفي شمالهم نهر البويب، والجيش الإسلامي يحاصر المنطقة بأكملها، وتدخل القوات الفارسية في المنطقة الضيقة ويفتقد جيش الفرس عنصر الكثرة؛ لأن المساحة التي تركها المسلمون للفرس ضيقة، ويقف جيشهم بكامله صفوفًا بعضهم خلف بعض، ويقابل صفهم الأول فقط صف المسلمين الأول، ولا يستطيع أحد الدخول في المعركة في الصف الأول من كلا الجيشين، فلا قيمة لعدد الجيش إذن، وإنما يُبنى النصر أو الهزيمة على مدى قوة الصف المحارب من كلا الفريقين، وإن كان على المسلمين أن يحاربوا وقتًا طويلاً؛ نظرًا لكثرة الجيش الفارسي -وكان هذا اختيارًا موفقًا من المثنى t- وتعويضًا لما حدث في معركة الجسر من اختيار سيئ لأرض المعركة.

كانت فرسان الجيش الإسلامي في المقدمة وفي مقدمة الفرس ثلاثة أفيال، وأوصى المثنى جنده بالصبر في القتال، وبالفعل صبروا كثيرًا؛ ونظرًا للتدافع الشديد من قبل الفرس بدأ الفرس يهجمون على ميمنة الجيش الإسلامي بقيادة بشير بن الخصاصية t، وكان المثنى t وهو في المقدمة قد رأى اعوجاجًا في صف البشير، فأشار إلى أحد الرسل أن يذهب إليهم ويقول لهم: الأمير يُقرِئكم السلام ويقول لكم: لا تفضحوا المسلمين اليوم.

وفكر المثنى t بعد أن رأى صفوف الفرس الكثيرة متلاحمة تلاحمًا قويًّا ويصعب السيطرة عليها وهي بهذا الوضع، فقرر أن يفرِّقها لينتصر عليها، فنادى t على جرير بن عبد الله t وقبيلته بجيلة، وبدأ يضاعف الضربات على وسط الجيش الفارسي، واستطاع الجيش الإسلامي فصل الجيش الفارسي عن بعضه تمامًا، ووفَّق الله جرير بن عبد الله البجلي فقتل مهران بن باذان قائد الفرس، وبدأت قوى الجيش الفارسي تنهار أمام الضغط الإسلامي.

وبدأ الفرس يفكرون في الهرب، وذهب المثنى t بنفسه وقطع الجسر على الفرس الذين يريدون الهروب، وانحصر الفرس في هذا المكان وليس لهم إلا أن يقاتلوا، وبدأ المسلمون في معركة تصفية مع الجيش الفارسي.. انتصر المسلمون انتصارًا ساحقًا، وقُتل أكثر من خمسين ألفًا من أهل فارس.

ومع أن قطع المثنى t كان أحد أسباب النصر للمسلمين والهزيمة للفرس إلا أن المثنى t حزن لهذا الأمر؛ لأنه أكرههم على القتال، وكان يجب ألا يُقطع خط الرجعة على الفرس، وندم المثنى t وأوصى جيشه بعدم تكرار هذا الأمر في المعارك الأخرى. ولأنه ظن أنه أخطأ، جمع جيشه وعلّمه الصواب، معترفًا بخطئه غير متعالٍ على جنده.

تتبع الفارين وفتح السواد

بعد هذا الانتصار ارتفعت المعنويات الإسلامية إلى درجة عالية.. لذا لم يكتف المثنى t بما تم، وأرسل قواته لتتبع الفارِّين، ولفتح الأراضي التي كانوا قد تركوها منذ فترة قصيرة، وأرسل مجموعة من القواد مع جيوشهم إلى منطقة السواد ما بين دجلة والفرات، وانتشرت القوات الإسلامية تفتح هذه الأراضي التي كانت قد عاهدت المسلمين من قبل ثم نقضت عهودها معهم، واستخلف المثنى t بشير بن الخصاصية t على الحيرة، وظل هو في البويب يدير الموقف.

وقد تم للقوات الخمس التي أرسلها المثنى فتح الجزيرة، وكانت في منطقة ساباط قلعة يوجد بداخلها مجموعة من الفرس قد رفضوا الاستسلام، فأرسل عصمة وعاصم وجرير بن عبد الله إلى المثنى يطلبون رأيه في هذا الأمر، فأذن لهم بحصارها وقتالها، وحاصرت القوات الإسلامية الثلاث هذه المنطقة وتم فتح قلعة ساباط في هذه الموقعة (ساباط)، وبهذا سيطر المسلمون على هذه المنطقة كلها ما بين الأبلة وحتى المدائن.. كان هذا شيئًا عظيمًا للمسلمين بعد الهزيمة الكبيرة في معركة الجسر، وبعد أن ظن الفرس أنه لا قيام للجيش الإسلامي، لكن أراد اللهأن يستكمل المسلمون النصر في هذه الموقعة.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-10-2011, 11:43 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: انتصارات رمضانية

انتصارات حدثت فى شهر مقبول الدعاء
شهر والكل صائم لله تعالى
لكى يتقبل الله منهم وينصرهم على عدوهم
مااجمل تلك الانتصارات فى شهر رمضان
لها معانى ودلالات ان القوة والتمكين والنصر
حين يتقرب الانسان المسلم لربه
ويكون فى معيته فينصره الله نصرا عزيزا
سلمت ابوعمر
طرح قمة الفائدة والرووعة
معلومات قيمة وانتصارات سجلها التاريخ
وبطولات عظيمة لجيل من السلف والصحابة الابطال
جزاك الله خيرا
واثابك البارى







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-11-2011, 05:18 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: انتصارات رمضانية

شــــكرا لك
على مروركـ الرائـــــــــع

و الـــــــــــرد الجميـــل
بـــــــــــــــــارك الله فيك و
جزاك الله ألـــــف خيـــر






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-11-2011, 05:25 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: انتصارات رمضانية

فتح جزيرة رودس.. قاعدة مهمة للبحرية الإسلامية


لم يكن للمسلمين عهد بركوب البحر أو الحرب في أساطيله، لكنهم وجدوا خلال فتوح الشام أن الأسطول البيزنطي مصدر تهديد خطير ومباشر لأمنهم، وأمن المناطق المفتوحة واستقرار الإسلام فيها، فأدركوا أن بناء أسطول إسلامي ضرورة استراتيجية حيوية.. ولما وَلِيَ معاوية بن أبي سفيان الشام، ألح على عمر الفاروق في غزو البحر؛ وذلك لقرب الروم من السواحل العربية، وحَارَ عمر، وشغل قلبه، أيسمح للناس بركوب البحر وما ركبوه من قبلُ مجاهدين فيه؟!

أمام هذه الحيرة، كتب عمر إلى عمرو بن العاص واليه على مصر قائلاً: "صف لي البحر وراكبه؛ فإن نفسي تنازعني عليه". فكتب عمرو إلى عمر مجيبًا على رسالته: "إني رأيت خلقًا كبيرًا يركبه خلق صغير، ليس إلى السماء والماء، إن ركد خرق القلوب، وإن تحرك أزاغ العقول، يزداد فيه اليقين بالنجاة قلةً، والشك كثرةً، هم فيه كَدُود على عود، إن مال غرق، وإن نجا برق".

قرأ عمر الفاروق كتاب عمرو بن العاص، وأرسل قراره الذي اتخذه إلى واليه على الشام معاوية قائلاً: "والذي بعث محمدًابالحق، لا أحمل فيه مسلمًا أبدًا، وبالله لمسلم واحد أحب إليَّ مما حوت الروم".. ووقف عمر t موقفه هذا لأسباب؛ منها خوفه على أرواح المسلمين، حيث إنهم ما عهدوا ركوب البحر مقاتلين فيه، ودولة الروم دولة عريقة في علوم البحار وفنونه، فهو منعهم من الغزو في البحر شفقةً عليهم.. عمر t لم يعارض في بناء أسطول حربي؛ لأنه يعلم أن أسطولاً يُبنى في سواحل بلاد الشام في عكا وآخر يُبنى في مصر، وليس المهم عنده أن يغزو، إنما المهم كسب وتأمين أسباب النصر، وسيَحِين موعد انطلاق البحر.

وعندما ولي عثمان t الخلافة كتب إليه معاوية يستأذنه في غزو البحر، وبعد أن استكمل معاوية الاستعدادات، وافق عثمان على طلبه ولكنه اشترط عليه شروطًا، فكتب إليه: "لا تنتخب الناس ولا تُقرع بينهم، خيِّرهم، فمن اختار الغزو طائعًا، فاحمله وأعنه".
الأسطول في عهد معاوية بن أبي سفيان

عندما تولى معاوية بن أبي سفيان t الخلافة اهتم بالأسطول الإسلامي، واختار أمهر الصناع لصناعة السفن في مصر والشام، وأدى التعاون بين مصر والشام في صناعة السفن إلى نتائج ممتازة، في الشام كانت تتوافر أخشاب الصنوبر القوي والبلوط والعرعر التي تصلح لبناء السفن، وفي مصر كانت توجد الأخشاب التي تصلح لعمل الصواري وضلوع جوانب السفن والمجاديف؛ مما أدى لازدهار البحرية الإسلامية.

وعمل معاوية بن أبي سفيان على تقوية الثغور البحرية في مصر والشام، وقام بتحصين المدن الساحلية وتزويدها بالقوات المجاهدة، ووضع نظام الرباط وهو الأماكن التي تجمع بها الجند والركبان؛ استعدادًا للقيام بحملة على أرض العدو.
فتح جزيرة رودس

رودس هي جزيرة تقع في اليونان، تعرف الجزيرة تاريخيًّا بكونها موقع وجود أبولو رودس سابقًا، وهو إحدى عجائب الدنيا السبع. تقع بالقرب من الساحل الجنوبي لتركيا، في منتصف المسافة بين جزر اليونان الرئيسية وقبرص. تُعَدُّ رودس أبعد الجزر الشرقية بالنسبة لليونان وبحر إيجة، وتبعد عن غرب تركيا بحوالي 18 كلم. في عام 2001م بلغ عدد سكانها 117792 نسمة، منهم 55 إلى 60 ألفًا يعيشون في مدينة رودس. وتعتبر رودس من أكبر جزر الدوديكانيز في بحر إيجة، وهي أرض جبلية أعلى جبالها جبل طوروس، الذي يبلغ ارتفاعه 1240 مترًا.

ويقول ابن كثير عن فتح رودس: "ثم دخلت سنة ثلاث وفيها افتتح المسلمون -وعليهم جنادة بن أبي أمية- جزيرة رودس، فأقام بها طائفة من المسلمين كانوا أشد شيء على الكفار، يعترضون لهم في البحر ويقطعون سبيلهم، وكان معاوية يدر عليهم الأرزاق والأعطيات الجزيلة، وكانوا على حذر شديد من الفرنج، يبيتون في حصن عظيم عنده فيه حوائجهم ودوابهم وحواصلهم، ولهم نواطير على البحر ينذرونهم إن قدم عدو أو كادهم أحد، وما زالوا كذلك حتى كانت إمرة يزيد بن معاوية بعد أبيه، فحوَّلهم من تلك الجزيرة، وقد كانت للمسلمين بها أموال كثيرة وزراعات غزيرة". يقول البلاذري عن جنادة بن أبي أمية: "وجنادة أحد من روى عنه الحديث، ولقي أبا بكر وعمر ومعاذ بن جبل، ومات في سنة ثمانين".
دوافع فتح رودس

بشيء من التفصيل نقول: إن معاوية بن أبي سفيان اتجه إلى إسقاط العاصمة البيزنطية القسطنطينية، فأعد لذلك عدة هائلة لتحقيق هذا الأمل الخطير، وكانت هذه العدة تشمل ثلاثمائة مركب ثقيلة عليها أسلحة، وكل مركب تحمل ألف رجل، وتشمل خمسمائة مركب خفيفة تحمل كل منها مائة جندي.. وحرص معاوية على أن يسيطر على جزر البحر المتوسط لتأمين أسطوله الزاحف للقسطنطينية، ولم يكن المسلمون قد احتلوا حتى عهد معاوية غير جزيرة قبرص، فاتجه معاوية لاحتلال جزر أخرى حتى يضمن الأمان لأسطوله، وتكون هذه الجزر محطات تموين للأسطول. وكانت رودس جزيرة شديدة الأهمية للمسلمين؛ إذ تقع قرب ساحل آسيا الصغرى، وكان الروم يغيرون منها على مراكب المسلمين ومدنهم الساحلية؛ ولهذا بدأ بها المسلمون وفتحا الله عليهم في رمضان عام 53هـ.. وأسرع معاوية فأنزل بها أسرًا إسلامية، ورتب لهم العطاء، وأصبحت جزيرة رودس قاعدة مهمة للبحرية، فكانت مركز اطمئنان لقوات المسلمين، ومركز ذعر لقوات الأعداء، وقد ساعدت كثيرًا على فتح جزر أخرى بالبحر المتوسط، وبالتالي على حصار القسطنطينية.

هكذا كان فتح رودس والاستيلاء عليها خطوة مهمة لدعم القوات الإسلامية والنكاية بالقوات البيزنطية، التي كانت تعد البحر المتوسط بحيرة تابعة لها، وقد انتهى هذا الادعاء بالزحف الإسلامي في البر والبحر الذي شهد رمضان المعظم بعض مآثره.. بعد استيلاء المسلمين على رودس أمر ببناء حصن بها، وجعلها رباطًا يدافعون منه عن الشام، وأراد معاوية بن أبي سفيان أن يعلي راية الإسلام بين أهاليها، فأرسل إليها فقيهًا يُدعى مجاهد بن جبر.
رودس بعد معاوية

أقام المسلمون برودس سبع سنين في حصنٍ اتخذ لهم، فلما مات معاوية t كتب ابنه يزيد إلى جنادة يأمره بهدم الحصن والرجوع. ولما كان مسلمة بن عبد الملك في طريقه إلى القسطنطينية فتح ردوس مرة ثانية في عهد سليمان بن عبد الملك، وبعد فشل حصار القسطنطينية أفلتت الجزيرة من يد المسلمين، ثم حاول الخليفة هارون الرشيد فتح رودس، ولكنها بقيت تابعة لبيزنطة حتى استولى عليها فرسان الصليبيين.. وظلت رودس خاضعة للصليبيين حتى انتزعها العثمانيون.
دورهم في الحروب الصليبية

من المعروف أن فرسان رودس أو فرسان الإستبارية كان لهم دور مهم في الحروب الصليبية، وقامت هذه الطائفة في القرن الحادي عشر الميلادي، بالاعتناء بالمرضى من الحجاج النصارى في مستشفى بمدينة بيت المقدس، وبعد أن نجح الصليبيون في ضم بيت المقدس عام 492هـ/ 1099م قام أحد الرهبان -ويُعرف باسم جيرارد- بتكثيف نشاطه في بيت المقدس، وأقام فنادق ومستشفيات مشابهة لما في المدن الإيطالية وعلى الطرق المؤدية إلى الأراضي المقدسة في فلسطين، وبمرور الوقت أصبحت هذه المؤسسات على درجة كبيرة من الغنى والقوة، وازداد نشاطها ليشمل العناية بالمرضى والفقراء وإعلان الحروب على المسلمين.
الفرسان وجزيرة رودس

استطاع الفرسان الصليبيون الاستيلاء على جزيرة رودس عام 708هـ/ 1309م، وأخذ هؤلاء الفرسان منذ ذلك الحين يُعرفون باسم فرسان رودس، وازداد نشاطهم في العقدين الثالث والرابع من القرن الرابع عشر الميلادي، وقاموا بشن حملات قرصنة ناجحة ضد بعض الإمارات التركية الموجودة في غرب الأناضول.
العلاقة بين رودس والعثمانيين

بدأ النزاع بينهم عندما اعتدت سفن الفرسان على بعض السفن العثمانية عام 747هـ/ 1346م، وحطمتها وأسرت بعض بحارتها العثمانيين، ثم أخذ القتال يتجدد من وقت لآخر، كما شاركت رودس في كل الحملات الصليبية التي نظمتها أوربا ضد الدولة العثمانية، وعلى سبيل المثال فقد أسهمت رودس في تقديم سفنها للعمل جنبًا إلى جنب مع القوات الأوربية التي جُهزت لمحاربة العثمانيين في الحملة الصليبية التي دارت أحداثها في موقعة نيكوبولس عام 799هـ/ 1396م، والتي انتهت بنصر كبير للقوات العثمانية على الحملة الصليبية.

وفي عهد السلطان محمد الثاني طلب السلطان محمد إلى قائد الفرسان دفع جزية له، إلا أن طلبه رُفض، فقام السلطان بمهاجمة جزيرة كوس التابعة للفرسان في عام 859هـ/ 1455م، ولم يتمكن من الاستيلاء عليها، ومع ذلك فإن قائد الفرسان وافق على دفع الجزية للعثمانيين عام 877هـ/ 1462م.

ساءت العلاقة بين الدولتين في عام 874هـ/ 1470م عندما أرسل زعيم الفرسان سفينتين للدفاع عن أحد موانيه التي تتعرض للهجوم من قبل السلطان محمد، كما قامت البحرية العثمانية بمهاجمة العديد من الجزر والقلاع التابعة للفرسان في العقد الثامن من القرن الرابع عشر الميلادي، وكان السلطان يكثف حملاته على الجزيرة؛ لأنه يعلم خطورة موقعها لقربها من الأراضي العثمانية.
فتح رودس على يد السلطان العثماني سليمان القانوني

تم إعادة فتح جزيرة رودس مرة أخرى في عهد السلطان سليمان القانوني في 7 صفر 929هـ، وكان السبب في فتحها أن لصوصها البحريين كانوا يتعرضون للسفن التجارية العثمانية، وكثيرًا ما يعتدون على الحجاج ويوقعون بهم. وحدث في عهد السلطان سيلمان أنهم اغتصبوا بعض السفن العثمانية ونهبوا ما بها، وقتلوا الكثير من ركابها، فعزم السلطان على فتح تلك الجزيرة؛ ليأمن شر أهلها، فأمر بإعادة جيش وأسطول لفتحها.

وعندما سمع أميرها (دوفيلييه دوليل اَدم) أن السلطان قادم على فتح الجزيرة أرسل سفراءه إلى السلطان ليرضيه بدفع الجزية للدولة العثمانية، وكان قصده من ذلك كسب الوقت حتى تفرغ الدول الأوربية لمساعدته؛ لأن الحرب كانت قائمة بين فرنسا وألمانيا، والعالم المسيحي في اضطراب لظهور المذهب البروتستانتي. فلم يقبل السلطان اقتراحات دوفيلييه دوليل اَدم، واستمر في تجهيزاته الحربية وخرج بقوة عسكرية مكونة من 300 سفينة حربية و400 سفينة نقالة تحت قيادة بيلان مصطفى باشا، تحمل عشرة آلاف جندي تحت قيادة الوزير الثاني داماد مصطفى باشا، ثم خرج السلطان نفسه بجيش عظيم من البر قاصدًا مرمريس الواقعة على ساحل الأناضول تجاه جزيرة رودس؛ للإمداد والوقوف على حركة جيش العدو.

وصلت تلك الجيوش إلى جزيرة رودس في شعبان سنة 928هـ، فأخذت السفن تذهب وتجيء أمام حصون مدينة رودس عاصمة الجزيرة، أما السلطان فقد ركب البحر على رأس جيش وصل إلى ميدان القتال وأخذ يدير أمر الحصار بنفسه، ثم أمر جيوشه بالحملة على الحصون ودوام مناوأة العدو، وحاول أهل الجزيرة الدفاع عنها بشجاعة، لكن القوات العثمانية استمرت في الضغط حتى اضطرهم لقبول التسليم بعد حصار دام سبعة أشهر.

وبعد الاتفاق معهم على شروط التسليم، وصلت إلى الجزيرة سفن أوربية لمساعدتهم، فعاد أمراء الجزيرة إلى نقض ما أبرموه طمعًا في احتمال التغلب على الأتراك بمساعدة السفن الأوربية، وعادت الحرب مرة أخرى، وكبرت الخسارة من الجانبين، وانتهى الأمر بتسليم أمير الجزيرة بمطالب الأتراك، فحضر إلى خيمة السلطان بنفسه وأمضى شروط التسليم، الذي كان بمقتضاه أن يخرج أمراء الجزيرة وأتباعهم بأسلحتهم الخاصة وأمتعتهم، فخرجوا وتسلم السلطان الجزيرة واحتل قلاعها، وكان ذلك في يوم 7 صفر سنة 929هـ، وصارت جزيرة رودس من ذلك اليوم عثمانية.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-11-2011, 05:26 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: انتصارات رمضانية

فتح عمورية.. معركة رد الكرامة

وقع في عهد الخليفة المأمون فتنةٌ عظيمةٌ كادت أنْ تودي بالخلافة الإسلامية العباسية، وقادها بابك الخُرَّمي، وكان زعيمَ فرقةٍ ضالةٍ، تُؤمن بالحلول وتناسخ الأرواح، وتدعو إلى الإباحية الجنسية.

وبدأت تلك الفتنة تُطِلُّ برأسها في أذربيجان، ثمَّ اتسع نطاقها لتشمل همدان وأصبهان، وبلاد الأكراد وجرحان، وحاول المأمون أنْ يقضي عليها؛ فأرسل الحملات تَتْرى؛ لقمع تلك الفتنة، لكنه تُوفي دون أن يُحقق نجاحًا، وانتقلت مهمة القضاء على هذه الفتنة إلى الخليفة المعتصم بالله الذي أعانة الله فأخمدها، وأسر قائدها وقتله.
الروم في بلاد الإسلام

وكان من نتائج هذه الفتنة أنِ اتَّصل قادتها -وعلى رأسهم بابك- بإمبراطور الروم يستحثُّونه، ويطلبون منه مهاجمة الخلافة الإسلامية العباسية التي انشغلت بقتالهم، وكان مما قالوه له: إنَّ المعتصم لم يُبْقِ على بابه أحدٌ، فإنْ أردت الخروج إليه فليس في وجهك أحدٌ يمنعك.

واستجاب ملك الروم "توفيل ميخائيل" لاستغاثة بابك، وجهَّز جيشًا يزيد قُوامه على مائة ألف جندي، وسار به إلى بلاد الإسلام، فهاجم المدن والقرى يقتل ويأسر ويمثِّل، وكانت مدينة ملطيَّة من المدن التي خرَّبها الملك توفيل، حيث قتل الكثير من أهلها، وأسر نساءها المسلمات، حتى إنَّ عددهن بلغ ألف امرأة، وكان يمثِّل بالمسلمين فيقطع آذانهم وأُنوفهم، ويَسْمِلُ أعينهم.

وكان من بين الأسيرات امرأة هاشمية تُدعى "شراة العلوية"، استغاثت بالخليفة المعتصم في أسرها، ونقل ذلك إليه؛ فلبى استغاثتها.

كما أنَّ المسلمين جميعًا في سائر الأمصار ضجُّوا واستغاثوا في المساجد والديار، ودخل إبراهيم بن المهدي على المعتصم، فانشده -قائمًا- قصيدةً طويلة يذكر فيها ما نزل بالمسلمين، ويحضُّه على الانتصار، ويحثُّه على الجهاد، ومنها:
يا غارة الله قد عاينت فانتهكـي *** هتك النساء وما فيهن يرتكـب
هبَّ الرجال على أجرامها قُتلت *** ما بال أطفالها بالذبـح تنتهـب

فخرج المعتصم من فوره نافرًا، عليه درَّاعةٌ من صوفٍ بيضاء، وقد تعمَّم بعمامة الغزاة، وعسكر غربي دجلة، وأرسل طائفة من الأمراء ومعهم جيش كبير إعانة عاجلة للمسلمين، وساروا إلى تلك الديار؛ فوجدوا الروم قد انسحبوا، حينئذ عادوا للمعتصم رحمه الله.
المعتصم يقصد عمورية

ولم يكن خليفة المسلمين ليسكت على ما حلَّ بالمسلمين، وكيف يسكت وأصوات الاستغاثات ما زالت تتردَّد أصداؤها في أذنيه، وأسرى المسلمين مع الروم؛ ولذا جمع الأمراء وسألهم: أيُّ بلاد الروم أمنع وأحصن؟ قالوا: عمُّوريَّة، لم يعرض لها أحدٌ من المسلمين منذ كان الإسلام، وهي عندهم أشرف من عاصمتهم القسطنطينية (بيزنطة). فقال: هي هدفنا.

وبدأ الخليفة يستعدُّ، فاستدعى الجيوش وتجهَّز جهازًا قيل: إنَّه لم يتجهَّز قبله بمثله، ولا غرو في ذلك؛ فالهدف عظيم، وقد أراد الله أن يجعلها حاسمة لا تقوم للروم بعدها قائمة، بل إنَّ أهدافه تعدَّت مجرَّد الأخذ بالثأر وتأديب الروم إلى فتح بلادهم كلها وضمِّها للمسلمين.

خرج المعتصم إلى عمُّوريَّة في (جمادى الأولى 223هـ/ إبريل 838م)، ولم تكن من عادة الحملات الكبرى الخروج في ذلك الوقت، غير أنَّ الخليفة كان متلهِّفًا للقاء، ورفض قبول توقيت المنجِّمين الذين تنبَّئوا بفشل الحملة إذا خرجت في هذا التوقيت.

وسار المعتصم في جحافل أمثال الجبال، وبعث الأمراء إلى مناطق الثغور، ووصل إلى قُرب طرطوس، وعند (سروج) قَسَّمَ المعتصم جيشه الجرَّار إلى فرقتين؛ الأولى بقيادة الأفشين، ووجهتها أنقرة، وسار هو بالفرقة الثانية، وبعث "أشناس" بقسم منها إلى أنقرة، ولكن من طريقٍ آخر، وسار هو في إثره، على أن يلتقي الجميع عند أنقرة.
معركة دزمون

علم المعتصم من عيونه المنتشرين في المنطقة أنَّ إمبراطور الروم قد كمن شهرًا لملاقاة الجيش الإسلامي على غرَّة، وأنَّه ذهب لمفاجأة الأفشين، وحاول الخليفة أنْ يُحَذِّرَ قائده، لكنه لم يستطع، واصطدم الأفشين بقوات الإمبراطور عند "دزمون"، وألحق الأفشين بإمبراطور الروم هزيمة مدوِّية في (25 من شعبان 223هـ/ 838م)، ولم يَحُلْ دون النصر الضباب الكثيف الذي أحاط بأرض المعركة أو المطر الغزير الذي انهمر دون انقطاع، وهرب الإمبراطور إلى القسطنطينية، وبقي قسم من جيشه في عمُّوريَّة بقيادة خاله "مناطس" حاكم "أناتوليا".

دخلت جيوش المعتصم أنقرة التي كانت قد أُخليت بعد هزيمة الإمبراطور، وتوجَّهت إلى عمورية فوافتها بعد عشرة أيام، وضربت عليها حصارًا شديدًا.
حصار عمورية

بدأ الحصار في (6 رمضان 223هـ/ 1 أغسطس 838م)، وكانت عمورية مدينة عظيمة جدًّا، ذات سور منيع وأبراج عالية كبار كثيرة، وقد تحصَّن أهلها تحصُّنًا شديدًا، وملئوا أبراجها بالرجال والسلاح، ولكنَّ ذلك لم يَفُتَّ في عضد المسلمين.

في الوقت نفسه بعث إمبراطور الروم برسوله يطلب الصلح، ويعتذر عمَّا فعله جيشه بمدينة ملطية، وتعهَّد بأن يبنيها ويردَّ ما أخذه منها، ويُفرج عن أسرى المسلمين الذين عنده، لكنَّ الخليفة رفض الصلح، ولم يأذن للرسول بالعودة حتى أنجز فتح عمورية.

ابتدأت المناوشات بتبادل قذف الحجارة ورمي السهام، فقُتل كثيرون، وكان يمكن أنْ يستمرَّ هذا الحصار مدة طويلة، لولا أنَّ أسيرًا عربيًّا قد أسره الروم دلَّ الخليفة المعتصم على جانبٍ ضعيفٍ في السور، فأمر المعتصم بتكثيف الهجوم عليه حتى انهار، وانهارت معه قوى المدافعين عنه بعد أن يئسوا من المقاومة.
دخول عمورية

ودخل المعتصم وجنده مدينة عمورية في (17 رمضان 223هـ/ 12 أغسطس 838م)، وتكاثر المسلمون في المدينة وهم يكبرون ويهلِّلون، وتفرَّقت الروم عن أماكنها، فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان، ولم يبقَ في المدينة موضعٌ محصَّنٌ سوى المكان الذي يجلس فيه نائبها مناطس، وهو حصن منيع، فركب المعتصم فرسه، وجاء حتى وقف بحذاء الحصن، فناداه المنادي: ويحك يا مناطس! هذا أمير المؤمنين واقف تجاهك. فقالوا: ليس بمناطس ههنا مرتين. فرجع الخليفة ونصب السلالم على الحصن، وطلعت الرسل إليه، وقالوا له: ويحك! انزل على حكم أمير المسلمين. فتمنَّع، ثم نزل متقلدًا سيفه، فوضع السيف في عنقه، ثمَّ جيء به حتى أُوقف بين يدي المعتصم، فضربه بالسوط على رأسه، ثمَّ أمر به يمشي إلى مضرب الخليفة مهانًا.

وهكذا فتح المسلمون مدينة عمورية، وأخذوا منها أموالاً كثيرة، وأسروا أعددًا من الروم افتُدِيَ بها أسرى المسلمين.

وكان من أهداف المعتصم أنْ يستمرَّ في الجهاد حتى يفتح عاصمة الروم القسطنطينية، لكن هذا المشروع لم يُقيَّضْ له أن يُنفَّذْ، بعد أن اكتشف المعتصم مؤامرةً للتخلُّص منه دَبَّرها بعض أقربائه، كما أنَّ فتح القسطنطينية يحتاج إلى قوى بحرية كبيرة لم يكن يملكها ساعتها؛ فتوقَّف المشروع إلى حين.

وخلَّد المؤرخون اسم هذا الخليفة المسلم؛ لِما قام به من نجدة المسلمين والدفاع عنهم، كما خلَّده الشعراء، وعلى رأسهم أبو تمام حبيب بن أوس.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator