[بسم الله الرَّحمان الرَّحيـم
السَّلام عليكـُم ورحمة الله وبركاته
..? الحديثْ الثانِي عشر من مشروع بُستان السُّنة ?..
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال :
سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء ، فقال :
" إنِّي أحْتسبُ علَى اللهِ أن يُكفِّر السَّنة التِي قبلَه"
-رواه مسلم-
?الحديثُ كاملاً?
عن أبي قتادة رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف تصوم ؟
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه قال : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه ، فقال عمر : يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله ؟
قال: لاَ صَام وِلا أفْطَر أو قال : لمْ يصُم ولمْ يُفطر
قال : كيف من يصوم يومين ويفطر يوما ؟ قال " ويُطيق ذلِك أحَد
قال : كيف من يصوم يوما ويفطر يوما ؟ قال : ذاكَ صوْمُ داوُد عليْه السَّلام
قال : كيف من يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال : وددْتُ أنّي طوقتُ ذلِك
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثٌ مِنْ كُل شهْر وَرمضَان إلَى رَمضَانْ فَهذَا صِيامُ الدَّهر كُلِه صيامُ يوِم عرَفة أحْتسبُ علَى اللِه أنْ يُكفّر السَّنة التِي قبْلهُ والسَّنة التِي بعدَهُ وصيَامُ يومِ عاشوُراءْ أحتَسبُ علَى اللهِ أنْ يُكفّر السَّنة التِي قبْلهُ "
?إن قيل : ما وجه أنَّ صوم عاشوراء يكفِر السنة التي قبله ، وصومُ يوم عرفة يكفّر السنة التي بعدهُ ؟
قِيلَ : وجههُ أن صومَ يوم عرفَة من شريعةِ مُحمّد صلى الله عليه وسلَّم ، وصومُ يوم عاشوراء من شرِيعة موسى عليه السَّلام .
?تعرِيـفُه?
هو اليوم العاشر من شهر محرَّم من كل عام .
?حُكمُـه ، مناسبتُه ، وصفتُـه?
صيام يوم عاشوراء سنة يستحب صيامه.
صامه النبي صلى الله عليه وسلم وصامه الصحابة، وصامه موسى قبل ذلك شكراً لله عز وجل؛ ولأنه يوم نجَّى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فصامه موسى وبنو إسرائيل شكراً لله عز وجل.. ثم صامه النبي صلى الله عليه وسلم شكراً لله عز وجل وتأسياً بنـبي الله موسى، وكان أهل الجاهلية يصومونه أيضاً، وأكَّده النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة، فلما فرض الله رمضان قال:” من شاء صامه ومن شاء تركه” رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
* أما تحري ليلة عاشوراء فهذا أمر ليس باللازم؛ لأنه نافلة ليس بالفريضة.
فلا يلزم الدعوة إلى تحري الهلال؛ لأن المؤمن لو أخطأه فصام بعده يوماً وقبله يوماً لا يضره ذلك، وهو على أجر عظيم، ولهذا لا يجب الاعتناء بدخول الشهر من أجل ذلك؛ لأنه نافلة فقط.
* لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله- ( بتصرُف ) .
?فضلُه?
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: " ما رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلاَّ هذا اليوم يومَ عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان " [رواه البخاري 1867].
ومعنى "يتحرى" أي: يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله " [رواه مسلم 1976]
ويكفيِنا هذا فضلاً من الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة، والله ذو الفضل العظيم.
?مراتِبُ صيامِه?
* أكملها: أن يُصام قبله يومٌ وبعده يَوم.
وذلكَ خلافاً لليهود؛ لما ورد عنه عليه الصلاة والسلام : ” صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده” رواه أحمد، وفي لفظ : ”صوموا يوماً قبله ويوماً بعده” .
* ويلي ذلك: أن يصام التاسع والعاشر.
روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع".
قال: فلم يأتِ العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون: يستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر، ونوى صيام التاسع.
* ويلي ذلك : إفراد العاشر وحده بالصوم.
قال شيخ الإسلام : صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة ولا يكره إفراده بالصوم(الفتاوى الكبرى ج5).
وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: وعاشوراء لا بأس بإفراد (ج3 باب صوم التطوع).
وكلّما كثر الصيام في شهر مُحرم كان أفضل وأطيب.
?هل يُصام عاشوراءْ إن كان في سبتٍ أو جُمعة ؟?
يُصام عاشوراء ولو كان يوم سبت أو جمعة :
ورد النهي عن إفراد الجمعة بالصوم، والنهي عن صوم يوم السبت إلا في فريضة ولكن تزول الكراهة إذا صامهما بضم يوم إلى كل منهما أو إذا وافق عادة مشروعة كصوم يوم وإفطار يوم أو نذراً أو قضاءً أو صوماً طلبه الشارع كعرفة وعاشوراء.. ( تحفة المحتاج ج3 باب صوم التطوع مشكل الآثار ج2 باب صوم يوم السبت ).
وقال الب___ي - رحمه الله : "ويكره تعمد إفراد يوم السبت بصوم لحديث عبد الله بن بشر عن أخته: " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم " [رواه أحمد بإسناد جيد والحاكم وقال: على شرط البخاري]
ولأنه يوم تعظمه اليهود ففي إفراده تشبه بهم (إلا أن يوافق) يوم الجمعة أو السبت (عادة) كأن وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء وكان عادته صومهما فلا كراهة؛ لأن العادة لها تأثير في ذلك ( كشاف القناع ج2 باب صوم التطوع ).
?ماذا يُكفِّر صيامُ عاشورَاء ؟?
قال الإمام النووي - رحمه الله : "يكفر كل الذنوب الصغائر، وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر".
ثم قال - رحمه الله -: صوم يوم عرفة كفّارة سنتين، ويوم عاشوراء كفارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه… كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفَّره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات، ورفعت له به درجات وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغائر رجونا أن تخفف من الكبائر. (المجموع شرح المهذب ج6 صوم يوم عرفة).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله : "وتكفير الطّهارة، والصّلاة، وصيام رمضان، وعرفة، وعاشوراء للصّغائر فقط ". (الفتاوى الكبرى ج5).
?بدِعُ مُحدثةٌ في عاشوراءْ?
بما أنَّ كل ما خالف السنة بدعة ، وليوم عاشوراء نصيبٌ من البدعِ يفعلها البعض :
1- تخصيص قراءة قصة موسى وفرعون في صلاة الفجر .
2- التوسعة على الأهل في ذلك اليوم .
3- إعداد عشاء خاص بها والتجمّع لأجله .
4- النياحة وشق الجيوب ولطم الخدود والدعاء بدعوى الجاهلية .
5- لبس السواد في عاشوراء ، ومثله تخصيص أي لباس خاص بعاشوراء .
6- إحياء ليلتها بقيام مخصوص لأجلها .
7- تخصيص يومها بأذكار وأوراد مخصوصة .
8- المراشة وهي : أن تجتمع مجموعة من النساء في بيت من البيوت ثم يأتين بكمية من الماء ثم ترش كل واحدة منهن الأخرى باعتقاد معين .
9-
تخصيصه بعبادة معينة كزيارة المرضى أو الصدقة لأجل هذا اليوم .