العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > رمضان شهر الخير

رمضان شهر الخير منتدى يطرح كل ما يخص شهر مضان الكريم من صوتيات ومحاضرات و لقاءات رمضانية .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 08-20-2011, 12:26 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي العشر الأواخر من رمضان

أعمال العشر الأواخر من رمضان


لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين وعلى آله وصحبة الغر الميامين. أيها الأخوة المسلمون، موضوع حديثنا هذا اليوم عن أعمال العشر الأواخر من رمضان..

للعشر الأواخر من رمضان عند النبيوأصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدي خاص، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصًا فيها على الطاعة والعبادة والقيام والذكر. ولنتعرف في هذه الدقائق على أهم الأعمال التي كان يحرص عليها الأولون، وينبغي لنا الاقتداء بهم في ذلك:

1- فمن أهم هذه الأعمال: (إحياء الليل)؛ فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبيكان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر. ومعنى (إحياء الليل): أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر وغيرهما. وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت: (لا أعلم رسول اللهقرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى أصبح ولا صام شهرًا كاملاً قط غير رمضان). فعلى هذا يكون إحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل، ويحتمل أنه كان يحيي الليل كله، كما جاء في بعض طرق الحديث.

وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لا شك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء؛ حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه.

2- ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر: إيقاظ الرجل أهله للصلاة.

فقد كان من هديه -عليه الصلاة السلام- في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما في البخاري عن عائشة، وهذا حرص منه -عليه الصلاة والسلام- على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم، ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم، كما يفعل بعض الناس، وهذا لا شك أنه خطأ وتقصير ظاهر.

3- ومن الأعمال أن النبيكان إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين، والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر، وينشغل بالعبادة والطاعة؛ وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات، فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول، وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية، وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.

4- ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر: الاعتكاف في المساجد التي تصلي فيها، فقد كان هدى النبيالمستمر الاعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله، كما في الصحيحين عن عائشة.

وإنما كان يعتكف في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعًا؛ لانشغاله وتفريغًا للياليه وتخليًا لمناجاة ربه وذكره ودعائه, وكان يحتجز حصيرًا يتخلى فيه عن الناس، فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم.

وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يومًا.

قال الإمام الزهري رحمة الله عليه: (عجبًا للمسلمين تركوا الاعتكاف مع أن النبيما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل).

ومن أسرار الاعتكاف صفاء القلب والروح؛ إذ إن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".

فلما كان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام والشراب والنكاح، فكذلك الاعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من آثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم، وغير ذلك من الصوارف التي تفرق أمر القلب وتفسدُ اجتماعه على طاعة الله.

ومما يجدر التنبه عليه هنا أن كثيرًا من الناس يعتقد أنه لا يصح له الاعتكاف إلا إذا اعتكف كل أيام العشر ولياليها, وبعضهم يعتقد أنه لا بد من لزوم المسجد طيلة النهار والليل وإلا لم يصح اعتكافه, وهذا ليس صوابًا؛ إذ إن الاعتكاف وإن كانت السُّنَّة فيه اعتكاف جميع العشر إلا أنه يصح اعتكاف بعض العشر، سواء كان ذلك نهارًا أو ليلاً.

كما يصح أن يعتكف الإنسان جزءًا من الوقت، ليلاً أو نهارًا إن كان هناك ما يقطع اعتكافه من المشاغل، فإذا ما خرج لأمر مهم أو لوظيفة مثلاً، استأنف نية الاعتكاف عند عودته؛ لأن الإعتكاف في العشر مسنون أما إذا كان الاعتكاف واجبًا كأن نذر الاعتكاف مثلاً، فإنه يبطل بخروجه من المسجد لغير حاجة الإنسان من غائط وما كان في معناه، كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه.

فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا *** ولا ترض للنفس النفيسة بالردى
وفي خلوة الإنسان بالعلم أُنسه *** ويسلم ديـن المرء عند التوحـد
ويسلم من قال وقيل ومن أذى *** جليس ومن واش بغيظ وحسـدِ
وخير مقام قمت فيـه وحليـة *** تحليتها ذكـر الإلـه بمسجـد

ومن أهم الأعمال في هذا الشهر وفي العشر الأواخر منه على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع, واعتبار معانيه وأمره ونهيه، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]. فهذا شهر القرآن, وقد كان النبييدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل عليه من القرآن، وفي السنة التي توفِّي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين.

وقد أرشد النبيإلى فضل القرآن وتلاوته فقال: "اقرءوا القرآن فإن لكم بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، أما إني لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف"[1]. وأخبر النبي أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر، فقال: "يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما"[2].

ولقد كان السلف أشد حرصًا على تلاوة القرآن وخاصة في شهر رمضان، فقد كان الأسود بن يزيد يختم المصحف في ست ليالي، فإذا دخل رمضان ختمه في ثلاث ليال، فإذا دخلت العشر ختمه في كل ليلة. وكان الشافعي -رحمة الله عليه- يختمه في العشر في كل ليلة بين المغرب والعشاء، وكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله.

وقد أفاد الحافظ ابن رجب -رحمه الله- أن النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث إنما هو على الوجه المعتاد، أما في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها، أو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان والعشر منه فلا يُكره، وعليه عمل السلف.

نسأل الله الكريم أن يوفقنا إلى طاعته ويستعملنا في مرضاته، ويسلك لنا مسلك الصالحين، ويحسن لنا الختام، ويتقبل منا صالح الأعمال، إنه جواد كريم.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 12:27 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

العشر الأواخر من رمضان


ما تبقى من ليالي رمضان أفضل مما مضى؛ ولهذا كان رسول الله(إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها. وفي رواية مسلم: (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره). وهذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر من وجوه:

أحدها: أنهكان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن.

وثانيها: أنهيحيي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات.

وثالثها: أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر؛ حرصًا على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة.

ورابعها: أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر.

وعليه، فاغتنم بقية شهرك فيما يقرِّبك إلى ربك، وبالتزوُّد لآخرتك من خلال قيامك بما يلي:

1- الحرص على إحياء هذه الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات، وإيقاظ الأهل ليقوموا بذلك كما كانيفعل.

قال الثوري: أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.

وليحرص على أن يصلي القيام مع الإمام حتى ينصرف ليحصل له قيام ليلة، يقول النبي: "إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". رواه أهل السنن، وقال الترمذي: حسن صحيح.

2- اجتهد في تحري ليلة القدر في هذه العشر، فقد قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]. ومقدارها بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر. قال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر. وقال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر ما تقدم من ذنبه"[1]. وقوله : (إيمانًا) أي إيمانًا بالله وتصديقًا بما رتب على قيامها من الثواب، و(احتسابًا) للأجر والثواب.

وهذه الليلة في العشر الأواخر كما قال النبي: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"[2]. وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع؛ لقول النبي : "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"[3]. وهي في السبع الأواخر أقرب؛ لقوله : "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي"[4]. وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين؛ لحديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- أنه قال: (والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله بقيامها هي ليلة سبع وعشرين)[5].

وهذه الليلة لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تنتقل في الليالي تبعًا لمشيئة الله وحكمته.

قال ابن حجر عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر: وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأواخر وأنها تنتقل.. ا.هـ. قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها، بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها.. ا.هـ.

وعليه، فاجتهد في قيام هذه العشر جميعًا وكثرة الأعمال الصالحة فيها، وستظفر بها يقينًا بإذن الله عز وجل.

والأجر المرتب على قيامها حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم؛ لأن النبيلم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر.

3- احرص على الاعتكاف في هذه العشر. والاعتكاف: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى. وهو من الأمور المشروعة. وقد فعله النبيوفعله أزواجه من بعده؛ ففي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان النبييعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده). ولما ترك الاعتكاف مرة في رمضان اعتكف في العشر الأول من شوال، كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- في الصحيحين.

قال الإمام أحمد رحمه الله: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا أن الاعتكاف مسنون.

والأفضل اعتكاف العشر جميعًا كما كان النبييفعل، لكن لو اعتكف يومًا أو أقل أو أكثر جاز. قال في الإنصاف: أقله إذا كان تطوعًا أو نذرًا مطلقًا ما يسمى به معتكفًا لابثًا. وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: وليس لوقته حد محدود في أصح أقوال أهل العلم.

وينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة، وأن يحاسب نفسه، وينظر فيما قدم لآخرته، وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ويقلل من الخلطة بالخلق. قال ابن رجب: ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن، بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتخلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية.. ا.هـ.

المصدر: موقع د. محمد بن عبد الرحمن العريفي.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 12:27 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

وبدأت العشر وبدأ السباق


الشيخ سلطان العمري
نعم.. لقد بدأت العشر الأواخر من رمضان لكي تحكي لنا قصة "قرب الوداع" لهذا الشهر الكريم.. ولكي تحكي لنا "ليلة القدر" لعل النفوس أن تنافس.. ولكي تروي لنا "حلاوة الاعتكاف"، فأين المتنافسون؟!

لقد بدأت العشر وبدأ السباق، وهذا رسول اللهيجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، وهو القدوة في علو الهمة.. فأين المقتدون المهتدون؟

إن ليالي العشر قد آذنت بالرحيل ولسان حالها: "أدركني فإنما أنا ساعات"، وقد لا تدركني في أعوام قادمة...

إنها ليالي العابدين، وقرة عيون القانتين، وملتقى الخاشعين، ومحط المخبتين، ومأوى الصابرين..

فيها يحلو الدعاء، ويكثر البكاء..

إنها ليالٍ معدودة وساعات محدودة، فيا حرمان من لم يذق فيها لذة المناجاة! ويا خسارة من لم يضع جبهته لله ساجدًا فيها!!

إنها ليالٍ يسيرة.. والعاقل يبادر الدقائق فيها؛ لعله يفوز بالدرجات العُلا في الجنان.. "وإنها ليست بجنة بل جنان".

فيا نائمًا متى تستيقظ؟! ويا غافلاً متى تنتبه؟!

ويا مجتهدًا اعلم أنك بحاجة إلى مزيد اجتهاد، ولا أظنك تجهل هذه الآية {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 105].

فماذا سيرى الله منك في هذه العشر؟!






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 12:28 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

خصائص عشر الأواخر من رمضان


تأملْ -أيها المسلم- في ساعتك، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثواني أكلاً، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني، سواء كنت قائمًا أو نائمًا، عاملاً أو عاطلاً، وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك، وأنها مرصودة في سجلك ودفترك، ومكتوب في صحيفة حسناتك أو سيئاتك، فاتّق الله في نفسك، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك، ويكون سببًا لسعادتك وحسن عاقبتك، في دنياك وآخرتك.

وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجَلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه.

ولقد كانيعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهادًا حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلكوقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي بهفنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها؛ لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سببًا لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله.

روى الإمام مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول اللهيجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".

وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبييخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدَّ المئزر".

فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبيعلى اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات؛ فينبغي لك -أيها المسلم- أن تفرغ نفسك في هذه الأيام، وتخفِّف من الاشتغال بالدنيا، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس. فإنها -والله- أيام معدودة، ما أسرع أن تنقضي، وتُطوى صحائفها، ويُختم على عملك فيها، وأنت -والله- لا تدري هل تدرك هذه العشر مرة أخرى، أم يحول بينك وبينها الموت! بل لا تدري هل تكمل هذه العشر، وتُوفَّق لإتمام هذا الشهر! فالله الله بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها وليالها.

وينبغي لك -أيها المسلم- أن تحرص على إيقاظ أهلك، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.

ولنا في رسول اللهأسوة حسنة، فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله.

وإيقاظه لأهله ليس خاصًّا في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد. قال سفيان الثوري: أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.

وإن لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيرًا من المسلمين، تمر بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية.

وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام، انطرح على فراشه، وغطّ في نوم عميق، وفوّت على نفسه خيرًا كثيرًا، لعله لا يدركه في عام آخر.

ومن خصائص هذه العشر: ما ذكرته عائشة من أن النبيكان يحيي ليله، ويشدّ مئزره؛ أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة. وكان النبييحيي هذه العشر؛ اغتنامًا لفضلها وطلبًا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما أعلمقام ليلة حتى الصباح". ولا تنافي بين هذين الحديثين؛ لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالصلاة والقراءة والذكر والسحور ونحو ذلك من أنواع العبادة، والذي نفته، هو إحياء الليل بالقيام فقط.

ومن خصائص هذه العشر أن فيها ليلة القدر، التي قال الله عنها: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 3-5]. وقال فيها: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3، 4]. أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر، وغير ذلك من أوامر الله المحكمة العادلة.

يقول النبي: "وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم"[1].

قال الإمام النحعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها".

وقد حسب بعض العلماء "ألف شهر" فوجدوها ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمن وُفّق لقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة، فيا له من عطاء جزيل! وأجر وافر جليل، من حُرمه فقد حُرم الخير كله.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبيقال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه". وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان؛ لقول النبي: "تحرُّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"[2].

وهي في الأوتار منها أحرى وأرجى، وفي الصحيحين أن النبيقال: "التمسوها في العشر الأواخر في الوتر". أي: في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تثبت في ليلة واحدة، بل تنتقل في هذه الليالي، فتكون مرة في ليلة سبع وعشرين، ومرة في إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، أو تسع وعشرين.

وقد أخفى الله -سبحانه- علمها على العباد رحمة بهم؛ ليجتهدوا في جميع ليالي العشر، وتكثر أعمالهم الصالحة فتزداد حسناتهم، وترتفع عند الله درجاتهم {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 132]. وأخفاها -سبحانه- حتى يتبين الجادّ في طلب الخير الحريص على إدراك هذا الفضل، من الكسلان المتهاون؛ فإن من حرص على شيء جدَّ في طلبه، وسهل عليه التعب في سبيل بلوغه والظفر به، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، واجتهدوا في هذه الليالي المباركات، وتعرّضوا فيها للرحمات والنفحات؛ فإن المحروم من حُرم خير رمضان، وإن الشقي من فاته فيه المغفرة والرضوان، يقول النبي: "رغم أنف من أدرك رمضان ثم خرج ولم يُغفر له"[3].

إن الجنة حُفّت بالمكاره، وإنها غالية نفيسة، لا تُنال بالنوم والكسل، والإخلاد إلى الأرض، واتباع هوى النفس؛ يقول النبي: "من خاف أدلج[4]، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة". وقد مثّل النبيالمسافر إلى الدار الآخرة -وكلنا كذلك- بمن يسافر إلى بلد آخر لقضاء حاجة أو تحقيق مصلحة، فإن كان جادًّا في سفره، تاركًا للنوم والكسل، متحملاً لمشاق السفر، فإنه يصل إلى غايته، ويحمد عاقبة سفره وتعبه، وعند الصباح يحمد القوم السرى.

وأما من كان نوّامًا كسلان، متبعًا لأهواء النفس وشهواتها، فإنه تنقطع به السبل، ويفوته الركب، ويسبقه الجادّون المشمّرون، والراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال إلا على جسر من التعب والمشقات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].

ومن خصائص هذه العشر المباركة استحباب الاعتكاف فيها، والاعتكاف هو: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله، وهو من السنة الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله، قال الله تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]. وكان النبييعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه وأصحابه معه وبعده.

وفي صحيح البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبييعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يومًا".

والمقصود بالاعتكاف: انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله، ويجتهد في تحصيل الثواب والأجر وإدراك ليلة القدر؛ ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والعبادة، ويتجنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ولا بأس أن يتحدث قليلاً بحديث مباح مع أهله أو غيرهم.

ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].

وأما خروجه من المسجد، فهو على ثلاثة أقسام:

1- الخروج لأمر لا بد منه طبعًا، أو شرعًا لقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل من الجنابة، وكذا الأكل والشرب فهذا جائز إذا لم يمكن فعله في المسجد. فإن أمكن فعله في المسجد فلا؛ مثل أن يكون في المسجد دورات مياه يمكن أن يقضي حاجته فيها، أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب، فلا يخرج حينئذ لعدم الحاجة إليه.

2- الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه كعيادة مريض، وشهود جنازة ونحو ذلك، فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك في ابتداء اعتكافه مثل أن يكون عنده مريض يحب أن يعوده أو يخشى من موته، فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به.

3- الخروج لأمر ينافي الاعتكاف كالخروج للبيع والشراء ونحو ذلك، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي المقصود منه، فإن فعل انقطع اعتكافه ولا حرج عليه.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 12:29 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

نزلت بك عشر مباركة

من رحمة الله بالعباد وهو الغني عنهم أن جعل أفضل أيام رمضان آخره؛ إذ النفوس تنشط عند قرب النهاية، وتستدرك ما فاتها رغبةً في التعويض، والعشر الأواخر هي خاتمة مسك رمضان، وهي كواسطة العقد للشهر لما لها من المزايا والفضائل التي ليست لغيرها.

ولذا كان رسول اللهيحتفي بها احتفاءً عظيمًا، ويعظمها تعظيمًا جليلاً، وما ذاك إلا لعلمه بفضلها وعظيم منزلتها عند الله -تعالى- وهو أعلم الخلق بالله وبشرعه المطهر.
لماذا نستغل العشر ؟

إن المؤمن يعلم أن هذه المواسم عظيمة، والنفحات فيها كريمة؛ ولذا فهو يغتنمها، ويرى أن من الغبن البين تضييع هذه المواسم، وتفويت هذه الأيام، وليت شعري إن لم نغتنم هذه الأيام، فأي موسم نغتنم؟! وإن لم نفرغ الوقت الآن للعبادة، فأي وقت نفرغه لها؟!

لقد كان رسول الهدى -عليه الصلاة والسلام- يُعطي هذه الأيام عناية خاصة ويجتهد في العمل فيها أكثر من غيرها؛ ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبيكان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"، "وكان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها، وفي المسند عنها قالت: "كان النبييخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر".

أيها الناصح لنفسك: تذكر أنها عشر ليال فقط تمر كطيف زائر في المنام، تنقضي سريعًا، وتغادرنا كلمح البصر، فليكن استقصارك المدة معينًا لك على اغتنامها.

- تذكر أنها لن تعود إلا بعد عام كامل، لا ندري ما الله صانع فيه، وعلى من تعود، وكلنا يعلم يقينًا أن من أهل هذه العشر من لا يكون من أهلها في العام القادم، أطال الله في أعمارنا على طاعته.

وهذه سنة الله في خلقه {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]. وكم أهلكنا الشيطان بالتسويف وتأجيل العمل الصالح! فها هي العشر قد نزلت بنا، أبعد هذا نسوِّف ونُؤجل؟!

- تذكر أن غدًا تُوَفَّى النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساءوا فبئس ما صنعوا.

- تذكر أن فيها ليلة القدر التي عظّمها الله، وأنزل فيها كتابه، وأعلى شأن العبادة فيها، فـ"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه" (أخرجه الشيخان).

والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].

فلو قُدِر لعابد أن يعبد ربه أكثر من ثلاث وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، وقام موفَّق هذه الليلة وقُبلت منه، لكان عمل هذا الموفَّق خير من ذاك العابد، فما أعلى قدر هذه الليلة! وما أشد تفرطنا فيها! وكم يتألم المرء لحاله وحال إخوانه وهم يفرطون في هذه الليالي وقد أضاعوها باللهو واللعب والتسكع في الأسواق، أو في توافه الأمور!!

- تذكر أنك متأسيًا بخير الخلق محمد، وقد تقدم بعض هديه خلال العشر، فاجعله حاملاً لك لاغتنام هذه الليالي الفاضلة.
أعمال يجتهد فيها الصادقون خلال العشر:

- القيام في هذه الليالي، وفضل قيامها قد جاءت به النصوص المعلومة، واجتهادات السلف يعلمها كل مطلع على أحوالهم، بل ومن عباد زماننا من سار على هديهم.

يذكر أحد الإخوة أن رجلاً معروفًا في مسجد النبييصلي التراويح مع الإمام ثم يتنفل بالصلاة إلى صلاة القيام، ثم يصلي مع الجماعة صلاة القيام ثم يصلي إلى قبيل الفجر، هذا ديدنه كل عام.

أرأيت الهمة؟! هل عرفت كم نحن كسالى؟!

ومن مشايخنا من يختم القرآن في هذه العشر كل ليلتين مرة في صلاة القيام.

ويبقى الأمر المهم، ما الذي جعلهم يقومون وننام؟ وينشطون ونكسل؟ إنه الإيمان واليقين بموعود الله الذي وعد به أهل القيام، ولهذه الليالي مزايا على غيرها، أضف إلى اللذة التي تذوقوها حتى آثروا القيام.

وما أجمل ما قاله بعض العلماء عن لذة المناجاة، حيث قال: لذة المناجاة ليست من الدنيا إنما هي من الجنة، أظهرها الله تعالى لأوليائه لا يجدها سواهم.

ولتعلم -يا رعاك الله- أن البعد عن الذنوب والمعاصي أثر في التوفيق للطاعة، فالطاعة شرف ورحمة من الرحمن لا ينالها إلا أهل طاعته.

فلندع عنا التواني والكسل، ولنسعَ للجد في العمل، فعمَّا قليل نرحل، وبعد أيام نغادر هذه الدنيا، ونخلفها وراءنا ظهريًّا، فلماذا التسويف؟!

- اغتنمها في الدعاء؛ فدعاء ليلة القدر مستجاب، تذكر حاجتك لربك ومولاك، فمن يغفر الذنوب إلا هو؟ ومن يُثيب على العمل الصالح إلا الكريم سبحانه؟ ومن ييسر العسير، ويحقق المطلوب ويجبر المكسور إلا صاحب الفضل والجود؟

فاغتنم هذه الفرصة، فرُبَّ دعوة صادقة منك يكتب الله لك رضاه عنك إلى أن تلقاه، ولا تنسى الدعاء لإخوانك فهو من علامات سلامة القلب، وأيضًا الدعاء للمسلمين من الولاة والعامة، ولا تحتقر دعوة؛ فرُبَّ دعوةٍ يكون فيها الخير لأمتك.
ساعات السحر

- في هذه العشر كثير من الناس يكونون مستيقظين هذه الساعة، وهو وقت شريف مبارك، وتعجب ممن يُمضون هذه الساعة في الأحاديث الجانبية، أو لا يرتبون قضاء حاجتهم الضرورية قبل هذا الوقت، فينشغلون بها عن اغتنامه.

أما الذين عرفوا قيمة هذه الساعة وعلو منزلتها فلا تجدهم إلا منكسرين ومخبتين فيها، قد خلا كل واحد منهم بربه يطرح ببابه حاجته، ويسأله مطلوبه، ويستغفره ذنبه، ألا ما أجلها من ساعة! وما أعظمه من وقت! فأين المغتنمون له؟!

- احرص على اعتكاف العشر كلها -دون التفريط بواجب من حق أهل وولد- فإن لم تستطع فلا أقل من الليالي أو ليالي الوتر، فقد كان هذا هديه -عليه الصلاة والسلام- في هذه العشر، ويُشرع للأخت المسلمة أن تعتكف كالرجال إذا تهيأت لها الأسباب، وأمنت على نفسها، أو على الأقل الليالي.

ومن بشائر الخير ما نراه من كثرة المعتكفين والمعتكفات في الحرمين وفي مساجد الأحياء في مدن وقرى العالم الإسلامي، ولتحرص على اغتنام هذا الوقت بالطاعة، وملئه بما ينفع، ومجاهدة النفس على ذلك.

- أوصيك أخي بتطهير قلبك، فهذه أيام الطهارة والتسامح والتجرد لله تعالى، واجعل حظ النفوس جانبًا، فأنت ترجو المغفرة، وتأمل عفو ربك، وليكن شعارك (العفو عن الناس وعمَّن ظلمك).

واجعل هذا من أرجى أعمالك هذه الليالي، ولله در ابن رجب في لطيفته يوم قال تعليقًا على حديث عائشة "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني"، إذ يقول: من طمع في مغفرة الله وعفوه فليعف عن الناس؛ فإن الجزاء من جنس العمل.

- اجعل بعض مالك للصدقة ولا تحتقر القليل فهو عند الله عظيم مع صدق النية، وتذكر أن المال غادٍ ورائح، وما تنفقه باق لك، وأنت ترجو قبول دعائك هذه الليالي، وللصدقة أثرها في قبول الدعاء والإثابة على العمل، ومن أحسن إلى عباد الله أحسن الله إليه.

أسأل الله لي ولكم القبول، وأن يعاملنا بفضله وإحسانه.

المصدر: موقع صيد الفوائد.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 12:30 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

العشر الأواخر


ها نحن أيها المسلمون نقف وإياكم على أعتاب العشر الأخيرة من رمضان المبارك، بعد أن كنا بالأمس ننتظر قدوم شهرنا الميمون. وهذه العشر هي مسك الختام، وأيامها أفضل أيام الشهر، ولياليها أفضل أيام العام. وقد سُئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: أيهما أفضل أيام عشر ذي الحجة أم أيام عشر رمضان الأخيرة. فأجاب -رحمه الله- بالجواب التالي: أيام عشر ذي الحجة الأولى أفضل من هذه الأيام، وليالي العشر الأخيرة من رمضان أفضل من ليالي العشر الأُوَل من ذي الحجة.

ولقد ضرب النبيأروع الأمثلة في التعبد لله خلال هذه العشر، حيث كان يعتكف خلالها ويقوم ليلها، ويبيت متحريًا لأعظم ليلة تنتظر ليلة القدر؛ ففي الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبيكان "إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد مئزره". زاد مسلم: "وجدَّ وشدَّ مئزره". وذلك كناية عن إقباله على العبادة، وانشغاله بها، وترك الالتفات إلى الدنيا مهما كانت الرغبة إليها والتشوق لها. وهذا في العادة لا يكون إلا لمن أيقن هذا الفضل، وطمع في حصوله، ورجا الله في لقياه.

وهكذا كان رسول الله. وكيف لا يكون المؤمن حريصًا على التهجد في مثل هذه الليالي وقد طرق مسمعه حديث النبي: "الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر". وصدق القائل: وسجود المحراب واستغفار الأسحار ودموع المناجاة، سيماء يحتكرها المؤمنون.. ولئن توهم الدنيوي جناته في الدينار والنساء والقصر المنيف، فإن جنة المؤمن في محرابه.

لقد زكى الله -تعالى- ذلك الجيل بتزكيات متكاثرة، كان من جملتها حرصهم على قيام الليل حين قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]. وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 17، 18]. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64].

فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان الرجل في حياة رسول اللهإذا رأى رؤيا قصها على رسول الله. قال: وكنت غلامًا شابًّا عزبًا، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار. قال: فلقيهما ملك، فقال لي: لم تُرَعْ. فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله، فقال النبي: "نعم الرجل عبد الله، لو كان يقوم يصلي من الليل"[1]. قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.

وعن أبي هريرة t أن رسول اللهقال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلّت عقدة، فإن توضأ انحلّت عقدة، فإن صلى انحلّت عقده كلها، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان"[2].

وعن عبد الله بن سلام t قال: أوّل ما قدم رسول اللهالمدينة، انجفل الناس إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب. قال: فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: "أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"[3].

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبيقال: "في الجنة غرف يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها". فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائمًا والناس نيام"[4].

وعن جابر t قال: سمعت رسول اللهيقول: "إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك في كل ليلة"[5].

وعن أبي هريرة t قال: قال: "يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"[6].

وعند الترمذي أن النبيقال: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد"[7].

وعند الحاكم والبيهقي أن النبيقال: "أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس"[8].

إن التراويح حين يشهدها المسلم مع الإمام حتى ينتهي هي أول دليل على حرص الإنسان على ليالي هذا الشهر الكريم، وحينما يعود الإنسان مرة أخرى إلى ولوج المسجد في صلاة التهجُّد إنما يبرهن صدق هذا الإقبال، ويكتب بهذا الحرص علو كعبه في الخير، ونماء ذاته في الصلاح، وحين يزداد الواحد منّا همة على هذه الهمة فيتم هذا الإقبال في بيته قبيل ولوج الفجر، ليختم بها ليلته يكون في عداد السابقين الأخيار.

وفقنا الله وإياكم إلى إحياء هذه الليالي بميراث السلف الصالح من القيام والذكر والتعبُّد لله تعالى، وجعلنا وإياكم ممن يشهد في ليله ليلة القدر التي وعد بها رسول اللهالقائمين والمتعبدين في مثل هذه الليالي.

المصدر: (اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية) للشيخ مشعل الفلاحي.

[1] متفق عليه.
[2] متفق عليه.
[3] رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
[4] رواه ابن خزيمة، وقال الألباني: حسن لغيره.
[5] رواه مسلم.
[6] متفق عليه.
[7] صححه الألباني.
[8] رواه الطبراني، وحسنه الألباني.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 12:31 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

النفحات الإلهية في العشر الأواخر


نحن في شهر كثيرٌ خيره، عظيم بره، جزيلة بركته، تعددت مدائحه في كتاب الله تعالى، وفي أحاديث رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم، والشهر شهر القرآن والخير، وشهر عودة الناس إلى ربهم في مظهر إيماني فريد، لا نظير له ولا مثيل.

وقد خُصَّ هذا الشهر العظيم بميزة ليست لغيره من الشهور، وهي أيام عشرة مباركة هن العشر الأواخر التي يمنُّ الله -تعالى- بها على عباده بالعتق من النار، وها نحن الآن في هذه الأيام المباركات، فحق لنا أن نستغلها أحسن استغلال، وهذا عن طريق ما يلي:

- الاعتكاف في أحد الحرمين أو في أي مسجد من المساجد إن لم يتيسر الاعتكاف في الحرمين؛ فالاعتكاف له أهمية كبرى في انجماع المرء على ربه، والكف عن كثير من المشاغل التي لا تكاد تنتهي، فمتى اعتكف المرء انكفّ عن كثيرٍ من مشاغله، وهذا مشاهد معروف، فإن لم يتيسر للمرء الاعتكاف الكامل، فالمجاورة في أحد الحرمين أو المكث ساعات طويلة فيهما أو في أحد المساجد.

- إحياء الليل كله أو أكثره بالصلاة والذكر؛ فالنبيكان إذا دخل العشر أيقظ أهله وأحيا ليله وشد المئزر، كناية عن عدم قربانه النساء. وإحياء الليل فرصة كبيرة لمن كان مشغولاً في شئون حياته -وأكثر الناس كذلك- ولا يتمكن من قيام الليل، ولا يستطيعه، فلا أقل من أن يكثر الناس في العشر الأواخر القيام وإحياء الليل.

والعجيب أن بعض الصالحين يكون في أحد الحرمين ثم لا يصلي مع الناس إلا ثماني ركعات مستندًا إلى بعض الأدلة، وقد نسي أن الصحابة والسلف صلوا صلاة طويلة كثيرٌ عدد ركعاتها، وهم الصدر الأول الذين عرفوا الإسلام وطبقوا تعاليمه أحسن التطبيق، فما كان ليخفى عليهم حال النبيولا تأويل أحاديثه الشريفة، وحملها على أقرب المحامل وأحسن التأويلات.

- ولا ننسى أن في العشر الأواخر ليلة هي أعظم ليالي العام على الإطلاق، وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر؛ بمعنى أنه لو عبد المرء ربه 84 سنة مُجِدًّا مواصلاً، فإصابة ليلة القدر خير من عبادة تلك السنوات الطوال، فما أعظم هذا الفضل الإلهي الذي من حرمه حُرم خيرًا كثيرًا!! والمفرط فيه فد فرط في شيءٍ عظيم. وقد اتفقت كلمة أكثر علماء المسلمين أن هذه الليلة في الوتر من العشر الأواخر، وبعض العلماء يذهب إلى أنها في ليلة السابع والعشرين، وقد كان أبيُّ بن كعب t يقسم أنها ليلة السابع والعشرين، كما في صحيح مسلم.

- الإكثار من قراءة القرآن وتدبره وتفهّمه، والإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى، فهذه الأيام محل ذلك ولا شك.

- والعجب أنه مع هذا الفضل العظيم والأجر الكريم يعمد الناس إلى قضاء إجازتهم التي توافق العشر الأواخر في الخارج، فيُحرمون من خير كثير. وليت شعري ما الذي سيصنعونه في الخارج إلا قضاء الأوقات في التنزه والترويح في وقتٍ ليس للترويح فيه نصيب، بل هو خالص للعبادة والنسك. فلله كم يفوتهم بسبب سوء تصرفهم، وضعف رأيهم في صنيعهم!! فالعاقل من وجَّه قدراته وأوقاته للاستفادة القصوى من أيام السعد هذه.

- ولا ينبغي أن ننسى في هذه العشر أن لنا إخوانًا في خنادق الجهاد والعدو قد أحاط بهم وتربص، ونزلت بهم نوازل عظيمة، فلا ينبغي أن ننساهم ولو بدعاء خالص صادر من قلب مقبل على الله تعالى، وصدقة نكون نحن أول من يغنم أجرها. ولا ننسى كذلك الفقراء والمساكين، خاصة وأن العيد مقبل عليهم.

أسأل الله -تعالى- التوفيق في هذه العشر، وحسن استغلال الأوقات، والتجاوز عن السيئات، وإقالة العثرات، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 12:31 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

وقفات وإشارات مع العشر المباركات


الحمد لله الرحيم الرحمن، نزّل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك وكبره تكبيرًا، والصلاة والسلام على رسول الهدى وإمام الرحمة، ختم الله به النبوات والرسالات، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

نحن في شهر عظيم، ينعم الله به على عباده، ويكرمهم بفضائل ومزايا تجعلهم من الله أقرب، فالأجور مضاعفة والعبادات متنوعة، وقد خصّ هذا الشهر العظيم بمزية ليست لغيره من الشهور، وهي أيام عشرة مباركة هُنَّ العشر الأواخر، وإليكم مع هذه العشر المباركات هذه الوقفات:

الوقفة الأولى: هذه العشر من أفضل ليالي العام إن لم تكن أفضلها على الإطلاق، وقد كان لرسولناعناية خاصة بها، فإنه كانيحرص على العبادة والطاعة في العشرين الأولى من شهر رمضان إلا أنهيزداد عبادة وتقربًا إلى ربه في هذه العشر الأواخر خاصة، وهولنا الأسوة والقدوة، تجد ذلك الأمر حين تخبر زوجه عائشة -رضي الله تعالى عنها- فتقول: "كان النبيإذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"[2]. وكانت تقول رضي الله عنها: "كان رسول اللهيجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره"[3].

الوقفة الثانية: هذه العشر -أيها المبارك- مجال رحب وواسع للتزود من هذا الخير المتمثل بتنوع العبادات والطاعات المتاحة للمسلم:
فمنها الصلوات المفروضات، والمسنونات، والصيام، ومنها قيام الليل والذكر، ومنها قراءة القرآن، ومنها -بل مما اختص بفضلها في هذه الأيام- الاعتكاف؛ ففي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبيكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة t "كان رسول اللهيعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين". وإنما كان يعتكف النبيفي هذه العشر التي يُطلب فيها ليلة القدر؛ قطعًا لأشغاله، وتفريغًا لباله، وتخليًا لمناجاة ربه وذكره، والتقرب إليه ودعائه.

فإن لم يستطع المسلم أن يعتكف العشر كاملة فليحرص على الأوتار منها، أو ليغلبَنَّ في أن يلبث شيئًا من الوقت في المسجد، فقد عَدَّ ذلك بعض أهل العلم من الاعتكاف، وفضل الله واسع، وخيره كثير.

فليحرص أحدنا على الفرائض وعلى النوافل وليبشر، فالبشرى جاءت من الحبيب المصطفىحينما أخبر في الحديث القدسي عن ربه Y أنه قال: "وما تقرب عبدي إليَّ بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه"[4].

الوقفة الثالثة: اجتهد -يا رعاك الله- في تحري ليلة القدر والاستعداد لها في هذه العشر، فقد قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]. وألف شهر مقدارها بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر. قال النخعي رحمه الله: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.

ثم إن النبيقال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر ما تقدم من ذنبه"[5]. وهذه الليلة المباركة في العشر الأواخر، كما قال النبي: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"[6].

وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع؛ لقول النبي: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"[7].

وهي في السبع الأواخر أقرب؛ لقوله: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يُغلبَنَّ على السبع البواقي"[8].

وهذه الليلة لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تنتقل في الليالي تبعًا لمشيئة الله وحكمته. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر: "وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأواخر وأنها تنتقل"[9]. وللإمام النووي كلام في هذا المعنى.

"قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها, بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها"[10]. وعليه فاجتهد في قيام هذه العشر جميعًا، وأكثرْ من الأعمال الصالحة فيها، وستظفر بها يقينًا بإذن الله.

ومن هذا المنطلق فلا يلتفت إلى ما يشاع كل عام أن فلان أو فلان رآها في المنام في ليلة يحددها، فإن هذا المتحدث كأنه يقول للناس: لا تقوموا إلا هذه الليلة، ولا تعبدوا الله إلا في هذه الليلة، وهذا تخرُّص واضح، وادّعاء ليس عليه دليل.

وإذا كانت أخفيت عن النبي، فمن باب أولى أن تخفى عن غيره؛ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري t قال: "اعتكف رسول اللهالعشر الأوسط من رمضان يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له، فلما انقضين أمر بالبناء فقُوِّض. ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر، فأمر بالبناء فأُعيد. ثم خرج على الناس فقال: يا أيها الناس، إنها كانت أُبينت لي ليلة القدر، وإني خرجت لأخبركم بها، فجاء رجلان يحتَقَّان[11] معهما الشيطان، فنُسِّيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة".

قال أحد رواة الحديث: قلت: يا أبا سعيد، إنكم أعلم بالعدد منا. قال: أجل، نحن أحق بذلك منكم. قال: قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرين فالتي تليها ثنتين وعشرين وهي التاسعة، فإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة.

الوقفة الرابعة: إن من المتأكدات استحبابًا في هذه الأيام ما كان النبييفعله؛ فقد كان النبيكان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي، قال سفيان الثوري رحمه الله: "أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إنْ أطاقوا ذلك".

إن هذه العناية بأمر الزوجة والأهل والأولاد تجعل من البيت المسلم يعيش في روحانية رمضان هذا الشهر الكريم، عندما يقبل الأب والأم والبنين والبنات على الصلاة والعبادة والذكر وقراءة القرآن، ولنحفّزهم على ذلك الخير؛ فمن دعا إلى هدى كان له من الخير والأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا[12].

[2] متفق عليه، زاد مسلم: "وجدّ وشدّ المئزر".
[3] رواه مسلم.
[4] رواه البخاري.
[5] متفق عليه.
[6] متفق عليه.
[7] رواه البخاري.
[8] رواه مسلم.
[9] ابن حجر: فتح الباري 4/266.
[10] المصدر السابق، الصفحة نفسها.
[11] أي: يطلبان كل منهما حقه من صاحبه ويدعي أنه صاحب الحق.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 12:47 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

نسال الله ان يبلغنا ليلة القدر
سلمت يمناااااااااك
اخى ابوعمر
طرح اكثر من رائع وقيم
رائع مجهودك وطرحك القيم
اخى ابوعمر
جزاك الله كل الخير
واثابك عنا يخر الجزاء







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 08-20-2011, 03:52 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور مشاهدة المشاركة
نسال الله ان يبلغنا ليلة القدر
سلمت يمناااااااااك
اخى ابوعمر
طرح اكثر من رائع وقيم
رائع مجهودك وطرحك القيم
اخى ابوعمر
جزاك الله كل الخير
واثابك عنا يخر الجزاء

دعوت الله الغفار في الجهر والأسرار..أن يبارك لإخوة لهم في القلب أجمل تذكارهم.. إخوتي بل مهجتي بل سحابة خير مدرار..لا حرمني الله منهم ..ورزقني وإياهم العتق من النار






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:11 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator