العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > رمضان شهر الخير

رمضان شهر الخير منتدى يطرح كل ما يخص شهر مضان الكريم من صوتيات ومحاضرات و لقاءات رمضانية .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 08-21-2011, 10:14 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

الحظ الوافر في إدراك مفاخر العشر الأواخر
جمال زواري أحمد


بسم الله الرحمن الرحيم

لقد قارب الضيف الكريم أن يغادرنا ، بعد أن جعل أرواح المؤمنين تخفق إيمانا وخشية وتوبة وخشوعا ، وأكسبها شفافية ورقة وذلة وخضوعا ، لرب كريم رحيم غفور تعاظمت فيه مننه وعطاياه ، وتكاثرت في أيامه منحه وهداياه ، فالموفق من نال من خيراتها النصيب الأزكى ، وكال من بركاتها الكيل الأوفى ، وعبّ من فيوضاتها كؤوسا ملأى ، وحصّل من فتوحاتها المقام الأسمى ، وتقلّد في ظلالها الوسام الأعلى ، وحجز في قطار التوفيق والقبول الدرجات الأرقى ، وانخرط في قوافل المحظوظين المشمرين منذ اللحظات الأولى ، حتى أصبح بصدق إقباله وخالص أعماله من الفوز والوصول قاب قوسين أو أدنى ، ليكتب في سجل أهل الفلاح والتقوى ، ولينال شرف التيسير لليسرى ، ليقرّبه كل ذلك إلى الله زلفى ، فيكون من ذوي القربى ، اللذين غشيتهم رحمته وشملته مغفرته ، ودخلوا سباق التتويج ليعتق سبحانه رقابهم من النار.
فلا زالت الفرص قائمة والأبواب مشرعة ، ليستدرك المتخلف ويلتحق المحروم ويستيقظ الغافل، وقد دخلت العشر الأواخر بما تحمله من مفاخر ، لا يذق طعمها إلا صاحب الحظ الوافر ، فهل من مشمّر على ساعد الجد والاجتهاد ؟ ، لاستثمار ما بقي من موسم التحصيل والإمداد ، ليملأ خزائنه بكل ما لذ وطاب ، من موجبات الأجر والثواب ، ليختم له بالعزة والكرامة وينجو من الحسرة والندامة .
فأعط هذه العشر حصتها من التكريم ، لتقابلك تكريما بتكريم ، وأجعلها خير محصّلة لما سبق وأحسن خاتمة لما أينع وأورق ، وأحرص على مراعاة خصوصيتها ، فخصّها بنصيب من الجد والاجتهاد وإدراك ما فيها من بركات وكرامات ، لتتوالى عليك منها الهدايا والأمداد ، فليكن لك حظ وافر منها ، مقتديا بخير الخلق صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا دخل العشر الأواخر شدّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله(البخاري).
فكن على خطاه ، لتنل أجر المتابعة وتشملك نفحات الليالي المباركات ، فالمحبون كانوا ينتظرونها ليعبروا عن صدق ولائهم :


قد مزق الحب قميص الصبر وقد غدوت حائرا في أمري
آه على تلك الليالي الغــــــــرّ ما كنّ إلا كليالي القــــــــدر
إن عدن لي من بعد هذا الهجر وفيّت لله بـــكل نـــــــــــــذر
وقام بالحمد خطيب شكــــــــري


فليقم خطيب شكرك في هذه الليالي والأيام فيلهج بالحمد قولا وفعلا بأنواع القربات وجلائل الطاعات والتي في مقدمتها:

1) ــ الاستجابة لنداء العشر الأواخر ومقابلته بالتشمير:

فهي تناديك بلسان الحال لتنبهك إلى عظيم الأفضال وكرم الإفضال من الكبير المتعال فتقول لكيا غيوم الغفلة عن القلوب تقشّعي ، يا شموس التقوى والإيمان أطلعي ، يا صحائف أعمال الصالحين ارتفعي ، يا قلوب الصائمين اخشعي ، يا أقدام المجتهدين اسجدي لربك وأركعي ، يا عيون المتهجدين لا تهجعي ، يا ذنوب التائبين لا ترجعي ، يا أرض الهوى ابلعي ماءك ويا سماء النفوس أقلعي ، يا بروق الأشواق للعشاق المعي ، يا خواطر العارفين ارتعي ، يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي ، ويا همم المؤمنين أسرعي ، فطوبى لمن أجاب فأصاب وويل لمن طرد عن الباب وما دعي).

2) ــ ضبط الصوم على بوصلة القبول وتوفير شروطه:


قال ابن الجوزي رحمه اللهليس الصوم صوم جماعة الطعام عن الطعام ، وإنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام ، وصمت اللسان عن فضول الكلام ، وغض العين عن النظر إلى الحرام ، وكفّ الكفّ عن أخذ الحطام ، ومنع الأقدام عن قبيح الإقدام ).
فأضبط بوصلة صومك بهذه المواصفات ، ليكون غيثا نافعا على صحراء قلبك الجرداء القاحلة ، فيردّها جنة فيحاء ناظرة ، تتوالى عليها موارد التوفيق ، فتكن وسيلة للقبول وسببا للوصول .

3) ــ تحرّي الليلة المباركة والحرص على قيامها:


ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالمن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه).
وعنه أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال في شهر رمضانفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم)(أحمد والنسائي).
وبما أن التماسها في العشر الأواخر وفي الليالي الوتر منها ، فليكن قيامها جميعها هو عربون تحرّيها ، ففي أيّ ليلة جاءت وجدت المحلّ مهيّأ ، لتحطّ فيه أنوارها وتملأه بأفضالها وتشمله بألطافها ، فتفكّ عنه قيود الأوزار وتسلمه صك العتق من النار ، فينجو بذلك من غضب الجبار.
فما عليه إلا أن يكتب اسمه في قوائم المقنطرين أو القانتين ، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قالمن قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)(أبو داود).

4) ــ مضاعفة خدمة المولى عز وجل ليرحل الضيف بالمدح والشفاعة:


فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قالالصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب ، منعته الطعام والشهوات فشفّعني فيه، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفّعني فيه، فيشفّعان)(أحمد والطبراني).

ترحّل الشهر وا لهفاه وانصرمــا واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكــــسرا مثلي فيا ويحه يا عظم ما حـــــــرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما تراه يحصد إلا الهمّ والنــــــــــــــدما


وأحذر أن تجعل الصيام والقرآن خصماءك باستهتارك وغفلتك وهجرك ، بدل أن يكونا شفعاءك بإقبالك ويقظتك وملازمتك :
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه والصور في يوم القيامة ينفخ

5) ــ ختمة خاصة بالعشر أو أكثر لمضاعفة الفرصة:


قال ابن رجب رحمه اللهفأمّا الأوقات المفضلة كشهر رمضان ، خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة شرّفها الله لمن دخلها من غير أهلها ، فيستحب الإكثار من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان).

6) ــ إحياء سنة الاعتكاف فهي من خصوصيات العشر:


فلتحيي هذه السنة وليكن لك نصيب منها وإن قلّ ، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى).
قال بن رجبوإنما كان يعتكف صلى الله عليه وسلم في هذه العشر التي يطلب فيها ليلة القدر ، قطعا لأشغاله وتفريغا لباله وتخلّيا لمناجاة ربه وذكره ودعائه ، وكان يحتجر حصيرا يتخلى فيها عن الناس ، فلا يخالطهم ولا يشتغل بهم..
فمعنى الاعتكاف وحقيقته : قطع العلائق عن الخلائق ، للاتصال بخدمة الخالق).

7) ــ زيادة الصدقات وإطعام الطعام لضمان الغرف وإجبار النقص:


فثمن غرف الجنة وأنت طالبها ورمضان ميدانها والعشر الأواخر فرصتها المواتية ، ما جاء عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالإن في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها .
قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ ، قال : لمن طيّب الكلام وأطعم الطعام و أدام الصيام وصلّى بالليل والناس نيام)(الترمذي وأحمد والحاكم).
فضاعف الصدقات وأطعم الطعام لتنل الغرف وتحقق الهدف وتنجو من التلف وتتأسى بخير من سلف الذي كان في رمضان كالريح المرسلة.
وفي العشر كذلك زكاة الفطر التي هي طهرة للصائم وطعمة للمساكين ، كما أن لها وظيفة أخرى ذكرها بعض العلماء المتقدمين فقالوا : صدقة الفطر كسجدتي السهو للصلاة ، فهي تجبر الصيام وتكمل النقص فيه ، تماما كما تفعل سجدتا السهو بالنسبة للصلاة.

8) ــ ألزم الدعاء والتضرع والمناجاة بالأسحار:


قال سفيان الثوري رحمه اللهالدعاء في تلك الليلة(ليلة القدر) أحبّ إليّ من الصلاة ، فإن جمع بين الصلاة والتلاوة والدعاء كان أفضل.
فلو استنشقت ريح الأسحار ــ في هذه الليالي ــ لأفاق قلبك المخمور ، فرياح هذه الأسحار تحمل أنين المذنبين وأنفاس المحبين وقصص التائبين ، ثم تعود برد الجواب بلا كتاب .
فإذا ورد بريد برد السحر يحمل ملطّفات الألطاف ، لم يفهمها غير من كتبت له ، يا يعقوب الهجر قد هبّت ريح يوسف الوصل ، فلو استنشقت لعدت بعد العمى بصيرا ولوجدت ما كنت لفقده فقيرا.
لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا)(يوسف88) ، لبرز لهم التوقيع عليها لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(يوسف92).
وزاحم ابن القيم رحمه الله على الباب الذي اختار الدخول منه على مولاه ، لما قال عن نفسهدخلت على الله من أبواب الطاعات كلها ، فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام فلم أتمكن من الدخول ، حتى جئت باب الذل والافتقار ، فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه ، ولا مزاحم فيه ولا معوق ، فما هو إلا أن وضعت قدمي في عتبته ، فإذا هو سبحانه قد أخذ بيدي وأدخلني عليه).

9) ــ التماس العفو من العفوّ الكريم:


قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ، ما أقول؟
قال : قولي : اللهم إنك عفوّ تحب العفو فأعف عنّي)(الترمذي).
والعفو من أسماء الله تعالى وهو : المتجاوز عن سيئات عباده الماحي لآثارها عنهم ، وهو يحب العفو ، فيحب أن يعفو عن عباده ، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم على بعض ، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه وعفوه أحب إليه من عقوبته.
قال يحي بن معاذ : لو لم يكن العفو أحب الأشياء إليه ، لم يبتل بالذنب أكرم الناس عليه.
يا رب عبدك قد أتـــــــــــا ك وقد أساء وقد هفا
يكفيه منك حيــــــــــــــاؤه من سوء ما قد أسلفا
حمل الذنوب على الذنـــــو ب الموبقات وأسرفـا
وقد استجار بذيل عفـــــــو ك من عقابك ملحــفا
يا رب فأعف وعافــــــــه فلأنت أولى من عفا

10) ــ الطمع في الجائزة وهي القبول والغفران والعتق من النار:


فيا أرباب الذنوب العظيمة ، الغنيمة الغنيمة ، في هذه الأيام الكريمة ، فما منها عوض ولا لها قيمة ، فكم يعتق فيها من النار ذي جريرة وجريمة ، فمن أعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العميمة والمنحة الجسيمة ، يا من أعتقه مولاه من النار ، إياك أن تعود بعد أن صرت حرّا إلى رق الأوزار ، أيبعدك مولاك عن النار وأنت تتقرب منها ؟ ، وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها.

ومسك الختام نردد مع قوافل المحبين ونحدو مع العاشقين ونناجي مع العارفين ونلتمس مع التائبين ونرجو مع المستغفرين ، فنقول معهم يا شهر رمضان ترفق ، دموع المحبين تدفق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقق ، عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما احرق ، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام كل ما تخرّق ، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق ، عسى أسير الأوزار يطلق ، عسى من استوجب النار يعتق ، عسى رحمة المولى لها العاصي يوفق).








آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-21-2011, 10:14 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

العشر الأواخر
محمد الجابري

هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب ، ها هي خلاصة رمضان ،و زبدة رمضان ، و تاج رمضان قد قدمت .
فيا ترى كيف نستقبلها ؟
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص هذه العشر الأواخر بعدة أعمال .
ففي الصحيحين من حديث عائشة : ( كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره و أحيا ليله و أيقظ أهله ) و لفظ لمسلم : ( أحيا ليله و أيقظ أهله ) و لها عند مسلم : ( كان رسول الله يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها )
و لها في الصحيحين : ( أن النبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ).
و في الصحيحين من حديث أبي هريرة نهى رسول الله عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين : إنك تواصل يا رسول الله ؟
قال : و أيكم مثلي إني أبيت عند ربي يطعمني و يسقيني ).

فمن هذه الأحاديث نرى أن النبي كان يجتهد بالأعمال التالية :
1- أيقاظ أهله :
و ما ذاك إلا شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في هذه الليالي العشر .
2- إحياء الليل :
فإنه إذا كان رمضان كان يقوم و ينام ، حتى إذا ما دخلت العشر الأواخر أحيا الليل كله أو جله ، فقد أخرج أصحاب السنن بإسناد صحيح من حديث أبي ذر رضي الله عنه : (صمنا مع رسول الله في رمضان فلم يقم بنا شيئا منه حتى بقي سبع ليال ، فقام بنا السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل ، ثم كانت التي تليها ... حتى كانت الثالثة فجمع أهله و اجتمع الناس فقام حتى خشينا الفلاح . فقلت : و ما الفلاح ؟ قال : السحور .
3- شد المئزر :
و المراد به اعتزال النساء كما فسره سفيان الثوري و غيره .
4- الاعتكاف :
و هو لزوم المسجد للعبادة و تفريغ القلب للتفكر و الاعتبار .
5- الوصال : وهو أنه صلى الله عليه و سلم كان لا يأكل شيئا أبدا لمدة أيام وهذا من خصائصه .ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله واصل في رمضان فواصل الناس فنهاهم ، فقيل : إنك تواصل ، فقال : ((إني لست مثلكم إني أُطعم و أُسقى)) ، ولهما من حديث أبي هريرة (( و أيكم مثلي ، إني أبيت يطعمني ربي و يسقيني)) و عند مسلم من حديث أنس (( أن النبي نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا ، واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال : ( لو تأخر لزتكم ) كالمنكل لهم .وفي لفظ عند مسلم (( لو مد الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم ..)) فمن هذه الأحاديث نعلم أن الرسول كان يواصل الصيام في العشر الأواخر بدليل أنهم رأوا الهلال و هذا لا يكون إلا في آخر الشهر . وأيضا شدة حرص الصحابة على الإقتداء به . وأيضا أن المراد بالإطعام و السقاء ليس هو طعام وسقاء حقيقي(( بل المراد ما يغذيه الله لنبيه من معارف و ما يفيض على قلبه من لذة مناجاته و قرة عينه بقربه و تنعمه بحبه و الشوق إليه و توابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلب و نعيم الروح و قرة العين و بهجة النفوس و الروح و القلب بما هو أعظم غذاء و أجوده و أنفعه حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمن و كما قيل

لها أحاديث من ذكرك تشغلها *** عن الشراب و تلهيها عن الزاد
لها بوجهك نور تستضيء به *** و من حديثك في أعقابها حادي
إذا شكت من كلال السير أوعدها *** روح القدوم فتحيا عند ميعاد
و من له أدنى تجربة و شوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب و الروح عن كثير من الغذاء الحيواني ، و لا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قرت عينه بمحبوبه ، و تنعم بقربه ، و الرضى عنه ، و ألطاف محبوبه و هداياه و تحفه تصل إليه كل وقت ، ومحبوبه حفي به ، معتنٍ بأمره ، مكرم له غاية الإكرام مع المحبة التامة له ، أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحب ؟ فكيف بالحبيب الذي لا أجل منه و أعظم ، و لا أجمل و لا أكمل و لا أعظم إحسانا إذا امتلأ قلب المحب بحبه ، و ملك حبه جميع أجزاء قلبه و جوارحه و تمكن حبه منه أعظم تمكن ، وهذا حاله مع حبيبه ، أفليس هذا المحب عند حبيبه يطعمه و يسقيه ليلا و نهارا ؟ و لهذا قال (( إني أظل عند ربي يطعمني و يسقيني )) و لو كان ذلك طعاما و شرابا للفم ، لما كان صائما فضلا عن كونه مواصلا )) اهـ . كلام ابن القيم من الزاد
ترى أيه الأحبة : لماذا يفعل رسول الله كل هذا ؟
إنه يطلب تلك الليلة الزاهية ، تلك الليلة البهية ، ليلة القدر ، ليلة نزول القرآن ، ليلة خير من ألف شهر .
نعم إنها ليلة القدر :
التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (كما في البخاري من حديث أبي هريرة ).
إنها ليلة القدر
التي إن وفقت لقيامها كتب لك كأنك عبدت الله أكثر من ( 83 ) عاما .
إنها ليلة القدر :
ليلة عتق و مباهاة ، وخدم و مناجاة ، و قربة و مصافاة .
وآه لنا أن فاتتنا هذه الليلة .
وا حسرتاه إن فاتتنا ليلة القدر .
و كيف لا يتحسر من قد فاتته المغفرة ،من فاته عبادة أكثر من ثلاث و ثمانين عاما ، إن من تفوته فهو المحروم ، وهو المطرود .
عند ابن ماجة ( قال في صحيح الترغيب و الترهيب : حسن ) ( إن هذا الشهر قد حضركم فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يحرم خيرها إلا محروم )
إنها ليلة القدر التي كان رسولنا يحث الصحابة على التماسها حثا شديدا .

أيه الأحبة :
إن إدراك ليلة القدر- و الله - لهو أمر سهل – على من سهل الله عليه – و ما ذاك ألا بأن نقوم العشر الأواخر كلها و بهذا نضمن إدراك ليلة القدر بإذن الله .

أيه الأحبة :
أن قيام الليل هو دأب الصالحين و شعار المتقين و تاج الزاهدين ، كم وردت فيه من آيات و أحاديث ، وكم ذكرت فيه من فضائل ، فكيف إذا كان في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه حيث ليلة القدر .
ماذا فاته من فاته قيام الليل ، أما لكم همة تنافسون الحسن و الفضيل و سفيان .
أما لكم همة كهمة التابعي أبي إدريس الخولاني حيث كان يقوم حتى تتورم قدماها و يقول : و الله لننافسن أصحاب محمد على محمد صلى الله عليه وسلم و حتى يعلموا أنهم خلفوا ورآهم رجالا .

يا أيه الراقد كم ترقد *** قم يا حبيبا قد دنا الموعد
و خذ من الليل و ساعاته *** حظا إذا هجع الرقد
من نام حتى ينقي ليله *** لم يبلغ المنزل أو يجهد
قل لذوي الألباب أهل التقى *** قنطرة العرض لكم موعد
آه يا مسكين لو رأيت أقواما تركوا لذيذ النوم ففازوا بليلة القدر فهم في قبورهم منعمين ، وغدا بين الحور العين جذلين ، وفي الجنان مخلدين .
آه لو رأيت من ترك قيام الليل ، فهو في قبره ما بين حسرة و لوعة .
يا عبد الله اهجر فراشك ، فإن الفرش غدا أمامك

اهجر فراشك جوف الليل و ارم به *** ففي القبور إذا فوافيتها فرش
ما شئت إن شئتها فرشا مرقشة *** أو رمضة فوقها السمومة الرقُشُ( الأفاعي )
هذا ينام قرير العين نائما *** و ذا عليه سخين العين ينتهش
شتان بينهما وبين حالهما *** هل يستوي الري في الأحشاء و العطش
قاموا و نمنا و كل في تقلبه *** لنفسه جاهدا يسعى و يجتوش
ألئك الناس إن عد الكرام فهم *** و إن ترد دبشا فنحن ذا دبش
فيا عبد الله
إن أردت لحاق السادة ، فاترك مخاللة الوسادة .

يا ثقيل النوم : أما تنبهت ، الجنة فوقك تزخرف ، و النار تحتك توقد ، و القبر إلى جنبك يحفر ، و لربما يكون الكفن قد جهز .
يا عبد الله :
أمامك الجواهر و الدرر، أمامك ليلة القدر ، فعلاما تضيع الأعمار في الطين و المدر .

يا طويل النوم :
بادر قبل أن يفوتك ( تتجافى جنوبهم ) فتأتي يوم القيامة فلا تجد ( فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين ).

فيا أخي : و الله أن العمر كله قصير ، فكيف بعشر ليال .
آلا تستحق ليلة القدر أن نضحي من أجلها بعشر ليال فقط .
غدا يا عبد الله عندما يوفى الناس أعمالهم تحمد قيامك و صيامك .
غدا يا عبد الله تفرح بتهجدك و صلاتك ، حين يتحسر أهل الغفلة .
اللهم إنا نسأل أن تجعلنا من من يوفق قيام لليلة القدر و أنت أكرم الأكرم







آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-21-2011, 10:14 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

العشرة الأواخر والدعاء
إبراهيم بن محمد الحقيل

الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد : فعندما تنزل الحاجة بالعبد فإنه ينزلها بأهلها الذين يقضونها ، وحاجات العباد لا تنتهي . يسألون قضاءها المخلوقين ؛ فيجابون تارة ويردون أخرى . وقد يعجز من أنزلت به الحاجة عن قضائها . لكن العباد يغفلون عن سؤال من يقضي الحاجات كلها؛ بل لا تقضى حاجة دونه ، ولا يعجزه شيء ، غني عن العالمين وهم مفتقرون إليه . إليه ترفع الشكوى ، وهو منتهى كل نجوى ، خزائنه ملأى ، لا تغيضها نفقه ، يقول لعباده { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}
كل الخزائن عنده ، والملك بيده { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[ الملك]
{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ }[ الحجر ] ، يخاطب عباده في حديث قدسي فيقول : (( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أًدخل البحر )) [ رواه مسلم 2577] ويقول سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }[ فاطر] .
لا ينقص خزائنه من كثرة العطايا ، ولا ينفد ما عنده ، وهو يعطي العطاء الجزيل
{ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ } [ النحل : 96] قال النبي عليه الصلاة والسلام (( يدُ الله ملأى لا تغيضها نفقه سحاءُ الليل والنهار ، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض ؟ فإنه لم يغض ما في يده ، وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع )
) [ رواه البخاري 684 ومسلم 993] .
هذا غنى الله ، وهذا عطاؤه ، وهذه خزائنه ، يعطي العطاء الكثير ، ويجود في هذا الشهر العظيم ؛ لكن أين السائلون ؟ وأين من يحولون حاجاتهم من المخلوقين إلى الخالق ؟ أين من طرقوا الأبواب فأوصدت دونهم ؟ وأين من سألوا المخلوقين فرُدوا ؟ أين هم ؟ دونكم أبواب الخالق مفتوحةً ! يحب السائلين فلماذا لا تسألون ؟ .

لماذا الدعاء ؟!
لا يوجد مؤمن إلا ويعلم أن النافع الضار هو الله سبحانه ، وأنه تعالى يعطي من يشاء ، ويمنع من يشاء ، ويرزق من يشاء بغير حساب ، وأن خزائن كل شيء بيده ، وأنه تعالى لو أراد نفع عبد فلن يضره أحد ولو تمالأ أهل الأرض كلهم عليه ، وأنه لو أراد الضر بعبد لما نفعه أهل الأرض ولو كانوا معه . لا يوجد مؤمن إلا وهو يؤمن بهذا كله ؛ لأن من شك في شيء من ذلك فليس بمؤمن ، قال الله تعالى : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [ يونس : 107] .
نعم والله لا ينفع ولا يضر إلا الله تعالى
{ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }
[ النحل : 53]
{ وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } [ الإسراء : 67] سقطت كل الآلهة ، وتلاشت كل المعبودات وما بقي إلا الله تعالى { ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ }[ الإسراء : 67] {قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً }
[الفتح :11]
لا يسمع دعاء الغريق في لجة البحر إلا الله . ولا يسمع تضرع الساجد في خلوته إلا . ولا يسمع نجوى الموتور المظلوم وعبرته تتردد في صدره ، وصوته يتحشرج في جوفه إلا الله . ولا يرى عبرة الخاشع في زاويته والليل قد أسدل ستاره إلا الله
{وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى {7} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى }[طه:8] يغضب إذا لم يُسأل ، ويحب كثرة الإلحاح والتضرع ، ويحب دعوة المضطر إذا دعاه ، ويكشف كرب المكروب إذا سأله {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }
[النمل:62] .
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟))
[ رواه البخاري 7494 ومسلم 758]
الله أكبر ، فضل عظيم ، وثواب جزيل من رب رحيم ، فهل يليق بعد هذا أن يسأل السائلون سواه ؟ وأن يلوذ اللائذون بغير حماه ؟ وأن يطلب العبادُ حاجاتهم من غيره ؟ أيسألون عبيداً مثلهم ، ويتركون خالقهم ؟! أيلجأون إلى ضعفاء عاجزين ، ويتحولون عن القوي القاهر القادر ؟! هذا لا يليق بمن تشرف بالعبودية لله تعالى ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم
(( من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسدَّ فاقته ، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل )) [ رواه أبو داود 1645والترمذي وصححه 2326 ] .

فضل الدعاء
إن الدعاء من أجلِّ العبادات ؛ بل هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ذلك لأن فيه من ذلِّ السؤال ، وذلِّ الحاجة والافتقار لله تعالى والتضرع له ، والانكسار بين يديه ، ما يظهر حقيقة العبودية لله تعالى ؛ ولذلك كان أكرم شيء على الله تعالى كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (( ليس شيء أكرم على الله من الدعاء )) [ رواه الترمذي وحسنه 3370 وابن ماجه 3829] .
وإذا دعا العبد ربه فربه أقربُ إليه من نفسه
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[ البقرة : 186] ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى : (( في ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة بل وعند كل فطر كما روى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن للصائم عند فطره دعوةً ما ترد )) [رواه ابن ماجه 1753 ، وانظر تفسير ابن كثير 1/ 328 ] دعوةٌ عند الفطر ما ترد ، ودعاء في ثلث الآخر مستجاب ، وليلةٌ خير من ألف شهر ، فالدعاء فيها خير من الدعاء في ألف شهر . ما أعظمه من فضل ! وأجزله من عطاء في ليالٍ معدودات . فمن يملك نفسه وشهوته ، ويستزيد من الخيرات ، وينافس في الطاعات ، ويكثرُ التضرع والدعاء .

ليالي الدعاء
نحن نعيش أفضل الليالي ، ليالٍ تعظُم فيها الهبات ، وتنزل الرحمات ، وتقال العثرات ، وترفع الدرجات .
فهل يعقل أن تقضى تلك الليالي في مجالس الجهل والزور ، وربُ العالمين ينزل فيها ليقضي الحوائج . يطلع على المصلين في محاريبهم ، قانتين خاشعين ، مستغفرين سائلين داعين مخلصين، يُلحون في المسألة ، ويرددون دعاءهم : ربنا ربنا . لانت قلوبهم من سماع القرآن ، واشرأبت نفوسهم إلى لقاء الملك العلام ، واغرورقت عيونهم من خشية الرحمن . فهل هؤلاء أقرب إلى رحمة الله وأجدر بعطاياه أم قوم قضوا ليلهم فيما حرم الله ، وغفلوا عن دعائه وسؤاله؟ كم يخسرون زمن الأرباح ؟ وساء ما عملوا ؟ ما أضعف هممهم ، وما أحط نفوسهم ، لا يستطيعون الصبر ليالي معدودات !!

من يستثمر زمن الربح ؟!
هذا زمن الربح ، وفي تلك الليالي تقضى الحوائج ؛ فعلق – أخي المسلم – حوائجك بالله العظيم ، فالدعاء من أجل العبادات وأشرفها ، والله لا يخيب من دعاه قال سبحانه : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر : 60] وقال تعالى : { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {55} وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}[ الأعراف :56] .
العلاقة بين الصيام والدعاء
آيات الصيام جاء عقبها ذكرُ الدعاء { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[ البقرة : 186] قال بعض المفسرين : (( وفي هذه الآية إيماءٌ إلى أن الصائم مرجو الإجابة ، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته ، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان )) [ التحرير والتنوير 2/179] والله تعالى يغضب إذا لم يسأل قال النبي عليه الصلاة والسلام (( من لم يسأل الله يغضب عليه )) [ رواه أحمد 2/442 والترمذي 3373 ] .
الله تعالى أغنى وأكرم
مهما سأل العبد فالله يعطيه أكثر ، عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها . قالوا : إذاً نكثر ، قال : الله أكثر )) [ رواه أحمد 3/18].
والدعاء يرد القضاء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام
(( لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر )) [ رواه الترمذي وحسنه 2139 والحاكم وصححه 1/493] . وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام : (( الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء )) [ رواه أحمد 5/234 والحاكم 1/493] فالله تعالى أكثر إجابة ، وأكثر عطاءً .

الذل لله تعالى حال الدعاء
إن الدعاء فيه ذلٌ وخضوع لله تعالى وانكسار وانطراح بين يديه ، قال ابن رجب رحمه الله تعالى : وقد كان بعض الخائفين يجلس بالليل ساكناً مطرقاً برأسه ويمد يديه كحال السائل ، وهذا من أبلغ صفات الذل وإظهار المسكنة والافتقار ، ومن افتقار القلب في الدعاء ، وانكساره لله عز وجل ، واستشعاره شدة الفاقةِ ، والحاجة لديه . وعلى قدر الحرقةِ والفاقةِ تكون إجابة الدعاء ، قال الأوزاعي : كان يقال : أفضل الدعاء الإلحاح على الله والتضرع إليه )) [ الخشوع في الصلاة ص72] .
أيها الداعي : أحسن الظن بالله تعالى
والله تعالى يعطي عبده على قدر ظنه به ؛ فإن ظن أن ربه غني كريم جواد ، وأيقن بأنه تعالى لا يخيب من دعاه ورجاه ، مع التزامه بآداب الدعاء أعطاء الله تعالى كل ما سأل وزيادة ، ومن ظن بالله غير ذلك فبئس ما ظن ، يقول الله تعالى في الحديث القدسي : (( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني )) [ رواه البخاري 7505 ومسلم 2675] .
الدعاء في الرخاء من أسباب الإجابة
إذا أكثر العبدُ الدعاء في الرخاء فإنه مع ما يحصل له من الخير العاجل والآجل يكون أحرى بالإجابة إذا دعا في حال شدته من عبد لا يعرف الدعاء إلا في الشدائد . روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء )) [ رواه الترمذي وحسنه 3282 والحاكم وصححه 1/ 544] .
ومع أن الله تعالى خلق عبده ورزقه ، وأنعم عليه وهو غني عنه ؛ فإنه تعالى يستحي أن يرده خائباً إذا دعاه ، وهذا غاية الكرم ، والله تعالى أكرم الأكرمين .
روى سلمان رضي الله عنه فقال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إن الله حييٌّ كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خالتين )) [ رواه أبو داود 1488والترمذي وحسنه 3556] .

العبرة بالصلاح لا بالقوة
قد يوجد من لا يؤبه به لفقره وضعفه وذلته ؛ لكنه عزيز على الله تعالى لا يرد له سؤالاً ، ولا يخيب له دعوة ، كالمذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم (( رب أشعث مدفوع ٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره )) [ رواه مسلم 2622] .
أيها الداعي : لا تعجل
إن من الخطأ أن يترك المرء الدعاء ؛ لأنه يرى أنه لم يستجب له ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول : قد دعوت فلم يستجب لي )) [ رواه البخاري 6340 ومسلم 2735] .
قال مُورِّقٌ العجلي : (( ما امتلأت غضباً قط ، ولقد سألت الله حاجة منذ عشرين سنة فما شفعني فيها وما سئمت من الدعاء )) [ نزهة الفضلاء ص 398] .
وكان السلف يحبون الإطالة في الدعاء قال مالك : (( ربما انصرف عامر بن عبد الله بن الزبير من العتمة فيعرض له الدعاء فلا يزال يدعو إلى الفجر ))[ نزهة الفضلاء 484] . ودخل موسى بن جعفر بن محمد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدة في أول الليل فسمع وهو يقول في سجوده : (( عظمُ الذنبُ عندي فليحسن العفو عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، فما زال يرددها حتى أصبح )) [ نزهة الفضلاء 538] .

الصيغة الحسنة في الدعاء
ينبغي – أيها المسلم – أن تقتفي أثر الأنبياء في الدعاء ، سئل الإمام مالك عن الداعي يقول : يا سيدي فقال : (( يعجبني دعاء الأنبياء : ربنا ربنا )) [ نزهة الفضلاء 621] .
هذه أيام الدعاء
هذا بعض ما يقال في الدعاء ، ونحن في أيام الدعاء وإن كان الدعاء في كل وقت ؛ لكنه في هذه الأيام آكد ؛ لشرف الزمان ، وكثرة القيام . فاجتهد في هذه الأيام الفاضلة فلقد النبي صلى الله عليه وسلم يشد فيها مئزره ، ويُحيي ليله ، ويوقظ أهله . كان يقضيها في طاعة الله تعالى ؛ إذ فيها ليلة القدر لو أحيا العبد السنة كلها من أجل إدراكها لما كان ذلك غريباً أو كثيراً لشرفها وفضلها ، فكيف لا يُصبِّر العبد نفسه ليالي معدودة .
فاحرص – أخي المسلم – على اغتنام هذه العشر ، وأر ِ الله تعالى من نفسك خيراً . فلربما جاهد العبدُ نفسه في هذه الأيام القلائل فقبل الله منه ، وكتب له سعادة لا يشقى بعدها أبداً ، وهي تمرُّ على المجتهدين واللاهين سواء بسواء ؛ لكن أعمالهم تختلف ، كما أن المدون في صحائفهم يختلف ، فلا يغرنك الشيطان فتضيع هذه الأيام كما ضاع مثيلاتها من قبل .
أسأل الله تعالى أن يتولانا بعفوه ، وأن يرحمنا برحمته ، وأن يستعملنا في طاعته ، وأن يجعل مثوانا جنته ، وأن يتقبلنا في عباده الصالحين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-21-2011, 10:15 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

فضل العشر الأواخر وليلة القدر


الحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ، ما لا يجتهد في غيرها مسلم(1175) عن عائشة ومن ذلك انه كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر خلالها البخاري (1913) ومسلم(1169) وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره " البخاري (1920) ومسلم (1174) زاد مسلم وجَدَّ وشد مئزره .

وقولها " وشد مئزره " كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد ، ومعناه التشمير في العبادات .

وقيل هو كناية عن اعتزال النساء وترك الجماع .

وقولهم " أحيا الليل " أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها . وقد جاء في حديث عائشة الآخر رضي الله عنها : " لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القران كله في ليلة ولا قام ليلة حتى الصباح ولا صام شهرا كاملا قط غير رمضان" سنن النسائي (1641) فيحمل قولها " أحيا الليل " على أنه يقوم أغلب الليل . أو يكون المعنى أنه يقوم الليل كله لكن يتخلل ذلك العشاء والسحور وغيرهما فيكون المراد أنه يحيي معظم الليل .

وقولها : " وأيقظ أهله " أي : أيقظ أزواجه للقيام ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في سائر السنة ، ولكن كان يوقظهم لقيام بعض الليل ، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال : " سبحان الله ماذا أُنزل الليلة من الفتن ! ماذا أُنزل من الخزائن ! من يوقظ صواحب الحجرات ؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " البخاري (1074) وفيه كذلك أنه كان عليه السلام يوقظ عائشة رضي الله عنها إذا أراد أن يوتر البخاري (952) . لكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العشر الأواخر من رمضان كان أبرز منه في سائر السنة .

وفعله صلى الله عليه وسلم هذا يدل على اهتمامه بطاعة ربه ، ومبادرته الأوقات ، واغتنامه الأزمنة الفاضلة .

فينبغي على المسلم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه هو الأسوة والقدوة ، والجِدّ والاجتهاد في عبادة الله ، وألا يضيّع ساعات هذه الأيام والليالي ، فإن المرء لا يدري لعله لا يدركها مرة أخرى باختطاف هادم اللذات ومفرق الجماعات والموت الذي هو نازل بكل امرئ إذا جاء أجله ، وانتهى عمره ، فحينئذ يندم حيث لا ينفع الندم .

ومن فضائل هذه العشر وخصائصها ومزاياها أن فيها ليلة القدر ، قال الله تعالى : ( حم . والكتاب المبين . إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم . أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين . رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ) سورة الدخان الآيات 1-6

أنزل الله القران الكريم في تلك الليلة التي وصفها رب العالمين بأنها مباركة وقد صح عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغيرهم أن الليلة التي أنزل فيها القران هي ليلة القدر.

وقوله " فيها يفرق كل أمر حكيم " أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة .

والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم - أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ ، قال ابن عباس " أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات " أي انه كتب في ليلة القدر انه من الأموات . وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة .

ومعنى ( القدر ) التعظيم ، أي أنها ليلة ذات قدر ، لهذه الخصائص التي اختصت بها ، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر . وقيل : القدر التضييق ، ومعنى التضييق فيها : إخفاؤها عن العلم بتعيينها ، وقال الخليل بن أحمد : إنما سميت ليلة القدر ، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة ، من ( القدر ) وهو التضييق ، قال تعالى : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) سورة الفجر /16 ، أي ضيق عليه رزقه .

وقيل : القدر بمعنى القدَر - بفتح الدال - وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى : ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) . ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها .

فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) البخاري ( 1910 ) ، ومسلم ( 760 ) .

وقد خص الله تعالى هذه الليلة بخصائص :

1- منها أنه نزل فيها القرآن ، كما تقدّم ، قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم . تفسير ابن كثير 4/529 .

2- وصْفها بأنها خير من ألف شهر في قوله : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) سورة القدر الآية/3

3- ووصفها بأنها مباركة في قوله : ( إنا أنزلنه في ليلة مباركة ) سورة الدخان الآية 3 .

4- أنها تنزل فيها الملائكة ، والروح ، " أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيماً له " أنظر تفسير ابن كثير 4/531 والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصَّه بالذكر لشرفه .

5- ووصفها بأنها سلام ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد أنظر تفسير ابن كثير 4/531 ، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل .

6- ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) الدخان /4 ، أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها ، كل أمر محكم لا يبدل ولا يغير انظر تفسير ابن كثير 4/137،138 وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وكتابته له ، ولكن يُظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو وظيفتهم " شرح صحيح مسلم للنووي 8/57 .

7- أن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وقوله : ( إيماناً واحتساباً ) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه . فتح الباري 4/251 .

وقد أنزل الله تعالى في شأنها سورة تتلى إلى يوم القيامة ، وذكر فيها شرف هذه الليلة وعظَّم قدرها ، وهي قوله تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر . تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر ) سورة القدر .

فقوله تعالى : ( وما أدراك ما ليلة القدر ) تنويهاً بشأنها ، وإظهاراً لعظمتها . ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) أي : أي إحْياؤها بالعبادة فيها خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة ، وهذا فضل عظيم لا يقدره قدره إلا رب العالمين تبارك وتعالى ، وفي هذا ترغيب للمسلم وحث له على قيامها وابتغاء وجه الله بذلك ، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس هذه الليلة ويتحراها مسابقة منه إلى الخير ، وهو القدوة للأمة ، فقد تحرّى ليلة القدر .

ويستحب تحريها في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه خاصة جاء في صحيح مسلم من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ ( والقبة : الخيمة وكلّ بنيان مدوّر ) عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ قَالَ فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ فَدَنَوْا مِنْهُ فَقَالَ إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ قَالَ وَإِنِّي أُرْيْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ وَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ . صحيح مسلم 1167

وفي رواية قال أبو سعيد : ( مطرنا ليلة إحدى وعشرين ، فوكف المسجد في مُصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظرت إليه ، وقد انصرف من صلاة الصبح ، ووجهه مُبتل طيناً وماء ) متفق عليه ، وروى مسلم من حديث عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه نحو حديث أبي سعيد لكنه قال : ( فمطرنا ليلة ثلاثة وعشرين ) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألتمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري 4/260

وليلة القدر في العشر الأواخر كما في حديث أبي سعيد السابق وكما في حديث عائشة وحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) حديث عائشة عند البخاري 4/259 ، وحديث ابن عمر عند مسلم 2/823 ، وهذا لفظ حديث عائشة .

وفي أوتار العشر آكد ، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ) رواه البخاري 4/259 .

وفي الأوتار منها بالذات ، أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين . فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر ) رواه البخاري ( 1912 ) وانظر ( 1913 ) ورواه مسلم ( 1167 ) وانظر ( 1165 )

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري ( 1917 - 1918 ) . فهي في الأوتار أحرى وأرجى إذن .

وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى ( أي تخاصم وتنازع ) رجلان من المسلمين ، فقال : ( خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت ، وعسى أن يكون خيراً لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ) البخاري ( 1919 ) . أي في الأوتار .

وفي هذا الحديث دليل على شؤم الخصام والتنازع ، وبخاصة في الدِّين وأنه سبب في رفع الخير وخفائه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين ، وليلة سبع وعشرين ، وليلة تسع وعشرين ، ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لتاسعة تبقى ، لسابعة تبقى ، لخامسة تبقى ، لثالثة تبقى ) فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع وتكون الاثنان والعشرون تاسعة تبقى ، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى ، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح ، وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر ، وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه ) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله الفتاوى 25/284،285 .)

وليلة القدر في السبع الأواخر أرجى ، ولذلك جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام ، في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) رواه البخاري ( 1911 ) ومسلم ( 1165 ) . ولمسلم : ( التمسوها في العشر الأواخر ، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يُغلبن على السبع البواقي .

وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر عند أحمد ومن حديث معاوية عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ) مسند أحمد وسنن أبي داود ( 1386 ) . وكونها ليلة سبع وعشرين هو مذهب أكثر الصحابة وجمهور العلماء ، حتى أبيّ بن كعب رضي الله عنه كان يحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين ، قال زر ابن حبيش : فقلت : بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر ؟ قال : بالعلامة ، أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها . رواه مسلم 2/268

وروي في تعيينها بهذه الليلة أحاديث مرفوعة كثيرة .

وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه : ( أنها ليلة سبع وعشرين ) واستنبط ذلك استنباطاً عجيباً من عدة أمور ، فقد ورد أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة وجمع ابن عباس معهم وكان صغيراً فقالوا : إن ابن عباس كأحد أبنائنا فلم تجمعه معنا ؟ فقال عمر : إنه فتى له قلب عقول ، ولسان سؤول ، ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر ، فأجمعوا على أنها من العشر الأواخر من رمضان ، فسأل ابن عباس عنها ، فقال : إني لأظن أين هي ، إنها ليلة سبع وعشرين ، فقال عمر : وما أدراك ؟ فقال : إن الله تعالى خلق السموات سبعاً ، وخلق الأرضين سبعاً ، وجعل الأيام سبعاً ، وخلق الإنسان من سبع ، وجعل الطواف سبعاً ، والسعي سبعاً ، ورمي الجمار سبعاً . فيرى ابن عباس أنها ليلة سبع وعشرين من خلال هذه الاستنباطات ، وكأن هذا ثابت عن ابن عباس .

ومن الأمور التي استنبط منها أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين : أن كلمة فيها من قوله تعالى : ( تنزل الملائكة والروح فيها ) هي الكلمة السابعة والعشرون من سورة القدر .

وهذا ليس عليه دليل شرعي ، فلا حاجة لمثل هذه الحسابات ، فبين أيدينا من الأدلة الشرعية ما يغنينا .

لكن كونها ليلة سبع وعشرين أمر غالب والله أعلم وليس دائماً ، فقد تكون أحياناً ليلة إحدى وعشرين ، كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدّم ، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين كما جاء في رواية عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه كما تقدّم ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري 4/260) .

ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل وليست في ليلة معينة كل عام ، قال النووي رحمه الله : ( وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك ، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها ) المجموع 6/450 .

وإنما أخفى الله تعالى هذه الليلة ليجتهد العباد في طلبها ، ويجدّوا في العبادة ، كما أخفى ساعة الجمعة وغيرها .

فينبغي للمؤمن أن يجتهد في أيام وليالي هذه العشر طلباً لليلة القدر ، اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن يجتهد في الدعاء والتضرع إلى الله .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) رواه الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح .

ثالثاً : اختصاص الاعتكاف فيها بزيادة الفضل على غيرها من أيام السنة ، والاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله تعالى ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف هذه العشر كما جاء في حديث أبى سعيد السابق أنه اعتكف العشر الأول ثم الوسط ، ثم أخبرهم انه كان يلتمس ليلة القدر ، وانه أريها في العشر الأواخر ، وقال : ( من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ) وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ، ثم اعتكف أزواجه من بعده متفق عليه ولهما مثله عن ابن عمر .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة .

وقال الأئمة الأربعة وغيرهم رحمهم الله يدخل قبل غروب الشمس ، وأولوا الحديث على أن المراد أنه دخل المعتكف وانقطع وخلى بنفسه بعد صلاة الصبح ، لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف ، انظر شرح مسلم للنووي 8/68،69 ، وفتح الباري 4/277 . ويسن للمعتكف الاشتغال بالطاعات ، ويحرم عليه الجماع ومقدماته لقوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) سورة البقرة /177 .

ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها .

العلامات التي تعرف بها ليلة القدر :

العلامة الأولى : ثبت في صحيح مسلم من حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من علاماتها أن الشمس تطلع صبيحتها لا شُعاع لها . مسلم ( 762 )

العلامة الثانية : ثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة ، ورواه الطيالسي في مسنده ، وسنده صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة طلقة ، لا حارة ولا باردة ، تُصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ) صحيح ابن خزيمة ( 2912 ) ومسند الطيالسي .

العلامة الثالثة : روى الطبراني بسند حسن من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة بلجة " أي مضيئة " ، لا حارة ولا باردة ، لا يرمى فيها بنجم " أي لا ترسل فيها الشهب " ) رواه الطبراني في الكبير انظر مجمع الزوائد 3/179 ، مسند أحمد .

فهذه ثلاثة أحاديث صحيحة في بيان العلامات الدالة على ليلة القدر .

ولا يلزم أن يعلم من أدرك وقامها ليلة القدر أنه أصابها ، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص ، سواء علم بها أم لم يعلم ، وقد يكون بعض الذين لم يعلموا بها أفضل عند الله تعالى وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة وذلك لاجتهادهم . نسأل الله أن يتقبّل منا الصيام والقيام وأن يُعيننا فيه على ذكره وشُكْره وحُسْن عبادته . وصلى الله على نبينا محمد .

المصدر : الإسلام سؤال وجواب







آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-21-2011, 10:15 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

قبل أن يرحل رمضان
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

دع البكاء على الأطلال والدار *** واذكر لمن بات من خل ومن جار
وذر الدموع نحيباً وابك من أسف *** على فراق ليال ذات أنوار
على ليال لشهر الصوم ماجعلت *** إلا لتمحيص آثام وأوزار
يالائمي في البكاء زدني به كلفاً *** واسمع غريب أحاديث وأخبار
ما كان أحسننا والشمل مجتمع *** منا المصلي ومنا القانت القاري
وداعاً يا شهر يا رمضان ! وداعاً يا شهر الخيرات والإحسان ! وداعاً يا ضيفنا الراحل ! مضى كثيرك ولم يبق بين أيدينا منك إلا أيام قلائل ، عشر تجاورنا اليوم وهي إلى الرحيل أقرب من البقاء ، ولئن قال ابن رجب في لطائفه عند الفراق : ياشهر رمضان ترفّق ، دموع المحبين تدفّق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقّق . عسى وقفة للوداع تطفيء من نار الشوق ما أحرق ، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ماتخرّق ، عسى منقطع من ركب المقبولين يلحق ، عسى أسير الأوزار يُطلق ، عسى من استوجب النار يُعتق . اهـ فما أحرانا بتدبّر قوله ، وفعل يطفيء حرارة الوداع .
أيها الشباب قبل أن تُشيعوا ضيفكم الميمون عودوا إلى أنفسكم حفظكم الله وتأملوا ماذا قدّمتم بين يديه ؟ وما هي الأسرار التي بينكم وبين ربكم في أيام شهركم وسيرحل بها رمضان ؟ هاتفني شاب في رمضان بعد سماع إحدى المواعظ وحدثني في الهاتف حديث طويل أذكر من قوله : أشعر من حديثكم أنكم تشعرون بفقد الشهر ، وتتحسّرون على فوات أيامه ؟ فلماذا أنا لا أشعر بذلك ؟ وبعد حديث طويل عن سر فقد الفرحة في قلب من يحاورني قال لي : عفواً أخي في شهر رمضان أسررت المعصية ، وتجاهلت الطاعة ، وكم هي المرات التي لا أشهد فيها صلاة التراويح ، وإن شهدتها فصورة بلا معنى ، وحركات بلا روح ، القرآن عهدي به من زمن بعيد ، وقد حاولت أن أمد يدي إليه مع جملة الذاكرين لكن نفسي حبستني عن الاستمرار وهاأنا لا زلت في بدايته إلى اليوم . أما المعصية فتدفعي لها نفسي دفعاً حتى أنني واقعت أنواعاً من المعاصي مراراً في شهر رمضان فعيني تخطّت ستار المعروف واجتالت في حرمات الله تعالى ، وأذني أبت إلا أن تتجاوز حدها الشرعي فانتهكت ماحرم الله ، ونفسي التي بين جنبيّ جاهدتها كثيراً فكابرت ومانعت واستعصت علىّ ، بل ما زالت بي حتى أوقعتني في الفاحشة ........... ومازال يحدّث حتى أنهار باكياً ، واستعبر أمامي في البكاء ، وأخذ يردد أثناء حديثه أخشى أن لا أكون ممن غفر الله لهم ، أو تقبّل منهم ، أخشى أن يختم الله لي بخاتمة السوء ! فأصبح أسير أحزاني ! أنا لست وحيداً في طريق اليأس فكثير من الشباب أمثالي ، فما زلت به أخفف عنه هذه الآلام حتى عاد يسمع حديثي من جديد فقلت له أخي الشاب لازال في الأمل فسحة ، وفي الوقت بقية ، والعبرة بالخواتيم . وأنا وإياك نشهد هذه العشر المباركة فهل يمكن أن تضع يدي في يدك وتعاهدني على المسير فقال أي والله مسير يعيد لي الفرحة والبسمة في حياتي من جديد لم لا أقبل به ؟ ولما لا أعيشه وقد عشت كل معاني الحرمان في المعصية والدأب عليها ؟ فقلت له أقبل حفظك الله إلى حديث ، أرعني سمعك ، وجُد علىّ بشيء من وقتك فعندي سر السعادة التي تنتظرها ، عندي لك قول الله تعالى : (( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )) دواء للمنكسرين من أمثالك لكن بشرطها الوحيد : التوبة الصادقة التي رأيت من آثارها أثر الدموع بين عينيك . وعندي لك قول رسولك صلى الله عليه وسلم : (( لله اشد فرحاً بتوبة عبده عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة قاضطجع في ظلها ، وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح . متفق عليه من حديث أنس . إذاً لم يبق عليك حفظك الله إلا الإقبال على ما بقي من شهرك إذ هذه الأيام هي الخاتمة ، وهي سر الشهر ، وأفضل أيامه على الإطلاق ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول عنه عائشة رضي الله عنها : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجدّ ، وشد المئزر )) ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة . هذه الليلة العظيمة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ماتقدم من ذنبه )) متفق عليه من حديث أبي هريرة . وقد أخبر الله عن هذه الليلة أنها خير من ألف شهر في كتابه المبين فقال تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ماليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر )) وأخبر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أن هذه الليلة في ليالي العشر حين قال صلى الله عليه وسلم : (( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان )) أقبل على عشر رمضان حفظك الله بكل جهدك وقوتك واحرص على أن يكون ختام شهرك ختاماً حياً مباركاً ، تزوّّد فيها بالطاعات ، احرص على الفريضة مع الإمام والله الله أن يشهد الله عليك أو حتى أحد من خلقه تخلُفاً عن الجماعة بنوم أو كسل ، إلزم النافلة القبلية والبعدية ، واحرص على أداء صلاة التراويح والقيام مع جموع المسلمين ، ولا زم فيها دعاء : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني فهي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين . أكثر من قراءة القرآن ، ونوّّع في القراء مابين حدر وترتيل ، ولتكن عنايتك بالتدبّر لآيات القران الكريم فإن في ذلك خير كثير . قم برعايتك والديك وقبّل رأسهما كل مساء ، والزمهما بالطاعة والبر فإن ذلك من أعظم فرص استغلال شهر رمضان . صل أرحامك ، وتعاهد جيرانك فإن ذلك من خلق المسلم . وإنني إذ أدعوك إلى التمعّّّن في هذه الأحاديث إنما أدعوك للتحرر من الكسل واستقبال الآخرة ، والإقبال على عشر رمضان الأخيةر ففيها بإذن الله تعالى سر السعادة المرتقبة التي تبحث عنها ، وإنما حين أقرر لك أن هذا هو طريق السعادة آمل منك أن تجرّب هذا الطريق ولن تجد أجمل منه ولا أسعد على وجه هذه الحياة ، وهؤلاء الذين تراهم في مجتمعك تبرق أسارير وجوههم يالاستقامة هم كانوا مثل ما أنت فيه الآن من الحيرة والاضطراب ، والهم والغم ، وخاضوا هذه التجربة في بداية حياتهم وحينما وجدوا المفقود والسر الغائب في حياتهم قرروا التوبة ، وهم اليوم وكل يوم يرددون قول القائل : والله إنها لتمر بي ساعات يرقص فيها القلب فرحاً من ذكر الله . ويلهجون بقول الله تعالى : (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )) وفقك الله وسدد خطاك وعلى طريق الخير بإذن الله تعالى نلقاك .






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-22-2011, 06:18 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

ها هو شهر رمضان قد اصفرّت شمسه، وآذنت بالغروب فلم يبق إلا ثلثه الأخير، فماذا عساك قدمت فيما مضى منه؟ وهل أحسنت فيه أو أسأت؟ فيا أيها المحسن المجاهد فيه هل تحس الآن بتعب ما بذلته من الطاعة؟ ويا أيها المفرّط الكسول المنغمس في الشهوات هل تجد راحة الكسل والإضاعة؟ وهل بقي لك طعم الشهوة إلى هذه الساعة؟
تفنى اللذاذات ممن نال صفـوتها *** من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سـوء في مغبتـها *** لا خير في لذة من بعدها النار

فلنستدرك ما مضى بما بقي، وما تبقى من ليالٍ أفضل مما مضى، ولهذا كان رسول الله:"إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"[1]. وفي رواية مسلم:"كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره". وهذا يدلُّ على أهمية وفضل هذه العشر من وجوه:
أحدها: إنهكان إذا دخلت العشر شد المئزر، وقيل إنه كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن.
وثانيها: أنهيحيي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات.
وثالثها: أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر؛ حرصًا على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة.
ورابعها: أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر.

وعليه، فاغتنم بقية شهرك فيما يقرِّبك إلى ربك، وبالتزوُّد لآخرتك من خلال قيامك بما يلي:
1- الحرص على إحياء هذه الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات، وإيقاظ الأهل ليقوموا بذلك كما كانيفعل. قال الثوري: "أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك". وليحرص على أن يصلي القيام مع الإمام حتى ينصرف ليحصل له قيام ليلة، يقول النبي: "إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"[2].

2- اجتهد في تحري ليلة القدر في هذه العشر، فقد قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]. ومقدارها بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر. قال النخعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر". وقال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر ما تقدم من ذنبه"[3]. وقوله: "إيمانًا"، أي إيمانًا بالله وتصديقًا بما رتب على قيامها من الثواب. و"احتسابًا" للأجر والثواب.
وهذه الليلة في العشر الأواخر كما قال النبي: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"[4]. وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع؛ لقول النبي: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"[5]. وهي في السبع الأواخر أقرب؛ لقوله: "التمسوها في العشر الأواخر, فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي"[6]. وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين؛ لحديث أبيّ بن كعب t أنه قال: "والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول اللهبقيامها، هي ليلة سبع وعشرين"[7].
وهذه الليلة لا تختصُّ بليلة معينة في جميع الأعوام بل تنتقل في الليالي تبعًا لمشيئة الله وحكمته. قال ابن حجر عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر: "وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأواخر وأنها تنتقل". قال العلماء: "الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها, بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها".
وعليه فاجتهد في قيام هذه العشر جميعًا، وكثرة الأعمال الصالحة فيها، وستظفر بها يقينًا بإذن الله.
والأجر المرتب على قيامها حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم؛ لأن النبيلم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر.

3- احرص على الاعتكاف في هذه العشر. والاعتكاف: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى. وهو من الأمور المشروعة. وقد فعله النبيوفعله أزواجه من بعده؛ ففي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبييعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده". ولما ترك الاعتكاف مرة في رمضان اعتكف في العشر الأول من شوال, كما في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين.
قال الإمام أحمد رحمه الله: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا أن الاعتكاف مسنون، والأفضل اعتكاف العشر جميعًا كما كان النبييفعل، لكن لو اعتكف يومًا أو أقل أو أكثر جاز. قال في الإنصاف: أقله إذا كان تطوعًا أو نذرًا مطلقًا ما يسمى به معتكفًا لابثًا. وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: وليس لوقته حد محدود في أصح أقوال أهل العلم.
وينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة, وأن يحاسب نفسه, وينظر فيما قدم لآخرته, وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا, ويقلل من الخلطة بالخلق. قال ابن رجب: "ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس, حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن, بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتحلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه, وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية".
ختام الشهر

ها هو شهر رمضان قد قوِّصت خيامه، وغابت نجومه. وها أنت في ليلة العيد، فالمقبول منا هو السعيد. وإن الله قد شرع في ختام الشهر عبادات تقوِّي الإيمان، وتزيد الحسنات. ومنها:
1- التكبير: من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]. ومن الصفات الواردة فيه: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

2- زكاة الفطر: وهي صاع من طعام ويبلغ قدره بالوزن: كيلوين وأربعين جرامًا من البر الجيد. فإذا أراد أن يعرف الصاع النبوي فليزن كيلوين وأربعين جرامًا من البر ويضعها في إناء بقدرها بحيث تملؤه ثم يكيل به. والأفضل أن يخرجها صباح العيد قبل الصلاة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبيأمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة"[8]. ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.

3- صلاة العيد: وقد أمر بهاأمته رجالاً ونساء مما يدل على تأكدها. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها واجبة على جميع المسلمين، وأنها فرض عين. وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد واختاره ابن القيم أيضًا.

ومما يدل على أهمية صلاة العيد ما جاء في حديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: أمرنا رسول اللهأن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق والحُيَّض وذوات الخدور, فأما الحُيَّض فيعتزلن المصلى, ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب. فقال: "لتلبسها أختها من جلبابها"[9].

والسُّنَّة: أن يأكل قبل الخروج إليها تمرات وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر, يقطعهن على وتر؛ لحديث أنس t قال: "كان النبيلا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا"[10].

ويسن للرجل أن يتجمل ويلبس أحسن الثياب، كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى بها رسول اللهفقال: يا رسول الله, ابتعْ هذه تجمَّلْ بها للعيد والوفود. فقال له رسول الله: "إنما هذه لباس من لا خلاق له". وإنما قال ذلك لكونها حريرًا. وهذا الحديث رواه البخاري، وبوب عليه: باب في العيدين والتجمل فيهما. وقال ابن حجر: وروى ابن أبي الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين.

وأما المرأة فإنها تخرج إلى العيد متبذّلة, غير متجملة ولا متطيبة, ولا متبرجة؛ لأنها مأمورة بالستر, والبعد عن الطيب والزينة عند خروجها.

ويسن أن يخرج إلى مصلى العيد ماشيًا لا راكبًا إلا من عذر كعجز وبُعد مسافة؛ لقول علي t: "من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيًا"[11]. والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم, يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشيًا, وأن لا يركب إلا من عذر.

وينبغي مخالفة الطريق بأن يرجع من طريق غير الذي ذهب منه؛ فعن جابر t قال: "كان النبيإذا كان يوم عيد خالف الطريق"[12]. وفي رواية الإسماعيلي: كان إذا خرج إلى العيد رجع من غير الطريق الذي ذهب فيه. قال ابن رجب: وقد استحب كثير من أهل العلم للإمام وغيره إذا ذهبوا في طريق إلى العيد أن يرجعوا في غيره، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأحمد.

ويستحب التهنئة والدعاء يوم العيد؛ فعن محمد بن زياد قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي، فكانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. قال أحمد: إسناده جيد. وقال ابن رجب: وقد روي عن جماعة من الصحابة التابعين أنهم كانوا يتلاقون يوم العيد، ويدعو بعضهم لبعضٍ بالقبول[13].

[1] متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
[2] رواه أهل السنن، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[3] متفق عليه.
[4] متفق عليه.
[5] رواه البخاري.
[6] رواه مسلم.
[7] رواه مسلم.
[8] متفق عليه.
[9] متفق عليه.
[10] رواه البخاري.
[11] رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن.
[12] رواه البخاري






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-22-2011, 06:19 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فمن المعلوم أن للعشر الأواخر من رمضان فضيلةً وميزة عن غيرها من أيام الشهر، ففيها أنزل القرآن كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1].

وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وهي ليلة عظيمة قال الله فيها: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 2، 3]. أي: أن العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر.

وقد كان النبييتفرغ للعبادة في هذه العشر، فيحيي ليله، ويوقظ أهله، ويشد مئزره، كما قالت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول اللهيجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره"[1]. وقالت: "كان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"[2].

وهذا الاجتهاد كما ذكر الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- شامل لجميع أنواع العبادة من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها، حتى إنهكان يعتزل نساءه؛ اشتغالاً بالعبادة. بل إنه -عليه الصلاة والسلام- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان؛ لئلا يصرفه عن عبادة الله وذكره وشكره صارف.

وقد أجاب العلماء على كثير من الأسئلة المتعلقة بهذه العشر، وبينوا ما يخصها من أحكام وسنن وآداب، وهذه بعض فتاوى أهل العلم في ذلك.
أيهما أفضل

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: أيهما أفضل العشر الأواخر من رمضان أم عشر ذي الحجة؟

فأجاب رحمه الله:
أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة. قال ابن القيم: "وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيًا كافيًا، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم التروية".

وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء، التي كان رسول اللهيحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر، فمن أجاب بغير هذا التفضيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.
من أحكام الاعتكاف

سؤال: ما هو الاعتكاف؟ وماذا يفعل المعتكف؟ ماذا عليه أن يمتنع منه؟ وهل يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد الحرام؟ وكيف ذلك؟

أجاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- فقال:
الاعتكاف عبادة وسنة، وأفضل ما يكون في رمضان، في أي مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، كما قال تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].

فلا مانع من الاعتكاف في المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف، من الرجل والمرأة إذا كان لا يضر بالمصلين، ولا يؤذي أحدًا فلا بأس بذلك.

والذي على المعتكف أن يلزم معتكفه، ويشتغل بذكر الله والعبادة، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان كالبول والغائط ونحو ذلك، أو لحاجة الطعام إذا كان لم يتيسر له من يحضر له الطعام، فيخرج لحاجته، فقد كان النبييخرج لحاجته.

ولا يجوز للمرأة أن يأتيها زوجها وهي في الاعتكاف، وكذلك المعتكف ليس له أن يأتي زوجته وهو معتكف؛ لأن الله تعالى قال: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].

والأفضل له ألاَّ يتحدث مع الناس كثيرًا، بل يشتغل بالعبادة والطاعة، لكن لو زاره بعض إخوانه، أو زار المرأة بعض محارمها أو بعض أخواتها في الله وتحدثت معهم أو معهن فلا بأس، وكان النبييزوره نساؤه في معتكفه، ويتحدث معهن ثم ينصرفن، فدل ذلك على أنه لا حرج في ذلك.

والاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى، سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة؛ لأنه لم يرد في ذلك -فيما أعلم- ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين، ولا بما هو أكثر من ذلك.

وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبًا بالنذر، وهو في حق الرجل والمرأة سواء، ولا يشترط أن يكون معه صوم على الصحيح، فلو اعتكف الرجل أو المرأة وهما مفطران فلا بأس في غير رمضان.
شروط الاعتكاف

سؤال: ما هي شروط الاعتكاف؟ وهل الصيام منها؟ وهل يجوز للمعتكف أن يزور مريضًا، أو يجيب دعوة، أو يقضي حوائج أهله، أو يتبع جنازة، أو يذهب إلى عمل؟

أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
يشرع الاعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، وإن كان المعتكف ممن تجب عليهم الجمعة، ويتخلل مدة اعتكافه جمعة، فالاعتكاف في مسجد تقام فيه جمعة أفضل، ولا يلزم له الصوم. والسنة ألاّ يزور المعتكف مريضًا أثناء اعتكافه، ولا يجيب دعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد؛ لما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "السنة على المعتكف ألا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد فيه".
بداية اعتكاف العشر ونهايته

سؤال: إذا أراد شخص أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فمتى يبدأ اعتكافه؟ ومتى ينتهي؟

أجابت اللجنة الدائمة:
روى البخاري ومسلم رحمها الله، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبيإذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه". وتنتهي مدة اعتكاف عشر رمضان بغروب شمس آخر يوم منه.
أقسام خروج المعتكف من معتكفه

سؤال: ما هي أقسام خروج المعتكف من معتكفه؟

أجاب سماحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
خروج المعتكف من معتكفه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يكون خروجًا لما ينافي الاعتكاف، كما لو خرج ليجامع أهله، أو خرج ليبيع ويشتري، وما أشبه ذلك مما هو مضاد للاعتكاف ومنافٍ له، فهذا الخروج لا يجوز وهو مبطل للاعتكاف، سواء شرطه أم لم يشترطه.

ومعنى قولنا: (لا يجوز) أنه إذا وقع في الاعتكاف أبطله، وعلى هذا فإن كان الاعتكاف تطوعًا وليس بواجب بنذر، فإنه إذا خرج لا يأثم؛ لأن قطع النفل ليس فيه إثم، ولكنه يبطل اعتكافه، فلا يبنى على ما سبق.

القسم الثاني: أن يخرج لأمر لا بد له منه، وهو أمر مستمر، كالخروج لقضاء الحاجة إذا لم يكن في المسجد ما يقضي به حاجته، وما أشبه ذلك من الأمور التي لا بد منها، وهي أمور مطردة مستمرة، فهذا خروج له أن يفعله، سواء اشترط ذلك أم لا يشترطه؛ لأنه وإن لم يشترط في اللفظ فهو مشترط في العادة، فإن كل أحدٍ يعرف أن سيخرج لهذه الأمور.

القسم الثالث: ما لا ينافي الاعتكاف، ولكنه له منه بد، مثل الخروج لتشييع جنازة، أو لعيادة مريض، أو لزيارة قريب، وما أشبه ذلك مما هو طاعة، ولكنه له منه بد، فهذا يقول أهل العلم: إن اشتراطه في ابتداء اعتكافه، فإنه يفعله، وإن لم يشترطه فإنه لا يفعله.
النية تكفي

سؤال: إذا نذر الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، فهل يكره الوفاء بنذره؟

أجاب سماحة الشيخ عبد الرحمن السَّعدي رحمه الله بقوله:
إن كان يحتاج إلى شد رحل فلا يجوز، كما صح في الحديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد".

فكل موضع مسجد أو غيره عينه لعبادة -اعتكاف أو غيره- وهو يحتاج إلى شد رحل فإنه لا يجوز، وإن كان بعض الأصحاب كالموفّق وغيره أجاز ذلك.

فالذي عليه المحققون هو ما دل عليه الحديث في المنع، وإن كان لا يحتاج إلى شد رحل، فإن كان الذي عينه تقام فيه الجمعة، وهو يتخلل اعتكافه جمعة، لم يعتكف في مسجد لا تقام فيه الجمعة؛ لأنه يأتي بأقل مما وجب عليه، وإن كان المسجدان سواء في إقامة الجمعة أو عدمها، فهو مخير، إن شاء وفّى بما نذره، وإن شاء في الآخر، كما ذكر هذا الأصحاب رحمهم الله تعالى.
الاتصال بالهاتف

سؤال: هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟

أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
نعم، يجوز للمعتكف أن يتصل بالهاتف لقضاء بعض حوائج المسلمين إذا كان الهاتف في المسجد الذي هو معتكف فيه؛ لأنه لم يخرج من المسجد، أما إذا كان خارج المسجد، فلا يخرج لذلك.
استعمال حبوب منع الحيض

سؤال: إذا كان المرأة يأتيها الحيض في العشر الأواخر من رمضان، فهل يجوز لها أن تستعمل حبوب منع الحيض لتتمكن من أداء العبادة في هذه الأيام الفاضلة؟

أجاب سماحة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
لا نرى أنها تستعمل هذه الحبوب لتعينها على طاعة الله؛ لأن الحيض الذي يخرج شيء كتبه الله على بنات آدم.

وقد دخل النبيعلى عائشة، وهي معه في حجة الوداع وقد أحرمت بالعمرة، فأتاها الحيض قبل أن تصل إلى مكة، فدخل عليها وهي تبكي.
فقال "ما يبكيك؟" فأخبرته أنها حاضت.
فقال لها: "إن هذا شيء قد كتبه الله على بنات آدم".

فالحيض ليس منها، فإذا جاءها في العشر الأواخر فلتقنع بما قدر الله لها، ولا تستعمل هذه الحبوب. وقد بلغني ممن أثق به من الأطباء أن هذه الحبوب ضارة في الرحم، وفي الدم، وربما تكون سببًا لتشويه الجنين إذا حصل لها جنين؛ فلذلك نرى تجنبها، وإذا حصل لها الحيض وتركت الصلاة والصيام فهذا ليس بيدها بل بقدر الله.
إحياء ليلة القدر

سؤال: كيف يكون إحياء ليلة القدر؟ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد؟

أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء:
أولاً: كان رسول اللهيجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء.

ثانيًا: حث النبيعلى قيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ فعن أبي هريرة t عن النبيأنه قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"[3]. وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام.

ثالثًا: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علّمه النبيعائشة -رضي الله عنها- التي قالت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟
قال: "قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني"[4].

رابعًا: أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها، والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا.

خامسًا: وأما البدع فغير جائزة، لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول اللهأنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ليس منه فهو رد"[5].

فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلاً، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وبالله التوفيق.
تحديد ليلة القدر

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن ليلة القدر؟

فأجاب رحمه الله:
ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبيأنه قال: "هي في العشر الأواخر من رمضان". وتكون في الوتر منها.

لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.

ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي: "لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى".

فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى، وهكذا فسّره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح.

وإن كان الشهر تسعًا وعشرين، كان التاريخ بالباقي كالتاريخ الماضي، وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه[6].

[1] رواه مسلم.
[2] متفق عليه.
[3] رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
[4] رواه الترمذي وصححه.
[5] متفق عليه.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-22-2011, 06:20 PM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

النبييخصُّ العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يقوم بها في بقية الشهر، ومن هذه الأعمال:
1- إحياء الليل؛ ففي حديث عائشة قالت: "كان النبييخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر -يعني الأخير- شمَّر وشدَّ المئزر"[1]. ويحتمل أن يراد بإحياء الليل إحياء غالبه، ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة، قالت: "ما أعلمهقام ليلة حتى الصباح".

2- ومنها: أن النبيكان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيرها من الليالي، قال سفيان الثوري: أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إنْ أطاقوا ذلك. وقد صح عن النبيأنه كان يطرق فاطمة وعليًّا ليلاً فيقول لهما: "ألا تقومان فُتصليان"[2]. وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يُوتر.
وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة، ونضح الماء في وجهه؛ ففي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: الصلاة الصلاة، ويتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132].
وكانت امرأة أبي محمد حبيب الفارسي تقول له بالليل: "قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزادُنا قليل، وقوافل الصالحين قد سارتْ قُدَّامنا، ونحن قد بقينا".
يا نائمًا بالليل كم ترقد *** قم يا حبيبي قد دنا الموعـد
وخُذ من الليـل وأوقاته *** ورِدًا إذا ما هجـع الرُّقـد
من نام حتى ينقضي ليله *** لم يبلغ المنزل قبـل أو يجهد

3- ومنها: أن النبيكان يشدُّ المئزر، واختلفوا في تفسيره؛ فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جدِّه واجتهاده في العبادة. وهذا فيه نظر، والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء، وبذلك فسّره السلف والأئمة المتقدمون ومنهم سفيان الثوري، وورد تفسيره بأنه لم يأوِِ إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان، وفي حديث أنس: "وطوى فراشه، واعتزل النساء".
وقد قال طائفة من السلف في تفسير قوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187]: إنه طلب ليلة القدر. والمعنى في ذلك أن الله تعالى لما أباح مباشرة النساء في ليالي الصيام إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أمر مع ذلك بطلب ليلة القدر؛ لئلاّ يشتغل المسلمون في طول ليالي الشهر بالاستمتاع المباح، فيفوتهم طلب ليلة القدر، فأمر مع ذلك بطلب ليلة القدر بالتهجد من الليل، خصوصًا في الليالي المرجوّ فيها ليلة القدر، فمن ها هنا كان النبييصيب من أهله في العشرين من رمضان، ثم يعتزل نساءه ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر.

4- ومنها: تأخيره للفطور إلى السحر: رُوي عنه من حديث عائشة وأنس أنهكان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحورًا، ولفظ حديث عائشة: "كان رسول اللهإذا كان رمضان قام ونام، فإذا دخل العشر شدَّ المئزر، واجتنب النساء، واغتسل بين الأذانين، وجعل العشاء سحورًا"[3].
وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي، قال: "لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر". قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مُطعِم يُطعمني وساقٍ يسقيني"[4].
وظاهر هذا يدل على أنهكان يواصل الليل كله، وقد يكونإنما فعل ذلك لأنه رآه أنشط له على الاجتهاد في ليالي العشر، ولم يكن ذلك مضعفًا له عن العمل؛ فإن الله كان يطعمه ويسقيه.

5- ومنها: اغتسالهبين العشاءين، وقد تقدم من حديث عائشة: "واغتسل بين الأذانين"، والمراد: أذان المغرب والعشاء.
قال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر.
وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر.
وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين، ويلبس ثوبين جديدين، ويستجمر ويقول: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة، والتي تليها ليلتنا. يعني البصريين.
فتبين بهذا أنه يستحبُّ في الليالي التي تُرجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين، والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجُمع والأعياد، وكذلك يُشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهيره من أدناس الذنوب؛ فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئًا.
ولا يصلح لمناجاة الملوك في الخلوات إلا من زيَّن ظاهره وباطنه وطهّرهما، خصوصًا ملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى، وهو لا ينظر إلى صوركم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فمن وقف بين يديه فليزين له ظاهره باللباس، وباطنه بلباس التقوى.
إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التُّقى *** تقلب عُريانًا وإنْ كان كاسيَا

6- ومنها: الاعتكاف؛ ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبيكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة t، "كان رسول اللهيعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين". وإنما كان يعتكف النبيفي هذه العشر التي يُطلب فيها ليلة القدر؛ قطعًا لأشغاله، وتفريغًا لباله، وتخليًا لمناجاة ربه وذكره ودعائه.
فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يُرضيه عنه، وكما قويت المعرفة والمحبة له والأنس به، أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكُلِّيّة على كل حال.
ليلة القدر

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1-3]. وعن أبي هريرة t عن النبيأنه قال في شهر رمضان: "فيه ليلة خير من ألف شهر، منَ حُرم خيرها فقد حُرم"[5]. وقال مالك: بلغني أن رسول اللهأُرِي أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألاّ يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العُمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيرًا من ألف شهر.

وأما العمل في ليلة القدر فقد ثبت عن النبيأنه قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه". وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة، وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضًا. قال سفيان الثوري: "الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة". ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسنًا.
وقد كان النبييتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوَّذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكير، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها. وقالت عائشة -رضي الله عنها- للنبي: أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني".

والعفو من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يُحبُ العفو؛ فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته، وكان النبييقول: "أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك"[6].
وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحًا ولا حالاً ولا مقالاً، فيرجعون إلى سؤال العفو كحال الُمذنب المقصر.
أسباب المغفرة في رمضان

عن أبي هريرة t، عن النبيقال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"[7]. وعنه t قال: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"[8].

دل حديث أبي هريرة t على أن هذه الأسباب الثلاثة كل واحد منها مكفر لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر؛ فقيام ليلة القدر بمجرده يكفر الذنوب لمن وقعت له، سواء كانت في أول العشر أو أوسطه أو آخره، وسواء شعر بها أو لم يشعر، ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر.

وأما صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب له على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه بتمام السببين، وهما صيام رمضان وقيامه.

فإذا أكمل الصائمون صيام رمضان وقيامه فقد وفّوا ما عليهم من العمل، وبقي ما لهم من الأجر وهو المغفرة؛ فإذا خرجوا يوم عيد الفطر إلى الصلاة قُسمت عليهم أجورهم، فرجعوا إلى منازلهم وقد استوفوا الأجر واستكملوه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص من الأجر بحسب نَقصِه، فلا يَلُومَنَّ إلا نفسه.

قال سلمان: "الصلاة مكيال، فمن وفّى وُفِي له، ومن طفّف فقد علمتم ما قيل في المطففين". فالصيام وسائر الأعمال على هذا المنوال؛ من وفاها فهو من خيار عباد الله الموفين، ومن طفف فيها فويل للمطففين، أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته، ويطفف في مكيال صيامه وصلاته.
غدًا تُوفَّى النفوس ما كسبت *** ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم *** وإن أساءوا فبئس ما صنعوا

كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من ردِّه، وهؤلاء الذين {يُؤتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60].
رُوي عن علي t قال: كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا اللهيقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].
وعن الحسن قال: "إن الله جعل شهر رمضان مضمارًا لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا". فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.

ومن أسباب المغفرة فيه أيضًا: إفطار الصائمين، والتخفيف عن المملوك، ومنها الذكر، ومنها الاستغفار، والاستغفار طلب المغفرة، ودعاء الصائم يستجاب في صيامه وعند فطره، ومنها استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطروا، فلما كثرت أسباب المغفرة في رمضان كان الذي تفوته المغفرة فيه محرومًا غاية الحرمان.

فمتى يُغفر لمن لا يغفر له في هذا الشهر؟ متى يُقبل من رُدَّ في ليلة القدر؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ متى يصح من كان فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان؟ كلّ ما لا يثمر من الأشجار في أوان الثمار فإنه يُقطع ثم يوقد في النار، من فرّط في الزرع في وقت البِذار لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسار.
شهر العتق من النيران

وأما آخر الشهر فُيعتق فيه من النار من أوبقته الأوزار، واستوجب النار بالذنوب الكبار، فإذا كان يوم الفطر من رمضان أعتق الله فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار.

ولما كانت المغفرة والعتق من النار كل منهما مرتبًا على صيام رمضان وقيامه، أمر الله I عند إكمال العدة بتكبيره وشكره، فقال: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]. فشُكرُ من أنعم على عِباده بتوفيقهم للصيام، وإعانتهم عليه، ومغفرته لهم به، وعتقهم من النار، أن يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته.

يا من أعتقه مولاه من النار! إياك أن تعود بعد أن صرت حرًّا إلى رقّ الأوزار، أيبعدك مولاك عن النار وأنت تتقرب منها؟ وينقذك منها وأنت تُوقِع نفسك فيها ولا تحيد عنها؟!

فينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من النار أن يأتي بأسباب توجب العتق من النار، وهي متيسرة في هذا الشهر؛ ففي صحيح ابن خزيمة: "فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان تُرضون بهما ربكم، وخصلتان لا غناء بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله والاستغفار، وأما اللتان لا غناء لكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار".

فهذه الخصال الأربع المذكورة في هذا الحديث كل منها سبب للعتق والمغفرة، فأما كلمة التوحيد فإنها تهدم الذنوب وتمحوها محوًا، ولا تبقي ذنبًا، ولا يسبقها عمل، وهي تعدل عتق الرقاب الذي يوجب العتق من النار.

وأما كلمة الاستغفار فمن أعظم أسباب المغفرة، فإن الاستغفار دعاء بالمغفرة، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند فطره، وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود.

وأما سؤال الجنة والاستعاذة من النار فمن أهم الدعاء، وقد قال النبي: "حولهما نُدَندن"[9].
وداعًا رمضان

عباد الله، إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومن كان فرّط فليختمه بالحسنى، فالعمل بالختام، فاستمتعوا منه فيما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحًا يشهد لكم به عند الملك العلاّم، وودِّعُوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.

يا شهر رمضان ترفَّق، دموع المحبين تُدفق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقّق، عسى وقفة للوداع تُطفِئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام كل ما تخرّق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يُطلَق، عسى من استوجب النار يُعتق، عسى رحمة المولى لها العاصي يُوفَّق[10].

[1] رواه أحمد.
[2] رواه البخاري ومسلم.
[3] رواه ابن أبي عاصم.
[4] رواه البخاري.
[5] رواه أحمد والنسائي.
[6] رواه مسلم.
[7] رواه البخاري ومسلم.
[8] رواه البخاري ومسلم.
[9] رواه أبو داود وابن ماجه.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-22-2011, 06:21 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

المنجم يرتبط في الأذهان باستخراج بعض خيرات الأرض وحصول النعمة والثراء، والغالب أن يكون المنجم مختصًّا بنوع واحد من تلك الخيرات، فكيف إذا احتوى أكثر من نوع، وكلُّها غالية الثمن، نفيسة القيمة، عظيمة النفع؟! وكيف إذا كان استخراج تلك الكنوز سهلاً ميسورًا لكل أحدٍ دون حاجة لتخصص دقيق، ولا جهد كبير؟! لا شك أن الجميع سيكونون حريصين على أن يكون لهم النصيب الأعظم من كنوز المنجم الثمينة.

المنجم أمام عينيك، وتحت قدميك، وبين يديك، وهو طوع أمرك، ورهن إشارتك، ألست تراه؟ ألا تبدو لك كنوزه المتنوعة؟ ألا تغريك ثروته الغالية؟ انتبه.. ما لك؟!! ألا تُبصر الجموع الغفيرة تُقبل عليه وتأخذ منه؟ ألم يتكرر هذا المشهد أمامك كثيرًا؟! إنه منجمُ.. لا، لن أسمِّيه لك، بل سأنتقل إلى عرض بعض كنوزه فذلك أولى وأجدى.
كنز الفضائل والخصائص:

مغفرة: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه).
تكفير: "فتنة الرجل في أهله وماله وجاره، تكفرها الصلاة والصيام والصدقة" (متفق عليه).
وقاية: "الصيام جنة، وحصن حصين من النار" (رواه أحمد).
مثوبة: "الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها" (رواه البخاري).
خصوصية: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم" (متفق عليه).
شفاعة: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة" (رواه أحمد).
فرحة: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه" (رواه مسلم).
تفرُّد: "عليك بالصوم؛ فإنه لا مثل له" (رواه النسائي).
كنز القرآن والتلاوة:

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول اللهقال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أيْ رب، إني منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه. ويقول القرآن: أيْ رب، منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفَّعان" (رواه أحمد).
كنز الصلاة والقيام:

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، عن أبي هريرة عن رسول الله: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه).
كنز الذكر والدعاء:

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، عن أبي هريرة، عن رسول اللهقال: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم" (رواه الترمذي).
كنز الجود والإنفاق:

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان النبيأجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل u يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبيالقرآن، فإذا لقيه جبريل u كان أجود بالخير من الريح المرسلة" (متفق عليه).
كنز الإرادة والصبر:

"من حكم الصيام وفوائده العظيمة تقوية الإرادة في النفوس، تلك الركيزة العظيمة التي عمل رجال الاجتماع وأصحاب التنظيم العسكري على تقويتها في المجتمع هذا الزمان، وقد سبقهم الدين الإسلامي على ذلك منذ أربعة عشر قرنًا تقريبًا، وما أحوج المسلم إلى أن يكون قوي الإرادة صادق العزيمة!"[1].

"الصوم تقوية للإرادة، وتربية على الصبر، فالصائم يجوع وأمامه شهي الغذاء، ويعطش وبين يديه بارد الماء، ويعفُّ وبجانبه زوجته، لا رقيب عليه في ذلك إلا ربه، ولا سلطان إلا ضميره، ولا يسنده إلا إرادته القوية الواعية، يتكرر ذلك نحو خمس عشرة ساعة أو أكثر في كل يوم، وتسعة وعشرين يومًا أو ثلاثين في كل عام، فأيُّ مدرسة تقوم بتربية الإرادة الإنسانية وتعليم الصبر الجميل، كمدرسة الصيام التي يفتحها الإسلام إجباريًّا للمسلمين في رمضان، وتطوعًا في غير رمضان؟!"[2].
كنز القوة والحرية:

"صوم رمضان من هذا الوجه إن هو إلا منهاج يتدرب به المرء على تحرير نفسه، والانسحاب بها من أَسْر المادة وظلمة الشهوة، ليحيا ما شاء الله في ملكوت الحياة الحق، ويكون له ما شاء الله من خصائص الخير والفضيلة؛ فالحرية الصحيحة لا يذوقها ولا يقدرها إلا من حيي هذه الحياة"[3].

"فرض الله الصيام ليتحرر الإنسان من سلطان غرائزه، وينطلق من سجن جسده، وتغلب على نزعات شهوته، ويتحكم في مظاهر حيوانيته، ويتشبه بالملائكة"[4].
كنز الرحمة والمساواة:

"رمضان الذي تتحقق فيه معاني الإنسانية، وتكون المساواة بين الناس، فلا يجوع واحد ويتخم الآخر، بل يشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع، غنيهم وفقيرهم، فيحس الغني بألم الجوع ليذكره من بعد إذا جاءه من يقول له: أنا جوعان. ويعرف الفقير نعمة الله عليه، حين يعلم أن الغني يشتهي -على غناه- رغيفًا من الخبز أو كأسًا من الماء"[5].

"فقرٌ إجباريٌ يراد به إشعار الإنسانية بطريقة عملية واضحة كلَّ الوضوح، أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها، وأنها إنما تكون على أتمها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يختلفون، وحين يَتعاطَفُون بإحساس الألم الواحد، لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة"، "ويجعل الناس فيه سواءً: ليس لجميعهم إلا شعور واحد وحس واحد وطبيعة واحدة، ويُحكِم الأمر فيحول بين هذا البطن وبين المادة"[6].
كنز الخلق والسلوك:

"المقصود منه السمو بالنفس إلى المستوى الملائكي، وصون الحواس عن الشرور والآثام، فالكف عن الطعام والشراب ما هو إلا وسيلة إلى كف اللسان عن السب والشتم والصخب، وإلى كف اليد عن الأذى، وإلى كف البصر عن النظرة الخائنة، وإلى كف السمع عن الإصغاء للغيبة والنميمة والقول المنكر"[7].

"فألزمه -سبحانه- الصوم حتى إذا جاع وظمئ ذلّت نفسه، وانصدع كبره وفخره، وأحس أنه -مهما أوتي- فهو مسكين تُقعده اللقمة إذا فُقدت، وتُضعفه جرعة الماء إذا مُنعت، هنالك يُطامن من غروره، ويعترف بفضل الله عليه حتى في كسرة الخبز ورشفة البحر، ومتى عرف الله خافه، ومتى خافه استقام على الطريقة، وسار على الجادة، وترك ما كان فيه من بغي واستطالة وعلو في الأرض بغير الحق، وآثر رضوان الله على ترضية نفسه، وصار رسول رحمة وسلام لكل من حوله من أبناء الإنسانية"[8].

وخذ أخيرًا هذه الكلمات الجامعة: "للصوم فوائد: رفع الدرجات، وتكفير الخطيئات، وكسر الشهوات، وتكثير الصدقات، وتوفير الطاعات، وشكر عالم الخفيات، والانزجار عن خواطر المعاصي والمخالفات"[9].

ثم ماذا أيها الأخ الحبيب؟ دونك الكنوز تتلألأ، والثروة تتهيأ، فماذا أنت فاعل؟
إليك هذه الومضات:

- أخلص نيتك، واستحضر عزيمتك، وزكِّ نفسك، وطهِّر قلبك، وأجِّج أشواقك، وأعلن أفراحك.
- بادر بالتوبة، وأكثر من الاستغفار، وتحلَّ بالإنابة، واذرف دموع الندامة، واستعد لموسم النقاء بغسل الذنوب.
- احرص في الصلوات على التبكير وإدراك التكبير، والمواظبة على الرواتب، والاستكثار من الرغائب.
- خذ حظك من قيام الليل، ودعاء القنوت، وطول القيام والسجود، وارفع دعاء الأسحار، واملأ الثلث الأخير بالاستغفار.
- أدمن التلاوة، ورطِّب لسانك بالقرآن، وانهل من مائدة الرحمن، ونوِّر الليالي بالتجويد، وعطّر الأيام بالترتيل.
- صِلْ رحمك، وزر أقاربك، واعف عمن أخطأ، وتجاوز عمن هفا، واجمع أهل حي، وتقرب من جيرانك، وكرر اللقاء بإخوانك، وخص بمزيد من الود والحب والوصل أهلك وزوجك وأبناءك.
- اجعل لنفسك مع أهل بيتك برنامجًا إيمانيًّا لاغتنام الكنوز الثمينة؛ فجلسة للتلاوة، ولقاء للتاريخ، ورحلة للعمرة، ووقت للقيام، وحلقة للذكر، وفرصة للدرس، ولا تنسَ أن في الوقت بركة.
- احسب زكاتك، واجمع من زكاة أهلك وأقاربك، واستعن بإخوانك على وضعها في مصارفها، وتوصيلها لمستحقيها، واحرص على أن تُبادر وتُنافس في الإنفاق فهذا ميدان السباق.
- تذكر إخوانك المسلمين المضطهدين والمشردين والمظلومين في العراق وفلسطين وغيرهما، لا تنسهم من دعواتك وزكواتك، وعرِّف بأحوالهم، وبيِّن مكر وجرم أعدائهم، واكشف زيف الدعاوى المتعلقة بقضاياهم.

[1] مقالات الإسلاميين في شهر رمضان ص402- مقال: من حكم الصوم، لعبد الرحمن الدوسري.
[2] د. يوسف القرضاوي: العبادة في الإسلام ص265.
[3] مقالات الإسلاميين في شهر رمضان ص393- مقال: بين يدي رمضان، لحسن الهضيبي.
[4] د. يوسف القرضاوي: العبادة في الإسلام ص264.
[5] علي الطنطاوي: مع الناس.
[6] الرافعي: وحي القلم 2/67.
[7] مقالات الإسلاميين في شهر رمضان ص238- مقال:خلق الصائم، لعبد الوهاب خلاف.
[8] مقالات الإسلاميين في شهر رمضان ص243 -مقال: رمضان والصيام، لمحمد الزرقاني.
[9] العز بن عبد السلام: مقاصد الصوم ص10






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
قديم 08-22-2011, 06:21 PM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
ابو عمر المصرى

الصورة الرمزية ابو عمر المصرى

إحصائية العضو









ابو عمر المصرى غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابو عمر المصرى

افتراضي رد: العشر الأواخر من رمضان

دع البكاء على الأطلال والدار *** واذكر لمن بات من خل ومن جار


وذر الدموع نحيبًا وابك من أسف *** على فـراق ليال ذات أنـوار


على ليال لشهر الصوم ما جعلت *** إلا لتمحيـص آثــام وأوزار


يا لائمي في البكاء زدني به كلفًا *** واسمع غريب أحاديـث وأخبار


ما كان أحسننا والشمل مجتمع *** منا المصلي ومنا القانـت القاري


وداعًا يا شهر رمضان! وداعًا يا شهر الخيرات والإحسان! وداعًا يا ضيفنا الراحل! مضى كثيرك ولم يبق بين أيدينا منك إلا أيام قلائل عشر تجاورنا اليوم، وهي إلى الرحيل أقرب من البقاء، ولئن قال ابن رجب في لطائفه عند الفراق: "يا شهر رمضان تَرَفَّق، دموع المحبين تَدَفّق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقَّق، عسى وقفة للوداع تُطفِئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تخرّق، عسى منقطع من ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يُطلق، عسى من استوجب النار يُعتق". فما أحرانا بتدبُّر قوله: وفعل يطفئ حرارة الوداع!!

أيها الشباب، قبل أن تُشيعوا ضيفكم الميمون عودوا إلى أنفسكم -حفظكم الله- وتأملوا ماذا قدّمتم بين يديه؟ وما هي الأسرار التي بينكم وبين ربكم في أيام شهركم وسيرحل بها رمضان؟ هاتفني شاب في رمضان بعد سماع إحدى المواعظ وحدثني في الهاتف حديثًا طويلاً، أذكر من قوله: أشعر من حديثكم أنكم تشعرون بفقد الشهر وتتحسّرون على فوات أيامه! فلماذا أنا لا أشعر بذلك؟ وبعد حديث طويل عن سر فقْد الفرحة في قلب من يحاورني، قال لي: عفوًا أخي، في شهر رمضان أسررت المعصية، وتجاهلت الطاعة، وكم هي المرات التي لا أشهد فيها صلاة التراويح، وإن شهدتها فصورة بلا معنى، وحركات بلا روح، القرآن عهدي به من زمن بعيد وقد حاولت أن أمد يدي إليه مع جملة الذاكرين، لكن نفسي حبستني عن الاستمرار، وها أنا ما زلت في بدايته إلى اليوم.

أما المعصية فتدفعني لها نفسي دفعًا حتى إنني واقعت أنواعًا من المعاصي مرارًا في شهر رمضان، فعيني تخطّت ستار المعروف، واجتالت في حرمات الله تعالى، وأذني أبتْ إلا أن تتجاوز حدها الشرعي، فانتهكت ما حرم الله، ونفسي التي بين جنبيّ جاهدتها كثيرًا فكابرت ومانعت واستعصت علىّ، بل ما زالت بي حتى أوقعتني في الفاحشة... وما زال يحدِّث حتى انْهَار باكيًا، واستعبر أمامي في البكاء، وأخذ يردد أثناء حديثه: أخشى أن لا أكون ممن غفر الله لهم أو تقبّل منهم، أخشى أن يختم الله لي بخاتمة السوء! فأصبح أسير أحزاني! أنا لست وحيدًا في طريق اليأس، فكثير من الشباب أمثالي. فما زلت به أخفف عنه هذه الآلام حتى عاد يسمع حديثي من جديد، فقلت له: أخي الشاب، ما زال في الأمل فسحة، وفي الوقت بقيَّة، والعبرة بالخواتيم. وأنا وإياك نشهد هذه العشر المباركة، فهل يمكن أن تضع يدي في يدك وتعاهدني على المسير؟ فقال: أي والله مسير يعيد لي الفرحة والبسمة في حياتي من جديد لِمَ لا أقبل به؟ ولم لا أعيشه وقد عشت كل معاني الحرمان في المعصية والدأب عليها؟

فقلت له: أقبلْ -حفظك الله- إلى حديثٍ، أرعني سمعك، وجُدْ عليَّ بشيء من وقتك، فعندي سر السعادة التي تنتظرها، عندي لك قول الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. دواء للمنكسرين من أمثالك، لكن بشرطها الوحيد: التوبة الصادقة التي رأيت من آثارها أثر الدموع بين عينيك.

وعندي لك قول رسولك: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح"[1].

إذن لم يبق عليك -حفظك الله- إلا الإقبال على ما بقي من شهرك؛ إذ هذه الأيام هي الخاتمة، وهي سر الشهر وأفضل أيامه على الإطلاق، فهذا رسول اللهتقول عنه عائشة رضي الله عنها: "كان النبيإذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدّ وشدّ المئزر". ولك في رسول اللهأسوة حسنة. هذه الليلة العظيمة التي قال فيها رسول الله: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"[2].

وقد أخبر الله عن هذه الليلة أنها خير من ألف شهر في كتابه المبين، فقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1-3]. وأخبر رسول الهدىأن هذه الليلة في ليالي العشر، حين قال: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان". أقبلْ على عشر رمضان -حفظك الله- بكل جهدك وقوتك، واحرص على أن يكون ختام شهرك ختامًا حيًّا مباركًا تُزوّد فيها بالطاعات، احرصْ على الفريضة مع الإمام، واللهَ اللهَ أن يشهد الله عليك أو حتى أحد من خلقه تخلُّفًا عن الجماعة بنوم أو كسل، الزم النافلة القبلية والبعدية، واحرصْ على أداء صلاة التراويح والقيام مع جموع المسلمين، ولازم فيها دعاء: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني؛ فهي وصية رسول اللهلأم المؤمنين. أكثرْ من قراءة القرآن، ونوِّع في القراءة ما بين حدرٍ وترتيل، ولتكن عنايتك بالتدبُّر لآيات القرآن الكريم؛ فإن في ذلك خيرًا كثيرًا. قُمْ برعايتك والديك، وقبِّل رأسهما كل مساء، والزمهما بالطاعة والبر؛ فإن ذلك من أعظم فرص استغلال شهر رمضان. صِلْ أرحامك وتعاهد جيرانك؛ فإن ذلك من خلق المسلم.

وإنني إذ أدعوك إلى التمعُّن في هذه الأحاديث إنما أدعوك للتحرر من الكسل، واستقبال الآخرة، والإقبال على عشر رمضان الأخيرة، ففيها -بإذن الله تعالى- سر السعادة المرتقبة التي تبحث عنها، وإنما حين أقرر لك أن هذا هو طريق السعادة آمل منك أن تجرِّب هذا الطريق، ولن تجد أجمل منه ولا أسعد على وجه هذه الحياة! وهؤلاء الذين تراهم في مجتمعك تبرق أسارير وجوههم بالاستقامة هم كانوا مثل ما أنت فيه الآن من الحيرة والاضطراب والهمّ والغمّ، وخاضوا هذه التجربة في بداية حياتهم، وحينما وجدوا المفقود والسر الغائب في حياتهم قرروا التوبة، وهم اليوم -وكل يوم- يرددون قول القائل: والله إنها لتمر بي ساعات يرقص فيها القلب فرحًا من ذكر الله. ويلهجون بقول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]. وفقك الله، وسدد خطاك، وعلى طريق الخير بإذن الله تعالى نلقاك[3].

[1] متفق عليه من حديث أنس.
[2] متفق عليه من حديث أبي هريرة.






آخر مواضيعي 0 وحشتونى
0 قـالـوا : هل رأيت من هو أسخى منك ؟ قـال : نـعـم
0 أمراض لا يراها الناس
0 كيف تجعلين زوجك يصغي اليك
0 الخروج من اللوحهَ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:34 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator