وَحْدَكِ, مُلْهِمَتِي, أَقَمْتِ فِي الضِّفَةِ اَلْأَعْمَقِ مِنَ اَلْقَلْبِ. حَفَرْتِ مَجْرًى لَكَ وَحْدَكِ, فِيهِ اَلْحُرُوفُ تَجْرِي إِلَيْكِ وَ تَخُطِّينَ فِي النَّفْسِ مَجْدَكِ. لَا مَعْنَى يُشْبِعُنِي إِلَّا مَا تَبْعَثِينَهُ, وَ لَا مَبْنَى يُغْوِينِي إِلَّا مَا تُشَيِّدِينَهُ, وَ لَا مَغْنَى يَطِيبُ لِي إِلَّا مَا تُنْشِدِينَهُ..
فَلْتَعْتَذِرِي لِلْقَلْبِ عَنْ سَفَرٍ سَرِيعٍ إِلَى اَلْبَعِيدِ, عَنْ مَعْنًى يَتَّمْتِهِ وَ أَنْتِ تُحَلِّقِينَ إِلَى خُلْدِكِ. فَأَنْتِ تَسْلُبِينَ شُعُورِي حِينَ أَكْتُبُ وَ لَا تُرَاعِينَ حُقُوقَ اَلْمِلْكِيَةِ الشُّعُورِيَةِ.. فَهَلْ شِئْتِ أَنْ تُأَجِّجِي حُرُوفِي وَ تَنْثُرِينَ شَظَايَاهَا فِيَّ..؟ هَلْ شِئْتِ أَنْ أَعْتَنِقَ اَلْفَرَاغَ كَيْ تُبْعَثِي فِي نَفْسِي حَيَّة..؟ لَمْ أكتُبْ بَعدُ قَصِيدَتِي اَلْأَخِيرَةَ كَيْ يَحِينَ اَلْوَدَاعُ, كَيْ أُهَيِّئَ نَفْسِي لِلْمَرَاثِي. لَمْ أُنْهِ بَعْدُ رِحْلَتِي اَلَّتِي بَدَأْتُهَا بَعْدَ أَنْ حَرَّرْتِ سُؤَالَكِ مِنْ غُمُوضِهِ كَيْ تَعِدِي الحُبَّ بِنِهَايَةٍ وَرْدِيَةٍ.
لَمْ تَعُودِي بِمَا يَكْفِي مِنْ حَيْثُ خَرَجْتِ وَ لَمْ يَأْخُذْ قَلْبِي مِنَ اَلْجَلَّادِ حُقُوقَ الضَّحِيَّةِ. فَلِمَ تَسْتَعْجِلِينَ اَلْغِيَابَ وَ أَنْتِ السُّؤَالُ, وَ أَنْتِ اَلْجَوَابُ, وَ أَنْتِ اَلْقَضِيَّة..؟
صَدَّقْتُكِ دَائِمًا وَ لَمْ أٌرَاجعْ كُتُبِي, وَ أَسْلَمْتُ رُوحِي إِلَى جَمْرَةِ قَصِيدَةٍ تَعْبَثُ بِيَّ, وَ لَمْ أُجَرِّبْ أَنْ أَسْأَلَهَا عَنْ حُدُودِ التَّقَاطُعِ بَيْنَ فَاكِهَةِ اَلْمَعْنَى وَ بَيْنَ اخْتِفَائِكِ عَنِّي بِلَا سَبَبٍ..!! لَمْ أُولَدْ لِأسْأَلَ مَنْ أُصَدِّقُهُمْ, لَكِنَّ احْتِرَازِي تَأَخَّرَ, وَ أَنْتِ لَمْ تَقُولِي أَنَّكِ تُسْرِجِينَ اَلْكَلَامَ عَلَى صَهْوَةِ اَلْغَامِضِ وَ تَرْدَعِينَهُ عَنْ فَضْحِ اَلْهَشَاشَةِ. حَسِبْتُكِ أَجْرَأَ عَلَى يَوْمِكِ اَلْأخِيرِ وَ عَلَى بَيَاضٍ أَتَاكِ يَوْماً بَعْدَ نَبْضٍ أَخِيرٍ.
تَقُولِينَ : عَقَدْتُ حِلْفاً مَعَ اَلْمَوْتِ, وَاتَّفَقْنَا عَلَى التَّفَاصِيلِ, وَ تَعَاهَدْنَا عَلَى أَنْ لَا نَنْكُثَ.
أَقُولُ لَكِ : هَلْ تُصَدِّقِينَ اَلْخُلُودَ..؟
تُجِيبِينَ : لَا أَطْلُبُ اُلْأَبَدِيَةَ.. لَكِنِّي أَعْرِفُ أَنَّ قَلِيلًا آخَرَ مِنَ اَلْحَيَاةِ يَكْفِينِي كَيْ يَتَحَلَّلَ اَلْمَوْتُ مِنَ اَلْمِيثَاقِ وَ كَيْ أُحَرِّرَ نَفْسِي مِنْ لُعْبَةِ اَلْانْتِصَارِ عَلَيْهِ..
فَهَلْ هَزَّكِ اَلْحَنِينُ إِلَى اَلْبَيَاضِ, إِذَنْ, ذَلِكَ اَلْبَيَاضُ اَلَّذِي زُرْتِهِ فِي اَلْعَالَمِ اَلْآخَرِ قَبْلَ أَنْ تَتُوبِي إِلَى الشَّعْرِ..؟
صَدَّقْتُكِ طَوِيلاً فَأَخْطَأْتُ طَرِيقَ اَلْحَقِيقَةِ, أُدْرِكُ اَلْآنَ كَمْ كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَسْأَلَكِ حِينَ يَئِنُّ صَمْتُكِ مِنْ صَمْتِهِ وَ يَتَهَيَّجُ صَوْتُكِ. هَلْ كُنْتِ تَحْتَرِفِينَ اَلْبُكاءَ اللَّامَرْئِيَ وَ تدُسِّينَ حُرْقَتَهُ فِي الدُّعَابَةِ..؟ هَلْ كَانَ اَلْهَشُّ فِيكِ يَعْلُوكِ فَتَسْتُرِينَهُ بِاَلْبَلَاغَةِ أَوْ تَدْثُرِينَهُ بِالسَّبَابَةِ..؟ كَمْ مِنْ سُؤَالٍ مَرَّ بِيَّ فَأَجَّلْتُهُ لِأَحْتَرِمَ اَلْخَجَلَ فِي عَيْنَيْكِ, وَ كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَسْأَلَ حُرُوفِي عَمَّا تُضْمِرُهُ اَلْمَعَانِيُ اَلَّتِي أَرْهَقَهَا حَمْلُكِ.
لَمْ تَقُولِي لِي إِنَّكِ ضَجَرْتِ مِنَ اَلْوُجُودِ وَ ضَاقَ بِكِ اَلْمَدَى الصَّغِيرُ الَّذِي يَحُدُّكِ. لَمْ تَقُولِي لِي إِنَّكِ تُهَيِّئِينَ لِي اَلْقَصِيدَةَ اَلْأَخِيرَةَ لِلْوَدَاعِ وَ تُمَدِّدِينَ السِّحْرِيَّ اَلْغَامِضَ فِيكِ حِينَ اَلْحَنِينُ إِلَى اللَّامَرْئِيِ يَشُدُّكِ وَحْدَكِ. وَ لَمْ تَعِدِينِي بِاَلْهُرُوبِ مِنَ اَلْبَابِ اَلْخَفِيِّ فِي ذُرْوَةِ مَجْدِكِ. فَمَا اَلَّذِي أَسْتَطِيعُ أَنْ أَكْتُبَ اَلْآنَ عَلَى شَاهِدِ لَحْدِكِ..؟
صَدَّقْتُ فَأَخْطَأْتُ, وَ أَنَا اَلْآنَ أَدْرَكْتُ أَنَّ اَلْقَصِيدَةَ كَانَتْ مِدْفَأَةً لِصَدْرِكِ : مَأْوَاكِ وَ مَنْفَاكِ وَمَخْفَاكِ اَلَّذِي فِيهِ تَدْفُنِينَ سِرَّكِ. فَكَانَ عَلَي أَنْ أَدْخُلَ حَانَةً مِنْ حَانَاتِ كَلَامِكِ وَ أَشْرَبَ نَبِيذَ حُرُوفِكِ رَافِعًا نَخْبَكِ..
صَدَقْتِ : " عَلَى هِذِهِ اَلْأَرْضُ مَا يَسْتَحِقُّ اَلْحَيَاةَ"
نَعم يا مُلْهِمَتِي : أَنْ أَكْتُبَكِ..
أحرف داعبت أحاسيسي ,, و دغدغت حبر مشاعري
لقلوبكم جنائن من المغفرة و بساتين الجوري