العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > المنتدى الاسلامى

المنتدى الاسلامى إسلام، سنة، قرآن، دروس، خطب، محاضرات، فتاوى، أناشيد، كتب، فلاشات،قع لأهل السنة والجماعة الذين ينتهجون نهج السلف الصالح في فهم الإسلام وتطبيقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07-25-2009, 08:59 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ام معاذ

الصورة الرمزية ام معاذ

إحصائية العضو







ام معاذ غير متواجد حالياً

 

افتراضي الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم

محاضرة: الحياء خلق الإسلام
للشيخ: محمد بن إسماعيل المقدم
الملخص
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الحياء خير كله "، إن الحياء من أجل و أعظم الصفات التي يتحلى بها المرء المسلم و إنه ليجنب المرء من فعل المعاصي و المنكرات ذلك بأن الإنسان إذا خشي الله عز و جل و علم أن الله يراقب أفعاله و أقواله في السر و العلانية استحي من فعل القبائح و المعاصي و إن خلا بنفسه و أمن نظر الناس إليه. و إن الحياء خلق جميع الأنبياء، و قد تربى الصحابة رضي الله عنهم على هذا الخلق و تلقوه عن النبي صلى الله عليه و سلم. و الحياء نوعان: حياء فطري و حياء مكتسب، و ثلاث يجب أن يستحي منهم الإنسان: الله تبارك و تعالى ثم الناس ثم نفسه.
نص المحاضرة
إن الحمد لله نحمده حمدا يرضاه و نشكره شكرا يقابل نعماه و إن كانت غير محصاة امتثالا لأمره لا قياما بحق شكره لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على عبده المصطفى و نبيه المجتبى و رسوله المرتضى خاتم الأنبياء و إمام الأتقياء و سيد المرسلين و خليل رب العالمين و على آله الأطهار و صحابته الأخيار، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، أما بعد فإن الحياء من الثفات التي تنأى بالمرء عن الرذائل و تحجزه عن السقوط في سفاسف الأخلاق كما أنه من أقوى البواعث على ارتياد معاري الأمور و فعل الفضائل و الحياء من الحيا من الحياة و يسمى الغيث حيا لأن به حياة الأرض و النبات و الدواب و سمي بالحياء حياة الدنيا و الآخرة لأن من لا حياء له فهو ميت في الدنيا شقي في الآخرة، و حقيقة الحياء أنه خلق يمنع من ارتكاب القبائح و يمنع من التقصير في حق صاحب الحق من أجل شرف الحياء و على قدره تصدر الحياء طليعة الخصائص الأخلاقية لهذه الملة الحنيفية فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: " إن لكل دين خلقا و خلق الإسلام الحياء "، و يكفي الحياء خيرا كونه على الخير دليلا فعن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال " الحياء لا يأتي إلا بخير " و في رواية " الحياء خير كله " و بين النبي صلى الله عليه و آله و سلم إقتران الإيمان بالحياء فقال صلى الله عليه و آله و سلم " إن الإيمان و الحياء قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر " و قال صلى الله عليه و آله و سلم " الإيمان بضع و سبعون شعبة فأعلاها لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان "، و مر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم برجل من الأنصار يعظ أخا له في الحياء حتى كأنه يقول قد أضر بك فقال له النبي صلى الله عليه و سلم " دعه فإن الحياء لا يأتي إلا بخير "، كما بين صلى الله عليه و آله و سلم أن الحياء أبهى زينة يتزين بها الإنسان فقال صلى الله عليه و سلم " ما كان الحياء في شيء إلا زانه " فالجوهر المصون بالحياء كالدر و الجوهر المصون و المكنون في الوعاء و بين صلى الله عليه و آله و سلم أن خلق الحياء مما دعا إليه و رغب فيه و أثنى عليه الأنبياء أجمعون فقد قال صلى الله عليه و آله و سلم " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " فبين صلى الله عليه و سلم أن خلق الحياء مما توارد و توافق عليه الأنبياء أجمعون و تناقلته عنهم الأمم قرن بعد قرن و توارثوه بينهم و تواصوا به جيلا بعد جيل " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت "، و الحياء من خلق الأنبياء عليهم و على نبينا الصلاة و السلام فقد قال صلى الله عليه و سلم في صفة موسى عليه السلام " كان موسى رجلا حييا ستيرا لا يرى شيء من جلده استحياء من الله تبارك و تعالى " بل جاء في وصف سيد المؤسلين و خاتم النبيين صلى الله عليه و آله و سلم كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أشد حياء من العذراء في خدرها و كان إذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه.
بيان ذلك أن الحياء قسمان فهناك حياء فطري جبلي غريزي يوجد في كل إنسان كاستحيائه من التكشف أمام الناس، أما النوع الآخر من الحياء فهو الحياء الإيماني الكسبي الذي يمنع الإنسان من قبائح الأفعال و يحجزه عن التقصير في حقوق أصحاب الحقوق استحياء من الله تبارك و تعالى و من المثول بين يديه و لعلمه أن الله مراقبه و مطلع عليه فهذا هو الحياء الإيماني الذي يكتسبه الإنسان بالمراقبة و بالمحاسبة و بعلمه بأن الله عز و جل معه حيث كان. و في هذا الحديث حديث أبي سعيد رضي الله عنه بين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قد بلغ الذروة في نوعي الحياء فقد كان في قمة من الحياء الفطري صلى الله عليه و سلم و شاهد ذلك قوله رضي الله عنه " كان صلى الله عليه و سلم أشد حساء من العذراء في خدرها "، و المقصود أنه كان في الحياء الفطري أشد من تلك العذراء البكر التي مكثت في خدرها و التي كيف يكون حياؤها إذا خلت بزوجها الذي كان أجنبيا عنها من قبل لأول مرة كيف يكون حياؤها و هي في خدرها إذا واجهت زوجها أول مرة فكان صلى الله عليه و آله و سلم أشد حياء من العذراء في خدرها، أما الحياء الكسبي فقد كان صلى الله عليه و آله و سلم أيضا يتسنم الذروة العليا في هذا الخلق العظيم فكان إذا رأى شيئا يكرهه يمنعه حياؤه من التكلم فيه و النطق به لكن كان يتغير وجهه الشريف من كراهته هذا الشيء و لم ينطق بذلك أو يتكلم به و كان الصحابة رضي اله عنهم إذا رأوا تغير وجهه عرفوا بذلك أنه يكره ذلك الشيء فما أعظم خلقه صلى الله عليه و آله و سلم.
يتبع






آخر مواضيعي 0 الرئيس محمد حسني مبارك يعلن تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية
0 رساله عاجله الى المعتصمين فى ميدان التحرير والى كل المتناحرين على الحكم
0 تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية
0 صور من تعامل السلف مع الحكام
0 الجمع بين الخوف والرجاء - لفضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب رياض الصالحين
رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 09:01 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ام معاذ

الصورة الرمزية ام معاذ

إحصائية العضو







ام معاذ غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم

بيان ذلك أن الحياء قسمان فهناك حياء فطري جبلي غريزي يوجد في كل إنسان كاستحيائه من التكشف أمام الناس، أما النوع الآخر من الحياء فهو الحياء الإيماني الكسبي الذي يمنع الإنسان من قبائح الأفعال و يحجزه عن التقصير في حقوق أصحاب الحقوق استحياء من الله تبارك و تعالى و من المثول بين يديه و لعلمه أن الله مراقبه و مطلع عليه فهذا هو الحياء الإيماني الذي يكتسبه الإنسان بالمراقبة و بالمحاسبة و بعلمه بأن الله عز و جل معه حيث كان. و في هذا الحديث حديث أبي سعيد رضي الله عنه بين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قد بلغ الذروة في نوعي الحياء فقد كان في قمة من الحياء الفطري صلى الله عليه و سلم و شاهد ذلك قوله رضي الله عنه " كان صلى الله عليه و سلم أشد حساء من العذراء في خدرها "، و المقصود أنه كان في الحياء الفطري أشد من تلك العذراء البكر التي مكثت في خدرها و التي كيف يكون حياؤها إذا خلت بزوجها الذي كان أجنبيا عنها من قبل لأول مرة كيف يكون حياؤها و هي في خدرها إذا واجهت زوجها أول مرة فكان صلى الله عليه و آله و سلم أشد حياء من العذراء في خدرها، أما الحياء الكسبي فقد كان صلى الله عليه و آله و سلم أيضا يتسنم الذروة العليا في هذا الخلق العظيم فكان إذا رأى شيئا يكرهه يمنعه حياؤه من التكلم فيه و النطق به لكن كان يتغير وجهه الشريف من كراهته هذا الشيء و لم ينطق بذلك أو يتكلم به و كان الصحابة رضي اله عنهم إذا رأوا تغير وجهه عرفوا بذلك أنه يكره ذلك الشيء فما أعظم خلقه صلى الله عليه و آله و سلم.
تربى الصحابة رضي الله تعالى عنهم - خير أمة أخرجت للناس - على هذا الخلق و تلقوه عن نبيهم صلى الله عليه و آله و سلم فهذا الصديق الأكبر أبو بكر رضي الله تعالى عنه يقول " يا معشر المسلمون استحيوا من الله فوالذي نفسي بيده إني لأذهب في الفضاء لقضاء الحاجة فأتقنع بثوبي حياء من ربي عز و جل "، و هذا الفاروق عمر رضي الله تعالى عنه يقول " من قل حياؤه قل ورعه و من قل ورعه مات قلبه " و يقول " من استحي استخفى و من استخفى اتقى و من اتقى وقي "، و هذا عثمان رضي الله عنه قد اختصه الله تبارك و تعالى في هذا الخلق العظيم بنزية بين سائر الصحابة رضي الله عنهم فهو الذي يقول في شأنه رسول الله صلى الله عليه و سلم " الحياء من الإيمان و أحيى أمتي عثمان " و هو القائل صلى الله عليه و سلم " ألا استحي من رجل و الله إن الملائكة لتستحي منه "، و يقول أبو موسى رضي الله تعالى عنه " إني لأدخل البيت المظلم لأغتسل فيه من الجنابة فأحني فيه صلبي حياء من ربي عز و جل "، و هذه أم المؤمنين عائشة رضي الله تبارك و تعالى عنها تقول " كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبي واضعة ثوبي و أقول إنما هو زوجي و أبي فلما دفن عمر رضي الله عنه و الذي نفسي بيده ما دخلته إلا مشدودة على ثيابي حياء من عمر رضي الله عنه "، و هذا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أيضا لما سألته تلك المرأة لما أمرها كيف تطهر من الحيض فلم تفهم أمره فقالت كيف أتطهر بها فقال صلى الله عليه و سلم " تطهري بها سبحان الله " و وضع كمه على وجهه الشريف صلى الله عليه و سلم، و هذه فاطمة بنت عتبة رضي الله عنها و قد جاءت تبايع رسول الله صلى الله عليه و سلم فبايعها بقوله تعالى: ألا يشركن بالله شيئا و لا يسرقن و لا يزنين، فوضعت يدها على رأسها حياء فأعجبه ما رأى منها فقالت عائشة رضي الله عنها " أيتها المرأة أقري فوالله ما بايعن إلا على هذا " فقالت " فنعم إذا " و بايعها بالآية صلى الله عليه و آله و سلم. فهكذا تربى الصحابة رضي الله تعالى عنهم على هذا الخلق العظيم خلق الحياء من الله و الحياء من الناس و الحياء من النفس. و الحياء الذي يحبه الله تبارك و تعالى و الحياء الإيماني الذي هو من الإيمان هو ذلك الحياء الذي يمنع من إرتكاب القبائح كما قدمنا أي التقصير في حق صاحب الحق، أما إذا بعث الحياء على تضييع الحقوق أو انتهاك الحرمات فهذا لا يسمى حياء إنما هذا ضعف و خور و ذل و مهانة فقد كان صلى الله عليه و آله و سلم يتمثل قوله تعالى " و الله لا يستحي من الحق " و كان أشد الناس حياء لكنه ما كان أبدا يسكت إذا رأى منكرا أو يكتم علما أو يضيع الحق بسبب هذا الحياء فمن استحي من المخلوق و ضيع حق الخالق فقد راعى الحياء من المخلوق و لم يستحي من الله تبارك و تعالى، فحد الحياء النافع هو الذي يقع على وجه الإجلال و الإحترام للأكابر أو الذي يكف عن الرذائل أو يمنع عن التقصير في حق أصحاب الحقوق أما الحياء الذي يترتب عليه عدوان على حرمات الله أو تضييع لحدود الله فهذا عجز و ضعف و خور و مهانة و علاج ذلك أن يعلم أن الحياء هو ما لم يترتب عليه تضييع هذه الحدود و أن كل ما خالف فلا يمكن أن يكون من الأدب في شيء لقوله تبارك و تعالى " و الله لا يستحي من الحق ".
و الذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة: الله تبارك و تعالى ثم الناس ثم نفسه، فأما الحياء من الناس فقد عظم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم شأنه أيما تعظيم فهو القائل صلى الله عليه و سلم ..... و بلغ من تعظيمه إياه أن جعله حكما على أفعال العباد فقد قال صلى الله عليه و سلم " البر ما اطمأنت إليه النفس و الإثم ما حاك في صدرك و كرهت أن يطلع عليه الناس " فجعل الاستحياء من الناس مقياسا و معيارا للبر و للإثم و هو القائل صلى الله عليه وآله و سلم حينما استوصاه أحد الصحابة رضي الله عنهم فقال " أوصيك أن تستحيي من الله كما تستحي رجلا صالحا من قومك " أو كما قال صلى الله عليه و آله و سلم، فلا شك أن الإنسان يستحي من أهل المروءة و أهل الدين و أهل الصلاح هذا و هذا المخلوق لا يطلع إلا على ما يره من عملك فكيف بالله الذي لا يخفى عليه شيء من عملك. و قد جعل السلف رضي الله عنهم مجالسة من يستحيون دواء للقلب و سببا لاكتساب هذا الخلق الفاضل فهذا بعضهم يقول " احي حياءك بمجالسة من يستحيون " و يقول بعضهم أيضا " لو أن الرجل لم يصبه من أخيه المؤمن سوى أن حياءه منه يمنعه من المعاصي لكفاه ذلك " يعني لكفاه ذلك من بركة صحبة الصالحين أنك تستحي أن تفعل القبائح أمامهم فيكون ذلك زاجرا لك عن الوقوع فيها، فبين النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن هذا القسم قسم هام جدا و هو الاستحياء من الناس و بين في هذا الحديث الذي أشرنا إليه هذه الوصية " استحي من الله كما تستحي رجلا من صالحه قومك ". و أيضا بين صلى الله عليه و آله و سلم ذلك في قوله " ما كرهت أن يراه الناس منك فلا تفعله بنفسك إذا خلوت " ما كرهت أن يراه الناس منك فلا تفعله بنفسك إذا خلوت.
يتبع






آخر مواضيعي 0 الرئيس محمد حسني مبارك يعلن تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية
0 رساله عاجله الى المعتصمين فى ميدان التحرير والى كل المتناحرين على الحكم
0 تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية
0 صور من تعامل السلف مع الحكام
0 الجمع بين الخوف والرجاء - لفضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب رياض الصالحين
رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 09:05 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ام معاذ

الصورة الرمزية ام معاذ

إحصائية العضو







ام معاذ غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم

قسم آخر من أقسام الحياء هو أن يستحي الإنسان من نفسه و هذا من أشرف أنواع الحياء، فإن الإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه و ممن يعظم قدره و هيبته في قلبه و لذلك تجد الإنسان لا يستحي من الحيوان و لا من الصبي الصغير و إنما يستحي الغبد من رؤية الكبار الذين يكبرون في نفسه و يستحي من الجماعة أكثر مما يستحي من الفرد فلأجل ذلك إذا استحي العبد من الناس و لم يستحي من نفسه و فعل القبائح إذا خلا بنفسه فهذا يدل على أن نفسه عنده أخس من غيره كما يقول بعض السلف رحمه الله " من عمل في السر عملا يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر " فهذا لإنسان ليس لنفسه عنده قدر و لنفسه عنده أخس من غيره فلا يبالي بها إذا خلا بها، بل الأكمل و الأعلى أن يصور الإنسان من نفسه كأنها نفسا أخرى تراقبه و تراه فيمنعه ذلك من التمادي في معاصي الله تبارك و تعالى. أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم.


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، و العاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، أما بعد: فعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه " استحيوا من الله " قالوا " إنا لنستحي من الله يا رسول الله و الحمد لله " فقال صلى الله عليه و سلم " ليس كذلك و إنما من استحي من الله تعالى حق الحياء فليحفظ الرأس و ما وعى و ليحفظ البطن و ما و ليذكر الموت و البلا و من أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا من فعل ذلك فقد استحي من الله حق الحياء ". و عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال " قلت: يا رسول اللخ عوراتنا ما نأتي منها و ما نذر؟ فقال صلى الله عليه و سلم: احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت يا رسول الله فإن كان القوم بعضهم في بعض، فقال صلى الله عليه و سلم: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها، قال: قلت يا رسول الله فإن كان أحدنا خاليا، قال: فالله أحق أن يستحي منه من الناس " فالله أحق أن يستحي منه من الناس، و هذا هو القسم الثالث من الحياء: الحياء من الله تبارك و تعالى فإذا كان صلى الله عليه و سلم فد حرض الإنسان على أن يستحيي و يستتر و لا يتكشف حتى في حال الخلوة مع اختلاف العلماء في ذلك هل هو على سبيل الاستحباب أو على سبيل الوجوب و الاستحباب أرجح و الله أعلم، فكيف بالاستحياء من الله عز و جل في الكبائر من الذنوب و المحرمات المقطوع بتحريمها أليس أولى بالإنسان أن ينكف و ينزجر عن ذلك استحياء من الله تبارك و تعالى. و لهذا لما قيل لبعضهم عظني فقال: إذا كنت إذا عصيت الله خاليا بعلمك أن الله يراك فقد اجترأت على أمر عظيم و إن لعلمك أو اعتقادك أن الله لا يراك فقد كفرت. و قيل لابن المبارك أو قال ابن المبارك لجليس له " راقب الله تعالى " فسأله عن تفسيره فقال " كن أبدا كأنك ترى الله عز و جل ". و لما سئل بعضهم كيف أو بما استعين على غض البصر قال " بعلمك أن نظر الناظر إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه ". و هذه المعاني كلها هي التي أجملها الله تبارك و تعالى و بينها في كلمة الإحسان فما أكثر ما وردت هذه الكلمة في القرآن ثم جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فبينها و فسرها تفسيرا لا يستطيع أن يصل إليه مخلوق من المخلوقين لما أوتي من جوامع الكلم صلى الله عليه و سلم، الله تبارك و تعالى بين أن الحكمة من خلق الخلق هي أن يبلوهم أيهم أحسن عملا فقال تبارك و تعالى " الذي خلق السماوات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام و كان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا " و قال عز و جل " الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " و لم يقل أيكم أكثر عملا، فما تفسير هذا الإحسان؟ جاء تفسيره حينما سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الإحسان فقال " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك فمن أحسن في عبادة ربه بشر بأحسن الجزاء و المثوبة في الدنيا و الآخرة فإن الله تبارك و تعالى هو الذي قال " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان " و هو الذي قال تبارك و تعالى " و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى " و قال تبارك و تعالى " للذين الحسنى و زيادة " الجنة و الزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم في جنة الرضوان، للذين الحسنى و زيادة فما الحكمة من مكافئة المحسنين بهذه المزية و هي النظر إلى الله تبارك و تعالى في جنة عدن ما هي الحكمة؟ الحكمة هي أن الجزاء من جنس العمل كما أن هؤلاء عبدوا الله تبارك و تعالى بالمراقبة و بالاستحياء منه و بإستحضار اطلاعه عليهم في كل أحوالهم و إيمانهم بأنه لا يخفى عليه شيء من أمرهم فراقبوه و راعوا هذا المعنى أن الله و إن لم يكونوا يرونه فإنه تبارك و تعالى يراهم و لا يغيبون عنه طرفة عين، " و اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه " يعلم كل خفرة و ثكلة و خلجت فمن أجل ذلك كافأهم بالزيادة و هي النظر إلى وجهه تبارك و تعالى، أم المكذبون الذين تراكمت حجب الذنوب على قلوبهم و علا الران قلوبهم فكما حجبهم ذلك الران عن الإيمان و التقوى و الخوف من الله و الاستحياء منه في الدنيا عوقبوا أيضا من نفس الجنس فحجبهم الله تبارك و تعالى عن رؤيته " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " فحجبوا عن رؤيته و الجزاء من جنس العمل، و هذا المعنى هو الذي أجمله قوله تبارك و تعالى " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى " و بين الله تبارك و تعالى أن من مقاصد بعثة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الأساسية هي أن يزكي المؤمنين فقال تبارك و تعالى " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة و إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " فجعل من مقاصد يعثته الشريفة صلى الله عليه و سلم أن يزكيهم و أقسم الله تبارك و تعالى في سورة الشمس أحد عشر قسما على حقيقة واحدة هي قوله عز و جل " قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها " و بين الله تبارك و تعالى أن الجنة لا يدخلها إلا نفس طيبة زكية فقال عز و جل " و سيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها و فتحت أبوابها و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " طبتم أي زكيتم و نقيتم من كل خبث و من كل سوء، فهذا يفيد أنه لا يدخل الجنة إلا من زكي و طابت نفسه، بين صلى الله عليه و آله و سلم في حديث صحيح المراد من هذه التزكية فقال صلى الله عليه و سلم " ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان " ذكر في هذه الثلاثة قوله صلى الله عليه و سلم و أن يزكي المرء نفسه قيل و ما تزكية المرء نفسه؟ فقال صلى الله عليه و سلم " أن يعلم أن الله معه حيث كان "، أن يعلم أن الله معه حيث كان فمن أراد أن يزكي نفسه و بعبارة أخرى من أراد أن ينمي في قلبه الاستحياء من الله عز و جل الذي هو سبب كل خير في الدنيا و الآخرة عليه أن يستحضر دائما في كل لحظة أن الله معه حيث كان، كان صلى الله عليه و سلم يكثر من الدعاء " و اسألك خشيتك في الغيب و الشهادة " و قال صلى الله عليه و سلم " ثلاث منجيات " و ذكر منها خشية الله في السر و في العلن، خشية الله في السر و العلن، و من أجل ذلك عظم الشرع الشريف عمل السر سواء كان العمل الصالح أو العمل الطالح فبين أن أمر الخلوة من أخطر هذه الأمور، انظر كيف وصف النبي صلى الله عليه و سلم السبع الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله بأنهم كانوا يستحيون من الله تبارك و تعالى في خلواتهم فضلا عن جلواتهم فيقول صلى الله عليه و سلم " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " ذكر منهم: رجلا ذكر الله عز و جل خاليا ففاضت عيناه لأنه يأمن الرياء و إنما يفعل ذلك خوفا من الله كما جاء في الحديث الآخر " عينان لا تمسهما النار عبن بكت من خشية الله و عين باتت تحرس الإسلام و أهله من الكفر و أهله " أو كما قال صلى الله عليه و سلم، فبين في هذا الحديث أن خلوة الصالحين هكذا تعمر بالكباء و بالمناجاة و بالاستحياء من الله تبارك و تعالى فكيف بخلوة الأخرين الذين لا يبالون و لا يراعون حدود الله تبارك و تعالى و يهم أحدهم بالمعصية إذا أمن نظر الناس إليه كما قال فرقد: إن المنافق ينظر أو يراقب الناس فإذا لم يرى أحدا دخل مداخل السوء و إذا رأى الناس فإنه يراقب الناس و لا يراقب الله تبارك و تعالى، و إذا خلوت بريبة في ظلمة و النفس داعية إلى الطغيان فاستحي من نظر الله و قال لها إن الذي خلق الظلام يراني، إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني و تخفي الذنب من خلقي و بالعصيان تأتيني، إذا خلا الإنسان بنفسه فعليه أن يستحضر أن الله معه حيث كان أن الله يراه أن الله يطلع على ما في قلبه " و لقد خلقنا الإنسان و نعلم ما توسوس به نفسه و نحن أقرب إليه من حبل الوريد "، " يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور "، " و اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه "، " ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون و ما يعلنون "، و قد خيب الله تبارك و تعالى ظن الذين ظنوا أنهم باستخفائهم حال ارتكاب المعاصي يخفون فقال عز و جل " و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين "، فهذه خلوة الفاسقين إذا أمنوا نظر الناس إليهم لا يستحيون من الله لأنهم لا يزكون أنفسهم و لا يربون أنفسهم على هذه الشعبة العظيمة العالية من شعب الإيمان.



عن أبي عامر الألهاني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا يجعلها الله هباء منثورا " قال: قلت يا رسول الله جلهم لنا -صفهم لنا - ألا نكون منهم و نحن لا نعلم، فقال صلى الله عليه و سلم " هم من جلدتكم و يأخذون من الليل كما تأخذون و يصومون و يصلون و يتصدقون و لكنهم كانوا إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها "، كانوا إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها فيا عباد الله أوصيكم و أصي نفسي بأن اتقوا الله تبارك و تعالى و سارعوا إلى مغفرته و مرضاته و راقبوه في السر و في العلن و نموا و قووا هذا الشعور بالاستحياء من الله تبارك و تعالى و بمجالسة الذين يستحيون من الله و بمجانبة أماكن المعاصي و اللهو و الفجور التي تقتل الحياء في القلب قتلا، نسأل الله تبارك و تعالى أن يصلح حالنا و حالكم و أن يوفقنا و إياكم لمراضيه و أن يجعل مستقبل أيامنا خيرا من ماضيه، اللهم اصلح من كان في صلاحه صلاح أمة محمد صلى الله عليه و سلم و أهلك من كان في هلاكه صلاح أمة محمد صلى الله عليه و سلم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار و أسكنا الجنة و كافة المؤمين الأخيار و صلي اللهم و سلم و بارك على عبدك و رسولك محمد و على آله و صحبه أجمعين






اللهم اجزى الشيخ عنا خيرا

وانفع بعلمه










آخر مواضيعي 0 الرئيس محمد حسني مبارك يعلن تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية
0 رساله عاجله الى المعتصمين فى ميدان التحرير والى كل المتناحرين على الحكم
0 تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية
0 صور من تعامل السلف مع الحكام
0 الجمع بين الخوف والرجاء - لفضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب رياض الصالحين
رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 09:14 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم

السلام عليكم
نسال الله تعالى ان يصلح لنا احوالنا
وان يوفقنا للعمل على مرضاته
سلمت يعرب
بارك الله لك
طرح قمة بالفائدة
جزاك الله خيرا







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 10:24 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم




ام معاذ




حفظك الله على روعة طرحك

يسر الله امورك وكتب لكى الخير

دعواتى لكى بالصحة والعافية






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 12:55 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
جنة

الصورة الرمزية جنة

إحصائية العضو







جنة غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم


أخيـــــتي الغـــاليـــة
جزاكِ الله خيراُ على طـــرحكِ القيم
دعواتي لكِ بالخير









آخر مواضيعي 0 صينية الشوارما التركية~بالصور
0 دجاج بالطحينة-بالصور
0 الخبز البلغاري اللذيذ بالصور
0 طريقة عمل المندازي الشهي بالصور
0 طريقة عمل الكتشوري اللذيذ بالصور
رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 03:19 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ساجده

الصورة الرمزية ساجده

إحصائية العضو








ساجده غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم

السلام عليكم

يعرب

جزاكى الله خيرا على طرحك القيم

أثابك المولى







آخر مواضيعي 0 أخلاق الكبار
0 ترويض وتهذيب النفس
0 قل يارب....
0 إلى أين أذهــب ؟؟؟
0 فكرت قبل كده ربنا خلق المخلوقات الشريرة ليه؟
رد مع اقتباس
قديم 07-25-2009, 03:37 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم

طرح رائع يعرب

جزاكى الله خير







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 07-26-2009, 09:01 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ام معاذ

الصورة الرمزية ام معاذ

إحصائية العضو







ام معاذ غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحياء خلق الاسلام محمد بن اسماعيل المقدم

السلام عليكم

اثابكم الله على مروركم الطيب

نسأل الله ان يرزقنا من الاخلاق ما تقربنا اليه

وجزى الشيخ عنا خيرا






آخر مواضيعي 0 الرئيس محمد حسني مبارك يعلن تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية
0 رساله عاجله الى المعتصمين فى ميدان التحرير والى كل المتناحرين على الحكم
0 تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية
0 صور من تعامل السلف مع الحكام
0 الجمع بين الخوف والرجاء - لفضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب رياض الصالحين
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:30 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator