العودة   شبكة صدفة > المنتديات العامة > ابحاث علميه و دراسات

ابحاث علميه و دراسات Research , analysis, funding and data for the academic research and policy community , ابحاث , مواضيع للطلبة والطالبات،أبحاث عامة ،بحوث تربوية جاهزة ،مكتبة دراسية، مناهج تعليم متوسط ثانوي ابتدائي ، أبحاث طبية ،اختبارات، مواد دراسيه , عروض بوربوينت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09-23-2010, 12:21 AM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

هذة كانت

العناوين

هنبدا باذن الله

فى كل موضوع فيهم







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:22 AM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

ثورة يوليو والتنمية
عبد الناصر وقضايا المجتمع المصرى
لماذا الاشتراكية والتنمية
يقول الرئيس جمال عبد الناصر فى فلسفة الثورة :
" وأنا أنظر أحيانا إلى أسرة مصرية عادية من آلاف الأسر التى تعيش فى العاصمة : الأب فلاح معمم من صميم الريف والأم سيدة منحدرة من أصل تركى وأبناء الأسرة فى مدارس على النظام الإنجليزى وفتياتها فى مدارس على النظام الفرنسى ، كل هذا بين روح القرن الثالث عشر ومظاهر القرن العشرين 00 أنظر إلى هذا وأحس فى أعماقى بفهم للحيرة التى نقاسيها وللتخبط الذى يفترسنا ثم أقول لنفسى : سوف يتبلور هذا المجتمع 00 سوف يتماسك وسوف يكون وحدة واحدة قوية متجانسة وإنما ينبغى أن نشد أعصابنا ونتحمل فترة الانتقال"0
وهكذا وضع جمال عبد الناصر إصبعه على حقيقة المشكلة التى بدأ يتضح فى التسعينات من القرن العشرين أنها تشكل جوهر التنمية ، وهى بناء المجتمع السليم الذى ينتفى فيه اغتراب الفرد ويختفى منه التسلط سواء الملكى بطغيان الملكية المسنودة من الاستعمار 00أو الإقطاعى الذى يستغل الشريحة الكبرى من المواطنين التى تعيش على قطاع الزراعة أو الرأسمالى المحتكر الذى يستغل المستهلك ويفرض على العامل واحد وخمسين ساعة عمل أسبوعيا مقابل أجر لا يتجاوز الجنيهين لا يكفيه هو وأسرته المكونة من خمسة أفراد فى المتوسط 0
وعندما تساءل عبد الناصر عن الطريق كانت الإجابة واضحة :" الحرية السياسية والحرية الاقتصادية
وانتقل بعد ذلك للكلام عن المستقبل فقال :
" قلنا إننا لا نملك المستقبل وحدنا فمن أجل ضمان الحياة السياسية فى المستقبل ذهبنا إلى عدد من قادة الرأى من مختلف الطبقات والعقائد وقلنا لهم : ضعوا للبلد دستورا يصون مقدسا ته وكانت لجنة الدستور
ومن أجل ضمان الحياة الاقتصادية فى المستقبل ذهبنا إلى أكبر الأساتذة فى مختلف نواحى الخبرة وقلنا لهم : نظموا للبلد رخاؤه واضمنوا لقمة العيش لكل فرد فيه وكان مجلس الإنتاج تلك حدودنا لم نتعداها ، إزالة الصخور والعقبات من الطريق مهما يكن الثمن واجبنا ، والعمل من كل نواحيه مفتوح لكل ذوى الرأى والخبرة فرض لازم عليهم ، وليس لنا أن نستأثر به دونهم ، بل إن مهمتنا تقتضى أن نسعى إليهم لجمعهم من أجل مستقبل مصر 00مصر القوية المتحررة 0"
الخطوة الأولى كانت إذن وضع الدستور- دستور يمنع تكرار مآسى الماضى ويحدد معلم مجتمع المستقبل وأعلن جمال عبد الناصر بصفته رئيس الجمهورية فى يناير 1956 دستور الشعب باسم الشعب قائلا :
" نحن الشعب المصرى الذى انتزع حقه فى الحرية والحياة بعد معركة متصلة ضد السيطرة المعتدية من الخارج والسيطرة المستغلة من الداخل 0"
وهكذا جاء الدستور تعبيرا عن إرادة شعبية وتتويجا لكفاح وطنى وليس هبة من حاكم أو منة من قوى خارجية تتستر وراء ما يسمى بحقوق الشعوب وحقوق الإنسان بينما هى تستمد وجودها وبقائها من إهدار حقوق الشعوب 0 وحدد أهدافه بالأهداف التى من أجلها قامت الثورة وهى القضاء على الاستعمار وسيطرة رأس المال على الحكم وإقامة جيش وطنى قوى وإقامة عدالة اجتماعية وإقامة حياة ديمقراطية سليمة 0
ولقد تضمن الدستور عددا من المواد رسمت المعالم الاقتصادية للمجتمع الجديد وهى:
المادة السابعة :" ينظم الاقتصاد القومى وفقا لخطط مرسومة تراعى فيها مبادئ العدالة الاجتماعية وتهدف إلى تنمية الإنتاج ورفع مستوى المعيشة"0
المادة الثامنة:" النشاط الإقتصادى الخاص حر على ألا يضر بمصلحة المجتمع أو يخل بأمن الناس أو يعتدى على حريتهم وكرامتهم "0
المادة التاسعة:" يستخدم رأس المال فى خدمة الاقتصاد القومى ولا يجوز أن يتعارض فى طرق استخدامه مع الخير العام للشعب 0"
المادة العاشرة:" يكفل القانون التوافق بين النشاط الاقتصادى العام والنشاط الإقتصادى الخاص تحقيقا للأهداف الاجتماعية ورخاء الشعب 0"
المادة الحادية عشر:" الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقا للقانون 0"
المادة السابعة عشر :" تعمل الدولة على أن تيسر للمواطنين جميعا مستوى لائق من المعيشة أساسه تهيئة الغذاء والسكن والخدمات الصحية والثقافية والاجتماعية 0"
المادة الثانية والعشرون :" العدالة الاجتماعية أساس الضرائب والتكاليف العامة 0"
ووفقا للمنهج الذى حدده جمال عبد الناصر صدرت عدة قرارات بعد أسبوع واحد من قيام الثورة وبالتحديد فى 30 يوليو1952 صدرت عدة قرارات استهدفت القضاء على الإقطاع والاحتكار وكان فى مقدمتها قانون الإصلاح الزراعى وتنظيم الإيجارات التى أنهت تسلط الملاك على المنتجين والمستأجرين فى الريف والحضر وحددت بالتالى المبالغة فى التكالب على الملكية العقارية وما يترتب على ذلك من عزوف المدخرات الخاصة على الدخول فى مجالات الإنتاج المثمر وبخاصة الإنتاج الصناعى وتحمل مخاطره 0
أما بالنسبة لرأس المال الأجنبى فقد بادرت الثورة بالاستجابة لنصائح الاقتصاديين من أهل الخبرة الذين كانوا يرون أن قانون الشركات المساهمة (138لسنة1947) – لا يشجع المستثمرين الأجانب لأنه يحرمهم غالبية الملكية فصدر المرسوم بقانون رقم 130لسنة1952بتعديل المادة السادسة من ذلك القانون وكانت تنص على ألا تزيد نسبة رأس المال الأجنبى فى الشركات المساهمة عن 49% فأصبحت تنص على أنه يجب تخصيص 49% على الأقل من أسهم الشركات المساهمة للمصريين عند التأسيس أو زيادة رأس المال ويجوز زيادة النسبة بقرار من وزير التجارة والصناعة بالنسبة للشركات ذات الصبغة القومية وإذا لم تستوف النسبة فى مدة لا تقل عن شهر فى حالة الاكتتاب العام جاز تأسيس الشركة دون استيفاء النسبة – وكان الهدف من هذا التعديل هو اجتذاب رأس المال الأجنبى للمساهمة فى التنمية الإنتاجية 0
ثم صدر بعد ذلك القانون رقم156 فى 2ابريل 1953 الذى حدد أسلوب معاملة رأس المال الأجنبى حيث حددت القنوات الشرعية التى يرد من خلالها ( سواء نقدا أو عينا أو فى شكل حقوق معنوية ) وحدد شروط تحويل الأرباح بما لا يتجاوز 10% بالعملة الأصلية كما أجاز تجاوز هذه النسبة فى حدود ما يحققه الاستثمار الأجنبى من عملة أجنبية كما أجاز إعادة تحويل رأس المال الأجنبى بعد خمسة سنوات بما لا يتجاوز خمس القيمة المسجل بها 0وحددت المادة الثانية فى هذا القانون شرط الانتفاع أن يوجه رأس المال الأجنبى إلى الاستثمار فى مشروعات التنمية الاقتصادية ( الصناعة-الزراعة – التعدين القوى المحركة – النقل – السياحة ) ويبت فى الطلب فى خلال شهور ثلاثة من تاريخ تقديمه تفاديا للإجراءات التشريعية والإدارية الحكومية وتفاديا للتعقيدات وتضارب الاختصاصات بين الجهات المعنية – وفى هذا الصدد أيضا صدر القانون رقم 325لسنة1952 والقانون رقم 324لسنة1953 خاصا بالرسوم الجمركية والضرائب غير المباشرة حول المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج والعوائد وما إلى ذلك وكان الغرض من كل هذا التشجيع العملى على الاشتغال بالإنتاج من أجل التصدير 0
كما صدرت قوانين أخرى أبرزها القانون رقم 430لسنة1953 وقانون الشركات العام رقم26لسنة1954 الذى عدل بالقانون رقم 155لسنة1955 وهى قوانين استهدفت تحقيق توازن عادل بين مبدأ التيسير على المتعاملين والحرية الاقتصادية ومبدأ حماية حقوق المدخرين لحثهم على الإقبال على الاستثمار 0
لقد أردت قاصدا أن أذكر أرقام وتواريخ وأهم عناصر هذه القوانين لسبب هام هو أن يرجع إليها الباحثين لما تحويه موادها من ضوابط وقيود وتسهيلات تحدد المسئوليات والاقتراض وشغل عضوية أو الجمع بين عضوية البنوك المقرضة والشركات وتحديد الحد الأقصى لعضوية الشركات وشروط السن لأعضاء مجالس الإدارات والحد الأقصى لما يحصل عليه أعضاء مجالس الإدارة من مكافآت وعناصر كثيرة أخرى نعيش سلبياتها ومآسيها من بعد منتصف السبعينات حتى الآن 0
لقد حاولت ثورة يوليو منذ اللحظة الأولى إزالة العقبات التى كانت تحول دون المساهمة الجادة لرأس المال الخاص وطنيا كان أم أجنبيا بعد أن قضت على الصيغ الإقطاعية والاحتكارية فى الوقت الذى كانت تبذل جهودها لإزالة ما ظل عالقا بالاستقلال السياسى من شوائب 0وبالمناسبة فعند قيام الثورة فقد كان رؤساء مجالس إدارات الشركات ينقسمون كالآتى:
21% مصريون مسلمون .
4% مصريون مسيحيون.
30% أوربيون .
18% يهود .
8% يونانيون .
11% متمصرون .
ووفقا للتوصيات التى قدمها خبراء الأمم المتحدة وفى مقدمتها التوصيات التى صاغها مجموعة من أساتذة الاقتصاد ضمت آرثر لويس أستاذ الاقتصاد فى جامعة مانشستر البريطانية والبروفيسور تيودور شولتز من جامعة شيكاغو ومعهما أستاذان من الهند وشيلى وكانت أولى التوصيات التى قدمتها هذه اللجنة تحت عنوان " إجراءات التنمية الاقتصادية للدول المتخلفة " هى الحث على دور كبير للدولة يبدأ بإنشاء قطاع عام قوى لاسيما فى مجالات ذات أهمية محورية لدفع التنمية التى يعجز القطاع الخاص الناشئ على توليها ، فأنشئ المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى فى اكتوبر1952 بموجب القانون رقم 213لسنة1952 كهيئة مستقلة تلحق برئاسة مجلس الوزراء المصرى وكانت مهمة المجلس بحث ودراسة المشروعات الاقتصادية التى يكون من شأنها تنمية الإنتاج القومى وأن يضع بحث فيما لا يتجاوز عاما واحدا برنامجا اقتصاديا للتنمية يتوخى تقديم المشروعات الأكثر إنتاجا والأيسر تنفيذا والأقل تكلفة لينفذ على مراحل سنوية أقصاها ثلاث سنوات ويشرف المجلس على تنفيذ المشروعات والبرامج بعد إقرار مجلس الوزراء كما حررت إجراءاته من القواعد الروتينية0
ولقد قام المجلس بدور هام فى مختلف مشروعات التنمية التى تمت خلال السنوات الخمس الأولى للثورة فى مجالات الرى والتوسع الزراعى وتكرير البترول وأنابيب البترول وتنمية الثروة المعدنية والمواصلات ودراسة مبدئية لمشروع السد العالى ووضع مشروعات الحديد والصلب ومصنع السماد وكهربة خزان أسوان والكابلات والورق والبطاريات والإطارات والجوت والخزف والصينى وغيرها 00
واستحدثت الثورة مبدأ جديد هو تخصيص نسبة مئوية من نفقات المشروعات للأبحاث والدراسات التى تم منها على سبيل المثال :
حصر وتقويم الاحتياجات والموارد الصناعية – أبحاث الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضى –صناعة السيارات – صوامع الغلال – المقننات المائية – الصرف – زيوت التشحيم – الحوض الجاف والترسانة البحرية – صناعة الورق – كهربة مصر كلها على مدى عشرين عاما 0
وحدث متوازيا مع هذه الأمور كلها توسعا كبيرا فى المصانع الحربية المملوكة بالكامل للدولة والتى دخلت فيما بعد ميادين الإنتاج المدنى كذلك ، ولقد كانت تلك المصانع مدرسة جامعة للكوادر الفنية والإدارية المنتجة حتى اليوم 0
ولتفادى التضارب والإسراف والتعارض ولتوفير الجهد والمال ولتعظيم العائد صدر قرار مجلس الوزراء فى 31ديسمبر1952 يستهدف إنشاء إدارة للتخطيط والتنسيق وأشير فى القرار إلى أن نظام التخطيط والتنسيق تأخذ به الآن كل الدول المتقدمة على اختلاف مذاهبها السياسية وأحوالها الاجتماعية والاقتصادية – ثم أنشئت اللجنة العليا للتخطيط والتنسيق برئاسة رئيس مجلس الوزراء أو من ينوب عنه وتضم وزير المالية ومقررى اللجان الوزارية للتخطيط وممثلى وزارات الخارجية والحربية والبحرية والإرشاد القومى وثلاثة أعضاء من مجلس الإنتاج – ولها أن تضم مراقبين أو خبراء خارجيين وتعمل فى مجالات أربعة:
*شئون الميزانية والمالية 0
*شئون الإدارة العامة لتحسين الإدارة الحكومية المنفذة ورفع مستوى الكفاية الإدارية 0
*شئون التخطيط لفحص المشروعات والتنسيق بينها ومتابعة التنفيذ وإعداد الخبراء0
*التعبئة العلمية 0
وكل هذا يعنى تعبئة القدرات العلمية والفنية وتوجيهها نحو الإسهام فى خدمة قضايا التنمية والربط بين البحث العلمى والاحتياجات التطبيقية ووضع أهل الخبرة فى خدمة قضايا الدولة0
وعندما أتسع نشاط الخدمات صدر يوم 17 اكتوبر1953 القانون رقم493لسنة 1953 بإنشاء المجلس الدائم للخدمات ليشرف ويرعى النهوض الاجتماعى ويربط بينه وبين برامج التنمية الاقتصادية وكان من اختصاصه السياسة العامة ووضع الخطط الرئيسية للتعليم والصحة والعمران والشئون الاجتماعية والقوى البشرية 0
ولقد كانت إدارة التعبئة العامة والإحصاء ( تتبع وزارة الحربية ) –كان لها مندوبين فى كل من مجلس الإنتاج ومجلس الخدمات مما أفاد فى تمكين هذه الإدارة من جمع المعلومات وإجراء الدراسات المتعلقة بقناة السويس حتى يمكن الاستعداد لتأميمها دون لفت الأنظار وهو ما سأتعرض له تفصيلا فى فصل آخر 0
وكان من أهم أدوات التنسيق فى قطاع الخدمات الوحدات المجمعة التى راعت تكامل الخدمات فى التجمعات السكانية فى الريف فضلا عن حفزها الشباب للعمل فى الريف مع تغطية أوجه النقص فى مجالات هامة كمكافحة الدرن والأمراض المتوطنة ( الإنكلستوما والبلهارسيا ) وتوفير مياه الشرب فى الريف وبناء المساكن والمستشفيات 000الخ0
ولقد كان لتشكيل المؤتمر المشترك من قيادة الثورة والوزراء وهو ما تضمنه الإعلان الدستورى الصادر فى 10فبراير1953 للنظر فى السياسة العامة للدولة أثره فى دفع عجلة التقدم فى كافة المجالات الإنتاجية والخدمية فى تلك الفترة
وفى 13يناير1957 صدر القانون رقم 20لسنة57 بإنشاء المؤسسة الاقتصادية وآلت إليها ملكية أنصبة الحكومة فى رؤوس أموال الشركات المساهمة وتحددت أغراض المؤسسة الاقتصادية فى الآتى :
*تنمية الاقتصاد القومى عن طريق النشاط التجارى والصناعى والزراعى والمالى 0
*وضع سياسة استثمار أموال المؤسسة وتوجيهها فى المنشآت التى تساهم فى رأسمالها
*القيام نيابة عن الحكومة بالتوجيه والإشراف على المؤسسات العامة 0
( يرجع لتفاصيل القانون والقرارات التكميلية والضوابط بما فيها الخضوع لرقابة ديوان المحاسبات 0)
وقامت المؤسسة الاقتصادية فى غمرة أحداث هامة ترتبت على خوض الثورة معركة الإستقلال الإقتصادى سواء باسترداد ملكية قناة السويس فى أكبر وأخطر معركة تأميم لراس المال الأجنبى تخوضها دولة نامية والإصرار على تنفيذ مشروع حيوى للنهوض بالقاعدة الإنتاجية الزراعية والصناعية وهو السد العالى الذى درسه مجلس الإنتاج وأبدى البنك الدولى استعداده لتمويله وكان هذا مكملا للمواقف الصلبة فى وجه الاستعمار سواء برفض حلف بغداد وسياسة الأحلاف عموما أو العمل على تصفيته بدفع حركة عدم الانحياز فى مؤتمر باندونج سنة1955 ، وهكذا اتضح بجلاء أن رأس المال الأجنبى لم يكن فقط مترددا أو يعانى من ندرة بل هو مضاد بطبيعته للتحرر الإقتصادى فالبنك الأهلى كان قائما بأعمال البنك المركزى غير أن سيطرة المصالح الأجنبية عليه جعلته يحجم عن إحدى أهم وظائفه وهى إقراض الحكومة ، لذلك أصدرت الحكومة المصرية فى ربيع 1955 قانونا يلزمه بأن يضع تحت تصرف الحكومة ما فى حوزته من نقد أجنبى ، ولم تكن الرأسمالية المحلية أقل تعنتا فى التعامل مع الدولة فى توجهها نحو التنمية على الرغم من القرارات التى استهدفت تشجيعها وكان أحمد عبود باشا يؤكد سطوته بالتخلف عن دفع الضرائب فقامت الحكومة بفرض الحراسة على شركتى السكر والتقطير وأعيد تنظيم الشركتين فى شركة واحدة تمتلك الحكومة 50% من رأسمالها ، غير أن المواجهة الصريحة مع رأس المال الأجنبى جاءت فى سنة1956 مع العدوان الثلاثى حيث رفضت البنوك تمويل القطن وما أن انسحبت قوى العدوان حتى أعلنت الثورة قوانين التمصير التى شملت البنوك وشركات التأمين ووكالات الاستيراد وهكذا وجدت الثورة نفسها فجأة مسئولة عن عدد من المنشآت الاقتصادية وبناء عليه صدر قانون إنشاء المؤسسة الاقتصادية 0
لم تكن نشأة القطاع العام ، كما يردد البعض ، على حساب رأس المال الوطنى بل من خلال استثمار عام ومن خلال استرداد الشعب حقوقا اغتصبها الأجانب والمتمصرين نتيجة سوء تصرف ولاة الأمور فى مصر ، وفى ظل امتيازات أجنبية أعفتهم من دفع الضرائب التى كان يتوجب دفعها من أجل إقامة المرافق التى مولها الفلاح المصرى الذى اغتصبت حقوقه 0
ومع نشأة وزارة الصناعة سنة1956 اعتمد برنامج التصنيع الأول فى1957 بعد الحصول على قرض من الاتحاد السوفيتى لتنفيذه وتكونت هيئة السنوات الخمس وتوسعت المصانع الحربية فى الإنتاج المدنى وتم الاتفاق مع الاتحاد السوفيتى على بناء السد العالى وشكلت الهيئة العامة للسد العالى 0
واستمرت الدعوة لرأس المال الوطنى والمحلى للإسهام فى التنمية ولكنها كانت دعوة من جانب واحد لم يقابلها استجابة بل توقف النشاط الخاص عن أعمال الصيانة وزاد أن حاول البعض بطرق غير مشروعة تهريب رؤوس أموالهم للخارج مما ترتب عليه صدور القرارين فى 13فبراير1960 بتأميم البنك الأهلى وبنك مصر وهو ما أتاح للثورة السيطرة على شركات كانت تتولى 20% من الإنتاج الصناعى رغم بقاء ما يساهم به الأفراد فى تلك الشركات 0
وقامت وزارة الصناعة بوضع برنامج خمس سنوات للتصنيع يتكلف 255مليون جنيه ( كان الجنيه يعادل أكثر من ثلاثة دولارات فى ذلك الوقت ) – ويرفع نصيب الصناعة من 11% من الدخل القومى إلى 19% -ووضع البرنامج قواعد للأولويات تضمنت كافة تكلفة المشروع وحاجته من النقد الأجنبى والعائد المتوقع منه وما يضيفه إلى الطاقة الإنتاجية ويستخدمه من عناصر وعمالة وعلاقة المشروع بالمشروعات الأخرى وأهميته للتنمية إضافة إلى الاعتبارات الإستراتيجية 00 وقدر أن تستغرق المرحلة الأولى ثمانية عشر شهرا يليها أربعة مراحل سنوية ، واتضح مما تقدم أن الاهتمام بالتنمية يتطلب نظرة شاملة متكاملة فصدر قرار رئيس الجمهورية رقم78لسنة1957 بشأن التخطيط القومى وأدمج مجلسى الإنتاج والخدمات فى لجنة التخطيط القومى 0
وكان التخطيط الذى لجأت إليه الثورة كأى تخطيط تلجأ إليه دولة نامية هو تخطيط من أجل التنمية وليس بديلا للسوق فى إدارة الاقتصاد 0
وتطورت الأمور حتى وصلت إلى تشكيل 57 لجنة فرعية للتخطيط ضمت صفوة الخبراء المتخصصين من مختلف أجهزة البحث العلمى ورجال الجامعات والفنيين وعدد من الوزراء ومحافظ البنك المركزى وآخرين 0
وعقب إعداد المشروع المبدئى لإطار الخطة العامة (1960/1961 – 1964/1965 ) وعرض مشروع الخطة على الشعب من خلال المؤتمر العام للاتحاد القومى فى منتصف 1960 – وكانت الخطة الأولى التى تكاملت الأجهزة التخطيطية وتضافرت القدرات البحثية ومشاركة التنظيم السياسى الجماهيرى مع مراعاة وتنسيق بين خطتى إقليمى الجمهورية العربية المتحدة ( سوريا ومصر ) –وكان الهدف مضاعفة الدخل القومى خلال عشر سنوات
لقد قال جمال عبد الناصر فى هذا الصدد فى خطابه أمام المؤتمر العام للاتحاد القومى يوم9/7/1960ما يلى :
" كان مهما بالنسبة لنا أن تنجح الخطة فى أهدافها لمضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات ، فلقد كان أكثر أهمية أن تنجح الخطة فى أهدافها الاجتماعية ، كان عليها أن تكون أداة إنتاج وفى نفس الوقت كان عليها أن تكون أداة عدل 0
وما كان يمكن أن تكون هناك خطة اقتصادية دون هدف اجتماعى بل لقد كان يمكن أن تؤدى الخطة إلى عكس المقصود منها ، إذا كان الاهتمام يوجه إلى ناحيتها الاقتصادية مجردا من كل وعى اجتماعى 0
كانت الخطة فى تلك الحالة لا تضع إلا أن تزيد الأغنياء غنى ، وتزيد الفقراء فقرا ، وتزيد بالتالى الهوة بين الذين ملكوا الغنى بالوراثة ، وبين الذين لم يمتلكوا بالوراثة غير الفقراء ، وبالتالى يضيع أساس الاستقرار الوطنى الوحيد وهو العدل الاجتماعى 0 كذلك فقد كان مستحيلا دون خطة اقتصادية واجتماعية ، وفى نفس الوقت أن تطور الخدمات العامة كما طورنا وسائل الإنتاج 0 وكان ذلك يستتبع بالتالى أن يقوم القطاع العام بدور حيوى فى التطوير الصناعى ، وأن يقوم التعاون بنفس الدور فى التطور الزراعى ، ولقد بدأ وجود القطاع العام على نطاق متسع فى الصناعة وفى أعقاب الخطوة الرائعة التى تعتبر أبرز مكاسب حرب تثبيت الإستقلال سنة1956 ،وأعنى خطوة تمصير الجزء الأكبر من الممتلكات البريطانية والفرنسية فى مصر 0
وإذا كان التمصير هو بداية أتساع القطاع العام وتقوية نشاطه ، فلقد كان من أهداف الخطة بل وكان أيضا من ضمانات نجاحها أن تزداد قوة هذا القطاع العام الذى يملكه الشعب بمجموعه "0






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:23 AM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

وفى خطاب آخر لعبد الناصر يوم 16/10/1961 قال :
"لقد أصبح لدينا الآن قطاع عام فى الاقتصاد قوى ، يملكه الشعب بمجموعه وهو فوق أثره الاجتماعى ، طليعة قادرة على فتح الطريق أمام التنمية الاقتصادية وفى جميع المجالات 0 وإننا لنفخر أن النواة الأولى لهذا القطاع العام كانت جميع المؤسسات الاحتكارية البريطانية والفرنسية والبلجيكية ، ثم أضفنا إلى هذا القطاع العام ما قمنا نحن بإنشائه طبقا لبرامج التنمية خلال السنين الأخيرة ، ثم استكمل هذا القطاع قوته بما تم تأميمه أخيرا بمقتضى مجموعة القوانين الاشتراكية التى صدرت فى شهر يوليو من هذا العام ، وبهذا أصبحت القوة العاملة لهذا القطاع تمثل رأسمال لا يقل عن ألف مليون جنيه ، بينما الطاقة المتحركة لرأسمال هذا القطاع تزيد على هذا المبلغ عدة مرات بقوة اندفاع متزايدة ، قادرة على تحريك مجالات التطوير فى الزراعة وفى الصناعة بوجه خاص 0"
وعلى الرغم من التأميمات المتتالية التى شهدتها السنوات السابقة على الخطة فإن كل حالة كان لها ما يبررها ولم يصل الأمر لاتخاذ موقف عام من رأس المال الخاص بل أفسحت له الخطة مجالات للنشاط محملة القطاع العام عبء المشروعات الضخمة منخفضة الربح كالسد العالى واستصلاح الأراضى والتعدين فضلا عن الخدمات 0
ولقد حققت بعض الأنشطة كالمقاولات أرباحا ضخمة نتيجة للتوسع السريع فى الإنشاء والتشييد ومع ذلك ظلت الرأسمالية المصرية محجمة عن المساهمة فى التنمية بل سعى بعضهم فى تصفية أعمالهم وتهريب أموالهم للخارج ، فكان لابد من سد منافذ التهريب وتولى القطاع العام أمر الأنشطة الحيوية اللازمة لاستمرار عملية التنمية 0
وشهد شهر يوليو 1961 ( السنة الثانية للخطة ) تحولا نحو استكمال معالم المجتمع الاشتراكى ، فأصدر جمال عبد الناصر مجموعة من القوانين سميت بالقوانين الاشتراكية كانت تهدف أساسا لإعطاء العمال والفلاحين والفئات الوسطى حقوقا عادلة فى الناتج القومى بالإضافة إلى تحقيق عدالة التوزيع 0
فصدرت القوانين أرقام 111لسنة1961بتوزيع الأرباح على عمال المؤسسات والشركات بتخصيص 25% من الأرباح المعدة للتوزيع للموظفين والعمال ( 10% توزع مباشرة و5% للخدمات الاجتماعية والإسكان و10% لأداء خدمات اجتماعية مركزية)
والقانون114لسنة1961 بإشراك العمال فى مجالس إدارات الشركات والمؤسسات 0
والقانون127لسنة1961 بشأن تعديل قانون الإصلاح الزراعى 178لسنة1952 حيث خفض الحد الأدنى للملكية الزراعية إلى مائة فدان
والقانون128لسنة1961 بتخفيض ما لم يؤدى من ثمن الأرض الموزعة أو التى توزع على المنتفعين بالقانون 178لسنة52 وكذلك الفوائد المستحقة عليهم إلى النصف 0
والقانون133لسنة1961 بجعل الحد الأعلى لساعات العمل 42( اثنين وأربعون ) ساعة أسبوعيا وعدم جواز تشغيل العمل فى أكثر من مؤسسة واحدة وذلك بهدف زيادة عدد العاملين مع عدم جواز تخفيض الأجر الإضافى 0
والقانون168و169لسنة1961 بتخفيض أجور الأماكن التى أنشئت بنسبة 20% وتقرير إعفاءات عن الضريبة على العقارات المبنية التى لا يزيد متوسط إيجار الحجرة فيها على ثلاثة جنيهات وخفض الإيجارات بمقدار الإعفاءات 0
والقانون113لسنة1961 بفرض حد أعلى للمرتبات فى أى شركة أو مؤسسة عامة خمسة آلاف جنيه فى السنة شاملة لجميع العلاوات والبدلات أيا كانت الصفة اعتبارا من أول أغسطس1961
والقانون115لسنة1961 بتعديل قانون الضريبة العامة على الإيرادات وجعلها ضريبة تصاعدية على الإيراد الكلى الصافى بمعدل يبدأ ب 8% للألف الثانية ورفع سعر الضريبة على الشرائح العليا ليصل إلى 90% لما يتجاوز عشرة آلاف جنيه
والقانون129لسنة1961 بتعديل الضريبة على العقارات المبنية وذلك لإيجاد توازن بين حق الفرد للملكية وحق المجتمع من خلال تصاعد تلك الضريبة وإعادة توجيه المدخرات إلى مجالات التطوير التى تتوجه إليها خطة التنمية وذلك بعد أن فضل الكثيرين من المدخرين تجميد مدخراتهم فى المساكن ذات الأجور العالية مبتعدين عن مجال الصناعة 0
وأعتبر أن هذه القوانين ميزان ثابت من موازين العدل سواء من ناحية مشاركة الأمة فى ملكية وسائل الإنتاج أو مشاركة الأمة فى عائدات هذا الإنتاج فهو ليس طريقا لمصادرة الملكية وإنما هو طريق لتوسيع قاعدتها
كما صدرت القوانين:
117لسنة1961 بتأميم مائة وتسعة وأربعين شركة شملت سبعة عشر بنكا وسبعة عشر شركة تأمين ومائة وخمسة عشر شركة أخرى تعمل فى مجلات مواد البناء والسلع المعدنية اللازمة للتشييد وشركات نقل عام وملاحة بحرية 0
والقانون118لسنة1961 بإشراك القطاع العام فى واحد وتسعين شركة عن طريق مساهمة إحدى المؤسسات العامة بما لا يقل عن 50% من رأسمالها وشملت القائمة شركات المقاولات والتجارة والسجاير والبترول والمنسوجات 0
القانون119لسنة1961 بتحديد ملكية الفرد فى مائة وتسعة وخمسين شركة بما لا يتجاوز عشرة آلاف جنيه وتؤول ملكية الزيادة إلى الدولة 0
القانون120لسنة1961 بتنظيم منشآت تصدير القطن0
القانون121لسنة1961 بنقل ملكية منشآت مكابس القطن إلى الدولة 0
القانون122لسنة1961 بإسقاط التزام شركة ليبون وإنشاء مؤسسة عامة للكهرباء والغاز0
القانون123لسنة1961 بإسقاط التزام مرفق ترام القاهرة 0
وقد حولت أسهم تلك الشركات إلى سندات اسمية أو قابلة للتداول على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% حسب آخر إقفال فى البورصة 0
إن هذه القوانين تشير إلى أن الحتميات الموضوعية للتنمية هى التى دفعت باتجاه التحول الاشتراكى وليست لاعتبارات أيديولوجية ، فمن ناحية اتضح أن القطاع الخاص إما أساء اختيار قنوات الاستثمار بالابتعاد عن ما رصدته له الخطة من مجالات أو عمل على تهريب مدخراته للخارج بالرغم من الحوافز التى قدمت له طيلة الخمسينات ، هذا علاوة على أن القطاع الخاص استثمر تحويل مدخراته فى عمليات التشييد والبناء مستغلا فرصة الطلب المتزايد بسبب التسارع الذى استهدفته الخطة فى معدلات الاستثمار فعمد إلى رفع الأسعار وجنى أرباحا طائلة لم يعيد ضخها فى الاستثمار وجل ما قام به هو الاستثمار فى الإسكان فوق المتوسط بما لم يحل مشكلة الإسكان بل ساهم فى رفع الإيجارات 0 وهنا أحب أن أشير إلى نقطة تعتبر ذات دلالة على أن هذه التأميمات لم تكن تعنى أشخاص بذاتهم بل كانت تطبق مبدأ وخط إستراتيجى اقتصادى عام ألا وهو مبدأ الكفاية والعدل ، ومما يدل على أن المسائل لم تكن أبدا تمس الأشخاص أن كل شركات المقاولات مثلا التى كانت بأسماء أشخاص بقيت على نفس التسمية بعد تطبيق القانون ، فبقيت شركات عثمان أحمد عثمان وحسن علام ومختار إبراهيم ..الخ .
وقد تبع ذلك أن عدل قانون العمل فصدر القانون رقم 102لسنة1962 بتحديد حد أدنى للأجور فى المنشآت الصناعية قيمته خمسة وعشرين قرشا فى الساعة 0
وفى 26مايو1962 صدر ميثاق العمل الوطنى الذى حسم النظام الإقتصادى لصالح الاشتراكية وسيطرة الشعب على أدوات الإنتاج وما استتبع ذلك من صدور المزيد من القرارات الاشتراكية وذلك لتوفيق الأوضاع فى أسلوب إدارة الاقتصاد الوطنى ومنشآته وللحيلولة دون تعرض الاقتصاد للاختلال 0
وكانت معدلات تحقيق الأهداف من الارتفاع بما جعل تلك الفترة تشهد طفرة فى أداء الاقتصاد الوطنى بما مكن الثورة من المضى فى التنمية القائمة على الاعتماد على النفس0 بمعنى أن يسعى الاقتصاد إلى تعظيم قدرته الادخارية وتعبئة مدخراته ويحسن توجيهها وأن دور رأس المال الأجنبى مكمل ويأتى فى المجالات وبالشروط التى تهم الاقتصاد والتوسع فى المجالات المتميزة محليا يخلق قاعدة إنتاجية متنامية إذا لم ننفق على سلع لا تتمشى مع متطلبات التنمية 0
ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى تقرير البنك الدولى الذى اعترف بحجم النمو الإقتصادى فى تلك الفترة خصوصا وانه صدر فى سنة 1976 أى بعد عشر سنوات من إتمام الخطط الخمسية حتى سنة 1965 ونص التقرير على الآتى :
أولا : التقرير صدر برقم 870 a واشنطن فى 5يناير 1976 الجزء الخاص بمصر 0
ثانيا: أن نسبة النمو الإقتصادى فى مصر كانت بمعدل6ر2% سنويا بالأسعار الثابتة الحقيقية
ثالثا : ارتفعت نسبة النمو هذه فى الفترة من 1960 حتى 1965 إلى معدل وصل إلى 6ر6%
وهذا يعنى أن مصر استطاعت خلال عشر سنوات أن تقوم بتحقيق تنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة عن عام 1952 فى الوقت الذى لا تتجاوز معدلات النمو فى دول العالم الثالث نسبة لا تزيد عن 5ر2% سنويا 0
وهنا أيضا أجد لزاما على أن أستعرض أوضاع القطاع الخاص المصرى سنة 1961 كانت باختصار شديد كالآتى :
*أكثر من 66% من الاقتصاد المصرى كان بيد القطاع الخاص المصرى 0
*الزراعة المصرية كلها قطاع خاص 0
*79% من التجارة قطاع خاص 0
*76% من شركات المقاولات قطاع خاص 0
*56% من الصناعة قطاع خاص 0
وفى هذا الصدد أحب أن أؤكد على أن قوانين التمصير ثم التأميم قد صدرت فى حدود الشرعية الكاملة وكانت محتومة ، لم تغتصب حقا أو تصادر ، ولكن حررت الثروة ووزعتها بالعدل على طبقات الأمة وفئاتها العاملة ( الفلاحين والعمال والملاك والرأسمالية الوطنية ) ولبناء مجتمع الكفاية والعدل للجميع 0
وحينما صدرت القوانين الاشتراكية كان سفير الولايات المتحدة الأمريكية قى القاهرة جون بادو وكان من قبل رئيسا للجامعة الأمريكية فى القاهرة وعاش فى مصر لأكثر من الثلاثين عاما ولقد كتب الرجل فى مذكراته التى أشرت إليها فى مكان آخر من هذه المذكرات بالتفصيل ما نصه الآتى :
" حينما صدرت هذه القوانين ثارت ضجة حولها فقررت تكوين فريق عمل من رجال السفارة لدراستها بدقة وانتهينا إلى أن حجم القطاع العام الجديد فى مصر أقل منه فى إسرائيل وفى الهند وفى فرنسا وفى بريطانيا بل وفى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ، وانه لا يصادر القطاع الخاص أو يغلق الطريق أمامه بل على العكس سوف يحفزه ويدفعه للمنافسة فى ظل اقتصاد مختلط كما حدث فى هذه الدول 0
ويقول السفير باد أيضا فى تقريره للرئيس الأمريكى كينيدى بعنوان " The American Approach To The Arab World “ :" ولمزيد من الاطمئنان من جانب واشنطن فقد أوفد الرئيس جون كينيدى مبعوثا خاصا هو الدكتور إدوارد ماسون أستاذ الاقتصاد المشهور وبعد أن قام بدراسته المفصلة للقوانين وللأوضاع فى مصر قدم تقريرا يتلخص فى أنه لم يكن أمام ناصر (عبد الناصر ) طريق آخر أو أفضل 0"
وكانت الثورة قد وفرت كل المقومات والحوافز للقطاع الخاص فى التنمية وعلى مدى عشر سنوات ولكنه استغرق فى الاستثمارات السريعة الربح خاصة الإسكان الفاخر ولم يدرك المسئولية نحو المشكلة الاجتماعية المزمنة والمتفاقمة ولم يكن هناك مناص من التحول والتغيير ومواجهة التحديات الملحة وغير المتكافئة 0
ونجحت التجربة فنفذت الخطة الخمسية الأولى التى اعتمدتها الأمم المتحدة واعتبرتها نموذجا للتنمية فى العالم الثالث وتوافدت على مصر بعثات وخبراء من مختلف أنحاء العالم للبحث ودراسة التجربة والاستفادة من دروسها واقتباس ما يفيد الدارسين لبلادهم 0 ومنهم من وفد من بلدان أوروبية وبالذات من سويسرا ( يرجع للوثائق حول هذا الموضوع بالذات )0
وفى الحقيقة لم يسبق أن نما القطاع الخاص وامتد وازدهر مثلما فعل تحت مظلة القطاع العام وولايته فى إطار الاقتصاد المختلط المتكامل المتنافس لتحقيق هدف وطنى مشترك وكان هذا هو الميلاد الحقيقى للقطاع الخاص المصرى إذ تحرر من احتكار الأجانب والمتمصرين وتوافرت له كل المقومات والحوافز المشروعة وفتحت أمامه كل الأسواق التى لم ينفذ إليها من قبل 0
وكانت النتائج التى تحققت دافعا لمواصلة الطريق وإعداد خطة ثانية طموح لمدة عشر سنوات ، وأعلنت مصر أن الهدف سوف يكون دخول عصر الصناعة الثقيلة والزراعة الكبيرة ، وسوف تكون مصر دولة صناعية زراعية تجارية سياحية عصرية والعمود الفقرى لتحرير وتنمية الاقتصاد العربى عامة 0، وسوف تلحق التجربة المصرية والعربية فيما بعد بتجارب العصر الكبرى فى الصين والهند وتتدارك كل ما فاتها فاستدعيت نواقيس الخطر وأجراس الخوف فى عواصم الغرب وفى ظل عصر السيادة الأمريكية أصبحت قوة مصر تهدد المصالح الإمبريالية فان تسليح مصر يهدد إسرائيل وتصنيع مصر وقوة اقتصادها يهدد تدفق البترول لأمريكا والغرب بصفة عامة 0
والشهادة فيما أقول وفيما أقدر ، تأتى من العدو – من الجنرال الإسرائيلى "ببليد" أحد قادة حرب1967 وهو الذى غزا القدس فقد دعا هذا الجنرال إلى مؤتمر صحفى فى فبراير 1972 وفاجأ الكل بما لم يخطر على بال أو خيال أحد فلقد أعلن أنه ضاق ذرعا بسلسلة الأكاذيب والأساطير التى يعيش عليها الشعب فى إسرائيل منذ قيام الدولة وأنه قرر أن يستجيب لنداء ضميره وأن يعلن :
" إن ذروة الغش والخداع كانت فى حرب 1967 التى أقنعنا شعبنا والعالم أنها كانت دفاعية ضد خطر داهم قادم من مصر والتى لم تكن فى حقيقتها سوى حرب عدوانية قمنا بها لحساب الولايات المتحدة الأمريكية التى قررت أن عبد الناصر وحلفاؤه السوفيت قد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وإذا لم يردعوا الآن سوف تفوت الفرصة 0"
وتحدى " ببليد " جنرالات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن يقر أحدهم أن الحرب كانت دفاعية – ولم يرد أحد حتى الآن – وكانت أكبر فضيحة فى تاريخ إسرائيل وأعمق شرخ فى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وأعلن " ببليد " أنه لا يمكن لدولة أن تعيش للحرب وبالحرب وفى حالة حرب دائمة وأن ما تحتاجه إسرائيل هو السلام والسلام الآن ." كما أعلن عن قيام الحركة التى غيرت الخريطة الإسرائيلية السياسية واعتزل ليدرس الحضارة العربية 0"
وإذا كانت الكوارث التى لا تقتل ، تصنع ، فإن هزيمة 1967 قد صنعتنا مرة ثانية من جديد تماما كما فعلت دنكرك ببريطانيا ، وبيرل هاربور بأمريكا ، ووصول الجيوش الألمانية إلى ضواحى موسكو 0 فنحن صمدنا ونحن هنا تعنى الشعب 00الشعب فى مصر وفى جميع أنحاء العالم العربى بالدرجة الأولى وبالعالم الثالث بعد ذلك ، صمدنا نحن الشعب ومعنا وبنا قيادة وطنية تجسد إرادة الصمود وقبول التحدى والتصدى له 00وكان القطاع العام هو الأرض الصلبة التى واصلنا بها السير إلى حرب الاستنزاف ثم إلى أكتوبر 1973 0
لقد اختلقت أسطورة الانغلاق وأنه لابد من فتح النوافذ والأبواب والشبابيك ولم يحدث أن انفتحت مصر على العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وحصلت على أفضل ما لديه كما تحقق خلال الخمسينات والستينات واستطاعت أن تحصل من الغرب ما لم تحصل عليه من قبل، بل كان محرما عليها أن تستورده 0
فقامت ألمانيا الغربية – فى ذلك الوقت – ببناء صناعة الحديد والصلب فى حلوان وصناعة الأسمدة والكيماويات فى أسوان علاوة على سلسلة من محطات الكهرباء والكبارى الرئيسية والقناطر والدواء وغيرها علاوة على الدراسات التى قام بها كبار الاقتصاديين الألمان للأوضاع فى مصر خلال الستينات ( الوثائق ومحاضر الاجتماعات والتقارير والدراسات محفوظة فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكرى ، هذا علاوة على تقرير زيارة إيرهارد الذى كان ضيفا شخصيا على عبد الناصر وأقام فى قصر الطاهرة بالقاهرة) .
كما قامت إيطاليا ببناء صناعة السيارات فى وادى حوف ( منطقة حلوان ) ثم ، وبأهم إنجاز تحقق كسر حصار البترول الذى فرضته الشركات الغربية ( يرجع للوثائق التى تنشرها حاليا شركات البترول الإيطالية فى مصر عن تاريخ وحجم التعامل والتعاون منذ الستينات وفجر البترول بغزارة لأول مرة ) 0
وقامت الولايات المتحدة الأمريكية ببناء وتجهيز التليفزيون ومحطات كهرباء ثم الفنادق الكبرى ومقومات السياحة الدولية علاوة على بدء عمل كبرى شركات البترول " أموكو" من سنة 1964 فى مصر فى مجالى الكشف والاستخراج 0
ثم عملت فرنسا من جانبها بعد حصولها على امتياز كهرباء خزان أسوان القديم ثم التليفزيون والمساهمة فى كشف واستخراج البترول0
وكان التعاون بين كل من بريطانيا وفرنسا وسويسرا وألمانيا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية على أشده فى مجال تصنيع الدواء ولعل مصنع شركة فايزر الأمريكية القائم فى منطقة ألماظة بمصر الجديدة خير دليل على هذا التعاون والانفتاح كما يقولون 0
لقد تسابقت دول الغرب على الاستثمار فى مصر لأنها كانت تثق فى نزاهة وكفاءة النظام ولأنها لم تكن تريد أن تترك الميدان خاليا للاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية 0
ولقد ساهم الاتحاد السوفيتى فى بناء السد العالى أعظم الإنجازات ومدينة الألومنيوم والصناعات الإستراتيجية والمزارع النموذجية وكان التنافس بين الشرق والغرب حافزا للطرفين 0
فى الوقت نفسه فلقد وضعت فى تلك الفترة أيضا الأسس لمشاريع مشتركة مع كل من الهند والصين كما تضاعفت المبادلات والعلاقات مع دول العالم الثالث لبناء جبهة اقتصادية تعزز عدم الانحياز وكان التعاون متصلا ومضطردا لم يتوقف مع قلاع الصناعة الكبرى وليس مع رأسمالية المافيا أو الأموال المغسولة 0
لقد دفع الشعب ثمن التضحية بالقطاع العام وبدلا من مجتمع الكفاية والعدل الذى يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافه يقوم الآن وبعد ربع قرن من الانفتاح المزعوم مجتمع مريض تتفاقم متنا قضاته كل يوم بل كل ساعة وتتربع على قمته حفنة من أصحاب البلايين والملايين كما لم يسبق فى تاريخ مصر المحروسة على حساب محيط متلاطم من محدودى الدخل وسكان القبور والعشوائيات 0
قد يكون من المناسب أن أتعرض باختصار لديون مصر فى إبريل سنة 1971 ، ولقد كانت كلها ديون إنتاج وليست ديون استهلاك:
الاتحاد السوفيتى

385 مليون دولار ( السد العالى – التصنيع – الزراعة )
الولايات المتحدة الأمريكية

205 مليون دولار ( مستلزمات إنتاج – دخان – شحومات – قمح من 1958 حتى 1965 –صناعات دوائية )
إيطاليا

122 مليون دولار ( صناعة – صناعة دوائية )
ألمانيا الغربية

106 مليون دولار ( مستلزمات إنتاج – صناعات دوائية وكيمائية – صناعة )
الكويت

130 مليون دولار
بالإضافة إلى ديون اقل لليابان وبعض البنوك الأجنبية
وكان الدين العسكرى للاتحاد السوفيتى يصل إلى حوالى 1700 مليون دولار من مجموع 2200مليون دولار سدد منها 500 مليون دولار 0
كما قدمت دول البترول العربية لمصر حتى سنة 1971 مبالغ وصلت إلى 120 مليون جنيه إسترلينى مقارنة بمبلغ 122ألف مليون دولار قدمت لمصر من هذه الدول فى الفترة من 1971حتى 1980 وكانت ديون مصر فى هذه السنة (1980 ) ، 14ألف مليون دولار 0
ملحوظ هامة :
فى سنة 1971 كان الجنيه المصرى يساوى أكثر من ثلاثة دولارات 0
وفى سنة 1980 كان الجنيه المصرى يساوى أقل من دولار واحد 0
كما أجد أنه من المناسب أن أتعرض بشكل سريع للإنفاق الخارجى للثورة :
بالنسبة للجزائر :
لم تتجاوز المساعدات التى قدمت للجزائر الستين مليون جنيه وقد ردت الجزائر هذا المبلغ وربما أكثر خلال حرب أكتوبر 1973
بالنسبة لسوريا :
لم ننفق شىء
وكل ما أخذته سوريا هو الحق فى حصيلة قناة السويس تستخدمه بالنقد الأجنبى ولم تستعمل هذا الحق سوى مرة واحدة فقط فى حدود ستة مليون جنيه
والدم السورى الذى أريق فى السنوات 56و67و73 لا يقدر بثمن 0
بالنسبة لحلف بغداد : لم ننفق شىء 0
بالنسبة لليمن :
الإنفاق من سبتمبر 1962 حتى 1967 حوالى 500 مليون جنيه والمساعدات التى حصلنا عليها فى قمة الخرطوم كانت أكثر من ذلك بكثير والمساعدات التى حصلت عليها مصر بعد حرب 1973 تجاوزت الألف مليون جنيه 0وهل تحرير اليمن والجنوب العربى الذى امتد حتى إمارات الخليج العربى يقدر بمال ثم هل السيطرة على مدخل البحر الأحمر من الجنوب يقدر بثمن فى مقابل دماء أبناءنا من كلا الشعبين اليمنى والمصرى التى روت تلك الأرض العربية الطاهرة 0
والحل لهذه العملية التى كثيرا ما تثار على أساس إقليمى قد يكون فيه طابع المنّ أقول أن الحل هو الدخول فى العالم العربى وليس الانسحاب منه وأن تكون مصر طرفا فى القضايا العربية وليست عضوا متفرجا وأن ما أنفق لم يكن ليحل مشاكل مصر لأن الحل هو السياسة النشيطة كما قلت وليس فى الانطواء أو الانزواء
لقد استطاعت مصر عبد الناصر فى ظل هزيمة 1967 :
1ـ أن تعيد بناء القوات المسلحة فى زمن قياسى ( أشهر )0
2ـ أن تتم بناء السد العالى 0 ( وما ترتب عليه من مئات المشروعات المدروسة ومنها توشكى وغيرها وثائقها موجودة فى جمعية السد العالى)
3ـ أن تثبت أسعار السلع الاستهلاكية للمواطن المصرى 0
4ـ أن تقيم مصنع الحديد والصلب0
5ـ أن تقيم مجمع الألومنيوم فى نجع حمادى ( فى صعيد مصر الذى يدعى ظلما الآن أنه كان مهملا)
كل هذه الإنجازات فى ظل دعم مائة مليون جنيه وفى غياب دخل قناة السويس وغياب دخل البترول فى سيناء والسياحة وعلاوة على أعباء تهجير منطقة قناة السويس بكاملها إلى الدلتا والقاهرة بالإضافة إلى نقل معامل تكرير منطقة القناة ومصانعها إلى داخل الوادى .
لقد جاء فى تقرير رسمى لمعهد التخطيط القومى سنة 1997 بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ما يلى :
فى حصاد ثمانية عشر عاما من الثورة حتى رحيل الرئيس جمال عبد الناصر حققت مصر من سنة 1960 حتى سنة 1967 أعلى معدل تنمية فى العالم الثالث وأعيد توزيع الرزق حتى بات الدخل القومى عام 1970 مناصفة بين عوائد التملك والأجراء فى مصر 00معدل قياسى فى توزيع الدخل تراجع فيها الفقر بحيث أصبح نصف سكان مصر فقراء ( حوالى 48% )
الآن 1997 أصبح نصيب الملاك ضعف نصيب الأجراء 0وليسمح لى القارئ أن أعلق على الأوضاع التى نعيشها الآن 0
إن سيطرة رأس المال والهيمنة وأحادية القرار العالمى معادية للإنسانية ومعادية للحضارة والعدالة الاجتماعية علاوة على أنها تلغى الهوية العربية وتعصر الفقراء لمصلحة الأغنياء والأخيار لمصلحة الأشرار والطاهر لمصلحة العاهر
إن أصحاب رأس المال يتفضلون بعد ذلك بالكلام عن الوطنية والديموقراطية ويبشروا بالحضارة والمدنية ، وفى هذا يحضرنى قول فولتير :" اثنان ليحبان وطنهما 00 الغنى الفاحش الغنى 00 والفقير مدقع الفقر 0"
وإليكم بعض الأمثلة مما جنينا أخيرا :
الاتجار فى الأغذية الفاسدة وغيرها ، ثم الهروب إلى الخارج دون حساب 0
الاقتراض من البنوك بضمان الأشخاص بملايين الجنيهات و والهروب أو تهريب الناتج إلى الخارج 0
إفساد الصناعة الوطنية ( تكهين المصانع وبيع القطاع العام ببلاش )
تجارة وعمولات تجارة السلاح والمخدرات وتهريب الأموال للخارج وغسيلها 0
تبوير الأراضى الزراعية وردم البحيرات لبناء القصور 0
شراء ديون مصر بعد بيع مصر 0
دخول نواب المخدرات للمجالس النيابية
إلغاء انتخابات العمد0
تزوير الانتخابات 0 ( أحكام محكمة النقض بالمئات ) 0
المباهاة بالشذوذ 0( ورد على لسان أحد وزراء الصحة والسكان فى مصر )
سفك الدم العربى بسلاح عربى 0
التخلى عن نساء المسلمين والسكوت على تلقيحهن بنطف الكلاب ودفن رجالهم أحياء 0
السكوت على التمثيل بالرسول الكريم " صلعم" 0
عقد الاتفاقات والمعاهدات مع العدو تلك الاتفاقات التى مزقت الأمة ومكنت الهيمنة السياسية والعسكرية والاقتصادية على مقدرات الوطن الكبير 0
ماذا حدث لمجانية التعليم والعلاج وأين الإسكان الشعبى 0
والسؤال : هل العصمة بأيدينا ؟
بعد أن حاولت أن أضع صورة سريعة وبقدر الإمكان واضحة لتجربة عبد الناصر فى التنمية أرجو أن يسمح لى القارئ أن أتعرض لأهم الفوارق بين التطبيق العربى للاشتراكية والماركسية فى النقاط التالية :
إن اشتراكيتنا تستند فى أساسها وتطبيقاتها على القيم الروحية وتلتزم بما نادت به رسالات السماء ، وعلى سبيل المثال تأخذ اشتراكيتنا بنظام الإرث وهو ما ترفضه الماركسية0
إن اشتراكيتنا تؤمن بتذويب الفوارق بين الطبقات سلميا ولا تأخذ بالصراع والعنف ، فهى تصفى امتيازات ونفوذ الإقطاع والرأسمالية ولا تصفى الإنسان إنما تحرره من الاستغلال 0
إن اشتراكيتنا تحترم إنسانية الإنسان وتتيح له فرصة الحياة الكريمة ولا تنظر إليه كترس فى آلة وإنما ما عليها من واجبات وهى فى الوقت نفسه ترفض الأخذ بالماركسية التى تضحى بأجيال لم تطرق بعد أبواب الحياة 0
إن اشتراكيتنا تؤمن بسيطرة الشعب على وسائل الإنتاج والهياكل الرئيسية له ، وفى الوقت نقسه تتيح قدرا من المشاركة لنشاط القطاع الخاص تحت الرقابة الشعبية فلا تأخذ بالتأميم فى كل جزئيات الإنتاج كما هو الحال فى النظم الشيوعية ، وتعتبر الرأسمالية الوطنية الغير مستغلة جزء أساسى من تحالف قوى الشعب العامل0
إن اشتراكيتنا تعطى القيادة ديموقراطيا لتحالف قوى الشعب العامل ( العمال والفلاحين والمثقفين والجنود والرأسمالية الوطنية غير المستغلة ) وترفض أن تقوم سلطة الدولة على دكتاتورية البروليتاريا 0
إن اشتراكيتنا فى التوزيع تقوم على مبدأ كل بقدر إنتاجه وعمله وليس بقدر حاجته وفى هذا تكريم للعمل وإثارة لحوافز الإتقان وزيادة الإنتاج بعكس الماركسية التى تطبق مبدأ لكل حسب حاجته 0
إن اشتراكيتنا لم تأخذ بتأميم ملكية الأرض وإنما آمنت بالملكية الخاصة فى قطاع الزراعة وبما لا يسمح بالاستغلال عن طريق تفتيت الملكيات الكبيرة بمقتضى قوانين الإصلاح الزراعى وزيادة عدد الملاك من صغار المعدمين من الفلاحين 0
ولخص جمال عبد الناصر رؤيته فى كلمات قصيرة واضحة فقال" أنها بيت سعيد لكل أسرة يقوم على عمل القادرين أو المهيئين للعمل رجالا ونساء – مجتمع الرفاهية 00مجتمع تكافوء الفرص 00 مجتمع العدالة الاجتماعية 0"لكل أسرة 0 وقال :
" نحن المصريين ونحن العرب 00 نحن المسلمين والمسيحيين فى هذه المنطقة من العالم نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، ونؤمن بأن لكل عامل جزاء عمله ولا تزر وازرة وزر أخرى ، ونؤمن بأن لكل فرد فى كل جماعة كيانا فى ذاته وكيانا فى أهله وكيانا فى قوميته وفى بلده ، ونؤمن بحرية العمل وحرية الكسب وحرية النفقة فيما لا يعود على المجتمع بمضرة ، ونؤمن فوق كل ذلك بأخوة الإنسانية وبالتكافل الاجتماعى وبالإيثار القائم على الاختيار لتوثيق الروابط الإنسانية 0
ونؤمن بان لكل فرد فى الدولة حقا وعليه واجبا يكافئ هذا الحق ، وان على الدولة لكل فرد فيها واجبا ولها عليه حقا يكافئ هذا الواجب ، فهى تبعات متبادلة بين الحكام والمحكومين ليس فيها قهرا ولا إذلال ولا تسلط ولا طبقات قليلة العدد من السادة وطبقة ضخمة من العبيد 00 هذا ديننا وذاك دين الشيوعية 00 فلتؤمن الشيوعية بما تشاء 00فليس يعنينا ما تؤمن به وما تكفر به ، وإنما يعنينا أن نؤكد إيماننا بديننا الذى ندين الله عليه ونترسم دستوره فيما نعمل لأنفسنا ولقومنا 0
كل ما بيننا وبين الشيوعية فى مذهب الحكم أو فى مذهب الحياة أن الشيوعية لها دين ، ونحن لنا دين ولسنا بتاركين ديننا من أجل دين الشيوعية 0"
وحول الخطة الخمسية التى بدأ الإعداد لها من سنة 1957 بغرض مضاعفة الدخل القومى خلال أقصر فترة ممكنة قدر لها الخبراء عشرين سنة ولكن كان الأمل الطموح أن يتم إنجازها فى عشرة سنوات وذلك لمقابلة الزيادة السكانية الكبيرة5 ,2% فى الوقت الذى كانت الإمكانيات محدودة فى التوسع الزراعى وكان التفكير فى التوجه نحو دفع عجلة الصناعة لإحداث التوازن فى التنمية 0
وبعد أن تم إعداد الهيكل العام للخطة عرضت على مجلس الوزراء فقسمت إلى خطتين خمسيتين أولى وثانية 1960 /1965 للأولى 0 التى كان هدفها زيادة الدخل القومى بنسبة 40% مما كان عليه فى سنة الأساس وقدرت الاستثمارات اللازمة بحوالى 1576,9 مليون جنيه وبلغت الاستثمارات المنفذة مبلغ 1513 مليون جنيه أى بنسبة 5ر95% من الاستثمار المستهدف – وبمتوسط سنوى قدره 6ر302 مليون جنيه وهو يعادل 19% من الدخل القومى فى المتوسط خلال سنوات الخطة 0
ساهمت المدخرات القومية فى تمويل هذه الاستثمارات بمبلغ 6ر1095 مليون جنيه أى بنسبة 4ر72% وبمتوسط سنوى 1ر2109مليون جنيه وهو ما يساوى 2ر13% من الدخل القومى فى المتوسط 00
وساهمت القروض الأجنبية بمبلغ 417,4 مليون جنيه أى بنسبة 27,6 % 0وذلك بعدما وزعت الخطة على العالم الخارجى غربا وشرقا والعالم الثالث وكان الحجم الأكبر من الخطة مع الغرب وبدرجة أقل مع الشرق ولما كانت المشكلة الرئيسية هى عجز التمويل الداخلى فكان التأميم من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ومن أجل المستقبل وكان التأميم وسيلة ولم يكن هدفا بل كان اتجاها اقتصاديا لتنمية اقتصادية اجتماعية ووطنية مستقلة وكان يمثل خط الدفاع السياسى فى مقابل عملية منظمة مصالحها تتعارض مع مصالح الغالبية العظمى من الناس ولم يكن التأميم يعنى أبدا أفراد أو أشخاص ولكنه كما ذكرت يعنى وسيلة ولم يؤمم أى فرد 00 وكان عام 1961 هو عام بدء الثورة الاجتماعية وبدء توفير القدرة على التنمية الوطنية مع انفتاح على العالم كله بما يحول دون التبعية لأية ضغوط خارجية
وبلغت الزيادة المحققة فى الدخل القومى فى نهاية الخطة 37,1 % مما كان عليه فى سنة الأساس فى مقابل الزيادة المتوقعة 40% متوسط معدل النمو السنوى 6,5 %000 ومعدل زيادة السكان خلال سنوات الخطة كان 2,8 % فى المتوسط
وبنظرة سريعة على بعض الإحصائيات فى بعض المجالات الحيوية يمكن أن نتعرف على ما حققته هذه الخطة،
ففى مجال الإنتاج الصناعى :
زاد الإنتاج الصناعى عام 66/67 من 1077,618 مليون جنيه إلى 1169,419 مليون جنيه
وفى 67/68 زاد إلى 1322,968 مليون جنيه
وفى 68/69 زاد إلى 1421,987 مليون جنيه
وفى مجال التصدير للصناعة :
زاد من 82,238 مليون جنيه عام 1966 إلى 134,066 مليون جنيه عام 1970
نصيب الفرد من الدخل القومى :
زاد نصيب الفرد من الدخل القومى ما بين الأعوام 1960/ 1965 بنسبة 28% 0
وزاد عدد العاملين مليونا ونصف المليون تقريبا فى خمسة سنوات
من 6,000,600 سنة 1960 إلى 7,333,400 سنة 1966 بزيادة 22% 0
سكان المدن كانوا فى سنة 1960 يمثلون 37% من عدد المواطنين فأصبحوا يمثلون 40% عام 1966 0






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:24 AM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو



السد العالى :
حول السد العالى 836الف فدان من رى الحياض إلى رى دائم وأضاف 850 ألف فدان جديدة للرقعة الزراعية0
وبالرغم من تزايد الهجرة من الريف إلى المدن فقد زاد الإنتاج الزراعى بنسبة 15% فى المدة من 1968 إلى 1969 فقط 0
وزاد عدد المتعلمين بنسبة 132 % عام 1966 عنهم سنة 1954 وكانت نسبة استيعاب التعليم الإلزامى 7ر69% وزاد عدد البعثات للتخصص العلمى من 238 بعثة سنة 1960 إلى 1575 بعثة سنة 1966 0
زاد الإنفاق على الخدمات من 12 مليون جنيه سنة 1960 إلى 9ر22 مليون جنيه سنة1966
أدخلت الخطة الخمسية الأولى صناعات جديدة فى مصر ، صناعات ثقيلة من أجل الوصول فى النهاية إلى تصنيع الصناعة ، كما اشتملت على صناعات خفيفة واستهلاكية كما تحقق لأول مرة فائض للتصدير من الصناعة وبعض الحاصلات الزراعية مثل الأرز0
وراعت الخطة نقطة التوسع فى الصناعات التى كانت لها قاعدة كالغزل والنسيج والسماد والأسمنت والسكر حتى نحقق حصة تصدير توجه عائداتها إلى قطاعات الصناعات الثقيلة 0
وكان جمال عبد الناصر يرى أن القطاع الخاص له دوره المهم على كل المستويات وكان يتجه إلى دعم نشاط القطاع الخاص المنتج – الأقمشة الشعبية ومتوسطة الجودة بل حتى الفاخرة وصناعة الأثاث وغيرها – كما أقيمت التعاونيات لمده بالخامات ومستلزمات الإنتاج وأقيمت لهم معارض خاصة للعرض وللتسويق 0
حرم شعب مصر فى هذه الفترة من الأبراج وناطحات السحاب والمسكن الفاخرة والسيارات الفخمة والكباريهات والأفلام الهابطة والمسرحيات الخارجة وأدوات التجميل والزينة والسجاير المستوردة واللبان التشيكليتس والشيبسى والماكدونالدز ومن السماسرة وتجار العملة وناهبو أموال الشعب من البنوك 000 وكان الدولار فى حدود سعره مقارنا بالعملة المصرية ولم يزد عن الأربعين قرشا إن لم يكن أقل 00 كما حرم الشعب من الحشيش والأفيون والهيروين 000 وحرم الشعب من فوضى المرور وعدم احترام هيبة الحكم الممثلة فى أبسط صورها بعسكرى المرور 000 وحرم الشعب من دفع الرشاوى لجميع المستويات فى جميع المصالح الحكومية بإسثناءات لا تكاد تذكر، وفردية بصفة عامة 0
النظام الاشتراكى يستتبع خطة مركزية شاملة فلابد من مركزية السلطة وأن تكون سلطة قوية وليست ضعيفة 00 سلطة تدرس 00 تخطط 00 تضع الأهداف 00 تنفذ 00 تضمن التنفيذ وفق الخطة 00 تأمر 00 تتابع 000 تراقب 00 تحاسب 00 تضع قواعد للثواب والعقاب العادل والرادع 00 تضرب المثل بالقدوة 00 القدرة على اكتشاف الأخطاء 00فى الممارسة 00 القدرة على ابتداع الحلول على المستوى الفكرى والتطبيقى 00 ممارسة التجربة والخطأ والتصحيح إلى أن نقوم على رجلينا الاثنين لنعيش جميعا حياة كريمة وليس فقط فئة قليلة منا .
إن دائرة السلطة فى دستور 1964 كانت واضحة ولا لبس فيها:
1-الاتحاد الاشتراكى العربى :
*المؤتمر القومى العام
*اللجنة المركزية
*اللجنة التنفيذية العليا 0
2- مجلس الأمة ونواب الشعب0
3- رئيس الجمهورية والوزراء 0
4- الجهاز التنفيذى
كانت محصلة ما تقدم أن الخطة القومية الأولى وضعت فى ظل تصور معين للنظام الإقتصادى سرعان ما اتضحت نواحى القصور فيه ، فشهدت سنواتها المتعاقبة تغيرات جذرية فى تلك النظرة 0 ومع ذلك فإن التوفيق السريع لأوضاع أسلوب إدارة الاقتصاد الوطنى ومنشآته لهذه التغيرات حال دون تعرض الاقتصاد للاختلال ، بل لقد كانت معدلات تحقيق الأهداف من الارتفاع بما جعل تلك الفترة تشهد طفرة فى أداء الاقتصاد الوطنى كانت هى السند القوى فى اجتياز الدولة الأحداث التى توالت بعد اتضاح تصميم الثورة على الاستمرار فى طريق الاشتراكية ، وعلى المضى فى انتهاج التنمية المستقلة القائمة على الاعتماد على النفس ، ولذلك فقد شهدت سنة 1965 إعلان حرب اقتصادية فى شكل إيقاف المعونات ، وقيام ألمانيا الغربية بتحويل ما كانت تقدمه من معونة إلى إسرائيل ، وأعلن جمال عبد الناصر أن هذا لن يثنى من عزم مصر ، فسوف نستغنى عن مصنعين أو ثلاثة ونكمل الباقى 0 وكانت حتمية حرب 1967 لتقويض النظام عسكريا بعد أن عجزت الأدوات الاقتصادية عن أن تشل حركته وذلك حتى لا يثبت نجاحه ويجتاز مرحلة الانطلاق فيكون نموذجا يحتذى فى العالم الثالث مهددا مصالح الرأسمالية العالمية التى تحولت من الاستعمار بالاستيلاء أو الاستعمار المباشر ، إلى الاستعمار بالاحتواء أو الاستعمار غير المباشر الذى كانت معالمه الكاملة لم تتضح بعد ، لاسيما أنه لم يتخل عن أسلوب الاستيلاء بالقوة العسكرية عند اللزوم ن وهو ما ظل قائما حتى اليوم ، ولو أن طرق الإخراج تختلف 0
ويلاحظ أن تزايد الدور الإقتصادى الذى تقوم به الدولة أظهر الحاجة إلى تعزيز أجهزة الرقابة وتطوير أساليب عملها 0 فعندما كانت الدولة تقصر عملها على النشاط التقليدى ، كان هناك ديوان المحاسبة الذى يراقب سلامة تطبيق الإجراءات المالية ، وعدم الإخلال بالأمانة بالنسبة للمال العام للاطمئنان على توجيهه للأغراض المحددة له فى الميزانية العامة وتعتبر سلامة التصرف مرتبطة بإبراء ذمة الموظف العام فى تصرفه فيما يعهد إليه به من أموال وما يكلف به من أعمال 0 ومع تزايد نطاق نشاط الدولة ، وخضوع هذا النشاط لخطة تقوم على أهداف يتبناها المجتمع ، فإن الحاجة نشأت إلى توسيع نطاق الرقابة وتغيير فلسفتها 0 وهكذا تحول ديوان المحاسبة إلى الجهاز المركزى للمحاسبات حيث أضيفت فى سنة 1964 إلى إدارتيه الرئيسيتين اللتين كانتا تقومان بالرقابة على الإجراءات المالية لكل من الجهاز الحكومى والقطاع العام ، إدارتان مركزيتان جديدتان إحداهما لمتابعة تنفيذ الخطة وتقييم الأداء ، والأخرى للبحوث والعمليات 0 واختلفت أساليب هاتين الإدارتين عما جرى عليه العرف فى الرقابة المالية بحيث يمكن القول أنهما تحولتا من أسلوب الرقابة بالوسائل ( الإجراءات ) ، إلى الرقابة بالأهداف 0 ورغم أن الدستور كان ينص على رفع تقارير الجهاز إلى مجلس الأمة ، فإن عبد الناصر أصر على رفع التقارير إليه حتى يكون على بينة من سير العمل فى أجهزة الدولة ويطمئن على سلامة البيانات والتقارير التى تعدها الأجهزة المختلفة إذ ذهب بعضها إلى محاولة إخفاء السلبيات حتى تبدو كما لو أنها كانت ناجحة فى كل أعمالها 0
وعلى الرغم من أن جهاز التخطيط قام بإعداد مشروع للخطة الخمسية الثانية 65/66 – 69/70 (وصل إلى حد طباعة كتاب الخطة وخطاب إعلانها ليلقيه على صبرى رئيس الوزراء فى ذلك الوقت ) ، فإن العداء السافر الذى أعلنته الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية جعل من الضرورى إعادة النظر فى مسار التنمية ، وإعلان خطة مرحلية أطلق عليها " خطة الإنجاز " ركزت على إنجاز المشاريع التى كانت قد بدأت فى السنوات الأخيرة للخطة الأولى وما يتصل بها من أنشطة ، وإعادة تنظيم الاقتصاد القومى وأساليب عمله 0 وقد كلف زكريا محى الدين ، الذى قام بتطوير جهاز المحاسبات ، بهذه المهمة ، وكان من أول الخطوات التى أتخذها عقد مؤتمرين للإنتاج فى 17أكتوبر1965 وآخر للإدارة فى 26 من نفس الشهر بغرض تحرير إدارة المنشآت الاقتصادية وتطوير الجهاز الإدارى 0 وفى خطابه إلى المؤتمر الأول حذر من زيادة الاستهلاك وأكد أن مفهوم الاشتراكية يجب أن يكون واضحا 0 وأن الاشتراكية لا تعنى فقط عدالة فى التوزيع، ولكنها تعنى أيضا زيادة فى الإنتاج ، وأننا يجب أن نزيد الإنتاج أولا قبل أن نحقق التوزيع العادل أى لا استهلاك بدون إنتاج ، وإلا من أين سنحصل على المدخرات اللازمة لزيادة الإنتاج ، ومن أين نحصل على الموارد اللازمة لتسديد التزاماتنا المالية فى الخارج 0 وهكذا تحدد الحل بأنه تقييد الاستهلاك ، بينما تحدد الهدف بتصدير سلع مصنوعة ، ليس فقط من فائض مواردنا وخاماتنا بل وأيضا من خامات مستوردة ، اعتمادا على مستوى العامل المصرى وهو ما رؤى أنه يتطلب الارتفاع بمستوى الكفاية الإنتاجية لعمالنا ، وكان التوجيه الأساسى هو تحديد المسؤوليات بوضوح ، حيث يكون الوزير ، نعاونه المؤسسة العامة ن مسئولا عن تنفيذ السياسة العامة والخطة القومية ويقتصر دوره على التوجيه والإشراف والتنسيق والرقابة والتقييم ، على أن تعتمد نتائج التقييم لجنة على مستوى مجلس الوزراء 0 أما رئيس الوحدة التنفيذية فهو المسئول أولا وأخيرا عن تحقيق الأهداف الإنتاجية الموضوعة لوحدته ، وفقا لخطة يشارك فى وضعها ويقتنع بها ويعطى من السلطات ما يمكنه من القيام بمسئولياته مع تحميله نتائج تلك الخطة ، وله حرية التصرف فى مواجهة كافة مشاكل الإنتاج بسرعة وفاعلية باعتباره أقدر الجهات وأقربها إحساسا بتلك المشاكل 0 وحذر من تعريضه لأية قيود بيروقراطية مع تحميله مسئولية أى إخلال بالتعاقدات 0 وأكد الخطاب على أنه لا زال معدل الربح معيارا لكفاءة المشروع – على شرط السيطرة على جهاز الأسعار - ، ولا يمكن تحقيق الربح على حساب السوق الداخلى فقط 0 وبناء على ذلك أوصى بقيام كل مشروع بتصدير نسبة من إنتاجه لمعرفة معدل الربح والكفاية الإنتاجية ـ إذ أن حساب الصادر هو المقياس الحقيقى الذى يؤكد سلامة اقتصاديات المشروع ،وأن هذا يعتبر تأهيلا وإعدادا لصناعاتنا حتى يأتى الحين الذى ننطلق فيه بصادراتنا إلى جميع الأسواق العالمية 0 وأشار إلى أنه بعد صدور قانون التشغيل لمدة سبعة ساعات يوميا لم تفرض الحكومة أى زيادة فى العمالة على الشركات ومع ذلك فقد لوحظ أن ميلا واتجاها لزيادة مستمرة فى العمال عن حاجة المشروع 0 وقد ورد كثير من الحالات فى تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات وأن تحميل المصنع أكثر من طاقته فى العمالة معناه إنتاج سلعة غالية يصعب بيعها فى الأسواق وبمرور الوقت تزداد الخسائر ويتوقف المصنع وتكون النتيجة تشريد العمال ، ومقابل هذا يكون على الحكومة توفير متطلبات زيادة الإنتاج وتحسين نوعيته ورفع مستوى الدخل باعتبارها السبيل لتعزيز الديموقراطية السليمة وشملت تلك الواجبات العمل على توفير احتياجات الوحدات من المستلزمات ومتطلبات الإحلال والتجديد ودعم الصناعات الإستراتيجية ، وخلص من ذلك إلى المهام المطلوبة من أجل تحسين لاقتصاديات المشروعات :
# التركيز على السلع التى لنا فيها خبرة تصديرية كبيرة ، حتى نستطيع مواجهة المنافسة العالمية
# الإبقاء على عامل المنافسة المنظمة بين وحدات الإنتاج بهدف تحسين الإنتاج وتنويعه ليكون ملائما للأسواق الخارجية 0
# حسن التنظيم وخلق التقاليد السليمة لإدارة الأعمال ، بما فى ذلك العلاقات بين أقسام الوحدة والعلاقات بين الإدارة والعمال وتنظيم أعمال مجلس الإدارة 0
# عدم التهاون فيما يؤثر على الإنتاج وعدم السماح بأى تراخ أو سلبية فيما يخص مصلحة الشعب 0
# الاهتمام بالحوافز ومن ثم بتقييم الأعمال تقييما سليما حتى يمكن مكافأة المجدين 0
# الدقة فى تقرير الحقائق والمعلومات والبيانات لكل المستويات 0
# العناية بالتدريب وإنشاء مراكز له وللأبحاث فى الوحدات الكبيرة 0
# الرقابة والمتابعة داخلية وخارجية حماية لأموال الشعب 0






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:25 AM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

إن هذه المهام تنفى ما يكال إلى الستينات وما أتت به من اشتراكية وما قادت إليه كدستور من اتهامات وهى تظهر أن الكفاءة الاقتصادية وتوفير أسس المنافسة والتوجه نحو التصدير ليست بالاكتشافات الحديثة على نحو ما يصوّره أصحاب ما يسمى بالنداء الجديد فالشعار المرفوع كان :" الكفاية والعدل " حيث تسبق الكفاية 0 والكفاية تؤخذ أحيانا بمعنى الكم ، حتى يتم إنتاج ما يكفى ، وتؤخذ أيضا فى الوقت نفسه بمعنى الكيف ، أى كفاءة الأداء ، وهو ما أعطى للكفاية الإنتاجية موقعا متميزا 0 وطالما أنه قد ثبت عدم القدرة على الاعتماد على رأس المال الأجنبى ، فى شكل قروض أو مشاركات ، فإن المصدر الرئيسى لتوفير العملات الأجنبية كان هو الصادرات المصرية ، بدءا بقناة السويس كما أن المصدر الأساسى للمعرفة الفنية هو القدرات الذاتية والتعامل المتكافئ مع العالم الخارجى، وهى المهمة التى تولاها القطاع العام ، وكان عليه أن يثبت جدارته فيها 0
إذا كان هذا هو تفكير عبد الناصر فى أعقاب صدور القوانين الاشتراكية ( 1961 ـ 1964 ) وإقرار ميثاق العمل الوطنى فى مايو1962 فإن هذا يشير إلى أنه عندما قامت الدولة بتأميم القطاع الخاص وأصبحت مسئولة عن إدارته ، أتضح مدى ضعف ذلك القطاع وعجزه عن التنافس العالمى ، إذ نشأ فى ظل حماية جمركية مرتفعة ، معتمدا على السوق المحلية فى المقام الأول ،على الجانب الآخر فإن ما اتسم به الجهاز الإدارى من تعقيدات وميل إلى الفساد فى العهود السابقة على الثورة جعلت عملية النهوض بهذا الجهاز ضرورة حتمية ، لذلك نجد أنه بينما كانت القيادة السياسية حريصة خلال الستينات على الالتزام بقواعد الإدارة الاقتصادية السليمة ، فإن جمود الجهاز الإدارى وميله إلى توسيع سلطاته والدخول فى تفاصيل تعرقل حركة قطاع الأعمال ، حالت دون ترجمة الفكر السياسى إلى واقع عملى 0 وقد طالب خطاب رئيس الوزراء إلى مؤتمر الإدارة بتغيير المفاهيم الاجتماعية ، وهز الجهاز الحكومى والعمل على تجنب تخلف خطة الإصلاح الإدارى عن خطة الإصلاح الإقتصادى والكفاية الإنتاجية حرصا على إنجاح التنمية الاقتصادية ، فإذا كان هذا هو واقع الجهاز الإدارى فى ظل قيادة سياسية حكيمة ، فإن التساؤل يثور حول مغزى تسلط هذا الجهاز على هيكل الإنتاج من خلال ما يسمى مسئولية الحكومة عن تسيير القطاع العام 0 واقع الأمر أن ملكية الشعب لهذا القطاع لا تعنى أنه يتحول تلقائيا إلى ملكية الحكومة كجهاز إدارى ، غير منتخب من الشعب ، حتى ولو كانت القيادة السياسية ذاتها ممثلة للشعب ، فأمام هذه القيادة كل من الجهاز الإدارى والقطاع العام مسؤولان عن تحقيق الخطة التى تتم بموافقة الشعب ، والتى تقوم الأجهزة الشعبية برقابتها ومتابعة تنفيذها 0 ولا يجوز تطبيع أجهزة القطاع من مؤسسات وشركات للجهاز الإدارى بدعوى أن الأخير هو النائب عن الشعب فى الملكية 0 ولقد اتضحت خطورة هذا الافتراض عندما تولت الأمور حكومات منبتة الصلة بالشعب ، فاعتبرت القطاع العام ملكا لها تتصرف فيه كيف شاءت 0 وأدى تسلط الجهاز الإدارى على الإدارة من ناحية ، وعلى الملكية بواسطة موظفين كل همهم الحصول على مكافآت حضور الجمعيات العمومية من جهة أخرى ، على استلاب قدرة القطاع العام على اتخاذ القرارات السليمة ، ومن ثم اتهامه بأنه فاسد بطبيعته ، وأنه عاجز عن تحقيق المبرر الأساسى لإقامته وهو التنمية 0
ولم يكن إيقاف العمل بالخطة الخمسية الثانية يعنى إنهاء الأخذ بمنهج التخطيط ، فقد ظل التخطيط السنوى مستمرا معتمدا على إطار خطة السنوات العشر الذى جاء مقدمة الخطة الخمسية الأولى 0 ثم جاءت النكسة سنة 67 فغيرت الأوضاع الداخلية والخارجية ، وفى بيان 30مارس 1968 قال جمال عبد الناصر " قبل الآن لم يكن فى مقدورنا أن ننظر إلى أبعد من مواقع أقدامنا فقد كنا بعد النكسة مباشرة على حافة جرف معرض للانهيار فى أى وقت ، ولم يكن من الممكن فى تلك الظروف وضع خطط طويلة الأجل ، وكان من الضرورى حشد قوانا العسكرية والاقتصادية والفكرية وراء أهداف نضالنا القريبة والبعيدة ، أى وراء واجب المعركة ووراء إتمام بناء المجتمع الاشتراكى الذى حققنا منه كثيرا ، وينبغى أن نحقق منه أكثر 0 وإذا كان الاستعداد للمعركة قد حظى بالأولوية الأولى ، فإنه اقترن بإعادة بناء القوات الاتحاد الاشتراكى على الانتخاب الحر من القاعدة إلى القمة 0 ثم تأتى المهمة الثانية وهى " تدعيم عملية بناء الدولة الحديثة فى مصر " 0 والدولة الحديثة لا تقوم بعد الديموقراطية إلا استنادا على العلم والتكنولوجيا ، ولذلك فإنه من المحتم إنشاء المجالس المتخصصة على المستوى القومى ، سياسيا وفنيا لكى تساعد على الحكم ، وإلى جانب مجلس الدفاع القومى فإنه لابد من مجلس اقتصادى قومى يضم شعبا للصناعة والزراعة والمال والعلوم والتكنولوجيا ، ولابد من مجلس اجتماعى قومى يضم شعبا للتعليم والصحة وغيرها مما يتصل بالخدمات العامة المختلفة ، ولابد من مجلس ثقافى قومى يضم شعبا للفنون والآداب والإعلام 0 وأن رئيس الجمهورية يباشر مسئولية الحكم بواسطة الوزراء وبواسطة المجالس المتخصصة التى تضم خلاصة الكفاءة والتجربة الوطنية بما يحقق إدارة الحكومة عن طريق التخصص واللامركزية 0 أما المهمة الثالثة فكانت إعطاء التنمية الشاملة دفعة أكبر فى الصناعة والزراعة لتحقيق رفع مستوى الإنتاج والعمالة الكاملة ، مع الضغط على أهمية إدارة المشروعات العامة إدارة اقتصادية وعلمية " واهتم عبد الناصر أيضا " بتوجيه جهد مركز نحو عمليات البحث عن البترول لما أكدته الشواهد العملية من احتمالات بترولية واسعة فى مصر ، ولما يستطيع البترول أن يعطيه لجهد التنمية الشاملة من إمكانيات ضخمة ـ وقد صحت توقعاته فيما بعد ، غير أن عملية الردة والانقلاب على ثورة يوليو فى 13مايو1971 أهدرت هذه الإمكانيات وأحالتها إلى أداة لبناء الطبقات الطفيلية وإلى أساس للاستدانة ـ 0 ثم قال عبد الناصر " توفير الحافز الفردى تكريما لقيمة العمل من ناحية ، واحتفاظا للوطن بطاقاته البشرية القادرة وإفساح فرصة الأمل أمامها " ـ ومرة أخرى أهدرت الردة هذه الثروة القومية وهى البشر ، وتركتها تجوب الصحارى العربية لهثا وراء فرصة عمل ولو بشروط لا تصون كرامة الإنسان المصرى ـ ، ثم طالب عبد الناصر بتضمين الدستور نصا لحماية كل المكتسبات الاشتراكية وحمايتها 0 " 0
تجربة ثورة يوليو1952 اعتبرت أن التخطيط ضرورة تمليها الرغبة فى تحقيق التنمية وأنه منهج يجنب المجتمع الخسائر التى تترتب على الحركة الاعتباطية التى تنتظر وقوع الأحداث لتبدأ فى التعامل معها فيأتى التعامل متأخرا 0 والتخطيط بهذا المعنى ليس مجرد بديل للسوق كما كان الحال فى الدول الآخذة بالنظام الماركسى ، أو كما يدعى المنادون بسيادة نظام السوق 0 إن نظام السوق يستسلم للحركة الاعتباطية ، ومن ثم لتبديد الموارد وليس لتعظيم كفاءتها كما يدعى 0 وتزداد الحاجة إلى تجنب ما ينطوى عليه السوق من إهدار للموارد وإضرار بالمتعاملين فيه فكلما عظمت الفجوة بين العرض والطلب وهى الصفة الغالبة على الدول النامية فلا يعقل مثلا أن ينتظر المجتمع حتى ترتفع أسعار سلعة كالقمح أو خدمة كالسكن إلى مستويات تخرجها من متناول الغالبية العظمى ، حتى يراكم بعض المنتجين أرباحا طائلة تغرى آخرين بالدخول فى الإنتاج فيزداد العرض بعد أن يكون الكثيرون قد هلكوا جوعا 0 كذلك تزداد الحاجة إلى استباق وضع السوق إذا طالت الفترة اللازمة لإعداد المنتجات المطلوبة 0 فاستصلاح الأراضى يستغرق عدة سنوات ولا يعقل أن ينتظر المجتمع شحة المنتجات الزراعية وارتفاع أسعارها ليبدأ التفكير فى استصلاح أراض جديدة وتدبير ما تحتاجه من مياه ومواد وأموال وبشر وما ينطبق على الموارد الطبيعية كالأرض ينطبق أيضا على الموارد البشرية التى يستغرق تعليمها وتدريبها سنوات طويلة 0 ولم يكن إعداد متخصصين فى الفيزياء النووية وليدا لحركة فى سوق التخصصات المهنية الأمريكية لكى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وبعدها دولا عديدة مجال الذرة 0
واضح إذن أن هناك ضرورة موضوعية للأخذ بالتخطيط المستبق لحركة السوق ، تزداد أهميتها كلما زاد التباعد بين طرفى السوق سواء بسبب اشتداد الخلل فيه أو لطول المدة اللازمة للتوفيق بين جانبيه وكلا الأمرين من سمات التخلف 0 فضعف الطاقة الإنتاجية يجعل من العسير حدوث استجابة سريعة لتغيرات الطلب وهو ما يدفع إلى الالتجاء إلى الاعتماد على الخارج ويفتح باب الاستدانة كما حدث فى الثمانينات فى مصر ، وعدم ملاءمة الموارد المحدودة لمتطلبات الدخول فى أنشطة متطورة يستلزم الإعداد السليم المسبق لهذه الموارد حتى تواكب التغيرات الكبيرة التى يتعين إحداثها فى البنيان الإقتصادى ، بل إن الدول المتقدمة تشعر بضرورة الأخذ بالتخطيط كلما شعرت بمدى التغيير اللازم لتطوير قدراتها ، فالولايات المتحدة الأمريكية تشعر بأهمية البعد التكنولوجى بالنسبة لمستقبل تقدمها ، ولذلك فقد أنشأت " مكتب التخطيط التكنولوجى الإستراتيجى OSTP " فى البيت الأبيض ليكون بمثابة مستشارا للرئيس الأمريكى فى هذا المجال الحيوى 0 وبسبب ما يرتبط بهذا الجانب من ضرورة إعداد البشر إعدادا مناسبا ، فقد اهتمت الإدارة الأمريكية مؤخرا بإعادة تخطيط التعليم 0 وعندما تعرضت دول الحلفاء إلى محدودبة فى الموارد بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية لجأت إلى ما يسمى ب "تخطيط الطوارئ " حتى تتوصل إلى أفضل توزيع لتلك الموارد على الأغراض المتنافسة التى لا تعبر قوى السوق عن أولوياتها الحقيقية ، ومع ذلك كان هذا التوزيع يتم بتطويع قوى السوق ، سواء بتقنين الطلب ـ بالبطاقات مثلا ـ أو بتعديل السعر تفاديا للآثار التضخمية التى يمكن أن تخل بأوضاع السوق فتؤثر على الاستخدامات الأخرى ، بل إن القيادة البريطانية قامت بإنشاء ما يسمى ب "مركز تموين الشرق الأوسط " ، لإعادة توزيع الأنشطة الاقتصادية والزراعية والصناعية لتحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتى لدول الشرق الأوسط نظرا لانشغال المصانع الأوروبية ووسائل النقل بمتطلبات الحرب ، وهو ما جعلها تشجع تغيير الدورة الزراعية المصرية لإنتاج مزيد من القمح بدل القطن ، وإقامة بعض الصناعات البديلة للواردات وإن لم تكن بكفاءة عالية حرصا على العودة إلى استيراد المنتجات البريطانية بعد الحرب 0
وبحكم كبر حجم التغييرات المطلوبة لتحقيق التنمية وطول الفترات التى تلزم للاستثمارات فى المشروعات الأساسية كالمرافق والخدمات والصناعات الأساسية فإنه لابد من نظرة بعيدة المدى ترسم فى ضوئها إستراتيجية تمثل الترتيب الأمثل لتتابع خطوات الحركة نحو الأهداف المرجوة 0 فالغالب على القرارات الاقتصادية أن تسعى إلى تحقيق التوازن الآنى ، أى حل ما يعتبر أنه مشاكل عاجلة ، الأمر الذى قد يؤدى إلى تفاقم مشاكل تبدو بسيطة الآن إلا أن إهمالها يمكن أن يجعلها متعذرة أو باهظة الحل مستقبلا ، من هذا القبيل ما تذهب إليه إجراءات ما يسمى بالإصلاح الإقتصادى حيث تعطى اهتماما بامتصاص فائض الطلب ، سعيا إلى تخفيف حدة التضخم وتقليص الطلب المتسارع على بعض المستلزمات النادرة ، وفى مقدمتها العملات الأجنبية، كما أنها توجه المستثمرين إلى شراء ما هو قائم من استثمارات تحت دعوى الخصخصة بدلا من الدخول فى استثمارات جديدة تزيد من الطاقات الإنتاجية ولكنها تزيد من حجم الطلب المحلى والخارجى 0 ولو أن الأمر نظر إليه من منظور إستراتيجية بعيدة المدى لاتضح أن الشعب المصرى سوف يدفع عن قريب الثمن باهظا لكل يوم تتأخر فيه الاستثمارات وتتعطل فيه التنمية 0 إن النظرة الإستراتيجية تجيب على السؤال المحورى الآتى :
هل الأفضل أن نعمل على تكميش الطلب الحالى ولو أدى ذلك لتقليص معدلات الاستثمار ، لاسيما الاستثمار العام ، ومن ثم معدلات التنمية المستقبلة ، أم أن نبدأ بالتوسع فى الطلب الاستثمارى ، ولكن مع الحد من الطلب الاستهلاكى ، بحيث يكون طريق التصحيح هو زيادة الإنتاج أكثر منه تخفيض الطلب ؟
إذا وضعت الإستراتيجية فيصبح من المهم الالتزام بها فترة كافية حتى لا نواجه بعمليات تخبط تترتب على التغيير المستمر فى الأولويات دون ترك الخطوات المتعاقبة تؤتى الثمار المرجوة منها ن وبالتالى فإن القرارات اليومية التى تتخذ للآجال القصيرة والمتوسطة يجب أن تسند إلى النظرة الإستراتيجية ، وإلا جاءت من قبيل إطفاء الحرائق 0 فلم يكن خافيا على أحد أن البنية الأساسية المصرية والمعدات الإنتاجية القائمة بعد حرب أكتوبر 1973 بحاجة إلى إعادة بناء شاملة ، غير أن فتح الباب أمام رأس المال الأجنبى لم يكن هو الحل ، لأن هذا لا يأتى إلا فى ظل بنية سليمة تتحقق له من خلالها الأرباح المجزية 0 وكان التأخر فى إعادة بناء تلك البنية الأساسية وفى إعادة تأهيل القطاع العام سببا فى تعثر الإنتاج وارتفاع تكاليفه نتيجة التضخم المستمر ، ولو أن عمليات المتابعة كانت تتم بصورة سليمة لأمكن التنبيه إلى تلك المشاكل فى وقت مبكر ، واستغلال الموارد الاستثنائية التى توفرت خلال السبعينات فى تقويم البنيان الإقتصادى فى وقت مناسب 0
إن حدوتة رأس المال الأجنبى على مدى الخمسين سنة الماضية مع ثورة يوليو تؤكد وتثبت أن التنمية لا تتم إلا بالاعتماد على النفس ، وهو ما يفترض توجها مستقلا يرفض التبعية للرأسمالية العالمية 0 ويتعرض هذا المبدأ للتشويه حيث يصور على أنه سعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى ، وهو أمر يتعذر على أكبر الدول وأكثرها تقدما تحقيقه ، وحتى لو أمكن بلوغ نسبة عالية منه ، فالأغلب أن يتم ذلك بتكلفة باهظة نظرا للاضطرار للدخول فى جميع المجالات دون ضمان القدرة على إتقانها جميعا 0 ويعنى الاعتماد على النفس أن يسعى الاقتصاد إلى تعظيم قدرته الادخارية ، وإلى تعبئة مدخراته وحسن توجيهها إلى ما يتمتع فيه بميزة نسبية، ويكون دور رأس المال الأجنبى مكملا وليس هو الأساس شريطة أن يأتى بالشروط وفى المجالات التى تهم الاقتصاد ولكنها تتصف بارتفاع تكلفة بناء الخبرة الذاتية فيها ولا يعنى نقص الخبرة المحلية تبرير الاعتماد على الخبرة الأجنبية فى جميع المجالات بدعوى أنها أكثر تقدما بحكم السبق ، لذلك لابد من انتخاب بعض الأنشطة التى يمكن اكتساب تفوق نسبى فيها والعمل على تبادل هذه الخبرة ومنتجاتها مع الخبرات الأجنبية ومنتجاتها على أساس التعامل المتكافئ مع استمرار التوسع فى مجالات التميز المحلية 0 لقد مكنتنا ظروفنا الطبيعية قديما من التميز بزراعة القطن طويل التيلة وتصديره والحصول مقابل عائد التصدير على احتياجاتنا من المنتجات الأخرى 0 ولكن استمرار التفوق فى القطن كان يتطلب بحوثا مستمرة فنشأ مركز بحوث القطن وتخصص باحثون مصريون فى البحث واستنباط أنواع جديدة من السلالات ، غير أن الوقوف عند القطن ومن بعده عدد محدود من الأنشطة تغلب عليه المزايا الطبيعية ، مثل قناة السويس والبترول ، جعل أى توسع فى القاعدة الاقتصادية لا يتم إلا بالاعتماد على الخارج ، فتراجعت القدرة على الاعتماد على النفس وهو ما أفرز التبعية والاستدانة 0 وعندما أعلن عبد الناصر أننا يجب أن تكون لدينا القدرة على إنتاج أى شىء من الإبرة إلى الصاروخ ، لم يكن يقصد أن يقوم الاقتصاد المصرى بإنتاج كل شىء بنفسه ، بل كان يريد كسر طوق التبعية الذى يفرض علينا بقاء المجالات التى نقنع بها محصورة فى المنتجات الزراعية والقطاعات الأولية التى توفر فيها الطبيعة مزايا نسبية لا يضيف إليها البشر شيئا فكان مفروض علينا أن نظل رهينة النشاطات الأولية التى كرست تبعيتها للاقتصاد الرأسمالى وألا تدخل المجالات التى يعظم فيها دور المعرفة البشرية وكان هذه المعرفة أعظم من أن يستوعبها البشر فى الدول المتخلفة 0 لقد دخلت مصر الثورة صناعة الأدوية مع استمرار إعطاء تراخيص لبعض الشركات الأجنبية ذات السمعة الطيبة وكان الدخول فى هذه الصناعة يعنى تطوير البحوث العلمية بما يهدد مصالح الشركات الدولية الاحتكارية فكانت النصيحة التى قدمها السفير الأمريكى للسادات أن يوقف تلك البحوث وأن يكتفى بالتراخيص التى تمتص بها تلك الشركات دماء المرضى المصريين ودخولهم المحدودة 0 ولم تكن القضية هى الاكتفاء الذاتى والاستعاضة عن الواردات ، بل هى المرحلة الأولى من التصنيع التى تقوم فيها الصناعة بتثبيت أقدامها فى السوق المحلية تمهيدا للانطلاق إلى الأسواق العالمية 0 يساعد على هذا الانطلاق أن تكون الدولة على صلة وثيقة بمجموعة من الدول المجاورة المقاربة لها فى أوضاعها الاقتصادية يقوم كل منها بالتخصص فى عدد محدود من المجالات ثم يجرى التبادل فيما بينهما على نحو يفتح أمام كل منهما سوقا رحيبة هى سوق التجميع الإقليمى 0 ويتيح هذا التوسع فى المجالات التى يجرى التخصص فيها نتيجة لتوزيع التخصصات فيما بينها أو ما يطلق عليه " تقسيم العمل الدولى " ، ولذلك فقد بات من المسلمات بين اقتصاديى الدول النامية أن التنمية المستقلة تتم باعتماد جماعى على النفس 0 ولقد أزعج هذا الاتجاه الذى ساد بين الدول النامية فى الستينات الدول الرأسمالية ، فبدأ الحديث عن الاعتماد المتبادل ، وخرجت الرأسمالية من الستينات مصابة بأزمات مستعصية أفضت إلى ركود وتضخم وبطالة ، لم تجد بعد سبيلا إلى التخلص منها ومن ثم تأتى الحملة المسعورة التى تريد القضاء على التنمية المستقلة وذلك بالدعوة إلى:
الخصخصة التى تفتح الباب أمام تغلغل رأس المال الأجنبى ـ الخاص ـ 0
التصدير بدلا من التوجه إلى السوق المحلى ، وهو ما يزيد من الاعتماد على الاستيراد فى تلبية الحاجات الضرورية ، إنتاجية كانت أم استهلاكية بما فى ذلك الغذاء الضرورى 0
ومن ثم الاعتماد على التكنولوجيا الغربية لأنها القادرة على فتح الأسواق 0 فالتخلف لا يسمح للدول النامية بالتفوق إلا فى بعض الموارد الأولية وهذه ، كالبترول ، أصبحت تحت سيطرة الدول الصناعية إن لم يكن بالقدرة الاقتصادية فبالقوة العسكرية ، كما حدث ويحدث فى منطقة الخليج العربى 0 ولا ينتظر لدولة تعجز عن التعامل مع المواد الأولية المتوفرة لديها أن تحقق تقدما فى سلع متطورة تكنولوجيا إلا من خلال تبعية للرأسمالية العالمية ، ويكون مصدر الميزة النسبية هو رخص اليد العاملة وهو فى حقيقته تطبيق مطور لمبدأ استغلال البشر لأن الرخص معناه أن يحصل العمال فى الدول المتقدمة على أجر أعلى من نظيره فى الدول المتخلفة ومن ثم يشترى بجهد ساعة من عمله جهد ساعات من البشر الذين أوقعهم حظهم فى حدود دولة متخلفة0
والغريب هو الإصرار على هذا الأسلوب الذى يضعف قدرة الدول النامية على توفير أسواق مناسبة فى الدول الصناعية مما يزيد من معدلات البطالة ، ومن سعى عمال هذه الأخيرة للتخلص من اليد العاملة الرخيصة لديها مما يقوى النزعات العنصرية اليمينية التى تجتاح الدول الصناعية – انضمت إليها إسرائيل مؤخرا بالتخلص من العمال العرب 0
إن الاعتبارات السابقة تؤكد على عدد من القواعد العامة التى يجب أن تلحظها عملية التنمية :
أن التنمية تبدأ بالتوسع فى عدد من الأنشطة ذات المردود الكبير على قطاعات أخرى لتحدث آثارا مضاعفة ، أى تقود التنمية 0
وقد شهد العقدان الأخيران اعتمادا على قطاعات تضيف إلى قدرات الاقتصاد المالية ولكنها لا تستطيع تنشيط قدراته الإنتاجية على سبيل المثال قناة السويس والبترول وهجرة العمال ، فلابد من العودة لبناء القاعدة الإنتاجية المتنامية 0
وحتى يؤدى توسع بعض الأنشطة إلى آثار مضاعفة على الاقتصاد القومى ، لابد من تحقيق قدر معين من تكامل حلقات الإنتاج الداخلية 0 لقد أظهرت الإجراءات المسماة بالتصحيحية أن ارتفاع تكاليف الاستيراد نتيجة هبوط سعر الصرف أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج ومن ثم إلى تعثره أى أن ما تمت إضافته لطاقات الإنتاج كان بالتكامل مع العالم الخارجى ، وهو ما أضعف من قدرة الاقتصاد على الاعتماد على النفس 0
لم تعد القطاعات الأولية وفى مقدمتها الزراعة تتصف بالبدائية التى سادت فى الماضى ، بل أصبح التقدم الزراعى رهنا بالتقدم الصناعى والتطور التكنولوجى ، إن النهوض بالزراعة ليس بديلا للصناعة والعكس صحيح 0 وما تحتاج إليه التنمية هو النهوض بأساليب الإنتاج المتطورة على نحو يفيد القطاعات المختلفة ، سواء بتزويد القطاعات بعضها البعض باحتياجاتها ، أو بالاستفادة من التطوير التكنولوجى فى أحد القطاعات للتطبيق فى غيره 0
يدور الحوار غالبا حول " ماذا ننتج " سواء كبديل للواردات أو كمنتج للتصدير أو لتلبية الحاجات المحلية الضرورية 0 وقد اتضح أن التسابق فى الأسواق العالمية وإن تم فى طبيعة المنتجات ( ماذا ) إلا أن الكسب فيه يتوقف على نوعية المنتجات ، أى على " كيف ننتج " ، وهو ما يفرض التميز المستمر القائم على البحث العلمى وعلى تطوير جودة المنتج0
وسواء تم الإنتاج للسوق المحلية مباشرة أو من خلال التصدير للحصول على العملات اللازمة للاستيراد ، فإن المحصلة النهائية يجب أن تعنى بتوفير الحاجات الأساسية للبشر ، بما فى ذلك الخدمات اللازمة للنهوض بإنتاجيتهم ، وتعزيز القدرة على الاعتماد على النفس 0
والمشكلة التى يمكن أن تترتب على الأرباح التى تتراكم فى القطاعات سريعة النمو ، أو على النمو المعوج الذى يسمح بنشأة الاحتكارات المحلية ، هى سوء توزيع الدخل ، وهو ما يؤدى إلى خلل فى هيكل الطلب يسىء توجيه الموارد 0 وما نشهده من تبذير فى الموارد يجعل فئات تثرى من الأنشطة غير السوية وتنفق على سلع لا تتناسب مع متطلبات التنمية ، يعنى حرمان الاقتصاد من موارد كان يمكن أن تسهم فى حل مشكلة البطالة المتفاقمة ، ولنذكر دائما أن ظاهرة التخلف على المستوى العالمى تتسبب فى وتترافق مع سوء توزيع الدخل على المستوى العالمى 0
الأبعاد القطاعية للتنمية :
أولا – الزراعة :
تشغل الزراعة موقعا خاصا من عدة نواحى :
فقد كانت الزراعة ولا تزال قطاعا اقتصاديا رئيسيا ، سواء من حيث الدخل أو التصدير أو فرص العمل أو تزويد القطاعات الأخرى بمستلزماتها 0
وتؤدى ندرة الموارد مثل الأرض الصالحة للزراعة والمياه ورأس المال والتكنولوجيا المتطورة على التأثير فى أنماط الاستثمارات حيث يسود تفضيل للاستثمار العقارى وإلى استغلال لقوى خارجية لاسيما إسرائيل الحاجة إلى تنمية هذه الموارد لتفرض تنظيما اقتصاديا داخليا وهيكلا للعلاقات الخارجية بعيدا عن الصالح القومى 0
هى ترتبط بالحاجات الأساسية ارتباطا وثيقا ، كما أنها من عناصر الأمن الرئيسية ، ويكفى إدراك أثر الانكشاف الغذائى على استقلال القرار 0 وبحكم توطنها فى الريف ، فإنها تعتبر قطاعا اقتصاديا اجتماعيا تتحدد من خلال التعامل معه العلاقات بين الحضر والريف 0
وبسبب العلاقة الوثيقة بين الملكية والقوة الاقتصادية ومن ثم السياسية فإن تطوير الزراعة وتنظيم الملكية وأساليب الإنتاج والتمويل ، تؤثر بشكل أساسى فى التنظيم المجتمعى ، وفى العلاقات الاجتماعية والسياسية 0
وخلال محاولة إقامة السوق العربية المشتركة وتعزيز العمل العربى المشترك لعبت الزراعة دورا بارزا ومتقدما 0 وتجرى حاليا محاولة اختراق السوق العربية اعتمادا على تداخل الموارد المائية المحدودة والحاجة لتطوير أساليب الإنتاج الزراعى 0
وكان الإصلاح الزراعى من أول القرارات التى اتخذتها ثورة يوليو52 سعيا إلى تصحيح الأوضاع الاجتماعية والسياسية 0
ويبين الجدول التالى تطور توزيع الملكية الزراعية فى سنتى 1900و1952 وهو يبين مدى ثبات فئات الملكية الكبيرة ، وميل الملكية الصغيرة إلى التضاؤل من حوالى 5ر1 فدان إلى 8ر0 فدان نتيجة ارتفاع عدد الملاك فى الفئة أقل من 5 فدادين إلى أكثر من ثلاثة أمثال عددهم فى سنة 1900
فئات المساحة بالفدان عدد الملاك المساحة المملوكة بالفدان متوسط الملكية النسب المئوية
ملاك المساحة
أقل من خمسة 337ر761 411ر113ر1 45ر1 4ر83 8ر21
5 إلى 10 171ر80 195ر560 98ر6 8ر8 0ر11
10 إلى 50 967ر60 873ر196ر1 63ر19 6ر6 4ر23
أكثر من 50 839ر11 573ر243ر2 92ر187 2ر1 8ر43
المجموع 314ر914 052ر114ر5 59ر5 100 100
أقل من5 878ر641ر2 864ر121ر2 80ر0 3ر94 5ر35
5 إلى 10 259ر79 704ر525 63ر6 8ر2 8ر8
10 إلى 50 115ر69 433ر281ر1 54ر18 5ر2 5ر21
أكثر من 50 348ر11 270ر043ر2 05ر180 4ر0 2ر34
المجموع 600ر801ر2 271ر972ر5 13ر2 100 100
وقد كانت السياسات المتبعة قبل الثورة تحرص على تماسك فئات الملكية الكبيرة 0 ففى الفترة ما بين 1935 و1950 باعت مصلحة الأملاك الأميرية 200 ألف فدان كان المفروض أن ينالها صغار الملاك ، غير أنهم لم يحصلوا منها على أكثر من 7ر1% وحصل خريجو المعاهد الزراعية على 6ر7% أما كبار الملاك فقد ظفروا بنصيب الأسد وهو 7ر90% ولم يكن الإصلاح الزراعى مجرد إعادة توزيع للملكية ، بل استهدف النهوض بالإنتاج الزراعى ولذلك فقد عالج أمورا عدة فى آن واحد
*تنظيم تحديد الملكية الزراعية ونزع ملكية بعض الأراضى لتوزيعها على صغار الفلاحين 0
* النهوض بالحركة التعاونية وتنظيم التعاونيات الزراعية 0
*تجميع الاستغلال الزراعى والحد من تجزئة الأرض الزراعية 0
*تنظيم العلاقة بين مستأجرى الأرض الزراعية 0
* صيانة حقوق العمال الزراعيين 0
ويحضرنى هنا فى هذا المجال ما قاله عبد الناصر فى حديث له يوم 26/7/1961 :
" لقد كان محتما أن يقوم نفس الترابط الحيوى بين الناحية الاقتصادية والناحية الاجتماعية فى مجال التطوير الزراعى ، على أساس الخطة الشاملة 0 ولقد كانت دواعى الاقتصاد البحت تقتضى أن تبيع الحكومة على الفور كل الأراضى الجديدة المستصلحة لمن يدفع ثمنها حتى تسترد الحكومة ما تكلفته فى سبيل إصلاحها ولكن ذلك وإن كان يبدو منطقيا من الناحية الاقتصادية فإنه يفقد الخطة أساسها الاجتماعى ، ذلك أن عرض الأراضى الجديدة للبيع معناه أن يتقدم للشراء غير القادرين على دفع الثمن ولسوف يكون القادر على شراء الأراضى الجديدة هو الذى يملك بالفعل من الأرض القديمة ولم يكن ذلك منطق العدل
كان منطق العدل أن تكون الملكية الجديدة لهؤلاء الذين حرموا العمر كله أن يتملكوا الأرض ، ذلك أنه لا يمكن أن يكون هدف الخطة تحويل الملاك الحاليين إلى إقطاعيين ، وإنما هدف الخطة ـ وكذلك ينبغى أن يكون ـ هو تحويل الأجراء الحاليين إلى ملاك 0
تحويل الأرض الجديدة إلى قوة منتجة لم يكن ليتحقق إلا على أساس التعاون ، ذلك أن الأجير الذى يبدأ حياته الجديدة كمالك فى حاجة إلى رأس المال يوظفه فى أرضه ، إنه فى حاجة إلى سماد 00 إلى بذور 00إلى آلات ، لابد أن تتوفر له دون أن يعتمد على جشع المرابين المستغلين ، كذلك هو فى حاجة بعد المحصول إلى تسويق اقتصادى لا تدفعه إليه حاجة عاجلة للمال أو ضغط تفرضه عليه تيارات السوق المتضاربة 0 لقد قالوا فى الماضى إن أى إجراء يعنى توزيع الفقر ولا يعنى توزيع الغنى ، وإن التصدى للثروات الكبرى وللإقطاعيات الكبرى لا يعنى إلا توزيع الفقر ـ نفس العبارة قالها السادات بعد انقلابه على ثورة يوليو فى 13 مايو1971 ـ، ولا يمكن أن تكون الثورة موزعة للفقر ، وهذا خداع فكيف يكون هذا توزيعا للفقر ؟ مثلا إذا كنا نترك مائة فدان لصاحب الأرض ونوزع على الفلاح المعدم 5 فدادين ؟ طبعا فيه فرق كبير بين الخمسة فدادين وال100 فدان ، ولكن ما هى النتيجة اللى بتحصل لهذا ؟ الأسرة يمكن كانت معدمة وتأخذ 5 فدادين ، كانت أسرة يمكن تنام من غير عشاء ، كان يمكن أن رب الأسرة لا يستطيع أن يجد العشاء لأولاده وأصبح له خمس فدادين يؤمن يومه ويؤمن غده لأولاده 00 لم يكن يستطيع أن يعلم أولاده 00 لم يستطيع أن يعطى فرصا متكافئة لأولاده ليخرجوا من هذا المجتمع ويشعروا فعلا بالحرية والمساواة "0
وفى 7/8/1961 قال جمال عبد الناصر ما نصه :
" الحل الاشتراكى لمشكلة الزراعة اعتمد على أساسين اثنين :
الأساس الأول – زيادة عدد الملاك للأرض الزراعية ، وإتاحة حق ملكية الأرض لملايين الفلاحين الذين حرموا من هذا الحق ومنا طويلا وذلك بطريقتين :
<!--[if !supportLists]-->1. <!--[endif]-->وضع حد أعلى لملكية الأرض الزراعية الموجودة فعلا وتوزيع ما يتبقى على الفلاحين 0
<!--[if !supportLists]-->2. <!--[endif]-->استصلاح كل ما يمكن استصلاحه من الأرض الجديدة بواسطة مشروعات الرى الضخمة 0
والأساس الثانى – تدعيم ملكية الأرض بالتعاون ، وتحويل اقتصاد الملكيات الصغيرة من اقتصاد ضعيف إلى اقتصاد قوى بالتوسع المستمر فى آفاق التعاون ، ولقد أثبتت تجارب تجميع الزراعة أن هناك إمكانيات هائلة فى تطوير الزراعة "0
وقال عبد الناصر فى المؤتمر العام للقوى الشعبية يوم 9يوليو1960 :
" تطوير الزراعة والصناعة على أساس اقتصادى واجتماعى سليم يقتضى بالتبعية أن تتطور التجارة نفسها على ذات الأسس الاقتصادية والاجتماعية ، وكان يتحتم علينا أن تلتزم التجارة وظيفتها الاجتماعية باعتبارها نقل السلع من مراكز الإنتاج إلى مراكز الاستهلاك الاجتماعية ، وحسن التوزيع 0
إن حماية المصير الوطنى إنما يتوقف على الشعب باعتباره التيار الدائم المتدفق والخالد الذى لا ينتهى ولا يتحول "0
وقال فى الهيئة البرلمانية للاتحاد الاشتراكى يوم 25فبراير1965:
" بالنسبة للأرض الجديدة حانبحث وضع الأرض الجديدة 0 المنطقة غرب الإسكندرية حاتعوز استزراع لغاية ما تقدر تدى فعلا عائد ، أربع سنوات بعد الإصلاح ، يا إما حانعمل مزارع حكومية ، يا إما حا نؤجر هذه الأرض للناس وحاتفضل الأرض حكومية ونأجر الأرض دى للناس ، إحنا عايزين دخل علشان نمشى فى خطط التنمية اللى جاية ، عايزة دخل ، والحقيقة إحنا خطتنا طموحة " .
( كان هناك تكليف من عبد الناصر لكل من د0 فؤاد مرسى ود0 إسماعيل صبرى عبد الله بعد مقابلته لهما خلال سنة 65 ، لوضع دراسة حول هذه القضية وقد قدما فعلا دراستهما وكانت محفوظة ضمن دراسات أخرى حول الموضوع ذاته فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكرى )
وفى المؤتمر القومى العام يوم 23يوليو1969 قال عبد الناصر :
" وبالنسبة للأرض الجديدة فإن لدينا الآن سبعمائة ألف فدان ، ويجب أن نقرر رأيا فى استغلالها الدائم، واقتراحى فى هذا الصدد هو أن ننشئ شركات أو مؤسسات عامة تنقل إليها ملكية هذه الأراضى ويكون لهذه الشركات أو المؤسسات العامة مهام ثلاث تتمثل فى الاستغلال المباشر للتصدير أو التأجير وفق شروط معينة ولآجال طويلة للزراع أو البيع لصغار الملاك الجدد مع إعطاء أولويات الملكية للمقاتلين فى ميدان المعركة وأسرهم . "
وما يحدث حاليا هو استعادة مجتمع النصف فى المائة بالقضاء على الإصلاح الزراعى ولو اقتضى الأمر إقحام الدين لانتزاع الأراضى وإعادتها إلى الإقطاع . كما تجرى عمليات إعادة تنظيم الزراعة على أساس رأسمالى، لتقف الرأسمالية إلى جوار الإقطاع فى توجيه الزراعة بعيدا عن أهداف المجتمع 0 وتكمل الحلقة بتغليب أدوات السوق والربح الفردى ليس فقط لإعادة هيكلة التركيب المحصولى على نحو يزيد الاعتماد على الخارج ويرفع من تكلفة الغذاء ومن ثم يؤدى إلى خفض مستوى معيشة الغالبية الفقيرة ، بل وأيضا لرفع الأعباء على صغار المزارعين بدعوى خضوع التسليف الزراعى بدوره إلى قوى السوق ، كبديل للتسليف الزراعى التعاونى غير الهادف للربح والذى بدأ فى مناطق الإصلاح الزراعى ثم انتشر ليخلص الفلاح من سطوة المرابى ، وفى الوقت نفسه تتزايد أعداد المعدمين ويتسع الفارق بين سعر المزرعة وسعر المستهلك ليذهب كأرباح لفئة الوسطاء التى يعاد إحياؤها رغم ثبوت خطرها على الاستثمارات المنتجة والتوازن السليم فى السوق0
يضاف إلى ما تقدم أن الدولة فى تنصلها من مسئولية تدبير الوظائف التى تستوعب الشباب ، بدأت تتخلص من عمليات الاستصلاح وتلقى مسئوليتها على الشبان الذين لا يملكون المعرفة الفنية أو الموارد المالية الكافية للوصول بالأرض إلى الحدية الإنتاجية فضلا عن ذلك فإن العيش فى مناطق الاستصلاح يحتاج إلى توفير احتياجات الحياة اليومية وهو ما يتطلب ربط التوسع العمرانى بالتطوير الزراعى . وهكذا فإن التنمية الزراعية تستوجب نظرة تستوعب الأبعاد الاجتماعية لحياة المزارعين إلى جانب مقومات رفع كفاءة أدائهم ، وتحقيق الترابط مع القطاعات الأخرى وسلامة حركة التجارة الخارجية ، أخذا فى الاعتبار متطلبات توزيع وإعادة توزيع الدخل ، وتوفير الأمن الغذائى الذى بلغ حدا من الخطورة يكاد يهدد الأمن القومى كله ، إلى جانب الأهداف القومية المتعلقة بالدخل والتوظيف وانتشار السكان جغرافيا بدلا من تكدسهم فى المدن 0 وإذا كانت متطلبات العدالة تقتضى أن يحصل الفلاح على دخله الإقتصادى ، الذى يعكس حيوية المحاصيل التى ينتجها سواء بالنسبة للغذاء أو للتصنيع أو للتصدير ، فإن هذا لا يعنى أن ترفع تكاليف الائتمان الزراعى والقدرة على الاستمرار فى الإنتاج بإستبقاء الأرض ومن ثم صيانتها ، ثم تركه فى مهب ريح سوق يسيطر عليها حفنة من التجار الذين يستغلون ضعف قدراته المالية لينتزعوا الأرض منه ثم يعيدوا استغلالها استغلالا رأسماليا جشعا بدعوى احترام قوى السوق . يكفى أن نشير إلى التداخل الكبير بين الأبعاد الاقتصادية والإنسانية للإنتاج الزراعى جعل الدول الرأسمالية الكبيرة تدخل فى صراع طاحن فيما بينها سببه قيام كل منها بحماية مز ارعيها من عواصف السوق ، محملة مجتمعاتها تكلفة هذه الحماية ، وليس محملين الفلاح تبعة رفاهة أهل المدن تارة وإثراء الرأسمالية الزراعية .






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:26 AM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

ثانيا : الصناعات الإستخراجية والطاقة

الصناعات الإستخراجية هى القطاع الأولى الآخر ، إلى جانب الزراعة ، وهى تزود الاقتصاد بالمواد الخام المعدنية . غير أن التعرف على مواقع هذه الثروات والتنقيب عنها يتطلب تكنولوجيات متطورة ، كما أن استخراجها يستنفذ الموجود منها ويهدد معظمها بالنضوب 0 وعلى خلاف قطاع الزراعة فأن أساليب الاستخراج وكذلك التنقيب شديدة التعقيد ولذلك تتحكم فيها الدول الصناعية المتقدمة وهو ما جعل أول ظهور للشركات عابرة القوميات يبدأ فى هذه الصناعات ، ومن جهة أخرى فإن تركز مواقع الإنتاج يتطلب توفير وسائل نقل مناسبة إلى مواقع الاستخدام التى يمكن أن تمتد إلى خارج حدود الدولة 0 والمشاهد أن معظم الدول التى تعرضت للاستعمار كانت وفرة بعض المواد المعدنية فيها سببا فى استعمارها ، ولا تزال تعرضها للاستعمار الحديث كما تشهد بذلك حالة الدول النفطية العربية التى تستنبط الحيل إما لفرض وجود أجنبى دائم فيها ـ دول الخليج العربى ـ أو للحد من سيادتها ـ العراق وليبيا ـ ، أو فرض درجات متفاوتة من التبعية للعالم الرأسمالى عليها ـ الدول الإفريقية وأجزاء من الاتحاد السوفيتى السابق ـ ، ولذلك فإن نشاط هذا القطاع يجب أن يخضع إلى تخطيط دقيق يراعى التوازن بين الأجيال المتعاقبة ، ويمكن السيطرة على الأسعار حيث يميل المستهلكون ، أساسا الدول الصناعية ، إلى تطويعها لمصالحهم 0 ومن خلال هذا التحكم فى الأسعار ومن ثم إيرادات المصدر من منتجات هذه الصناعات ، وكذلك فى عائد المشاركة فى الاستخراج ، يجرى التحكم فى دخول لدول النامية ، بل ودفعها إلى التطاحن فيما بينها وهو ما يعانى منه الوطن العربى ، لاسيما فى البترول والفوسفات . وتعظم أهمية البترول بسبب التركز الشديد فى مواقع تواجده ، مع تعدد استخداماته وتزايدها بسبب التطورات التى يشهدها حاليا الاقتصاد العالمى 0 فالبترول والغاز يستخدمان كخام لصناعات عديدة أوجدت بدائل مصنعة وأكثر كفاءة لكثير من الخامات ، فضلا عن أنه الأساس الرئيسى للطاقة ، لاسيما فى الدول النامية التى لا تتوافر لديها بدائل مناسبة أخرى كالطاقة النووية أو ما تسعى الدول المتقدمة لتطويره كمصادر بديلة للطاقة ، كالطاقة الشمسية . وتتعرض مصر وبعض الدول العربية الأخرى مثل تونس وسوريا والبحرين وعمان إلى نضوب مواردها البترولية ، فى وقت تتزايد فيه حاجاتها إلى الطاقة لتلبية متطلبات النمو خاصة الصناعى ، ولذلك فإن تنمية هذه الصناعات تتطلب تخطيطا طويل الأجل للتحكم فى الإحتياطيات المعروفة منها والقابلة للاستخراج بشكل اقتصادى ، وتنمية القدرات الذاتية الجماعية ، أى عربيا وبالتعاون مع دول نامية أخرى صديقة ، على التنقيب والاستخراج ، وتقنين الإنتاج على نحو يوفر متطلبات القطاعات الأخرى مباشرة أو عن طريق تصديره واستخدام الحصيلة فى استيراد تلك المتطلبات ، ويحقق عدالة فى توزيع الثروات بين الأجيال المتعاقبة ، ومن ثم فإن حصيلة العائد من هذه المنتجات يجب أن تعود على المجتمع ، أى أنها يجب أنة تكون من المجالات التى تقصر على القطاع العام ، حتى ولو احتاج إلى إشراك القطاع الخاص الأجنبى الذى ظل حتى الآن محتكرا للخبرة ، ومن جهة أخرى فإن تعامل أطراف السوق سواء بائعون أو مشترون فى هذه المنتجات يشير إلى أن التحكم فى كل من العرض والطلب هو الذى يحدد السعر وليس العكس، الأمر الذى ينفى عن السعر الصفة المثالية التى تعزى إليه ، بكونه المؤشر الذى يوجه الموارد إلى أفضل الاستخدامات ولذلك تقع على المخطط مسؤولية تقدير ما يمكن اعتباره الأسعار التى تحقق التوازن الطبيعى ، وليست تلك التى تعكس القوى الاحتكارية .
ثالثا : قطاع الصناعة :
أشرنا من قبل إلى الدور المهم الذى تلعبه الصناعة فى الاقتصاديات الحديثة ، ومن ثم فى عملية التنمية من ناحية ، وفى تنامى حركة الشركات الدولية الاحتكارية وأساليب الاستعمار الحديث من ناحية أخرى0وقد كان من الطبيعى أن تتجه الدول النامية فى مستهل عهدها بالاستقلال إلى فروع تحل منتجاتها محل ما يستورد من الدول الصناعية المستعمرة ، خاصة وأنها فى حداثة عهدها بالتصنيع لا تطمع فى غزو أسواق أجنبية ، سواء كانت أسواق دول صناعية أو أسواق دول نامية تتجه إلى نفس الفروع ولا تقبل أن تحل دول نامية محل الدول الاستعمارية فى التصدير إليها . غير أن اعتماد تلك الدول على الآلات والخبرات التكنولوجية المستوردة من الدول الصناعية جعل هذه الصناعات غير قادرة على التنافس عالميا – كما حدث بالنسبة لبنك مصر فى قطاع الغزل والنسيج – ومن ثم ارتبط بقاء تلك الصناعات بالحماية الجمركية المرتفعة وباستمرار تبعيتها للصناعات المتطورة فى الخارج ، وقد دفع هذا إلى التوجه إلى أنشطة تصديرية واستطاعت بعض الدول مؤخرا أن تحقق معدلات نمو مرتفعة من خلال ارتباطها برأس المال الأجنبى الذى ساعدها على التوسع فى التصدير بحيث ساد الاعتقاد أن التصدير هو المفتاح السحرى للتقدم ، ولو صح هذا لساعد تصدير المواد الأولية على حل مشاكل النمو منذ زمن طويل ، ولما كان كما هو ثابت الطريق إلى تبعية معظم دول العالم الثالث 0 فالتصدير القائم على مستلزمات أجنبية تدخل من خلالها عابرات القوميات ، برأس المال والمعدات والمعرفة الفنية وكثير من الموارد الوسيطة المصنعة بل والتسويق ، ينتهى أمره كما انتهى فى حالة المواد الأولية إلى تبعية خارجية طالما يفتقد الروابط الداخلية التى تغذى أنشطة محلية . فالسياحة مثلا ظلت أمدا طويلا قناة تدخل من أحد طرفيها عملات أجنبية لتخرج من الطرف الآخر ، إلى أن قامت صناعات محلية تغذى النشاط السياحى بالكثير من مستلزماته . ويوضح الضرر الذى حاق مؤخرا بالاقتصاد القومى نتيجة ضرب السياحة مغزى كون النشاط التصديرى يقوم على ترابط القطاعات المحلية بالأنشطة القائدة للنمو 0 ويتضح أيضا أهمية تخطيط الأنشطة الصناعية ، لأن السوق فى مرحلة معينة لا يعكس إلا الطلب على الناتج التصديرى ، ومع محاولة توفير متطلباته يبدأ الطلب على هذه المستلزمات . ومن الأكثر جدوى أن يخطط سلفا لمراحل الإنتاج ومستلزماتها حتى ينجح التصدير فى دفع حركة التنمية الصناعية فى حلقات متعاقبة دون تعريضها إلى نزيف يسببه استيراد غالبية المستلزمات من الخارج .
ولا يمضى وقت طويل حتى يتضح أن سلسلة المستلزمات لشريحة عريضة من الأنشطة تنتهى إلى طلب على منتجات الصناعات الأساسية التى تتسم بكبر الحجم وضخامة الاستثمارات وبطء العائد 0 ولذلك كان من الطبيعى أن حركة التصنيع تفرض قيام قطاع عام قوى يتولى إقامة تلك الصناعات التى لقيت اهتماما كبيرا منذ قيام مجلس الإنتاج كما سبق أن ذكرنا ، ومع محاولة دخول القطاعات المتطورة تكنولوجيا تظهر الحاجة إلى اتساع السوق ليس فقط من حيث عدد السكان بل وأيضا من حيث مستوى الدخل ، ولذلك تتأكد أهمية التكامل الإقتصادى العربى الذى لا يقف عند مجرد فتح الأسواق بل لابد فيه من تحقيق اعتماد جماعى على النفس خاصة فى توفير المعرفة التكنولوجية ورفع الكفاءة الإنتاجية حتى لا تتحول السوق إلى ستار يحجب المنتجات الأكثر كفاءة التى تنتج فى الخارج وترك الإنتاج الداخلى يعانى من ارتفاع فى تكاليفه بما يحرم دول الإقليم من موارد ضرورية للتنمية ، وهو ما أثبتته تجربة الدول الشرقية – فى الكوميكون حيث لم يحدث اهتمام بكفاءة استخدام المواد الأولية وبالتالى تراخت جهود إدخال التكنولوجيات الحديثة التى أمكن لعلماء تلك الدول تطويرها – كقيام اليابان بتطبيق أساليب طورها الاتحاد السوفيتى فى صناعة الصلب فتفوقت عليه ولا يجب أن ننساق إلى ما يقال من وفرة الموارد وتباين توزيعها بين الدول العربية ، فرأس المال المتاح هو تكاثر مالى وليس منتجات فى شكل آلات ومعدات ، وللحصول على هذه الأخيرة يجرى استيرادها من الدول الصناعية ، أى أنه ما لم يتطور الهيكل الإنتاجى العربى فسيظل الوطن العربى برمته معتمدا على الخارج بالنسبة لرأس المال( العينى ) والعمالة المتاحة تندر فيها الخبرات المتطورة ، فإذا انتقلت هذه الأخيرة فإنها تتسبب فى إفقار مواطنها وهو ما تتعرض له مصر فى بعض المجالات المتطورة بسبب إغراءات الأجور المرتفعة فى دول الخليج لاسيما السعودية ، وحتى يحدث اعتماد جماعى على النفس لابد من بناء قاعدة تكنولوجية عربية والنهوض بمتطلبات التنمية البشرية ، إذ أن البشر هم عماد التطور الحديث إنتاجا وإستهلاكا0 كما أنه لابد من أخذ إمكانيات ومتطلبات التعاون مع دول القارة الإفريقية فى الاعتبار لأن هذه القارة هى الامتداد الطبيعى للنطاق الإقتصادى العربى الذى يتعذر عليه أن يتوسع شمالا إلا بالشروط التى تفرضها أوروبا، أو شرقا فى مواجهة الغزوات المتتالية التى تقوم بها دول شرق وجنوب شرق آسيا ويعنى هذا أنه لابد من تخطيط على المستوى العربى ينقل التبادل العربى من حركة مال تقابل تدفقات عينية ( تجارة سلع أو انتقال عمال أو رؤوس أموال مقابل سداد نقدى لقيمة كل منهما ) إلى تشابك عضوى على نحو ما يحدث فى الاقتصاد الواحد المترابط ، وقد كان هذا هو الهدف الذى توخته إستراتيجية العمل العربى المشترك وما أوصت به من تخطيط قومى للتنمية فى مؤتمر قمة عمان فى نوفمبر 1980 فى غياب مصر وهو الهدف الذى حال دونه تسلط النزعات القطرية التى أوصلتنا إلى ما نشهده من تمزق وتردى . ومرة أخرى يجب ألا يعتبر التخطيط بديلا للسوق ، بل هو القاعدة التى يبنى عليها سلامة السوق ، وهو الأساس للسوق العربية المشتركة التى لا مناص من أن يكون التطور الصناعى هو عمادها .
رابعا: قطاعات التنمية البشرية

أصبح من المسلم به الآن أن التنمية فى جوهرها تنمية بشرية ن فهى تتم بالبشر وعائدها يعود على البشر . والتخلف الذى فرضه الاستعمار علينا هو أساسا تخلف فى البشر بالحد من قدراتهم ومن ثم تقليص العائد عليهم إلى ما دون الكفاف ، أو حتى رد غائلة المجاعة . لذلك عنيت ثورة يوليو52 بقطاعات الخدمات التى تساعد فى صحة العقل والنفس والبدن 0 ويأتى التعليم فى المقدمة ليس فقط بإتاحته مجانا بل وبالنهوض بمحتواه والوصول به إلى أرفع المستويات إذ لم تعد القضية هى مجرد محو الأمية الأبجدية ، وتطوير أساليبه حيث لم تعد الأساليب التلقينية تناسب متطلبات التقدم ، فالتلقين يعنى التأكد من أن طالب العلم استوعب ما توارثته الأجيال من معارف ، بينما التقدم فى ظل الإيقاع السريع للتطوير التكنولوجى يتطلب بناء القدرة على التخيل والابتكار والبحث فى المجهول ، ويكفى أن المولى عز وجل ذكر فى مستهل إنزال كتابه الكريم " علّم الإنسان ما لم يعلم " وهو ما يؤكد أن الوقوف عند علم السلف فيه جحود بنعمة الله على الإنسان 0 والتعليم والثقافة توأمان ، بل إن الثقافة هى الخصية الأساسية للإنسان التى ترتفع بفكره إلى التعامل المنطلق مع كل جوانب الحياة ، تهذب نفسه وترسخ فيه الفهم الصحيح لظواهر الكون وأسراره مع مفرزات الحضارة الحديثة التى اختلط فيها الغث بالثمين . وقد كانت الثقافة والنهوض بها من أهم ما انشغلت به الثورة . وخارج نطاق السوق بطبيعة الحال . وسرعان ما اتضح تعدد القضايا التى تنطوى عليها النهضة الثقافية ، ونظرا لضرورة تنقيتها من عناصر غرس مفاهيم التفاوت الطبقى وتميز النخبة أو الصفوة عن الجماهير ، والارتباط السلفى باسم التراث أو الانسلاخ التام عن الواقعين المحلى والتاريخى باسم المعاصرة ، والانعزال عن العالم بدعوى الخصوصية الوطنية ، وانحاز جمال عبد الناصر فى كل هذه القضايا إلى بناء سليم لنسق ثقافى جماهيرى يوازن بين الماضى والحاضر ، بين الداخل والخارج ، بين الشائع والمتميز ، كان يمكن لو استمر أن يصنع من الأمة العربية شعبا واحدا متماسكا ، تثريه تعددية صحية ، لا نعرات عرقية أو قبلية أو مذهبية عمياء . وكان لابد فى ذلك من مؤسسات تعززها الدولة فى غير تسلط ، وتوجهها نحو أهداف المجتمع دون فرض الوسائل التى تقتل الإبداع وتفتح مجالا لسيطرة البيروقراطية .
وبدلا من الترديد اللفظى لشعار" القضاء على الفقر والجهل والمرض " عملت ثورة يوليو52 على الحل العملى لهذه المشاكل فمضت التنمية على طريق تحمل الدولة مسئولية الرعاية الصحية وكانت العناية بالطب الوقائى موازية للسير فى الطب العلاجى مصحوبين بتطوير التعليم للمهن الطبية ولصناعة الدواء وما تحتاجه من بحوث ن بل إن الخدمات الطبية أصبحت أحد عناصر صناعة السياحة ، كما أن الخبرات التى تراكمت فيها وفى خدمات التعليم والثقافة كانت هى الرائد لنهضة الخدمات فى كثير من الدول العربية ، لاسيما فى الدول البترولية التى عنيت بإقامة دولة الرفاهية بكل ما تعنيه من خدمات رفيعة المستوى توفرها بالمجان لشعوبها ولاشك أن لإسهام خبرات مصرية وعربية أخرى فى بناء تلك الخدمات فى دول شقيقة قد خطى بالتقارب بين الشعوب العربية خطوات واسعة ، وإن كان فى الوقت نفسه قد زاد درجات الاحتكاك بما يمكن أن يفرزه من سلبيات ،ولذلك فإن التخطيط لكل هذه الخدمات يجب أن يأخذ البعد العربى فى الاعتبار ليغذيه ويستفيد منه و من جهة أخرى فغن الحصول على الخدمات يتطلب تواجد متلقيها فى موقع تقديمها وهو ما يجعل للخريطة الإقليمية وزنا هاما فى تخطيطها 0 وكانت هذه الخريطة من أول ما اهتم به مجلس الخدمات ، كما أن الوحدات المجمعة أسهمت فى حل مشكلة التوزيع الإقليمى وفى خفض تكلفة الخدمات مع ضمان ارتفاع كفاءتها وترغيب القائمين عليها فى الحياة فى الريف المصرى . وإذا كانت الرعاية الصحية ونشر الوعى الصحى بين الأمهات إلى جانب الاهتمام بالطفولة قد أسهمت فى خفض معدلات الوفيات خاصة بين الأطفال بدرجة كبيرة ، فإن هذا أدى إلى تعقيد المشكلة السكانية وفرض الاهتمام بتنظيم الأسرة ،إلا أن فاعلية هذا التنظيم تتأكد بالنهوض بالمستوى التعليمى ورفع الدخل وهو ما ينشئ الترابط الوثيق بين الأبعاد المختلفة للتنمية ويفسر إطلاق " التنمية الاقتصادية /الاجتماعية " عليها تأكيدا لذلك الترابط . وتكتمل حلقات التنمية بالاهتمام بقضايا الشباب الذين هم حملة الراية للمستقبل ، وباعتبار أنهم المستفيد الأساسى مما يجرى من تنمية الآن ، ومن ثم فهم المتضرر الأول من إيقاف التنمية ، وهو ما تشهد بخطورته حالات الانحراف التى تفشت مؤخرا فى المجتمع ، وحتى تتأكد حقيقة أن التنمية الحقيقية لا تتم إلا بالبناء السليم للمجتمع فإن العناية بالخدمات الاجتماعية تحظى بموقع متقدم ، وإذا كان هناك مجال كبير للجهد التطوعى فى هذه الأنشطة ، فإن هذا لا ينفى إخضاعها للتخطيط السليم والتوجيه الرشيد من جانب الدولة حتى تتأكد فاعلياتها وتسلم من عوامل الإهدار والتشويه والتوجه الخاطئ أو الاستغلال للسير فى طرق منحرفة دينيا و أخلاقيا وسياسيا ووطنيا وقوميا .
خامسا : الخدمات الإنتاجية

تعتبر قطاعات البنية الإرتكازية الأساس الذى يبنى عليه صرح المجتمع والاقتصاد ، ولذا يطلق عليها أحيانا البنية الأساسية ، والمشكلة فيها أن الكثير منها لا يغل عائدا مباشرا ، ولذا لا يقبل عليه القطاع الخاص ، وما يقوم به منها يتحول إلى احتكارات تؤثر على اقتصاديات الأنشطة التى تقام عليها . كما أن إقامتها تسبق الأنشطة الإنتاجية التى تعود بدخل وتخلق منتجات تلبى احتياجات البشر ، ولذلك فإن الإنفاق عليها يتطلب تمويلا قد يصعب الحصول عليه ، كما أنه يزود المساهمين بدخول نقدية لم تتوفر بعض السلع التى تشتريها وهو ما يجعلها تتسبب فى رفع الأسعار المحلية وفى زيادة الاستيراد دون تصدير أى فى عجز ميزان المدفوعات ، ومن جهة أخرى فإن جدوى ذلك الإنفاق تتوقف على كفاءة قطاعات الإنشاء والتشييد بينما نجد أن تلك القطاعات تنتهز فرصة الرغبة فى سرعة الإنجاز لرفع أسعارها على نحو ما شهدته الخطة الخمسية الأولى ولذلك كانت السيطرة على قطاع المقاولات من الأمور الحيوية ، ولو أن هذا لم يعن تأميمه بالكامل مما سمح لمقاولى الباطن باستغلال القطاع العام نفسه مما يفرض وجود إشراف شعبى على تخطيطه وأدائه ومساهمة عمالية فى ملكيته وإدارته لضمان عدم تحول عائدات أعمال التنمية إلى أرباح تدخل فى جيوب حفنة انتهازية بأساليب مشروعة وغير مشروعة . وتزداد أهمية المرافق والبنية الإرتكازية لتحقيق توسع عمرانى كما فى المدن الجديدة التى أصبحت ضرورة حيوية . وهنا أيضا تبدو أهمية التخطيط العمرانى السابق على قيام السوق وضرورة السيطرة على اقتصاديات السوق لمنع التضخم الذى يصاحب هذه الأنشطة ، والذى يمكن أن يعصف باقتصاديات المشروعات التى تقام على أساسها .
ويشغل قطاع النقل والمواصلات موقعا هاما بين هذه الخدمات باعتبار أنه الذى يصل مواطن الإنتاج بمواقع الاستخدام ، كما أنه المحدد للربط الإقتصادى بين الدول ، ولذلك شكله الاستعمار لربط الاقتصاديات المتخلفة بالمركز الاستعمارى على حساب الترابط فيما بينها ولذلك تعتبر شبكات النقل والاتصال للأفراد والسلع والمياه والكهرباء والغاز من أهم متطلبات تحقيق الترابط الداخلى والتكامل بين الدول المتجاورة ولهذا الأمر أهمية حيوية فى العالم العربى الذى اختصه الله بخمس صحارى العالم يقع جزء هام منها فى مصر ، مما يجعل من الضرورى إقرار خطة طويلة الأجل على المستويين المحلى والعربى وتحقيق تعاون فى إقامتها لاسيما وأن الدول الأقل دخلا والتى يمكن أن تسهم بمعدلات عالية للتنمية العربية لا تستطيع تحمل أعباء هذه الشبكات بمفردها . ومع قيام ما يسمى بثورة الاتصالات تزداد درجة الاعتماد على الخارج فى تنمية هذا القطاع وكذلك تزداد مخاطر الاحتواء الخارجى من خلال الغزو الثقافى والاقتصادى ، وهو ما يسمى بالمتغيرات الدولية والنظام الدولى ، وتضيف هذه الظواهر أبعادا لا تجدى فيها قواعد السوق بل إن تلك القواعد تقود إلى استلاب كامل للقدرات الوطنية وهو ما يتطلب من المخطط أدوات مناسبة للتعامل معها .
وقد اتضح مما سبق أن قطاع التجارة رغم أهميته الحيوية يمكن أن يضيف إلى تكاليف التنمية ويشوه توجهاتها لاسيما فى ظل محدودية الإنتاج المحلى وتواضع الاستثمار التجارى وسهولة التخلص منه ومن مخاطره إذا جد ما يدعو لتغيير النشاط 0 ولذلك لم تلبث الثورة أن وجدت من الضرورى أن يهيمن القطاع العام على قطاع التجارة لاسيما تجارة الجملة التى تمثل مراكز التحكم فى توزيع الإنتاج أو الواردات وهو ما أوقع صغار الفلاحين فى قبضة المحتكرين وساهم فى رفع الأسعار وتوجيه النشاط نحو الاستيراد بغض النظر عن صالح الإنتاج المحلى كما أوجد مجالا للتلاعب فى حركة النقد الأجنبى . وقد أعاد الانفتاح هذه المنافذ التى وجدت فيها الفئات الطفيلية وسيلة للكسب السريع مما أعاق التنمية وأعاد تشكيل فئات المجتمع على نحو أخل بالتوازن الإقتصادى والتماسك الاجتماعى حاليا ، وتحت عنوان رفع مستوى الكفاءة الإنتاجية بفتح باب المنافسة مع المنتجات الأجنبية يتعرض الإنتاج المحلى لسيل من الواردات التى لا تخضع لرقابة تحمى المستهلك أو المنتج المصرى وتزداد خطورة هذا التوجه فى ظل تزايد النزعة للتصدير لاسيما فى الدول حديثة التصنيع ، مما يعزز الدعوة إلى تخفيض مستمر فى الأجور الحقيقية للعامل المصرى حتى يتحقق تخفيض تكلفة الإنتاج لتتم المنافسة بتدنى الأجور أكثر منه بكفاءة الإنتاج ، وعلى الجانب الآخر تتصاعد الدعوة لتخلى القطاع العام عن الدخول فى تجارة التجزئة بحجة أن حجم الوحدة التوزيعية من الصغر بحيث تتحمل عبئا ضخما بسبب طبيعة التنظيم الإدارى للقطاع العام وتتجه النية إلى إلغاء وزارة التموين ومن ثم إلغاء منافذ التوزيع وتركها للأفراد . والواقع أن تدخل الدولة يجب أن ينصب على مراقبة الأسواق والتدخل لكسر احتكار قوت الشعب والعمل على توفيره بالسعر المتناسب مع الدخل بما فى ذلك توفير الدعم وهو ما تزداد أهميته فى حالة قصور الإنتاج على أن يكون التدخل مصحوبا بإجراءات لإعادة التوازن إلى الأسواق دون استبعاد التدخل المباشر .
والقطاع الآخر الذى أوضحت التجربة خطورته على التنمية هو قطاع المال الذى رأينا أن خضوعه لإدارات أجنبية جعله يعارض خطى التحرر السياسى والاقتصادى ، وهو ما انتهى به إلى إخضاعه للتأميم وعندما أعيدت البنوك الأجنبية بموجب ما يسمى بالانفتاح كانت النتيجة تسرب المدخرات إلى خارج الدولة وهو ما تتزايد احتمالاته بفعل ضغوط الأسواق المالية العالمية . وعلى الرغم من أن الانفتاح أو تفعيل قوى السوق لا يعنى التسيب بل على العكس من ذلك يفرض رقابة صارمة على عمليات الائتمان باعتبار أن الثقة هى أساس التعامل الحديث ، فإن الرغبة فى فتح فرص الإثراء السريع لتمكين الرأسمالية الطفيلية من السيطرة على الاقتصاد أدت إلى تراخى الأجهزة الرقابية وأتاحت مجالات التلاعب بالمدخرات سواء فى شكل شركات توظيف أموال أو تجار عمارات الموت أو حتى الجمعيات التعاونية التى أحالت حركة التعاون بمختلف صيغها إلى قنوات السلب والنهب ، ولا يمكن أن يصح أى إصلاح اقتصادى دون إحكام رقابة البنك المركزى على أعمال الأوعية المصرفية بل وعلى التصرفات النقدية للحكومة والقطاع العام وفقا لما تمليه القواعد الاقتصادية السليمة وما يتطلبه تحقيق الأهداف التى تحددها الخطة القومية ، وإذا اتسع نشاط القطاع الخاص بما فى ذلك نشاط المصارف الخاصة أصبحت هذه المصارف مسئولة عن توجيه الأموال إلى فروع الاستثمار والنشاط الجارى التى تتبناها الخطة وعن تطبيق معايير سلامة التصرف على الوحدات الاقتصادية التى تتعامل معها 0 ولو أن البنوك كانت على المستوى الفنى المناسب لما تعثر الكثير من وحدات القطاع الخاص التى اتضح أنها تعانى من خلل كبير فى هياكلها التمويلية ولما استطاع أفراد لا يتمتعون بجدارة ائتمانية أن يحصلوا على قروض كادت تودى ببعض البنوك ومن خلفها بأموال المودعين فيها . كذلك تشير الأحداث العديدة التى تعرض لها الاقتصاد مؤخرا إلى أهمية قطاع التـأمين . وبالتالى فإن اتساع النشاط الخاص وتزايد الاعتماد على قوى السوق تتطلب تطوير قطاع المال وتشديد الرقابة عليه وتوجيه أدواته من خلال تفاصيل تحتويها خطة التنمية التى كانت تهمل الجانب النقدى تاركة أمره إلى السلطات المشرفة على القطاع وإلى الموازنات النقدية التى تعاد صياغتها فى ضوء التطورات اليومية .






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:28 AM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

الجوانب التنظيمية والمؤسسية

يحتدم النقاش حاليا حول دور الدولة ، الذى يتهم توسعه بأنه السبب فى المشاكل التى يعانى منها الاقتصاد ، ويقترح فى المقابل تخلى الدولة عن الدخول فى مجالات الإنتاج والانكفاء على وظائفها التقليدية والاكتفاء بالدخول فى المجالات التى يعزف عنها القطاع الخاص 0 كذلك تعتبر السوق بديلا للتخطيط المركزى، الذى يذهب البعض إلى إلغائه كلية ، ويدعو آخرون لتحويله إلى ما يسمى بالتخطيط التأشيرى 0 وبادئ ذى بدء نؤكد على ما سبق ذكره من أن التخطيط على المستوى القومى هو بالضرورة مركزى ، غير أن هناك فرق جوهرى بين التخطيط المركزى الذى كانت تتبعه الكتلة الشرقية والذى كان ينقل الإدارة إلى المركز كبديل للقرارات على مستوى منشآت الإنتاج ( العامة ) والتخطيط المركزى التنموى الذى يهتم بالتنسيق والتطوير ويدعو إلى لا مركزية التنفيذ أى بقاء وظيفة الإدارة بيد الوحدات الإنتاجية عامة أو خاصة ، ومن ثم لم يكن التخطيط يدعو إلى تغييب السوق ، بل كان يسعى إلى تلافى ما قد تتعرض له من خلل 0 وما حدث من تدخلات فى الأسعار تم خارج نطاق التخطيط ومن أجل أهداف محددة ، وقد حدث تخلى عن أساليب التخطيط السليمة بينما فتح الاقتصاد أمام قوى السوق دون أن نأخذ بأدوات السياسة الاقتصادية التى تتعامل مع هذه القوى أى أن الذى أدى إلى انهيار الاقتصاد ليس هو كبر دور الدولة بل تراجع هذا الدور بينما ازداد حجمها وهو ما أفسح مجالا أمام ممارسات لسلطات توصف بالبيروقراطية والروتينية بينما واقع هذه الصفات أن تضع نظاما دقيقا للعمل يتبعه الموظفون العموميين يستفيد منه أصحاب المصالح وليس العكس 0 ولذلك عنيت ثورة يوليو52 بوضع نظم للعمل وإنشاء مراكز وأنشطة تدريبية بما فى ذلك التدريب على الوظائف الجديدة مثل الرقابة والتخطيط للتعرف على الأهداف وأسلوب العمل فى ظل خطة للتنمية تسعى إلى تغيير بنيان الدولة وجهازها الإنتاجى فى إطار اعتماد على النفس لا التبعية . ويحتاج الجهاز الإدارى الحالى إلى إعادة تأهيل لكى يكون قادرا على التعامل مع الأساليب الحديثة فى الإدارة والتخطيط ورسم السياسات والتوجيه المباشر وغير المباشر ، والقضاء على أسباب الانحراف .
ويجب أن يكون واضحا أن الحوار القائم حول المفاضلة بين القطاع العام والقطاع الخاص هو حوار مضلل 0 فقد آمنت الثورة منذ البداية بدور هام للقطاع الخاص كما أنها عندما أقامت القطاع العام لأسباب موضوعية سبق بيانها ، عهدت إليه بقيادة التنمية لا الانفراد بها . المعيار الأساسى الذى يضع حدا لنشاط القطاع الخاص أن يتجاوزه هو معيار الاستغلال سواء للعاملين أو المستهلكين وبالتالى فإن السماح بقوى السوق لا يجب أن يتيح له الفرصة لممارسة الاحتكار والاستغلال وكما أشرنا من قبل فإن هناك قاعدتين لابد من الالتزام بهما :
  • أن القطاع العام ملك للشعب لا الحكومة ، وإدارته يجب أن ترعى قواعد الكفاءة التى تلتزم إدارته المكونة من موظفين عموميين لهم معايير اختيار وأداء تختلف عما يسود فى الجهاز الإدارى الحكومى ، مما يعنى أن تنظيم القطاع العام يجب أن ينظم على نحو يراعى تمكين الشعب لا موظفين عموميين ليس الإنتاج من بين كفاءاتهم من التخطيط والرقابة .
  • أن السوق موجودة فى كل الأحوال ، ولا يعنى كونها تتعرض لانحرافات أن يلغى دورها ، بل لابد من السيطرة عليها وتوجيهها الوجهة السليمة 0 فإذا تعرضت إلى إختلالات تنحرف بالأسعار عن المستويات المرغوبة ، فإن التصحيحات التى تتم بالتدخل فيها ، بتحديد السعر كالإيجارات أو أسعار بعض المحاصيل أو دعم أسعار المستهلك ، يجب أن يكون حلا مؤقتا مصحوبا بإجراءات تزيل الحاجة إليه فى وقت منظور عن طريق اتخاذ ما يلزم لتصحيح جانبى الطلب والعرض بما فى ذلك تصحيح مستويات الدخول النقدية حتى تزول الحاجة إلى افتعال تخفيض فى الأسعار بواسطة الدعم أو غيره . كذلك فإن حماية الصناعة المحلية للسماح بارتفاع أسعارها عن المستورد لتغطى تكاليفها ، يجب أن يكون أمرا مؤقتا لفترة تسمح باتخاذ إجراءات تحقق تخفيضا حقيقيا فى تكاليف الإنتاج وليس على حساب تخفيض الأجور . وفى كل الأحوال لا يكون تصحيح الفجوة بين العرض والطلب بتحميل أحد الطرفين عدم تمشى الآخر معه بل لابد أن يتم ذلك بموارد حقيقية يقدمها المجتمع ، ليكون له أن يتساءل عن سلامة استخدامها .
وكما علّمنا عبد الناصر فإن الحل ليس فى إعلاء النزعة الفردية التى يجعل منها أنصار الليبرالية المرشد المقدس للحركة ويغذيها أنصار السلفية بدفع الفرد لضرب الدولة والمجتمع بزعم النجاة من عذاب الآخرة ، بل إن الأساس هو بناء المجتمع الذى تذوب فيه الفوارق بين الطبقات وتستقيم فيه التجمعات الشعبية التى نعبر عن المصالح الفئوية من منظور قومى تنموى ـ وتعمل على تجميع القدرات الذاتية ووضعها فى خدمة التنمية . ولعل هذا التوجه هو ما ميز الاتحاد الاشتراكى فى الماضى وما يميز التيار الناصرى الذى يعنى فى تكوينه بالتعبير عن تطلعات فئات الشعب العاملة 0 وتبدو أهمية التكوينات الشعبية بالنسبة لقيام الأجهزة المحلية من أداء دور رافد لعمل السلطة المركزية فى الامتداد بالتنمية إلى المستويات الإقليمية المختلفة ، حيث تأخذ خصوصيتها فى الاعتبار ، وتمكنها من تعبئة الإمكانيات الشعبية من أجل أداء الوظائف التنموية المختلفة سواء بالإسهام المباشر أو التخطيط أو الرقابة أو التوعية بالقضايا القومية والمحلية ، وتكتسب الجهود الشعبية أهمية خاصة للنهوض بالتكامل العربى الذى ظل حتى الآن حبيس عمل رسمى تحرص أنظمة غير شعبية على ألا يرقى للمستوى الذى يخرج شعوبها عن قبضتها ، كما حدث وقت أن كانت الجماهير العربية تستجيب للمشروع القومى .
وأرجو أن أنهى كلامى حول هذه القضية بالاستشهاد بما كتبه جون بادو سفير الولايات المتحدة الأمريكية فى القاهرة خلال فترة إصدار القرارات الاشتراكية فقد ذكر فى كتابه " ذكريات الشرق الأوسط " “ The middle East Remembered” ، ما نصه :

"وحينما صدرت القوانين الاشتراكية وكنت سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية فى القاهرة ، ثارت ضجة حولها فقررت تكوين فريق عمل من رجال السفارة لدراستها بدقة وانتهينا إلى أن حجم القطاع العام الجديد فى مصر أقل منه فى إسرائيل وفى الهند وفى فرنسا وفى بريطانيا بل وفى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ، وانه لا يصادر القطاع الخاص أو يغلق الطريق أمامه بل على العكس سوف يحفزه ويدفعه للمنافسة فى ظل اقتصاد مختلط كما حدث فى هذه الدول .
* ويقول جون بادو أن سياسة كينيدى كانت تلقى معارضة من القوى المؤيدة لإسرائيل داخل دوائر الإدارة الأمريكية ويضرب المثل على ذلك بقوله إن إيفاد المبعوث الشخصى حول موضوع صفقة الصواريخ الهوك لم يقرأ عنها شىء فى واحدة من الصحف الأمريكية . كما ظل الكثيرين من العاملين فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يتعاملون مع عبد الناصر باعتباره شيوعيا أو أداة للشيوعية ، وهكذا فإن برنامج معونة القمح لمصر والذى زاد بشكل كبير فى عهد كينيدى حتى أصبحت هى أكبر صفقة قمح أمريكية بعد صفقة الهند وجدت معارضة داخل الكونجرس والمخابرات المركزية خاصة بعد عمليات التأميم التى حدثت فى مصر فى ذلك الوقت ودعت بعض رجال الكونجرس إلى انتقاد تقديم المساعدات " للاشتراكيين والشيوعيين ـ هكذا ـ وذلك بالرغم من أن هذه الصفقة لم تكن تكلف الولايات المتحدة شيئا حيث كانت كلها مواد غذائية زائدة عن الحاجة 0 وقد أجرى بادو فى تلك الفترة دراسة دقيقة عن الاقتصاد المصرى وكانت نتيجة ما وصل إليه هو أن 18% من القوى الإنتاجية المصرية هى التى تم تأميمها ، ثم قارنت الدراسة هذه النسبة مع مثيلاتها فى بعض الدول الأخرى من حلفاء واشنطن فوجد مثلا أن القوى الإنتاجية فى إسرائيل تبلغ نحو 30% وفى الصين الوطنية نحو 25% ، ويقول السفير بادو : "على أن أفضل ما وقعت عليه أعيننا كان مثال الولايات المتحدة نفسها حيث 29% من القوى الإنتاجية تخضع للإشراف الحكومى بشكل أو بآخر " .
وانتقل بعد ذلك إلى موضوع آخر أعتبره على جانب كبير من الأهمية فى مجال رؤية الرئيس جمال عبد الناصر للتنمية ألا وهو ثورة 23يوليو وبناء الصناعة المستقلة .
إن الحديث عن بناء الصناعة المستقلة لا يمكن أن يتم كموضوع خاص ومنفصل دون أن نتحدث عن أهداف ثورة يوليو والأهداف التى سعت إلى تحقيقها بتفعيل إرادة التغيير للوصول إلى مجتمع الكفاية والعدل بعدما يتم القضاء على الاستعمار وسيطرة رأس المال على الحكم والتخلص من التبعية السياسية والاقتصادية وصولا إلى القضاء على التخلف الذى فرضه الاستعمار وإقامة جيش وطنى .
وبقرار دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لإحداث التغيير المطلوب ولذلك كان القرار بإنشاء مجلس أعلى للتخطيط ثم إنشاء مجلس الإنتاج القومى ومجلس الخدمات .
كان تعداد مصر فى سنة 1952 حوالى العشرين مليونا وكانت نسبة الزيادة السكانية تتم بمعدل 8ر2% سنويا وكان الاقتصاد القومى يعتمد أساسا على الزراعة وكان الإنتاج الزراعى يكفى معظم احتياجات الغذاء اللازم فى إطار أنماط استهلاك سادت تلك الفترة والتى كانت تعكس انخفاض مستوى دخل الفرد وكذلك انخفاض مستوى المعيشة للغالبية العظمى من الشعب المصرى .
وكما هو معلوم كان المحصول الرئيسى هو القطن الذى يصدر منه أكثر من 80 % إلى بريطانيا بالذات والباقى يستخدم فى صناعات مبتدئة تنتج أجزاء من المنسوجات التى تستهلك محليا . وكانت المشكلة الزراعية ، وما زالت ، هى أن المساحة التى يمكن زراعتها محدودة بكميات المياه التى يوفرها نهر النيل وهى حوالى ستة ملايين فدان ، وبالتالى لم يكن هناك مجالات للتوسع عن طريق استصلاح أراض جديدة إلا فى أضيق الحدود ، نظرا لأن السد العالى لم يكن قد أقيم بعد .
أما بالنسبة للصناعة فقد كان هناك عدد محدود من المصانع ، بعض مصانع للغزل والنسيج ، وبعض مصانع للسكر وعدد من معاصر الزيوت ومصنعان للأسمنت فى حلوان وطره ومصنع لسماد الفوسفات وآخر للسماد الآزوتى ، ومصانع صغيرة لإنتاج الحديد للتسليح من الخردة ثم بعض المصانع اليدوية والحرفية الصغيرة .
عندما قامت ثورة يوليو كانت نسبة الإنتاج الصناعى إلى الإنتاج القومى أقل من 10% . وكانت مصر تعتمد على الاستيراد من الخارج لمعظم احتياجاتها من السلع المصنوعة . كانت مصر تستورد منتجات الألبان وزيت الطعام و القلم الذى نكتب به والورق الذى نستخدمه والسماد اللازم للزراعة والسيارات والدراجات والموتوسيكلات والبطاريات والإطارات والأفران والثلاجات ـ ولم يكن هناك ثلاجات كهربائية بل صندوق من الخشب يوضع به ألواح من الثلج وكان طول لوح الثلج حوالى متر يقسم إلى قطع ويوضع على مواسير متعرجة من الزنك تسمى " السرابانتينة " وهكذا كان يتم التبريد ـ أجهزة الراديو وحتى المنسوجات سواء كانت قطنية أو صوفية وغيرها ، كل هذا يستورد من الخارج .
وإذا كانت ثورة يوليو قد نجحت فى إنتاج معظم هذه السلع فإن هذا كان يبدو بعيدا عن قدراتنا ، بل قد يكون مستحيلا ، وهى صورة حرص الاستعمار ، وما زال ، على تثبيتها فى أذهان وتصور كل الدول النامية لكن كانت مصر من أولى الدول النامية التى نجحت فى إقامة صناعة متقدمة .
هذا هو باختصار صورة الوضع الاقتصادى الذى كانت تعيشه مصر حتى سنة 1952 وانعكس هذا بالطبع على مستوى المعيشة للغالبية العظمى من الشعب برغم أنه عدد السكان كان محدود نسبيا ، لكن نظرا لعدم وجود تنمية حقيقية فقد كانت فرص العمل محدودة للغاية وكان متوسط الأجور فى الصناعة لا يزيد عن قروش معدودة ، ولم تكن هناك قوانين تحمى العامل أو تؤمنه بل أن الكثيرين من خريجى الجامعة كانوا لا يجدون وظيفة إلا بصعوبة وبمرتب حوالى العشرة جنيهات شهريا ـ لقد تقاضيت أنا شخصيا أول مرتب لى عندما تخرجت من الكلية الحربية كملازم ثان فى شهر فبراير 1949عشرة جنيهات وعشرة قروش وسبعة مليمات ـ ويمكن على ضوء هذا تصور مستوى المعيشة للغالبية العظمى للشعب فى هذه الظروف .
وكانت ثورة يوليو فقرارها بإحداث التغيير الشامل للمجتمع وكان الطريق الوحيد هو التنمية الشاملة ودفع عجلة الإنتاج لأقصى ما تسمح به الإمكانيات المتاحة . ولذلك كان التركيز منذ البداية فى خطط التنمية التى وضعتها الثورة لى الزراعة والصناعة .
أما الزراعة فإنها تعتمد اعتمادا يكاد يكون كليا على ما نحصل عليه من مياه النيل ، وهو ما يكفى لزراعة حوالى ستة ملايين من الأفدنة ، ومع ذلك فقد كانت هناك باستمرار تكليفات بدراسات فنية وعلمية فى محاولة من الثورة لزيادة الإنتاج الزراعى بزيادة الرقعة المزروعة عن طريق توفير كميات إضافية من المياه عن طريق بناء السد العالى وهو ما سمح باستصلاح مليون فدان جديدة وفى نفس الوقت محولات لزيادة الإنتاج بزيادة إنتاجية الفدان أى بزيادة رأسية وذلك عن طريق رفع إنتاجية الأرض بوسائل مختلفة مثل تحسين الصرف وبالبذور المحسنة والتسميد وزيادة كفاءة المقاومة للآفات الزراعية .
ونظرا للزيادة المضطردة للسكان ولصعوبة التوسع فى مجال الزراعة لأكثر مما وصلنا إليه أصبح أمام صانع القرار وضع يحتم عليه اتخاذ قرارات فى مجالات أخرى لتحقيق أهداف الثورة من أجل رفع مستوى المعيشة فى مصر وعلى ضوء هذه الاعتبارات كان الاتجاه نحو التصنيع الوطنى باعتباره الوجه الآخر للتنمية فهو المجال الذى يمكن أن يفتح آفاقا للنمو تعوض الإمكانيات المحدودة للنمو الزراعى من أجل تحقيق الاستقلال الاقتصادى الذى يمكن للثورة من السير فى طريقها لتحقيق الاستقلال السياسى وبالتالى استقلال الإرادة المصرية ، إلى جانب ما يحققه التصنيع من رفع مستوى الدخل وتوفير فر للعمل ويدعم الاقتصاد الوطنى وموازنة المدفوعات الخارجية .
فى أول يوليو1956 أنشئت وزارة الصناعة وعين الدكتور عزيز صدقى كأول وزير للصناعة . وبهذه المناسبة فقد حدثت واقعة طريفة تتعلق بهذا التعيين ومن المؤكد أن أحدا لا يعرفها . فقد سلمنى الرئيس جمال عبد الناصر بحث تفصيلى عن ثلاثة أشخاص هم عزيز صدقى و مصطفى خليل وسيد مرعى على أساس أنهم مرشحين لتولى مسئوليات هامة وطلب استيفاء بعض النقاط فلما أتممت البحث وعندما كنت أعرض النتيجة على الرئيس عبد الناصر قال لى :
" يا سامى أنا عايزك تروح لهم فى منازلهم لإبلاغهم بالموعد المحدد لكل منهم لمقابلتى ( الرئيس طبعا ) وعايزك فى نفس الوقت تبلغهم رسالة منى ، وهى أنه عند حلف اليمين ما حدش فيهم ينحنى أمامى . "
وأول ما توجهت كان إلى منزل الدكتور عزيز صدقى حسبما كان مدون فى دليل التليفونات ووجدت نفسى أمام فيلا و على بابها يافطة نحاسية مكتوب عليها " عزيز إسماعيل صدقى " فتوقفت أمام هذا الخطأ فالعنوان الذى كان قد يترتب عليه مشكلة سياسية وتنبهت لأن معلوماتى أن الدكتور عزيز محمد صدقى لا يمت بصلة لإسماعيل صدقى وأنه لا يقيم فى فيلا ، فـأكملت باقى الزيارات وعدت إلى المكتب لأستيقن من عنوان د. عزيز صدقى وفعلا صوبت العنوان وتوجهت إليه حيث أبلغته بالموعد وبالرسالة وتم تعيين الثلاثة كوزراء فى التعديل الوزارى رقم 76 بتاريخ 28 يونيو1956 .
كان الدكتور عزيز صدقى هو أول وزير للصناعة فى مصر الثورة وقد كلف بتحديد الدور الذى يجب أن تقوم به الدولة وبالتالى وزارة الصناعة فى تحقيق هدف دفع التنمية الصناعية .
كانت رؤية وزارة الصناعة تتمثل فى وجوب أن يكون هناك خطة تحدد نواحى التنمية الصناعية فى شكل برنامج يتضمن المشروعات المحددة التى يجب تنفيذها زانه يجب أن يكون للدولة الصلاحية لتوجيه الاستثمار فى الصناعة بحيث تسير عملية التنمية فى حدود خطة واضحة . وبناء على ذلك فقد وضعت خطة تقوم على العناصر التالية :
أولا : برنامج للصناعة على مدى سنوات خمسة مقبلة .
ثانيا : إعداد قانون التنظيم الصناعى .
لم يوافق الرئيس جمال عبد الناصر على المشروعين مباشرة وكانت معظم الأجهزة العاملة فى قطاع الصناعة كالشركات واتحاد الصناعات وغيرها كانت كلها تعمل فى ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية القائمة حتى ذلك الوقت حيث أن اتجاهات وإنجازات الثورة نحو تحقيق أوضاع جديدة تستهدف مزيد من العدالة الاجتماعية وإبراز مسئولية الدولة فى تحقيق ذلك لم تكن قد تبلورت بعد ، وبطبيعة الحال فإن كثيرا من الآراء كانت متأثرة بالفكر السائد فى ذلك الوقت ـ من أن مصر بلد زراعى ـ وأن الصناعة هدف يصعب تحقيقه إلا فى أضيق الحدود . وكان واضحا أن الخلاف هو فى التفكير ذاته . فهل نحن نقيم مصنعا يربح فحسب ، أم نقيم قاعدة صناعية تكون منطلقا لتفعيل إرادة التغيير وننطلق إلى التقدم ؟ وهل نحن نقيم صناعة لإنتاج سلعة معينة فحسب ، أم أن ذلك يتم فى إطار أن التصنيع عامل أساسى فى إقامة مجتمع متقدم يتحقق فيه للفرد فرص للعمل ومستو للدخل والمعيشة لا تتيحه الزراعة وحدها ؟
وكان الخلاف أيضا بين أسلوب سابق يترك لصاحب رأس المال الحرية الكاملة ليحقق ما يمكنه من ربح وليس للدولة الحق فى وضع قواعد وقوانين تحكم ذلك ، سواء بالنسبة للإنتاج ، نوعه ، قيمته ، مواصفاته ، بل وحقها فى أن تحدد سعره ، وتحديد حقوق العاملين .
وكان واضحا أن الثورة قد اختارت طريقها ومنذ البداية وانحازت إلى جانب الشعب والقوى العاملة . وكان يحكم هذه السياسة منذ البداية إقامة قاعدة صناعية حقيقية تفتح آفاق التنمية والإنتاج وتحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى وضعتها الثورة من البداية .
شكلت لجان مختلفة ضمت أكثر من مائة وعشرون خبيرا فى الصناعة ومن رجال الأعمال والشركات الصناعية وأساتذة الجامعات وذلك من أجل المساهمة فى إعداد برنامج السنوات الخمس الأول للصناعة . وبنفس الأسلوب تم وضع مشروع قانون التنظيم الصناعى . وبعد مناقشة مستفيضة فى مجلس الوزراء تم إقرار هذين المشروعين وتحدد بذلك المسار الذى اختارته الثورة طريقا للتقدم والتنمية .
وتصادف أن حدث فى تلك الفترة تطورات سياسية أثرت على مسار الأحداث فى مصر . فقد سحبت الولايات المتحدة وبريطانيا عرض تمويل مشروع السد العالى . فصدر قانون تأميم شركة قناة السويس الذى أعقبه العدوان الثلاثى على مصر وانسحبت القوات المعتدية بعد فشلها فى تحقيق أهدافها فى ديسمبر 1956 وتلى ذلك تقدم الاتحاد السوفيتى بقرض لتمويل السد العالى ، كما آلت قناة السويس إلى مصر وبدأت مرحلة جديدة فى مسيرة الثورة . . مرحلة بناء شاملة . . بناء جيش وطنى ، ثم بدئ فى تنفيذ مشروع السد العالى وتنفيذ تنمية اقتصادية شاملة تضمنت البدء باستصلاح الأراضى للاستفادة من مشروع السد العالى وكذلك بدأ تنفيذ برنامج الصناعة الأول ، فقدم الاتحاد السوفيتى قرضا قيمته 700 مليون روبل أى ما يساوى 5ر62 مليون جنيه إسترلينى كما عقدت اتفاقيات لتمويل المشروعات الصناعية مع عدد من الدول التى قبلت التعاون مع وبشروط مصر كاليابان وإيطاليا وألمانيا الغربية ورومانيا وغيرها . كما تم وضع الشركات والمنشآت الفرنسية والبريطانية تحت الحراسة .
كان أول اعتماد مالى فى تاريخ مصر للاستثمار فى الصناعة هو 12 مليون جنيه اعتمدت فى ميزانية الصناعة عام 1958 وسارت عجلة التنمية بقوة وتم تنفيذ مشروع السنوات الخمس الأول فى ثلاث سنوات وعلى ضوء النجاح الذى تحقق تقرر وضع الخطة الخمسية الأولى شاملة للتنمية 59 ـ 1964 .
أنشئت وزارة التخطيط واعتمدت الدولة مبدأ التخطيط الشامل أسلوبا للتنمية والتقدم .
كان أساس التخطيط لكل خطة هو حساب الموارد الممكن تدبيرها وتخصيصها للاستثمار فى التنمية الشاملة ، وعلى أساس برامج متكاملة لجميع القطاعات وتحديد أهداف محددة فى الخطة يجب تحقيقها فى كل قطاع . ووزعت استمارات على كل قطاع بما حققه فى الخطة وعلى مدى سنوات الخطة كان يدرج فى ميزانية الدولة ـ موزعة على الوزارات المختلفة ـ ما يخص كل منها لتنفيذ مشروعاتها سنة بعد سنة حتى يتم تنفيذ الخطة فى المدة المحددة لها . وكانت المتابعة الدورية والسنوية تتم لتحديد النتائج سواء من ناحية التنفيذ أو النتائج المحققة بالنسبة للخطة ككل لكل قطاع على حدة .
لقد كانت مصر هى أول دولة فى منطقة الشرق الأوسط تبنت هذا الأسلوب ونجحت فيه وبدأت الدول الأخرى بعد ذلك تحذو حذوها .
بدأت المشروعات الصناعية المدرجة فى الخطة تنفذ على أتساع الجمهورية . . فى طنطا والإسكندرية ودمنهور وميت غمر وشبين الكوم وبور سعيد وقنا وأسيوط ودمياط وغيرها .
وبدأ يظهر فى ميزانية الدولة باب الاستثمارات لتنفيذ مشروعات الخطة وتزايدت أرقامها بحيث أصبحت أهم باب فى الميزانية بما تمثله من استثمارات فى تنفيذ السد العالى واستصلاح الأراضى ومشروعات الطرق والمواصلات والكهرباء وإقامة المصانع . وأصبحت الدولة الممول الأكبر لمشروعات التنمية وبالتالى المالكة لهذه المشروعات وأصبح عليها مسئولية إدارة هذه المشروعات فأنشأت المؤسسات العامة وتبعت لها الشركات الداخلة فى نوعية عملها ثم صدرت قرارات التأميم لبعض الشركات والمنشآت القائمة استكمالا لسيطرة الدولة على الإنتاج ، وهكذا ولد القطاع العام .
لم تكن ثورة يوليو فى اتخاذها لهذا المسار تقليدا لنظام آخر أو تنفيذا لنظرية بذاتها بل كانت خطوات تتطور بشكل طبيعى وكل خطوة استجابة لمراحل التطور الذى استهدفته الثورة من البداية تحقيقا للمبادئ التى قامت من أجلها . ولقد حققت عملية التنمية هذه فى جميع المجالات نموا لم تشهده البلاد فى تاريخها الحديث وبرغم العدوان الثلاثى وبرغم الانفصال بين سوريا ومصر وبرغم نكسة 1967 فلم تتوقف عملية التنمية أبدا .
لقد استصلحت الثورة مليون فدان فى خلال 12 عاما ، وكان معدل استصلاح الأراضى قبل الثورة أقل من 5000 فدان سنويا ، أقيم السد العالى ، أقيمت آلاف المدارس ، كما أقيمت أكبر قاعدة صناعية فى منطقة الشرق الأوسط و إفريقيا كلها . وبعد أن كنا نستورد تقريبا كل شىء أصبحنا نعتمد على أنفسنا وننتج معظم ما نحتاجه . أقمنا مصانع الحديد والصلب والألومنيوم والترسانات البحرية والسيارات واللوارى والإطارات والأسمنت والأسمدة والغزل والنسيج والورق وغيرها . ولولا هذه القاعدة الإنتاجية ما كان ممكنا أن ندخل حرب أكتوبر معتمدين على أنفسنا وإنتاجنا فلم تحدث أزمات ولم تصدر بطاقات ولم يحس الشعب بأى نقص نتيجة للحرب ، ونفس الشىء حدث فى أعقاب نكسة 67 التى ترتب عليها أن زاد التصميم على السير فى خطين متوازيين فى وقت واحد و هما إعادة بناء القوات المسلحة والاستمرار فى التنمية الشاملة . وإذا كانت الكوارث التى لا تقتل تصنع ، فإن نكسة 1967 صنعتنا مرة أخرى تماما كما فعلت دنكرك ببريطانيا وبيرل هاربور بأمريكا ووصول الألمان لضواحى موسكو بالروس ، صمدنا وكان القطاع العام هو الأرض الصلبة التى واصلنا بها السير إلى حرب الاستنزاف فنصر أكتوبر .
إن الأراضى التى استصلحت وزعت على الفلاحين والمصانع التى أقيمت يملكها الشعب ولولا وجود هذه القاعدة الإنتاجية الضخمة التى أقامتها الثورة وإتاحة فرص العمل للملايين من أبناء هذا الشعب والتشريعات العمالية التى صدرت لتعيد للعامل حقوقه بتحديد ساعات العمل وحد أدنى للأجور والتأمين الصحى والتأمين الاجتماعى وإتاحة الفرصة للتعليم للغالبية العظمى من الشعب الذين كانوا محرومين منه قبل الثورة حيث كان هناك مشروعات تسمى مشروع الحفاء وغيرها من المشاريع الوهمية ، لما أمكن تحقيق العدالة الاجتماعية .
ومن ثم فلا أحد يمكن أن يدعى أنه لم تكن هناك أخطاء فى كل هذه المنظومة الضخمة التى تمت ولكنها طبيعة الأشياء ـ وفى النهاية فإن الأعمال تقاس بنتائجها :
أولا : أن مصر بـأبنائها وحدهم وإرادتها الحرة هى التى وضعت سياسة التصنيع وبرامجها ومشروعاتها ولم يشارك أجنبى واحد فى ذلك ، كما أن تنفيذ هذه السياسة ومشروعاتها تم بأيدى الفنيين والعمال المصريون ، ثم هم الذين تولوا إدارة هذا الإنتاج الضخم .
ثانيا : أن الدولة عندما خصصت الاعتمادات الضخمة فى ميزانياتها سنة بعد سنة لتنفيذ هدف التنمية ـ برغم الظروف الصعبة التى اجتازتها البلاد اقتصاديا وسياسيا وعسكريا فإنها كانت تفعل ذلك إيمانا منها بأهمية عملية التنمية لتحقيق أهداف الثورة الكبرى .
وإذا كانت إمكانيات القطاع الخاص قاصرة على الاستثمار المطلوب فى حدود ما جاء فى خطة التنمية ـ ومع السماح له بالمساهمة بكل إمكانياته فى عملية التنمية ـ فإن الدولة كان عليها أن تتولى هى مسئولية تنفيذ خطة التنمية . إن استثمارات القطاع الخاص تمت فى قطاع الصناعة طبقا لما جاء فى كتاب اتحاد الصناعات لعام 1951 ( أى قبل قيام الثورة ) وفى ظل حرية كاملة للاستثمار بلغت 1ر2 مليون جنيه . فإذا قررت الدولة تنفيذ خطة تنمية تحتاج لاستثمارات بلغت مئات الملايين من الجنيهات كل سنة ـ فقد كان واجب الدولة واضحا .
ثالثا : إن التخطيط لعملية التنمية كان يستهدف إلى جانب تحقيق أهداف إنتاجية محددة ، إلا أنه استهدف والتزم بتحقيق الهداف الاجتماعية للثورة . لم يكن الربح هو العامل الوحيد فى اختيار المشروعات، بل إقامة قاعدة صناعية متكاملة تحقق الإنتاج للمجتمع وتساهم فى رفع مستواه وخفض تكاليف معيشته ، ثم المساهمة فى تحقيق مبدأ الاعتماد على الذات ، ولذلك فإن الدولة كان يمكنها أن تحقق أرباحا أكبر عن طريق رفع الأسعار وخاصة أن أسعار الإنتاج المحلى كانت دائما أرخص بكثير من السلع المستوردة ، ومع ذلك كان الاتجاه دائما إلى خفض الأسعار وخاصة بالنسبة للسلع الرئيسية والشعبية .
رابعا : تأكيدا لأهداف الاستقلال الاقتصادى فقد حققنا فى آخر عام 1970 ما كنا نحاول الوصول إليه دائما وهو أن يقوم قطاع الصناعة بإحداث كل هذا الإنتاج الصناعى بحيث نكتفى ذاتيا فى الجزء الأعظم من احتياجاتنا ، وأن نصدّر فائض الإنتاج فى السلع التى يمكننا تصديرها ، وبحيث يكفى عائد التصدير كل احتياجات الصناعة من النقد الأجنبى ، وبذلك يساهم قطاع الصناعة مساهمة كاملة و فعالة فى تحقيق مبدأ الاستقلال الاقتصادى الذى استهدفته الثورة .
وللأسف فإنه فى فترة ما سمى بالانفتاح ، توقفت بالكامل تقريبا عملية التنمية الصناعية وقيل أن الاستثمار الأجنبى سيحل المشكلة وهو ما لم يحدث طبعا . وعدنا من جديد إلى أن أنتجنا فى كثير من السلع أصبح لا يكفى وبالتالى عادت عملية الاستيراد من الخارج مرة أخرى .
خامسا : كان التعاقد على تنفيذ المشروعات مع كل دولة قدمت لمصر التسهيلات والقروض وبالشروط التى وضعتها مصر وقبلتها وقد أدى هذا الأسلوب إلى نجاح فى الحصول على قروض واتفاقيات مع الاتحاد السوفيتى وألمانيا الشرقية وبولندا ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا واليابان وإيطاليا وألمانيا الغربية وإنجلترا وفرنسا والدانمرك والولايات المتحدة الأمريكية .






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:29 AM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

وعاون الاتحاد السوفيتى فى تنفيذ مشروعات كبرى ما كان يمكن أن نستطيع تنفيذها عن طريق دول أخرى ، ومن هذه المشروعات مجمع الحديد والصلب والترسانة البحرية ومشروع الألومنيوم والكوك وبعض الصناعات الاستراتيجية والمزارع النموذجية وغيرها . كما نفذت مصر مع ألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا وبولندا مشروعات الغزل والسكر والأسمنت والصودا وتكرير البترول والمراجل والموتوسيكلات وغيرها . وفى نفس الوقت وضعت الأسس لمشروعات مشتركة مع كل من الصين الشعبية والهند .
وفى نفس الوقت نفذت مشروعات أخرى كثيرة مع الدول الغربية كمصانع السكر فى إدفو ومصانع الغزل ومصنع السردين وغيرها مع اليابان ومصانع الغزل والنسيج مع بريطانيا وسويسرا ومع إيطاليا نفذ مشروع مصانع السيارات ومصنع الصودا الكاوية ومصنع تفحيم المازوت . أما ألمانيا الغربية فقد نفذ مشروع مصانع السماد فى كل من السويس وطلخا وكيما بأسوان ومصنع اللوارى والأوتوبيسات ومؤسسات الغزل وسلسلة من محطات الكهرباء والكبارى الرئيسية والقناطر ، ومع الدانمرك مصانع الأسمنت ومع فرنسا مصانع الزيوت ومع الولايات المتحدة وألمانيا الغربية وسويسرا مصانع الأدوية ثم الجس عن البترول مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا . وبدأت عملية استخراج البترول مع الولايات المتحدة الأمريكية اعتبارا من سنة 1964 بشركات كبرى للبحث كان على رأسها شركة " اموكو" للكشف والاستخراج . وتسابقت دول الغرب على الاستثمار فى مصر لأنها كانت تثق فى نزاهة وكفاءة النظام وأنها لم تكن تريد لتترك الميدان خاليا للاتحاد السوفيتى والمعسكر الشرقى .
كما تضاعفت المبادلات والعلاقات مع دول العالم الثالث لبناء جبهة اقتصادية تعزز عدم الانحياز وكان التعاون متصلا ومطردا لم يتوقف مع قلاع الصناعة الكبرى وليس مع رأسمالية المافيا أو الأموال المغسولة .
ولم يفرق صاحب القرار بين الشرق أو الغرب فى اختيار المشاريع ولكن كان الفيصل هو المصلحة الوطنية الخالصة .
وبهذه المناسبة فإنه يجدر بنا أن نتعرض لأسلوب التعامل مع الاتحاد السوفيتى الذى كان يعطى شروطا ميسرة للقروض عبارة عن إتمام التعاقد والتنفيذ دون دفع أى مقدم على أن يبدأ السداد بعد سنة من استكمال المشروع بفائدة 5ر2% وبأقساط على اثنتى عشر سنة ، وهذا ببساطة يعنى أننا كنا نتمكن من السداد من عائد الإنتاج .
وكان نفس الأسلوب متبعا مع باقى دول المعسكر الاشتراكى .
إلا أن الوضع كان مختلفا مع الدول الغربية فقد كان لابد من دفع مقدم للثمن عند التعاقد بما يساوى حوالى 20% ثم يقسط الباقى على مدد تختلف من مشروع لآخر وكانت تتراوح ما بين خمسة وعشرة سنوات وبفائدة كانت فى ذلك الوقت تتراوح بين 6و8 أو 9% مما كان يستلزم تدبير العملة الصعبة للسداد فى الوقت الذى كانت فيه مواردنا منها لا تسمح إلا بقدر احتياجاتنا ، ومع ذلك فقد سار تنفيذ المشروعات فى طريقه وحصلنا على أفضل الشروط وأجود الآلات . وبهذه المناسبة فقد تردد فى السبعينات أقوال مرسلة مفادها أننا حصلنا على معدات مستهلكة أو مستعملة ، كما قيل أننا قبلنا معدات ليست فى مستوى الجودة المطلوبة ولتصحيح هذه المقولات فقد كانت التعليمات واضحة وصريحة تمنع استيراد معدات مستخدمة من الخارج ، الشىء الذى كان يلجأ إليه القطاع الخاص فى الماضى بما يسببه ذلك فى مشاكل فى الإنتاج والحاجة إلى استيراد المزيد من قطع الغيار .
سادسا : لم يقم مصنع واحد ثبت أن مصر ليست فى حاجة إلى إنتاجه ، كما لم يقم مصنع واحد كانت هناك مصاعب فى تسويق ناتجه بل العكس كان الصحيح . كانت برامج التصنيع المتتالية تحاول التوسع باستمرار فى إنتاج السلع المختلفة بحيث تتمكن المصانع من ملاحقة الزيادة المستمرة فى الإنتاج . وعندما تم تنفيذ التوسعات فى مصانع الأسمنت وزادت طاقة المصانع من مليون إلى أربعة مليون طن تردد أن هذا الإنتاج يزيد عن حاجتنا ، ولكننا لم نستورد طنا واحدا من الأسمنت قبل عصر الانفتاح بل كانت مصر هى المورد الرئيسى للأسمنت لمنطقة الخليج العربى كلها ، هذا فى الوقت الذى أوقفت فيه هذه السياسة فى قترة السبعينات لم يبن مصنع واحد للأسمنت بينما تزايد استهلاك السوق المحلية ، وقد تترتب على ذلك استيراد أسمنت بأكثر من ثمانية ملايين طن فى السنة تبلغ قيمتها حوالى 400 مليون دولار ، ونفس الشىء حدث بالنسبة لسلع كثيرة أخرى .
سابعا : كان أحد الشروط الأساسية عند التعاقد مع بلاد الاتفاقيات أن يتم السداد بجزء من الإنتاج ، حدث هذا فى مصنع شبين الكوم للغزل مع ألمانيا الشرقية والألومنيوم مع الاتحاد السوفيتى ومشروع الفوسفات من أبو طرطور الذى أوقف تنفيذه فى السبعينات والثمانينات بلا مبرر ، فكانت المشروعات تنفذ ويسدد المشروع أقساطه من إنتاجه .
بدأت نشأة القطاع العام بتمصير بعض المصالح الأجنبية بعد تأميم شركة قناة السويس ، ثم بدأت الدولة منذ عام 1960 بعض إجراءات التأميم ثم صدرت القرارات الأساسية للتأميم فى يوليو1961 ، وهذه الإجراءات كانت فى حدود الشرعية الكاملة وكانت محتومة ، لم تغتصب حقا أو تصادر ولكن حررت الثروة ووزعتها بالعدل على طبقات الأمة وفئاتها العاملة لبناء مجتمع الكفاية والعدل للجميع .
لقد بدأ تنفيذ خطة السنوات الخمس للصناعة منذ عام 1958 وبذلك تكوّن قطاع عام من شركات آلت إليه عن طريق التأميم وأخرى أقامتها الدولة بتمويل كامل منها .
ولعل الكثيرون لا يعلمون أن الجزء الذى يمثل ما أمم من أصول بالنسبة إلى القطاع العام اليوم لا يمثل أكثر من 15% أو 20% بل ليس حتى فى هذه الشركات آلة واحدة مما كان قائما وقت التأميم لأن عمليات التجديد والتوسع المستمرة طورت هذه المصانع إلى أن أصبحت على ما هى عليه اليوم .
يبيعون القطاع العام . . فلمن يباع ؟ . . ولصالح من ؟ . .
لقد كان نصيب القطاع العام فى سنة 1970 من الإنتاج الصناعى 75% و25% للقطاع الخاص . وبعد خمسة عشر عاما حورب فيها القطاع العام ومنعت عنه الاستثمارات خصوصا تلك اللازمة لتحديثه أو حتى توفير احتياجاته من قطع الغيار فإن نسبة القطاع العام مازالت كما هى 75% من الإنتاج الصناعى . وفى نفس الوقت فلم يقام مصنع واحد للصناعات الثقيلة وحتى العدد المحدود منها من المصانع التى أنشئت كانت نسبة مساهمة القطاع العام فى رأس مال المشروعات قامت فى فترة ما يسمى بالانفتاح 60% .
إن من بديهيات آليات عملية تصنيع حقيقية تستلزم إقامة قاعدة صناعية متكاملة تشمل صناعات أساسية قد لا تكون مما يحقق ربحا كبيرا كصناعة الصلب مثلا ، وهذه لن تشجع المستثمر أن يضع أمواله فى مثل هذه المشروعات ولكن الذى يقوم بها هو القطاع العام .
ومن ناحية أخرى فإن الأعمال تقاس بنتائجها ، فلقد ذهبنا إلى أبعد حد لتشجيع رؤوس الأموال الخاصة ـ فلم تقم إلا بتنفيذ بعض المشروعات الصغيرة ذات العائد السريع ـ مستغلة المزايا الضخمة التى أعطاها لها قانون الاستثمار الأجنبى ، وهى بالمناسبة ، مزايا لا يتمتع بها القطاع العام ولا القطاع الخاص الوطنى
ومع ذلك وعلى سبيل المثال فإن شركة مثل " قها " أو " إدفينا " تنتج معلبات غذائية وقامت شركات استثمار أجنبية لتنتج نفس المنتج . . لو راجعنا وقارنا بين الجودة والأسعار فلن نجد هناك أى فارق ، إلا أن القطاع العام ينفذ إلى جانب تحقيق أهداف الإنتاج ، أهداف الدولة فى توفير احتياجات الشعب فى حدود إمكانياته دون اعتبار أن الربح هو العامل الأساسى فى تحديد الإنتاج وسعره ، بينما يلتزم الاستثمار الأجنبى بهذا الهدف ، ولا مانع من السماح بهذا الاستثمار الأجنبى وتشجيعه على أن تقوم الدولة بواجبها ـ والقطاع العام هو الأداة التى تحقق للدولة القدرة على كبح جماح الاستغلال وانطلاق الأسعار بلا رابط وهو فى النهاية الذى يمكننا من أن نعتمد عليه فى سد احتياجات الجماهير العريضة .
إذا كانت هناك أخطاء أو قصور فى الإنتاج أو نوعيته فواجبنا أن نعالج هذه الأوضاع وأن نتيح للقطاع العام فرص متكافئة للتنافس ، ولكن الأوضاع انقلبت مع عهد الانفتاح فأصبح بدلا من أن تقوم الدولة بحماية القطاع العام والقطاع الوطنى الخاص وهو واجب وحق معمول به فى كل دول العالم ، أصبحنا نطالب الآن ببعض المساواة .
إن الولايات المتحدة الأمريكية ، وهى تمثل قمة النظام الرأسمالى فى العالم ، لا تجد غضاضة فى اتخاذ كافة الإجراءات لحماية الإنتاج الوطنى ـ ولعلنا نتابع قصة الضغط على اليابان مثلا لحماية المنتج المحلى الأمريكى .
إن القطاع الخاص أو الأجنبى يمتلك الحق فى أن يدير مشروعاته لأنه يملكها . فما العجب فى أن تتولى الدولة إدارة القطاع العام وهى تملكه ؟ ولا شك أن هناك الكثير مما يمكن عمله حتى يتمكن القطاع العام من القيام بدوره فى تحقيق مصلحة الجماهير وهى صاحبته والمساهمة بذلك فى تحقيق أهداف ثورة 23يوليو من القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم وتحقيق العدالة الاجتماعية .
لقد نجحت ثورة 23 يوليو قد نجحت فى إقامة قاعدة صناعية خصبة ضخمة فى مصر ، بل لقد أصبحت مصر دولة صناعية زراعية تحتل الصناعة المكانة الأولى فى الإنتاج بعد أن كنا تعتمد على الزراعة فقط . وقد تم ذلك لحساب الشعب المصرى وساهم فى تحقيق أهداف العدالة الاجتماعية فى مجتمع متطور . وهذه القاعدة الصناعية نجحت فى تحقيق استقلالنا الاقتصادى حتى أوائل السبعينات وهى القادرة على تحقيق ذلك حتى الآن إذا صحت الإرادة و العزيمة فى الاعتماد على الذات .
إن إقامة الصناعة لم يكن أمرا سهلا بل كان الطريق صعب وغير ممهد وأمامه الكثير من العقبات ولكن أمكن النجاح فى اجتيازها .
لقد استمعت فى أحد أيام شهر ديسمبر 1969 الرئيس جمال عبد الناصر وهو يقول للدكتور عزيز صدقى الذى كان يعرض على الرئيس نتائج مرحلة مرت وتوقعات المرحلة القادمة :
" يا عزيز أنا قلق بالنسبة للمستقبل . . إن الطريقة التى نعيش بها الآن لن تسمح لنا بأن نعيش طويلا . . . إن ما عرضته اليوم على شىء كويس جدا ، لكن أتمنى أن ننفذ أكثر منه . . إن ما نبنيه من إنتاج فى حياتنا هو ما نضمن أن نتركه لمن بعدنا ، ولن يستطيع أحد أن يهدمه . . لكن إحنا مش عارفين مين اللى حاييجوا بعدنا أو حا يعملوا إيه ؟ !
لقد دفع الشعب ثمن التضحية بالقطاع العام بعد تقرير سياسة الانفتاح وبدلا من تثبيت مجتمع الكفاية والعدل الذى كان يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافه ، فإن الانفتاح يقوم الآن ، وبعد أكثر من ربع قرن مجتمع مريض تتفاقم متناقضاته كل يوم وتتربع على قمته حفنة من أصحاب البلايين والملايين كما لم يسبق فى تاريخ مصر على حساب محيط زاخر متلاطم من محدودى الدخل والمعدمين وسكان القبور .
إن حديث الأرقام هو أبلغ دليل على صحة ما سطرته حول هذا الموضوع الهام . وفيما يلى مجموعة من الجداول التى توضح تطور الانتاج الصناعى ونصيب الصناعة فى الناتج المحلى وفى العمالة وتطور قيمة الصادرات الصناعية وهى كلها مستقاة من الكتاب السنوى للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وكذا تقارير المتابعة التى صدرت عن وزارة التخطيط المصرية 1985 .
أوضاع القطاع الخاص المصرى سنة 1961
3/2 الاقتصاد المصرى كان بيد القطاع الخاص .
الزراعة كلها قطاع خاص .
79% من التجارة قطاع خاص .
76% من شركات المقاولات قطاع خاص .
56% من الصناعة قطاع خاص .
تقرير معهد التخطيط القومى 1997 بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى
فى حصاد 18 عاما من الثورة وحتى رحيل الرئيس جمال عبد الناصر حققت مصر من سنة 1970 حتى سنة 1967 أعلى معدل تنمية فى العالم الثالث ، وأعيد توزيع الرزق حتى بات الدخل القومى مناصفة بين عوائد التملك والأجراء فى مصر وهو معدل قياسى فى توزيع الدخل تراجع معه الفقر .
والآن أصبح نصيب الملاك ضعف نصيب الأجراء .
وبهذه المناسبة فقد جاء فى تقرير البنك الدولى رقم a870 الصادر فى واشنطن بتاريخ 5 يناير 1976 (الجزء الخاص بمصر ) ما يلى :
نسبة النمو الاقتصادى فى مصر كانت بمعدل 2ر6% سنويا بالأسعار الثابتة الحقيقة ، ارتفعت فى الفترة من 1960 حتى 1965 إلى معدل وصل إلى 6ر6% .
وهذا يعنى أن مصر استطاعت خلال عشرة سنوات أن تقيم تنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة عن عام 1952 .
وللعلم فإن متوسط معدلات النمو فى العالم الثالث هو 5ر2 % .

تطور قيمة الإنتاج الصناعى
1952 ـ 1970
بالمليون جنيه







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:31 AM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو

1952 1969 1970
--------------------------------------------------------------
المنتجات البترولية 2ر34 2ر110 2ر133
المنتجات التعدينية 6ر3 8ر10 غير متاح
المنتجات الكيماوية والدوائية 5ر20 1ر164 5ر150
المنتجات الغذائية 3ر122 2ر425 8ر482
المنتجات الهندسية والكهربائية 1ر30 2ر233 3ر232
منتجات مواد البناء والحراريات 4ر8 5ر44 0ر88
منتجات الغزل والنسيج 6ر84 9ر449 3ر470
الطاقة الكهربائية 1ر10 2ر73 9ر75
------------------------------------------------------------
الإجمالى 8ر313 1ر1511
------------------------------------------------------------
الإجمالى بدون المنتجات التعدينية 2ر310 3ر1500 0ر1633
نصيب الصناعة فى الناتج المحلى

بالمليون جنيه
-------------------------------------------------------------
1952 69/ 1970 70/1971
-------------------------------------------------------------
الدخل المحلى الإجمالى 2ر760 8ر2552 7ر1691
الصناعة الاستخراجية 9ر2 2ر49 7ر52
الصناعة التحويلية 1ر65 8ر492 2ر559
الكهرباء 4ر2 8ر41 0ر40
-------------------------------------------------------------
إجمالى الصناعة التحويلية والكهرباء 5ر67 6ر534 2ر599
9% 21% 22%
-------------------------------------------------------------
نصيب الصناعة فى العمالة

بالألف
-------------------------------------------------------------
1947 69/1970 70/1971
-------------------------------------------------------------
العمالة الكلية 6477 7ر8274 0ر8365
العمالة فى الصناعة الاستخراجية 13 4ر28 9ر30
العمالة فى الصناعة التحويلية 649 7ر887 7ر915
العمالة فى صناعة الكهرباء 22 8ر22 4ر30
-------------------------------------------------------------
تطور قيمة الصادرات الصناعية

بالمليون جنيه
-------------------------------------------------------------
1952 1970 1971
-------------------------------------------------------------
الصادرات نصف المصنعة 9ر3 3ر45 2ر45

الصادرات تامة الصنع 2ر3 1ر96 7ر95
-------------------------------------------------------------
إجمالى الصادرات الصناعات التحويلية 1ر7 4ر141 9ر140
الصادرات الكلية 1ر145 0ر331 1ر343
15% 43% 41%
-------------------------------------------------------------
تطور الكميات المنتجة من أهم السلع الصناعية

------------------------------------------------------------
السلعة الوحدة 1952 69/1970 70/1971
------------------------------------------------------------
غزل القطن طن مترى 55700 164328 164409
نسيج القطن طن مترى 40080 96580 103086
غزل الصوف طن مترى 2000 10365 10371

نسيج الصوف طن مترى 890 3101 3314
غزل الحرير الصناعى طن مترى 4000 11809 12453

نسيج الحرير الصناعى طن مترى 4200 8365 7249
غزل الجوت طن مترى 1700 26910 27555
نسيج الجوت طن مترى 1600 24484 25352
سكر ألف طن مترى 189 533 635
زيت بذرة قطن ألف طن 100 140 103
كسب (بذرة القطن) ألف طن 410 541 595
صلصة طماطم طن 400 427 1535
مياه غازية مليون زجاجة 156 548 617
ورق ألف طن 20 121 137
سماد سوبر فوسفات ألف طن 106 353 447
سماد نترات النشادر 31% ألف طن . . . 377 380
حامض كبريتيك ألف طن 25 22 37
صودا كاوية ألف طن 3 20 18

منظفات صناعية طن 400 13789 16658
صابون ألف طن 63 134 137
بطاريات سائلة بالألف 18 346 387
أدوية مليون جنيه 1 33 39
أسمنت ألف طن مترى 951 3500 3851
إطارات كاو تشوك خارجية بالألف . . . 411 434
أنابيب داخلية بالألف . . . 389 393
أدوات صحية طن . . . 11683 . . .
طوب حرارى ألف طن 8 58 37
خزف وقيشانى طن . . . 2701 . . .
مواسير ومنتجات خرسانية ألف طن 18 84 109
مواسير وألواح اسبستوس ألف طن 7 55 65
حديد تسليح ألف طن 51 212 190
ثلاجات بالألف غير متاح 68 59
غسالات بالألف " " 12 20
أفران بوتاجاز بالألف " " 74 80
سخانات بوتاجاز بالألف " " 12 12
أجهزة تكييف بالعدد " " 1275 1221
دفايات كهربائية بالعدد " " 4183 5240
أجهزة راديو بالألف " " 136 157
أجهزة تليفزيون بالألف " " 59 63
لوحات توزيع كهرباء بالعدد " " 1057 1537
دراجات بالألف " " 51 63
سيارات ركوب بالعدد " " 3139 4271
سيارات نقل بالعدد " " 1117 1201
سيارات أوتوبيس وشاسيهات بالعدد " 336 407
جرارات بالعدد " " 1071 1072
بوتاجاز ألف طن مترى 7ر3 10 9
بنزين " " " 4ر190 423 408
كيروسين " " " 5ر218 410 653
سولار " " " 120 335 587
ديزل " " " 7ر10 106 92
مازوت " " " 7ر1826 1262 2128
أسفلت " " " 4ر51 16 81
-------------------------------------------------------------








آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 12:33 AM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو



ثورة يوليو وحزب الوفد
عادت آخر حكومة لحزب الوفد إلى الحكم سنة 1950بأغلبية كبيرة جدا لم تحصل عليها فى أى انتخابات سابقة ، ولم تكن هذه صدفةأو اعترافا بالحق من الملك أو سلطات الاحتلال البريطانى ، لكنها كانتتعبيرا عن إجماع الإرادة الوطنية المصرية على حسم المعركة مع الاحتلالالبريطانى الذى جثم على صدر الشعب المصرى والأرض المصرية لمدة سبعين عاماقهرا واستنزافا .
وفى هذه المناسبة أعلن حزب الوفد أنه أصبح علىالشعب المصرى أن ينتزع حريته واستقلاله بيديه ، وأن الأسلوب التفاوضىالسلمى لا مكان له، ولم يعد هناك أمام الشعب المصرى إلا طرد المستعمربالقوة .
وبعد مفاوضات ومباحثات بين القاهرة ولندن امتدت منسنة1920 إلى سنة 1951، وبلا جدوى أعلن حزب الوفد استجابته لإرادة الشعبالمصرى بإلغاء معاهدة 1936 ثـم معاهدة 1899 التى تنظم العلاقة مع السودان، وشاهدت البلاد مظاهرة شعبية كبرى لم تشهد مصر مثيلا لها منذ عام 1919.
نتيجة لهذا فإنه كان من البديهى أن يقوم حزب الوفد، حزب الأغلبية الساحقة بتعبئة الجماهير وتسليحها لمواجهة قوات الاحتلال ،وبعد التعبئة الشعبية فكان لابد أن تعنى المقاومة بموقف قوات الجيشوالبوليس ، حيث كانت هاتان القوتان دائما بعيدة عن نبض الشارع المصرىومحرومة من لعب أى دور سياسى، وبالطبع كان ذلك مقصودا ومخططا من قبلالاحتلال والقصر؛ وذلك بهدف حرمان الشعب المصرى من ذراعة اليمنى وقوتهالباطشة فى معركته مع الاحتلال وفساد القصر. لهذه الأسباب كان تحديد موقفالجيش مسألة فى غاية الأهمية.. إلا أن كل الظروف كانت مؤاتية لإشراك هاتينالقوتين الأساسيتين لصالح المعركة ، بل أذهب لأبعد من هذا وأقول ضم هاتينالقوتين للمعركة ، فلأول مرة فى تاريخ مصر قام البوليس المصرى بالإضرابالعام تحت ستار مطالب فئوية ، لكنها لم تخلو من المضمون الوطنى .
فى نفس الوقت الذى عاد فيه الجيش المصرى من حربفلسطين، يحمل جراح وآلام أمة بأكملها، وقد تكشفت له كل الحقائق ، وأولهاحقيقة أن المعركة الأساسية والحقيقية فى القاهرة.
وفى اعتقادى أن السبب الرئيسى الذى جعله يتقاعس عنإثبات قدراته وتثبيت قوة الحزب هو أن الباشوات ساورهم قلق شديد مناحتمالات تطور الأمور ، وأن مقاومة مسلحة قد يتولد عنها ـ وهذا شىء طبيعىووارد – ثورة شعبية ، فإذا ما تحقق إجلاء المستعمر بالدماء فستتسرب السلطةوربما الثروة ـ وهذا وارد أيضا – إلى جماهير المقاومة والغلابة من الشعبالمقاتل الحقيقى . هذا إذا تذكرنا أن هذه الفترة كانت حبلى بتيارات تقدميةوصلت إلى صفوف حزب الوفد نفسه ، بقيام جناح متشدد داخله ـ الطليعة الوفديةـ وكان هؤلاء الباشوات الذين اختاروا فؤاد سراج الدين من أبناء الإقطاعالذين لا شبهة فيهم سكرتيرا عاما للحزب ودفعوه دفعا إلى هذا المنصبالمتفرد لتكون مهمته هى تأمين الحزب بالدرجة الأولى وتأمين مصالحالمتحكمين فى أموره . ولم يكن غريبا أبدا أن تنتهى المقاومة إلى كارثة وأنتحترق القاهرة فى 26يناير1952 ، وبعدها بشهور قليلة تقوم ثورة 23 يوليو 1952 .
كانت زعامة الوفد - حزب الأغلبية كما كان يطلقعليه ـ أسرع الزعامات فى القبول بالأمر الواقع الجديد، وكان زعيمه مصطفىالنحاس متواجدا فى الخارج وقت أن قامت الثورة وبعد عودته من المصيف فىسويسرا فى شهر أغسطس اتجه إلى لقاء أعضاء مجلس قيادة الثورة بناء علىرغبته الشخصية، وصرح لمرافقه فى هذه الزيارة ، ـ فؤاد سراج الدين ـ وهو فىطريقه إلى اللقاء ، أنه لا يستطيع أحد أن يقف فى مواجهة الدبابة ، وكانهذا ردا على نصيحة مرافقه من أن أعضاء مجلس الثورة ما هم إلا مجموعة منالشباب الضباط صغار ولا يفقهون شيئا فى السياسة وأنه يجب أن يعاملهم زعيمالأمة من هذا المنظور .
ولكن ذلك لم يكن رأى باقى القيادات فى حزب الوفد ،وفى مقدمتهم فؤاد سراج الدين ومعه بعض الذين كانوا يعبرون عن فلسفة الوفدفى صحفهم ومنهم الأخوان " أبو الفتح ".
ونشير هنا إلى أنه كان قد جرى اتصال سابق بين بعضالضباط الأحرار؛ ومنهم ثروت عكاشة ووجيه أباظة وعيسى سراج الدين وأحمدأنور وآخرين - سواء مباشرة أو عن طريق بعض أقارب هؤلاء الضباط- وفؤاد سراجالدين الذى كان يهيمن على الحزب بهدف تنسيق النشاط الفدائى فى منطقة قناةالسويس فى ضوء الدفعة القوية التى وفرها إعلان النحاس باشا إلغاءمعاهدة1936 ، لكن فؤاد سراج الدين رفض التجاوب مع هذا الطلب مؤثرا عدمالدخول فى مقامرة مع الجيش تجنبا لمزيد من الصدام مع الملك الذى كان يسعىمن جانبه لفرض هيمنته على الجيش ، والتصدى لأية اتجاهات معارضة بداخله 0واعتذر فؤاد سراج الدين عن قبول العروض الوطنية لأن الوفد يؤمن بالملكيةالدستورية .
وبعد قيام الثورة كان العامل الاجتماعى هو الأسرعفى نشوب الأزمة بين الثورة ومختلف القوى السياسية السابقة بما فيها الوفد، فقد مارست هذه القوى ضغوطها على رئيس الوزراء على ماهر الذى كلفتهالثورة مما جعله يتخذ موقفا معارضا لقانون الإصلاح الزراعى ويطرح بدلامنه الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية التى تفرض على من يمتلك أكثر منخمسمائة فدان، بينما كان مشروع القانون يقضى بتحديد الملكية الزراعيةبمائتي فدان إضافة إلى مائة فدان للأسرة على أن يكون للمالك حرية اختيارقطعة الأرض التى يريد الاحتفاظ بها ويتم تعويضه عما يؤخذ منه فى شكل سنداتعلى الحكومة .
وجرت اتصالات مجددة مع فؤاد سراج الدين ضمن ما جرىمع باقى القوى السياسية الأخرى ، وكانت اللقاءات معه تتم بواسطة جمال عبدالناصر نفسه ، لكنه أخذ يماطل ويراوغ ويصر على أفضلية الضرائب التصاعديةوالتى لم تكن تكفى لحل المشكلة الاجتماعية والسياسية فى البلاد ، وأدركجمال عبد الناصر أنه لا مجال للتفاهم مع هذه الفئة، وأنه مجرد إقطاع يضعمصالحه ومصالح الطبقة التى ينتمى إليها فوق أى مصلحة وطنية ، وبينما كانتالاتصالات جارية كان باشاوات الوفد قد اتفقوا مع باشاوات القصر الملكىوأذناب الاحتلال وتكونت فيما بينهم "رابطة الملاّك " ، تتزعمها سيدة وفدية . . . وقادت هذه الرابطة حملة ضارية ضد قانون الإصلاح الزراعى ووصفته بأنه " شيوعية حمراء " !! ، ولم يتدخل فؤاد سراج الدين سكرتير حزب الوفد ليبدىرأيه فى الحملة أو يعمل على تطويقها 0 وصدر برنامج حزب الوفد فى أغسطس 1952 دون أن يتضمن أى إشارة إلى الإصلاح الزراعى بل كان تعبيرا عن البدائلالتى طرحها سكرتير الوفد ورفضها قائد الثورة ، مما أثبت لقادة الثورة أنملكية الأرض بالنسبة لهؤلاء السياسيين الإقطاعيين تفوق فى رأيهم حريةالوطن وكرامته.
وكان أن أعفى على ماهر من رئاسة الوزارة وتولاهااللواء محمد نجيب ، وصدر قانون الإصلاح الزراعى فى التاسع من سبتمبر 1952 . وحاول الباشا فؤاد سراج الدين أن يتراجع ، ولكن الوقت كان قد فات ،وحاول البعض أن يتلمس الأعذار لتبرئة الوفد ولكن فؤاد سراج الدين لم يجرؤعلى الإنكار ، فقد كانت كل المفاوضات والحوارات مسجلة فى محاضر رسمية .
كان مجال الصدام الآخر مع الثورة متمثلا فى إصرارالوفد على الاحتفاظ بنفس أفكاره وأساليبه السابقة ، والتطلع للمشاركة فىالحكم على أساسها 0 ورغم واقعية النحاس فى تفهم الوضع الجديد إلا أنه كانيتصور أن الوزارة سوف تعرض عليه ، وأن تعيين على ماهر هو مجرد تعيين مؤقت، وقد شهدت الأسابيع الأولى للثورة كما أسلفت جدلا واسعا داخل مجلس قيادةالثورة حول الأسلوب الأنسب للحكم ، وهل يثير تسليم الحكم للأحزاب بعدإجراء انتخابات نيابية وهو اتجاه كان يتبناه جمال عبد الناصر ، أم تواصلالنخبة العسكرية الجديدة ممارستها للحكم حتى يمكن تحقيق كل الأهدافالسياسية والاجتماعية التى جاءوا من أجلها ، وكان الحل الوسط الذى توصلواإليه بعد إعلان عبد الناصر انسحابه هو مطالبة الأحزاب السياسية بتطهيرصفوفها وتنقية برامجها لتتواءم مع الأوضاع الجديدة تمهيدا لدخولالانتخابات بعد فترة انتقالية قصيرة ، ومرة أخرى لم تظهر هذه الأحزاب وفىمقدمتها الوفد أى استعداد جدى لقبول التغيير وركزوا على العكس على الجوانبالشكلية والمظهرية ، وقاد ممثلهم والمعبر عنهم أحمد أبو الفتح حملة صحفيةتنادى بالتعددية السياسية والنظام الحزبى ، وتناول إنذار مجلس قيادةالثورة . . . بكثير من التجريح مما كان له أثره فى النهاية فى إقناع كلأعضاء القيادة الجديدة بمن فيهم جمال عبد الناصر باستحالة تحقيق أهدافالثورة بالتعاون مع نفس القوى التى أفسدت الحياة السياسية فى مصر على مدىالعهود السابقة .
وتحولت المعركة بين سكرتير حزب الوفد وبين الثورة إلى صراع طبقى مستميت أستمر حتى يوم وفاته سنة2000 ،
والكل يعلم أن سكرتير الحزب يعلن دائما أنه لايعترف بالفترة من 23يوليو1952 حتى 28سبتمبر1970 ، وأنها بالنسبة له لاتحسب ولابد أن تحذف !!! ، كما أن الوفد يرى دائما أنه الأمة ، وأن ماعداه دخلاء على هذه الأمة، ولم يحد عن هذه القاعدة منذ أول وآخر حكومةائتلافية اشترك فيها فى أواخر العشرينات .
وحدث أن معظم القواعد الحزبية فى معظم الأحزاب القديمة قد انصرفت عن أحزابها بعد صدامها مع الثورة وانحازت إلى الثورة .
وكان أن انسحبت القوى الحزبية تدريجيا من الحياةالسياسية أمام عاصفة التغيير التى أثارتها ثورة يوليو1952 ، وانتقلت بعضعناصرها إلى منفى اختيارى فى الخارج ، ثم قدمت نفسها أداة طيعة للقوىالاستعمارية المعادية للثورة، وأنشأت إذاعة مصر الحرة بتمويل بريطانياوإشرافها الكامل ، والتى ظلت تدس سمومها ضد النظام السياسى وقيادة جمالعبد الناصر لسنوات طويلة بعد ذلك .
وبعد تأميم شركة قناة السويس واجتياح طوفان حماسجماهير الشعب كله ، حدث أن ذهب وفد من شباب الطليعة الوفدية وعلى رأسهمواحد من أبرزهم هو أبوبكرحمدى سيف النصر وطالبوا زعيم الوفد مصطفى النحاسبإعلان تأييد التأميم وإصدار بيان بذلك يمكن أن يمهد لمصالحة جديدة بينالثورة وزعيم الوفد مباشرة ، لكن النحاس أعلن أنه بصفته الشخصية يؤيدتماما قرار التأميم ، ويؤيد الثورة بوجه عام ، لكنه بصفته زعيم الوفد لابدأن يجتمع بالهيئة الوفدية لكى يصدر عنها البيان السياسى ، واتصل هؤلاءالشباب بسكرتير حزب الوفد فؤاد سراج الدين لكنهم صدموا بمعارضته للفكرةأساسا ورفضه عقد أى اجتماع، بل قام بالتعقيب بتصريحات علنية يؤكد فيها أنقرار التأميم كان خطأ وتهورا ، ولم يعد أحد من شباب الطليعة الوفدية إلىالحزب بعد هذا اللقاء .
لقد كان البعد الاجتماعى هو نقطة الصدام الحقيقيةبين الثورة والوفد ومع سائر القوى الحزبية الأخرى ، ذلك أن هذه القوى كانتتستمد نفوذها السياسى من واقع سيطرتها على النسبة الكبرى من مصادر الثروةالاقتصادية فى البلاد وبخاصة الأراضى الزراعية ، وتعمل على استثمار هذاالوضع فى سبيل فرض هيمنتها على العملية السياسية بالكامل ، يؤكد ذلك نسبةمشاركة ملاك الأراضى والرأسماليين الكبار فى مجالس الوزراء والمجالسالنيابية المتعاقبة ومجالس إدارات الشركات الكبرى إلى جانب سيطرتهم علىالمواقع المهمة والحساسة فى الدولة ومع موجة التغيير التى جاءت بها الثورةوالرغبة فى إعادة الهيكلة الاجتماعية والاقتصادية بما يكفل استردادالأغلبية المسحوقة لحقوقها فى الثروة والسلطة ، فلم يكن من السهل إقامةتعايش مع هذه القوى التى تعمل فقط للمحافظة على مكتسباتها ومصالحها.
ولا يفوتنى أن أنوه فى هذا المجال عن أنه لم يكنغريبا أن يكون دليل حزب الوفد "ملكى" يؤمن بالملكية وبأسرة محمد علىالكبير . وليس عجيبا أن يكون المستشار الإعلامى والسياسى للحزب صحفى قضىتسع سنوات فى السجن بتهمة الجاسوسية ، وأمضى زهرة شبابه ضد الوفد وسكرتيرهوبنى كل شهرته ومجده فى الدفاع عن الملك فاروق والقصر . كما أنه ليس عجيباأن يكون كاتب الحزب الأول مديرا سابقا لفندق قى سويسرا تملكه المخابراتالمركزية الأمريكية ومديرا سابقا لمحطة إذاعة فرنسية ضد ثورة الجزائر ،وسمسارا ومدير دعاية وترفيه لملوك وأمراء النفط . وبالمناسبة فقد كان مثلاللورد هاو هاو البريطانى الخائن الذى كان يذيع من محطة إذاعة برلين ضدوطنه خلال الحرب العالمية الثانية . فمن أين كان يصرف اللورد هاو هاوالمصرى على إذاعته وهو يقول انه عاش مع أسرته فى الخارج أيام الرئيس عبدالناصر لا يملك مالا ولا جنسية ؟ من أين كان يصرف على إذاعته ونشاطه فىأوروبا ؟
من أين كان يحصل على المال ليعيش فى أفخم فنادق أوروبا بل ويمتلك ابن شقيقته الهارب فندقا فى أسبانيا من ذوى النجوم الخمسة ؟
لم يقل لنا أحد منهم كيف تكونت ثروة أسرة أبو الفتح التى امتلك عائلها أسهما فى شركات كثيرة وساهم فى إنشاء بنك القاهرة ؟
نحن نعلم ، والجميع يعلم أن أحمد أبو الفتح بدأحياته محررا فى صحيفة الأهرام، وباع ما ورثه من أطيان قليلة ليساهم بمبلغعشرة آلاف جنيه لإنشاء جريدة " المصرى " ، وشاركه فى قيامها كريم ثابتباشا أحد خدام الملك فاروق، والصحفى محمد التابعى الذى كان من أصدقاءالملك فاروق أيضا .
تكونت ثروة أبو الفتح من التجارة فى الورق فىالسوق السوداء خلال الحرب العالمية الثانية ولما اشتد عودها ساندتهاإعلانات الشركات الأمريكية والبريطانية .
لقد فوجئ المصريون بالوفد يتحالف بل ويندمج معالإخوان المسلمين وداس على تاريخه. وشن الإخوان المسلمين منذ البداية حرباعلى الوفد وتحالفوا مع كل القوى السياسية ما دامت هى ضد الوفد ـ وحينمااحتج جناح داخل الإخوان المسلمين ونادى بالتعاون مع الوفد طردوا وفصلوا منالجماعة 0 ولم يكن انضمام الإخوان المسلمين إلى الوفد الجديد مجردانتهازية متبادلة فقط ولكن تعبئة لكل قوى اليمين العلمانى والدينى والسلفىفى تنظيم واحد يحمى المصالح الكبيرة والمدن الحرة ويحفظ مصر فى فلك الغربالأمريكى وممالك النفط .
إن ما صنعته ثورة يوليو لم يكن وحيا إلهيا ، لكنهانقلت نبض الشعب إلى ساحة العمل الوطنى، ولم يدع لا الرئيس عبد الناصر ولاغيره من قادة الثورة أنهم هم بداية الحركات الوطنية فى مصر ، لكنهم قالوابأن الثورة هى أداة التحول التى امتلكها الشعب من خلال قواته المسلحةلتغيير واقعه 0
لعلنا كلنا نذكر أن أهم وأبرز شعار رفع قبل ثورةيوليو من جميع الأحزاب السياسية التى كانت متحكمة فى الحياة السياسية، وفىأرزاق هذا الشعب كان مقاومة الفقر والجهل والمرض، وهو ما كان حزب الوفدبصفة خاصة يطنطن به ليل نهار سواء كان يحكم أو كان خارج الحكم، وكان منأشهر الحملات التى قادها هذا الحزب أيضا ما سمى " مشروع الحفاء"، وكانأشهر الأمراض هو البلهارسيا التى تنتقل من الماء إلى الأقدام الحافية ،وكانت مصر تعتمد على محصول واحد هو القطن الذى احتكر زراعته الإقطاع – كانمعظم زعماء الوفد من الإقطاعيين- لصالح مصانع لانكشاير !!.
الوفد يلعن ثورة يوليو لأنها أخرجت الإنجليز الذينكانوا سيخرجون فيما بعد ، وأن الثورة أممت شركة قناة السويس، وكان عقدهاسينتهى فيما بعد سنة 1968 !!!.
الوفد يلعن ثورة يوليو لأنها أصدرت قانون الإصلاح الزراعى الذى كان شعارا مرفوعا من قبل الثورة !
الوفد يلعن ثورة يوليو لأنها نادت بالقوميةالعربية والنحاس باشا شارك فى تأسيس الجامعة العربية، كما نادى النحاسباشا بالحياد فى حرب كوريا فالحياد الإيجابى ليس شيئا جديدا.
والقروض أيام عبدالناصر لم تتعدى مليارين منالدولارات بما فيها قروض السد العالى والتصنيع وتسليح القوات المسلحة ..كل القروض فى عهد الرئيس عبد الناصر كانت قروض لأغراض إنتاجية، ولم تكنقروض لسلع استهلاكية، وتحول الاقتصاد المصرى بناء على ذلك من اقتصاد زراعىإلى اقتصاد زراعى وصناعى 0
الوفد يرى أن السد العالى كان وبالا على مصر، وأنهلا فائدة منه طالما أننا تركنا إسرائيل تصنع القنبلة الذرية وتهدد السد ،بل إن الوفد يرى أن مصر مسئولة عن تنفيذ إسرائيل لخط أنابيب أشدود وإنجازصناعة بتروكيماوية وأسطول تجارى ، وكأن مصر وحدها هى التى تمتلك مفاتيحالسياسة العالمية، ولم يقل لنا الوفد كلمة واحدة عن حماية السد العالىلمصر سنوات طويلة من آثار الفيضانات العالية أو نقص المياه فى حالةالفيضان المنخفض مما كان يسبب كوارث فى كلتا الحالتين 0
الوفد ينظر للثورة بعين واحدة ومن زاوية واحدة،وينكر على الشعب المصرى كفاحه ضد المستعمر البريطانى وضد إسرائيل، وطموحهفى مجتمع أكثر تقدما يستطيع المواطن العادى أن يحصل على كافة حاجاتهالأساسية من تعليم وصحة ومسكن وملبس؛ مما انعكس على ارتفاع نسبة المواليد،وارتفاع مستوى الأعمار للمواطن المصرى دون ما الدخول فى تعقيداتالإحصائيات وغيرها من الكلام الكبير .. بنظرة قصيرة على إنجازات الوفدوإنجازات ثورة يوليو يمكن للفرد العادى أن يحكم على من كان يعد ولا ينفذ،ومن كان يحقق أمانى المواطن البسيط فى حياة كريمة، على أرض وطن حر قوى.

إن هذه العنتريات التى تكتب الآن ليست إلا من قبيلتصفية حسابات .. لا تبدد من رصيد الرئيس عبد الناصر بقدر ما تبدد من رصيدمصر الإسلامى والعربى والإفريقى والدولى. وإن هذه العنتريات فى نظرى هىنوع من السقوط الأخلاقى يقع فيه كل من تعميهم وتغيبهم أحقادهم عن رؤيةالحقيقة، وتسول لهم أنفسهم تشويه الحقائق.
والآن ليس من الصعب الحكم على من أساء إلى من ؟ هلالوفد الذى أساء لثورة يوليو ولمصر والأمة العربية أم العكس ؟ ومن الذىأساء إلى مصر وإلى التاريخ وحتى تراث الوفد نفسه ؟













آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:38 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator