العودة   شبكة صدفة > المنتديات الادبية > القصص والروايات

القصص والروايات قصص و روايات يختص بالقصص بشتى أنواعها : قصص حب غرامية، قصص واقعية , قصص خيالية , قصص حزينة , قصص غريبة , قصص تائبين , قصص رومانسية , قصص دينية , قصص خليجية طويلة ,روايات و حكايات شعبية, حكايا و قصص شعبية , الادب الشعبي, قصص مغامرات اكشن واقعية, قصص الانبياء, قصص قصيرة حقيقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 12-20-2013, 09:45 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

Icon26 إليك سيدتي من غربتي

إليك سيدتي من غربتي ( 1)

محمد سيف

بقلم د. محمد سيف .
هذا كتابي إليك من غربة قاسية كثيرا ، فيها ما فيها من الهم والقصص المشوقة ، ولن أزيدك هما بسبب الغربة ، ولكني سأحاول جاهدا أن أخبرك بما يهمك ويهمني من حقيقة وخيال .
فها أنا جالس في شرفة بيتي أنظر إلى تلك اللوحة الجمالية التي أبدعها الخالق في تناسق مبهج ، أرض خضراء ، تتغنى بنسيم الشتاء الباسم ، وسماء زرقاء تُلبدها غيوم تتشكل في كل لحظة وحين وكأنها ترسم لوحة في ذهني تبصرها عيني ، فكل صورة رسمتها أفكاري من حروف وكلمات وملامح بشرية ، أجد في تلك الغيوم إشارات متصلة بما في مخيلتي .
في هذا الوقت سيدتي بدأت الأزهار تمايلها النسمة ، وكأنها تداعب خصرها الرطيب ، فتتبسم بسمة خجلة ، والنسيم يداعب ورقها الزاهي ، ويحمل تلك الرائحة الزكية العطرة ، ويرمي بها في شرفة منزلي ، فتتساقط على محياي واستنشقها ، فتنساب في عقلي حتى تعطر فكري وكل جوانبي ، فإنك من جرّائها ستجدين أحرفي وكلماتي من ذات الرائحة العطرة والألوان الزاهية من تلك الأزهار الجميلة .
فلتعلمي أن هذه الشرفة الجميلة في منزلي المطلة على الحديقة التي تزخر بتلك الأنواع الرائعة من الأزهار التي تُعشق من أشكالها وألوانها وروائحها ، هي المؤنسة لي في هذه الغربة ، ولتعلمي سيدتي أني منذ أن أسرتني الغربة المؤلمة وأنا قد بدأت طباعي تتغير شيئا فشيئا ، حتى بدأت لا أعرف ما تهوى نفسي وما تمتنع عنها ، فالقلب بدا غريب الأطوار في انقباضه عن الناس ، وكأن ما حل به قد جلب له جيشا مدججا من البؤس ، فحاصره وأحكم الحصار ، وانقطعت عني مؤني النفسية ، فلا أزال في ليلي ونهاري لا سلوى لي غير كتبي أقرأ فيها وأحاور عقول من خطها ، ولا أكاد أرفع رأسي ، إلا لطير قد يقف بجانب الشرفة ، أو عندما تنساب قطرات المطر لتزيد ذلك المنظر الخلاب جمالا ، أو إذا رأيت أحدا قد مر بجانب شرفتي فهز رأسه بتحية جسدية ، عندها أرفع رأسي مبادلا تلك اللغة الجسدية بمثلها .
في ذات يوم كان المطر شديدا منذ الصباح الباكر ، وأنا كعادتي مطرقا رأسي في كتابي ، فما إن رفعت رأسي حتى وجدت في طرف الشرفة طائرا صغيرا قد بلله مطر السماء ، وكان يرتجف من شدة البرد ، فوضعت الكتاب على تلك الطاولة الصغيرة بجانب كوب قهوتي التي لا أتقن إعدادها حتى الساعة ، واقتربت منه فما حرك ساكنا ، وكان في استسلام تام ، غير أنه رفع رأسه ، ثم أومأ به ، كمن يساق إلى حتفه مستسلما، فأخذته في دفء يدي ، إلى داخل البيت ووضعته بجانب المدفأة ، ثم وضعت له قليلا من الماء ، ولكنه لم يقربه ، وكأنه قد غضب من كل ماء! لما حصل له من جراء المطر ، كان لونه يغلبه الصفار على حمرة مبهرة لم تخلط بينها ما شابها من مطر السماء ، صبغة ربانية !
فجعلته في طرف الغرفة وعدت إلى كتابي أواصل ربط الأفكار وأجمعها من شتات ، وأحاور في مخيلتي ما جادت به قريحة الكاتب ، فما هي إلا لحظات لم أشعر بها حتى بدأ الليل يلقي بستاره رويدا رويدا على ضياء الشمس المطل على استحياء من بين تشققات الغيوم ، فنظرت إلى صديقي الجديد نظرة المشفق والقلق من أن تدركه المنية من شدة البرد ، فقربت له الماء الذي أضرب عنه وهو حياته وشيئا من طعام قليل .
ثم آويت إلى فراشي لغلبة النعاس وتأخر الوقت ، ففي الغد أبدأ يوما جديدا مع جامعتي في غربتي ، يوما أتحمل من أجله هذا الشقاء ، وأغمضت عيني كي أطوي مع إغماضتها صفحة هذا اليوم وأفتحها على إشراقه يوم جديد ، وأسرح في أحلام الغربة القاسية التي لا تقل في قسوتها عن الغربة ذاتها .
وجاء الفجر معلنا يوما جديدا في حياتي وحياة صديقي الجديد صاحب اللون الزاهي، صفرة مشربة بحمرة ، فما إن استرجعت عيني قوتها البصرية حتى راحت تتفقد الصديق وما حل به ، فلم أجده إلا بجانب الشرفة يناظر الشروق وكأنه يعرفه ، ولكن بدا أن هناك حائلا بينه وبين تلك السماء التي اعتاد أن ينطلق فيها ، وهذا الحائل أنا من صنعه إنقاذا له .
شعرت أن صديقي الذي لم يعرني أي اهتمام يرغب في ترك البيت والشرفة ، وينطلق إلى عشه الذي اشتقاق له ، فبادرت إلى فتح باب زجاجي هو الحد الفاصل بين الشرفة وغرفتي ، فطار وحل على طرف الشرفة ، وبدأ يعزف لحنا شجيا ومؤثرا ، وإن كان الحزن لم أشعر به إلا بداخلي ،أما هو فهذا التأثير في تغريداته لم تكن حزنا من جراء ألم ، بل هي أصوات جميلة تحمل شيئا من الشجن ، ولكنها جاءت من وراء فرح الخروج من بيتي إلى ذلك الفضاء الواسع .
غادر ذلك الطائر شرفة منزلي إلى حيث لا أدري ، وأعلم أنه لن يعود إلى هذا المكان ثانية ، فهنا قيدت حريته لساعات قليلة ، فهو ينظر إلى وكأني سجانه ! لم يلتفت لأي حسنة أخرى صدرت عني ، لأنه شعر بغربة مخيفة في غرفتي عن ذلك العالم الفسيح الذي اعتاد عليه ، فيشرق فيه ويغرب وكأن الأرض أرضه والسماء سماؤه .
لا ينشغل بالك بهذا فهو مجرد صديق لساعات معدودات ، أحسبه يبغضها بغضا ، ولا يرغب أن يعيدها الزمان أبدا ، فمهما كان القيد جميلا والمكان فسيحا فهولا يساوي ذلك العش الذي اعتاد عليه .
وأحسبه في ذلك اليوم الذي وجدته عاجزا عن الطيران وساقه مطر السماء إلى شرفتي ، كان بالنسبة له يوما طويلا ، لا فرق فيه بين ليله ونهاره ، وعتمته وضيائه ، ولا تطلع الشمس على مرأى جديد هو به سعيد ، ولا تغرب عن منظر جميل، بل هو من هذا في شقاء العليل .
كل هذا كان بسبب شعوره بالغربة ، وهو طائر قد اعتاد أن يفرد جناحيه في السماء ، ويطير حيث يشاء .
كل هذه الكآبة في صديقي الطائر صنعتها غربته عن عشه الصغير ، فلم أسمع تغريده إلا وهو يغادر ، وكأنه يقول : يا صاحبي المغترب دع ألم الغربة بين جوانحك ، ولا تذق غيرك تلك المرارة .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-20-2013, 09:46 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: إليك سيدتي من غربتي

ها أنا أجمع أفكاري كي يرسمها قلمي على تلك الوريقات المتناثرة في غرفتي ، فاليوم الجو رائق ونسمات الهواء مرطبة ببرودة شتوية معتادة ، والشمس جمعت بين الدفء الجميل والضياء المنير ، وأرى من شرفتي كيف ترسل خيوطها الذهبية إلى تلك الأرض المخضرة ، فيبرق لون الأشجار الخضراء يصاحبها لون الضياء الذهبي ، وتهب نسائم الصبح الفاترة ، وتترك في نفسي أثرا هادئا يحرك ما بداخلي من الأشجان ، وكل هذا لا قيمة له عندي سيدتي ، ولا أجد له مكانا في قلبي ، فإن الحياة هنا لا تروق لي ، كيف وقد شابها حزن وكآبة واغتراب ، وإن هذه اللوحة التي أناظرها كل صباح من شرفتي ، والتي تتوق لها أنفس الكثير لجمالها ونسائمها العليلة ، وتلك الأرض الفسيحة التي تطل من أقصاها جبال قد كُسيت بذلك اللون الأبيض فظهرت لوحة تعجب الشعراء والفنانين والأدباء، فتطربهم طربا يعشقونه،وتأخذ بلباب العقول ، وتأسر النفوس أسرا ، هي في عيني كسجن واسع تحيطه الأشجار ، وتزينه الأزهار ، وتغرد فيه كل الأطيار ، ولكنه في ذات الوقت لا يعدوا كونه سجنا كبيرا في غربتي ، ولا عهد لي بمثل هذا ، فأنا لم اعتد القيد ، ولكن أغلال الغربة قيد لا تكسره سواعدي .
هنا لا أجد ملجأ إلا أن آخذ ذلك القلم الذي يعاني كما أعاني ، فهو يبوح ما يعتلج في قلبي وينضح به فكري ، فأسرح بعيدا إلى ذلك الماضي البعيد لعلي أخفف من وطأة سجن غربتي الكبير ، وأغوص في أعماق فكري ، وأنظر في حديقة مخيلتي الصغيرة التي تكبر في عيني عندما أتذكرني وأتذكركِ ، وأتذكر عندما كنا نغترب معا فلا ينتابني هذا الشعور الذي يعتصرني ألما في كل ساعة وحين ، أتذكرين تلك الرحالات التي ما زالت صورها في دولاب البيت ونسخة أخرى في ذاكرتي ، أتذكرين ( فينيسا ) وصوت المراكب الصغيرة في تلك القنوات المائية وصوت حاديها ينشد عن بهجة الاشتياق ، أتذكرين تلك الأزهار في ريف مدينة العشاق ( أمستردام ) التي كم زانت في عينيك ، أتذكرين تلك الحدائق التي كنا نقطعها طولا وعرضا ونحن نقلب الأحاديث ونخرج ما تكنه قلوبنا ، أتذكرين تلك القرية الجميلة المسماة بـــ ( زيلا ) ، وذلك الكوخ الصغير الذي عاد بنا إلى عصر غابر ، وتلك الليلة المطيرة التي عشناها ، هي غربة ولكن ليست كغربتي ، فشتان بين الغربيتين يا رفيقة الدرب .
أحاول هنا أن أسير بين تلك الأشجار والأزهار ذاتها التي كنا نسير بينها ، وتلك الشجرة الكبيرة التي كنا نستريح بظلالها بين فينة وأخرى ، فأنا أسير وأنظر إلى تلك الأزهار وأنتقي ما كان يعجبك ، فتمدينها إلي وأستنشق عطرها وقد خالطه عطر يديك ، فها أنا أقتطفها وهي تحمل ذات العطر ولكن دون عطر يدك ، فأندم على قطفها لأنك لستِ هنا لن تعطيها من عطركِ كي تعيش حياة أطول ورائحة أجمل .
يراودني الشعور ذاته، فما إن قلبت ناظري عن يميني وشمالي حتى عدت لواقعي الحزين فأنا في هذه الجنة الأرضية أسير وحيد ، وأقلب ناظري في هذه اللوحة البديعة ، ولكن الفكر قد سرح في خياله تجاهكِ ، وتمر الساعات تلو الساعات ولا يعود فكري من خياله الواسع وبعده الشاسع ، ولا أشعر إلا وقد أجهدني السير ذهابا وإيابا في هذه الحديقة ، فإذا جلست أصوب نظري فيما حولي داهمتني الأفكار وعدتِ في غمار سُحب خيال وستمطرك أفكاري مرة أخرى، وهكذا أنا في كل وقت وحين .
كم سمعت أن جمال الطبيعة يخلق روعة الحب في القلب ، وأن الأشجار والأزهار ، وزرقة السماء ، أو عتمة السحاب ورذاذ المطر ، أو الشروق أو الغروب ، أو تغريد الطائر ، أو رؤية الفراشات تتنقل بين البساتين المزهرة ، أو رؤية الماء الساكن والبجع يسبح على سطحه كأنه يسير على مرآة جامدة ، كل هذا يجعل عواطفي تضطرم اضطراما ، فتأنس نفسي بتقلب مواجع الذكريات ، ويطير قلبي تجاهك بجناحي الشوق ، وأغمض عيني حتى أرى حين يحط قلبي بجانب قلبك ، فتمتلئ نفسي بتلك الذكرى الجميلة التي تحيطها الحدائق الخلابة التي ينعت ثمارها أزهارا لا تشابهها أزهار الدنيا ، فأزهار الدنيا تكبر ثم تُزهر ثم تذبل ، وأزهار قلبينا تكبر ثم تزهر ثم تُثمر حتى إن عبقها ليجري في أنفاسنا، وتغريد الأفئدة كجماعة الطيور حين تصدح ، ولكنها لا تعدو أن تكون أصواتا جميلة تُنعش العشاق ، وتشعل قلب المشتاق في حظيرة خيالي الواسع ، أما حين تغرد قلوبنا فإننا نعي ما تُريد فليست هي تغريدة شجية فحسب ، بل لغة لا معاني لها في جميع القواميس والمعاجم، ولا يفهم مفرداتها وترادفاتها إلا أنا وأنتِ .
إن كان لي راحة في غربتي فهي تلك الخيالات التي حدثتك عنها للتو ، فهي أجمل الساعات عندي وإن كانت لا تعدو كونها خيالا ليس إلا، فهذا وقت مناجاتي لقلبك رغم المسافات البعيدة ، فأشعر عندها أني قد أبردت حر قلبي وخففت من وهجه المُلتهب ، لهيبا يفور في صدري فأسمع صدى غليانه في جوانبي .
كم أعجب من نفسي أشد العجب ، عندما تتلاعب بعقلي وقلبي في آن واحد ، تبكيه من كل شيء ، وتخلق له حزنا بسبب ومن دون سبب ، ثم تفرحه بذكرى جميلة ، ثم تتركهما بين المنزلتين ، فهاهي الأحزان وهموم الأشجان ، وهاهي الأفراح تلوح كذكرى تؤرقني وتزيد من اشتياقي ، ولكنها تُفرح قلبي لبرهة من الزمن عندما يحط رحله بجوار قلبك .
إن كثير من الناس يعرفون أسباب أحزانهم ، فتتعلق قلوبهم بالرجاء ، رجاء يحمل في طياته آمالا بانكشاف الهم وتوديع الحزن ، وأنا واحد من هؤلاء ، ولكن طاقتي ليست كطاقتهم في التحمل ، فينقلب الرجاء إلى داء عندما يتضاءل أمام جيش الأحزان فكثرة الأحزان تغلب شجاعة الرجاء في نفسي .
كم حولي من أُناس تنغصت معيشتهم فأسباب العيش لديهم عصيبة ، فترهقهم في كل ساعة وحين ، أما أنا فلا ترهقني دنياهم بكثرة ما بها إلا من آلام البعد والاغتراب عنك .
إني لأذكر تلك الأيام التي رسمناها معا ، وتلك الحياة التي زرعنا أشجارها وأزهارها معا ، وغردت أنفسنا خلالها وكانت نسائمها أنفاسنا ، وكم جنينا من ثمارها اليانعة وآمالها وأحلامها الماتعة .
فعندما أتذكرها وأنا هنا يبكي قلبي من داخله عليها ، وتشتاق نفسي بلهفة إليها ، فأحن حنين الأرض الجدباء إلى قطر السماء ، وحنين الفجر إلى لهفة الشروق والضياء .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-20-2013, 09:46 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: إليك سيدتي من غربتي

مازلت حتى الساعة أتحسس مكان قلبي ، هل ما زال بين أضلعي أم إنه قد أفرد جناحيه تجاهك مسافرا فلم أجده هنا، دعاه الشوق كما يدعو الشروق جموع الأطيار أن تنطلق إلى رزقها المقدر ، لم أشعر إلا بخفقانه قبل طيرانه الذي تيقنت منه الآن سيدتي ، فقد حل بدارك أو قريبا منك ، فإني لا أجده بين أضلعي ، لقد طار فرحا في هذا اليوم عند سماع صوتك ، فلم يعد ذلك الجريح المكسور ، فقد التأمت جراحه في ثوان مع كل حرف نطق به لسانك وخرج من قلبك ، لم أعلم إلا الساعة عن علاجاتك السريعة الناجعة ، ولم أعلم إلا الساعة أن آلام قلبي قد وجد دواؤها ، عجبا أن تكوني الداء والدواء في ذات الوقت ، فلا أملك إلا أن أهنئ قلبي عند عودته على شفائه ،وطيرانه الذي لم يتقنه إلا اليوم ، لا تودعي قلبي سيدتي بل قولي له إلى لقاء قريب ، وأرسليه تجاهي ، فهأنذا أعد مشاعري وأحاسيسي كي تستقبل قلبي حين عودته فقد تركها في جسدي وفز فرحا تجاهك، فهو لم يُوهب نعمة الصبر التي وهبت لقلبك ، ولا التريث والهدوء والتكتم عند اشتعال نار الاشتياق، فاستوصي به خيرا .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-20-2013, 09:47 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: إليك سيدتي من غربتي


مضى الوقت الذي كنا نتلهف إليه سريعا كما تمضي الشمس وقت الغروب إلى مخبئها ، بالأمس القريب كنت في بيتنا الصغير ، واليوم ها نحن نبتعد كبعد المشرقين ، فلا تتلامس المشاعر ولا تتحسس القلوب بعضها بعضا ، ولا تأسرني تلك الألفاظ من ثغرك ، ولا تلك النظرات الحانية من عينيكِ البارقتين في سماء وجهي ، ولا استنشق عبير عطرك الأخاذ سيدتي ، ولم يبق لي سوى صدى تلك الأحاديث التي كلما تذكرتها أضاءت جوانب قلبي ، فكل ابتسامة يتذكرها القلب تُقشع بنورها ظلماته وتخفف من لوعته وشدة آهاته .
جار البعد علينا كثيرا سيدتي ، فلا تلتقي النظرات ، ولا تمتزج التنهدات وكأنها تحاكي ذاك الشهيق القلبي ، فهاهي سمائي لم تعد صافية كما كانت بجوارك ، ولم يعد ذاك النسيم العليل الذي ينعش القلب ويدعوه للتفكر في محياكِ الباسم ، ولم تعد نظراتي للحياة صافية كما كانت، بل يشوبها غبش غير معهود ، ولم أنظر للأزهار بعدك إلا وجدتها حزينة وكأنها تستمد من حزنك على الفراق مددا ، ومن همي من البعد هما سرمدا .
حملتني الطائرة كي أرحل عنك ، لأعود لتلك المكابدة المعهودة وتعودين لذات الأمر ، ونبدأ مشوار الشوق من جديد وكأن لقاء الأمس لم يكن من عهد قريب ، كم أبغض هذا البعد ، ولا أرى فيه حسنة إلا حسنة واحدة ، أتعلمين ما هي سيدتي ؟
إن تجدد الاحتراق من لهيب الشوق في قلبي ، يرسم لي طريقا طويلا أخطط له بكل قواي العقلية والقلبية ، لذلك اليوم الذي نلتقي فيه من جديد وتأزني له روح الاشتياق أزا .
كم يحزنني عندما أتذكر ليلة سفري وأنت تغالبين دمعكِ وتتبسمين مرغمة ، وكأنك لا تعلمين أن المشاعر لا تكذب ، فيكف يخفى ذلك على قلبي ! ولكن لتعلمي أني لو كشفتُ لكِ عن ذلك البركان المتأجج في داخلي لعلمتِ أنه قد نالك نصيب وافر من سعادة الحظ ، لرأيتِ أنكِ أروح بالاً مني سيدتي، فأنت هنا في هذا البيت الذي جمع لنا من الذكريات الجميلة التي نعشقها ، فهو المؤنس لك ، فهنا نجلس ، وهنا نأكل ، وهنا نتحدث ، فكل شيء حولكِ له ذكرى جميلة محفورة في القلوب ، وأنا لا أملك في غربتي شيئا من هذا، ففي غربتي غريب وفي حسرتي وحيد ، فشتان بين همكِ وهمي .
ما زالت كلماتك ماثلة في مسمعي ، تأمرينني بالصبر والجلادة على الفراق ، وإن ذلك من شيم الرجال ، وأنا أتظاهر أمامك أني ذاك الرجل الصبور ، ولكن عندما تتراكم علي هموم الغربة وغموم الوحدة ، تخور قواي عن مجابهة الأحزان على فراقكِ ، سأتحلى بالشجاعة القلبية الداخلية والظاهرية ، وسأبذل قصارى جهدي أن لا أتذكر إلا الذكرى التي تشُدُ من عزيمتي وتجدد فرحتي .
سأحاول جاهدا سيدتي أن أكتم الأحزان وألجمها بلجام الصبر ، وأجعل ذكراك عونا على ذلك ، كي أجد في فؤادي المكلوم لذة الاشتياق إليكِ،فأعينيني بقوة ، وآتيني من تلك المشاعر الصادقة ، وأمُري قلمكِ أن يرسل جيش المشاعر الوفية على ظهر الورق ، ولتُحمل إلي فإنها خير معين على آلام الغربة المُبرحة.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 12-20-2013, 11:22 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: إليك سيدتي من غربتي

جميل الطرح والقصة الجميلة والمؤثرة

شكرى وتقديرى اختى نوووور







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس
قديم 12-21-2013, 11:59 AM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
توتى العمدة

الصورة الرمزية توتى العمدة

إحصائية العضو








توتى العمدة غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: إليك سيدتي من غربتي

الله يعطيك ألف عآفية على هذا الطرح الجميل والرائع
جزاك الله خير وجعله المولى في موازين حسناتك
كل الشـــــكر لك على هذا الطرح
في إنتظآر جديدك المميز







آخر مواضيعي 0 فن الغياب
0 راحو الطيبين
0 دمـــوع حبيســـة .. وقلـــوب ذليلـــة ..
0 سهم الايمان فى رمضان
0 قبعات ومعاطف فرنسية للشتاء2016
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator